من هدى القرآن - ج ٩

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ٩

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-12-2
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٤٩٣

البشر الضعيف. ان يعرج به الى قوة تتسامى فوق كل قوة مادية لأنه يقر به الى رب القدرة والجبروت.

والرسول يجب ان لا يخاف ، لأنه يعتمد في تحركه على قوة غيبية مطلقة.

[١١] (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ)

الذي ينبغي ان يخاف امام الله ليس موسى (ع) ولا الأنبياء والمرسلون ، وانما الظالمون بسبب ذنوبهم وسيئاتهم ، ولماذا نخاف من الله وهو ارحم الراحمين؟! الا ان المشكلة تبدأ منا وتنتهي إلينا بسبب الذنوب والمعاصي ، فالطبيعة مثلا خلقها الله لنا فلا نخاف منها ، بل نخاف من عدم قدرتنا على الاستفادة السليمة منها.

وحتى الظالم صاحب الذنوب يمكنه أن يتوب ليجد الله غفورا رحيما ، فلا يبقى ما يقلقه أو يخيفه.

[١٢] (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ)

قد يصيب البياض يد الإنسان بسبب البرص وهذا سوء ، ولكن يد موسى لم يكن بها ذلك المرض ، وانما خرجت بشعاع من نور.

(فِي تِسْعِ آياتٍ)

سبع منها آيات إنذار وعذاب وهي : الدم ، والقمّل ، والجراد ، والضفادع ، والطوفان ، والثعبان ، وانفلاق البحر ، واثنتان منها آيتان للرحمة وهما : اليد البيضاء ، وانبجاس عيون الماء من الصخرة حين ضربها موسى (ع) بالعصا.

(إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ)

١٦١

والفسق هو تجاوز الحد ، وانحراف السائر عن الطريق يسمّى فسقا.

[١٣] (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ)

الآيات كانت جلية ولا تقبل الشك ، ولكنهم اتهموا موسى (ع) بالسحر ليبرّروا كفرهم بها ، ولأنهم أرادوا ظلم الناس والاستكبار في الأرض فكانت الرسالة الالهية تمنعهم منها لذا فإنهم اتهموا الرسالة بالسحر ، وكفروا بها بعد ان أيقنت أنفسهم بصدقها ، وأفسدوا ، وأنهى الله كيانهم ، وأغرقهم في اليمّ ، وجعلهم عبرة للمؤمنين.

[١٤] (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)

[١٥] ان فرعون وملأه استكبروا ، وحاولوا فرض سيطرتهم الفاسدة على الناس ، بينما داود وسليمان شكروا الله حينما منحهم العلم والهدى والسلطة ، وهذا هو الفرق بين البركة الالهية واتباع خط الشيطان في نعم الدنيا.

(وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ)

[١٦] (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)

وبهذه الكلمة أعلن سليمان (ع) أنّه ملك الناس. لماذا؟

لأنه وصل الى أرفع مستوى من العلم ، حتى صار يعلم منطق الطير ، ولأنه صار لديه كل ما يحتاجه الناس كالإدارة ، وقيادة الحرب ، وهذا يدل على ان الإسلام

١٦٢

ينظر الى القيادة من خلال الكفاءة لا النسب والحسب ، فسليمان لم يرث الحكم لو لم تكن لديه الكفاءة.

ويبدو من بعض النصوص : ان سليمان ورث أباه منذ صباه لما أودعه الله فيه من علم وكفاءة.

في أصول الكافي عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر الثاني (ع) قال قلت له : انهم يقولون في حداثة سنك؟ فقال : «ان الله تعالى أوحى الى داود ان يستخلف سليمان وهو صبي يرعى الغنم ، فأنكر ذلك عبّاد بني إسرائيل وعلماؤهم ، فأوحى الله الى داود : أن خذ عصى المتكلمين وعصى سليمان واجعلها في بيت ، واختم عليهما بخواتيم القوم ، فإذا كان من الغد فمن كانت عصاه قد أورقت وأثمرت فهو الخليفة ، فأخبرهم داود (ع) فقالوا : قد رضينا وسلمنا» (١)

[١٧] (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ)

وربما كانت مهمة الطيور إيصال الرسائل كالحمام الزاجل ، أو التجسس كما فعل الهدهد.

(فَهُمْ يُوزَعُونَ)

اي يوزّعون حيث يقسّم سليمان المهام على جنوده ، والحشر لا يعني انهم مجموعون بشكل فوضوي ، بل انهم موزّعون بشكل منظم.

ويبدو ان الحضارة قد تطورت في عهد سليمان (ع) وانه كان خبيرا بلغات شتى.

__________________

(١) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٧٥).

١٦٣

جاء في تفسير علي بن إبراهيم عن الصادق (ع):

«أعطي سليمان بن داود ـ مع علمه ـ معرفة المنطق بكل لسان ، ومعرفة اللغات ، ومنطق الطير والبهائم والسباع ، وكان إذا شاهد الحروب تكلم بالفارسية ، وإذا قعد لعماله وجنوده وأهل مملكته تكلم بالروميّة ، وإذا خلا بنسائه تكلم بالسريانية والنبطية ، وإذا قام في محرابه لمناجاة ربه تكلم بالعربية ، وإذا جلس للوفود والخصماء تكلم بالعبرانية» (٢)

وجاء في حديث آخر :

«اعطى داود وسليمان (ع) ما لم يعط أحد من أنبياء الله من الآيات ، علمهما منطق الطير ، وألان لهما الحديد والصفر من غير نار ، وجعلت الجبال يسبّحن مع داود (ع)» (٣)

__________________

(٢ ، ٣) المصدر ص (٧٨).

١٦٤

حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٨) فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ (١٩) وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (٢٠) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢١) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢٢) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها

___________________

١٩ [أوزعني] : أي ألهمني ، من وزع بمعنى كف.

٢٢ [فمكث] : المكث البقاء اليسير.

١٦٥

عَرْشٌ عَظِيمٌ (٢٣) وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ (٢٤) أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ (٢٥) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦)

___________________

٢٥ [الخبء] : الخبيء المخبوء ، وهو ما أحاط به غيره حتى منع من إدراكه.

١٦٦

وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ

هدى من الآيات :

لقد ملك سليمان جنودا لم يملكها أحد قبله ، ولن يملكها أحد بعده ، وحشر له جنود منظّمون من الجن والانس والطير ، وكانوا يسيرون في الأرض ، ويسعون فيها عمرانا وبناء. وفي بعض أسفارهم مرّوا بواد النمل فاذا بملكتهم تناديهم : ان يا أيّها النمل ادخلوا مساكنكم ، فانّ سليمان وجنوده قادمون ، وأخشى ان يحطموكم باقدامهم وحوافر خيولهم ، فتبسم سليمان منها حين سمعها.

قد تكون للإنسان معارف وأفكار لا تستثار الا بحوادث تطرأ على حياته ، فينتبه لها ، وقد يكون غافلا عن نفسه فاذا بظاهرة أو حادثة طارئة تثيره لتفتح له أبواب المعرفة والعلم ، فقد بدأ العالم المعروف (نيوتن) أبحاثه عن الجاذبية لأنه شاهد تفاحة تسقط من الشجرة الى الأرض ، فتساءل : لماذا لا تصعد الى السماء؟! وانتهى الى نظرية الجاذبية.

١٦٧

وقد بلغ سليمان (ع) من القوة والسلطة شأنا بعيدا ، فغفل أو تغافل حدود سلطانه ـ وهذا هو شأن الأنبياء والصالحين ـ فهم كلما زاد ايمانهم زاد تواضعهم لله ، ولم يأبه سليمان (ع) بالجوانب المادية للملك ليخرجه عن توازنه وعبادته لله ـ كما هو شأن سائر الملوك ـ بل لم يكن الملك بالنسبة اليه وسيلة للتكبر والاستعلاء ، بل وسيلة لإقامة العدالة على الأرض ، فقد كان يقضي النهار صائما والليل قائما متعبدا لله سبحانه ، ولم يتذكر (ع) مدى سلطانه الى ان سمع خطاب النملة مما أثّر فيه ، فاندفع نحو ربه شاكرا له على نعمه المتوالية ، وهذا يؤكد حقيقة هامة وهي : انعكاس ما يحدث للإنسان على العوالم المحيطة به ، فالعدالة تشمل الإنسان والطبيعة من حوله ، وهكذا الظلم. وقد تعجب سليمان (ع) من خطاب النملة! فكيف به وهو العبد الضعيف ان تبلغ قوته حدا يخشاه حتى النمل! لذلك اندفع نحو الشكر لله ، خشية ان يكون شعوره بالقوة سببا للكفران بالنعم والطغيان. لذلك بادر طالبا من الله التوفيق الى شكره ، ليس فقط شكرا نفسيا ولفظيا بل وعمليا أيضا ، وذلك بأن يستخدم ما وهبه الله من القوة والمنعة والملك في سبيل عمل صالح يرضيه تعالى ، فليس كل عمل صالح بذاته يرضي الله ، فلو انقطع شخص لله بالعبادة صياما وصلاة ولكنه انعزل عن الناس والكدّ على من يعولهم ، فان هذا العمل لا يرضي الله وان كانت الصلاة في ذاتها عملا صالحا.

كما جرت لسليمان (ع) حادثة أخرى تكشف لنا عن ملكه وطريقته في الحكم ، حينما غاب الهدهد فظن في بادئ الأمر انه خالف قواعد الانضباط ، فهدّده وتوعّده بالعذاب حتى يصير عبرة لسائر الجنود ، فلا يفكرون في مخالفة النظام فتعمّ الفوضى في الجيش ، وكان من عادة سليمان (ع) نتف ريش الطائر المخالف والمتخلف ، الا ان الهدهد فاجأ سليمان (ع) حين نقل له خبرا مفاده : انه رأى مملكة سبأ في بلاد اليمن ، ولم يكن لدى سليمان علم ظاهر بها ، لأنه كان يعيش في

١٦٨

فلسطين ، إذ يجب ان تلتقي الحضارتان (وهذه سنة الحياة) وأضحى الهدهد هو الرابط.

بعد ذلك قرر سليمان (ع) ان يتبين الأمر ، فان صدق أكرمه والا أحلّ به العذاب ، لذلك دفع اليه رسالة وأمره ان يلقيها الى ملكة سبأ ، وفي القصة عبر ودروس سنتعرض لها في البيّنات.

بينات من الآيات :

[١٨] (حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)

ولم تقل النملة ان سليمان وجنوده لا يملكون الاحساس أساسا ، وانما قالت بأن اهتمامهم بأشياء أخرى قد يجعلهم لا يدركون بأن تحت أرجلهم شيئا وهذه اشارة للإنسان المقتدر بأن لا ينسى النملة بل يهتم بها ، لأنها ذات روح وشعور.

والحاكم العادل يأخذ حساباته حتى بالنسبة لهذه النملة ، ولنستمع إلى كلمة الإمام علي (ع) وهو يومذاك حاكم على إمبراطوريّة عظمي :

«والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها ، على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته ، وإنّ دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها. ما لعليّ ولنعيم يفنى ، ولذّة لا تبقى» (١)

أما الطغاة فإنهم يتجاهلون شعوبا بأكملها ، فأمريكا تفكر ان تضغط على روسيا في افغانستان ما دامت الاخرى تضغط عليها في بولونيا وفي كلتا البلدين

__________________

(١) نهج البلاغة / خ (٢٢٤) / ص (٣٤٧).

١٦٩

شعب مستضعف الا ان المهم عندهم ان تمشي سياستهم ومصالحهم ولو دفع ملايين المستضعفين الى الجحيم.

كما تزرع كلتا الدولتين صواريخها النووية المرعبة بين ملايين البشر ، وتسلبهم الراحة والاطمئنان ، فالمهم عندهم ان يكونوا أقوياء ، وهذا هو الفرق بين مملكة الإيمان وإرهاب الطغاة.

[١٩] (فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها)

قيل : ان سليمان (ع) لما سمع كلام النملة ، أمر الجيش بالتوقّف في الصحراء حتى دخل النمل أجمعهم الى بيوتهم ، فأمرهم بعد ذلك بمواصلة المسير ، وفي الوقت ذاته تعجب سليمان من كلام النملة ، وعرف انه وصل ذروة رفيعة من القوة والسلطة ، وانه استجيبت دعوته التي قال فيها : «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ» (٢) لذلك توجه بالشكر الى الله لكي لا تبطره النعمة فيطغى.

وهناك حديث شريف ينقل حوارا بين سليمان والنملة :

في عيون الاخبار باسناده الى داود بن سليمان الغازي ، قال : سمعت علي بن موسى الرضا (ع) يقول عن أبيه موسى بن جعفر (ع) في قوله : «فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها» وقال : لما قالت النملة : «يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ» حملت الريح صوت النملة الى سليمان (ع) وهو مارّ في الهواء ، فالريح قد حملته ، فوقف وقال : علىّ بالنملة ، فلما أتي بها قال سليمان : يا أيتها النملة اما علمت اني نبي الله واني لا أظلم أحدا؟! قالت النملة : بلى. قال

__________________

(٢) سورة ص / (٣٥).

١٧٠

سليمان : فلم تحذرينهم ظلمي وقلت : «يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ؟» قالت النملة : خشيت ان ينظروا الى زينتك فيقيسوا بها ، فيبعدون عن الله عز وجل ، ثم قالت النملة : أنت أكبر أم أبوك داود؟ قال سليمان : بل أبي داود ، قالت النملة : فلم يزيد في حروف اسمك على حروف اسم أبيك داود؟ قال سليمان : مالي بهذا علم ، قالت النملة : لان أباك داود داوى جرحه بودّ فسمى داود ، وأنت يا سليمان أرجو ان تلحق بأبيك ، ثم قالت النملة : هل تدري لم سخرت لك الريح من بين سائر المملكة؟ قال سليمان (ع) : مالي بهذا علم ، قالت النملة : يعني عز وجل بذلك لو سخرت لك جميع المملكة كما سخرت لك هذه الريح لكان زوالها من يديك كزوال الريح ، فحينئذ تبسم ضاحكا من قولها (٣)

(وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ)

لقد كان سليمان ملكا ونبيا ، كما كان أبوه ملكا ونبيا ، وأمّه مؤمنة صالحة ، وكان يعمل الصالحات التي يرضاها الله ، ولكنه لم يكتف بتلك الصفات بل دعا الله ان يجعله مع الصالحين ، فما ذا ينفع الإنسان ان يكون أبواه صالحين إذا لم يكن هو كذلك كما ينبغي على من أوتي الحكم والنبوة والصلاح ان لا يتخذ ما أوتي من الفضل اداة للتفرقة بينه وبين الصالحين الآخرين.

[٢٠] (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ)

__________________

(٣) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٨٢).

١٧١

[٢١] ولعله خشي ان خروجه من غير إذن قد يشجّع الآخرين على عدم الانضباط ، لذلك توعّده بالعذاب.

(لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ)

ان كان غيابه لعذر ، والا فالعذاب الشديد أو الذبح العاجل ينتظره.

[٢٢] (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ)

عاد الهدهد فبادره سليمان بالسؤال : اين كنت؟!

(فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ)

لا يقبل الشك.

تقول رواية شريفة :

«قال ابو حنيفة لابي عبد الله (ع): كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير؟

قال : لان الهدهد يرى الماء في بطن الأرض كما يرى أحدكم الدهن في القارورة ، فنظر ابو حنيفة الى أصحابه ، وضحك قال ابو عبد الله (ع) : ما يضحكك؟ قال : ظفرت بك جعلت فداك قال : وكيف ذلك؟ قال : الذي يرى الماء في بطن الأرض لا يرى الفخ في التراب حتى يؤخذ بعنقه؟ قال ابو عبد الله (ع) : يا نعمان اما علمت انه إذا نزل القدر أغشي البصر؟!» (٤)

[٢٣] (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ)

__________________

(٤) المصدر ص (٨٥).

١٧٢

اي تحكمهم وتقودهم.

(وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)

لديها أنواع الخير والملك.

(وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ)

نقل ان عرش بلقيس كان خمسة وعشرين ذراعا طولا وعرضا وارتفاعا ، وكانت مقدمته من الذهب ، وكانت بلقيس بنت شرحبيل تحكم قومها بمجلس شورى ، يضم أكثر من (٣١٣) رجلا ، يمثّل كل واحد منهم قبيلة.

[٢٤] (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ)

الناس نوعان : نوع يعمل بعد التفكير ، ونوع يعمل من دون تفكير ، ولو كان هؤلاء يفكرون قبل ان يتعبّدوا للشمس لاهتدوا الى الصواب ، ولكنهم عطلوا تفكيرهم ، واكتفوا بالواقع الموجود أو المورث.

بلى. هو كما قال الإمام علي (ع):

«ولو فكّروا في عظيم القدرة ، وجسيم النعمة ، لرجعوا إلى الطريق ، وخافوا عذاب الحريق ، ولكن القلوب عليلة ، والبصائر مدخولة(٥)

(وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ)

عبر التبرير والتضليل.

__________________

(٥) نهج البلاغة / خ (١٨٤) ص (٢٧٠).

١٧٣

(فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ)

وكيف يهتدي من استسلم للشيطان ، وجعله يفكّر ويخطط بالنيابة عنه؟!

[٢٥] (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)

وليس الشمس هي التي تخرج القوى والطاقات الكامنة حتى نعبدها.

(وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ)

[٢٦] (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)

الذي لا يقاس به عرش بلقيس وسائر السلاطين حتى نخضع لهم من دونه ، ولا بسائر المخلوقات كالشمس حتى نؤلهها ونتصورها ربّا.

هكذا كانت البداية للقاء حضارتين (حضارة عربية وأخرى عبرية).

دروس من القصة :

١ ـ ان الإنسان قد يتقدم ويتكامل في حياته الى درجة معرفة منطق الطير ، والاستفادة منه ، وهذا يعني اننا من أجل الوصول الى حضارة انسانية متكاملة في المستقبل يجب أن نسعى للاستفادة من الأحياء والطبيعة من حولنا الى أقصى حد.

٢ ـ ان الانضباط ضرورة ولا سيما بالنسبة للجندي في الخط العسكري الا ان للمبادرة أهميتها أيضا ، فاذا بادر الجندي الى مهمة ناجحة فعلى القائد أن يكرمه حتى لا تموت روح المبادرة عند الجيش.

٣ ـ ان الطيور كما البشر يعرفون الطريق الى الله ، لذلك عرف الهدهد أن عبادة الشمس انحراف وضلال.

١٧٤

قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٧) اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ (٢٨) قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١) قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢) قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ما ذا تَأْمُرِينَ (٣٣) قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ (٣٤)

___________________

٣٢ [قاطعة] : ممضية أمرا.

١٧٥

أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ

هدى من الآيات :

لقد ساعد غياب الهدهد على التقاء حضارتين عظيمتين في زمانهما ، وهما الحضارة العبرية ويمثّلها سليمان (ع) وهي الحضارة الالهية التي تستمد قيمها من الوحي ، والحضارة العربية وتمثلها بلقيس ، وهي الحضارة الارضية التي تستمد قيمها من عقل الإنسان حينا ، وشهواته في الأغلب.

وكما ان جوهر رسالة الله يختلف عن واقع الثقافة الارضية ـ حسبما ذكّرتنا به سورة الشعراء ـ فان سلوكيات الرسل وشخصياتهم تختلف عن شخصيات وسلوكيات أصحاب ثقافة الأرض ، فمع ان سليمان (ع) كان ملكا ومن عادة الملوك الاستعلاء والفساد استجابة لاغراءات الملك ، الا انه كان ملكا صالحا مترفّعا عن كل الرذائل ، وهكذا يكون الملك حين يتّصل بالرسالة الالهية مثالا ساميا للسلوك الفاضل ، وان دلّ هذا على شيء فانما يدل على ان قدرة الرسالة تفوق الظروف ، وان الروح المعنوية التي تبعثها في كيان الفرد ، تجعله فوق المتغيّرات والمؤثرات السلبية في

١٧٦

الحياة ، وان شئت فقل فوق ما يسمى بالحتميات العلمية.

فلو نظرت الى مصادر علم الاجتماع لوجدت قائمة من الحتميات الاجتماعية ، وهكذا تجد أمثالها في علم النفس والتاريخ ، ولكن قد يأتي إنسان ما فيتجاوز هذه الحتميات المدّعاة ، ويحدث في مجتمعة تغييرا يبدّل مجرى التاريخ ، ويخلق تيارا معاكسا لواقع المجتمع دون ان يخضع للمسيرة التاريخية ـ حسب نظرية ماركس ـ فبرغم انتمائه الطبقي والعائلي الا انه يصير شيئا آخر تماما ، وهذه من ميزات النور الالهي الذي ينفذ في قلوب الصادقين من عباد الله ، ويضرب لنا الله مثلا بسليمان (ع).

لقد عامل سليمان الهدهد ـ وهو طائر يعمل في خدمته ـ معاملة كريمة ، حيث لم يعاقبه ، بل منحه فرصة كي يكتشف مدى صحة ما جاء به ، فكتب رسالة وسلمها له ، وأخذها الهدهد وألقاها على عرش ملكة سبأ ، فلما بصرت بها امتلكها العجب.

فشهرة سليمان (ع) كانت قد سبقت رسالته إليها ، وكانت بلقيس على علم بما يجري في البلاد الاخرى ، وهي تدري بأن بلاد فلسطين وبلاد الشام يحكمها ملك كريم ، وعلى أثر استلامها كتاب سليمان جمعت أعضاء مجلسها الاستشاري ، والذي كان حسب قول بعض المفسرين يضم (٣١٣) رجلا ، وأخبرتهم بأنها استلمت رسالة كريمة مختومة بخاتم سليمان ، وفي داخلها أوامر حكيمة ورشيدة ، فيها دعوة للخضوع لملكه وسيطرته ، ولكنه لا يفعل ذلك من أجل فرض سيطرته وهيمنته ، ومن أجل ضمّ ملكها الى ملكه ، وإنّما لنشر راية الحق والعدالة الالهية.

ثم طلبت بلقيس من مجلسها أن يشير عليها بما يجب ان تفعله في أمر خطير كهذا ، فترك المجلس المسألة إليها ، وأبدوا استعدادا لتنفيذ كل ما تقرره وتأمر به ، فكان

١٧٧

القرار النهائي لبلقيس الاستسلام لسليمان ، لأنها عرفت أنه أكثر نفوذا وقوة منها ، وانها ان لم تشتر استقلال بلادها بالتعاون مع سليمان ، فانه وجنوده سيدخلونها عنوة ويؤدي ذلك الى خرابها ودمارها.

والقرآن الحكيم لا يبيّن لنا الاحداث التاريخية لمجرد العلم أو التسلية بها ، وإنما يبينها للاعتبار والاتعاظ ، كما أنّه لا يحتوي على لغو وعبث ، إذا فعلى كل جيل ان يستفيد منه بما يتناسب وقدرته للاستيعاب.

ونستفيد من القصة ان أفضل حكومة تقوم بين الناس هي الحكومة التي تجمع بين المشورة في الرأي والحزم في القرار ، ذلك لان الذي يحرك العالم أمران : العلم والارادة. فيجب على المرء ان يعرف الطريق ثم يقرر المضي فيه ، إذ قد يكون القرار خاطئا ومهلكا بدون علم ، والقرار الذي لا إرادة معه سيكون هشّا ، والسلطة يجب ان تكون مجسّدة لهذين العاملين الأساسين لحركة التاريخ.

ان الحكومات النيابية التي يضيع فيها القرار بسبب اختلاف الإفراد لا تفرز قرارات حازمة ، وأما الحكومات المستبدة فالحزم موجود في قراراتها الا انها ينقصها الرأي الصائب أو القرار العلمي ، لأن الفكر الواحد لا يستطيع استيعاب المزيد من المعارف والتجارب ، وأما الحكومات التي تبقى فيها القرارات لأعلى سلطة اي للفرد الذي يمسك زمام الأمور بيده ، ولكنه لا يتخذ القرار الا بعد ان يستشير مجموعة من الناس ، سواء كانت هذه المجموعة من الخبراء أو المستشارين أو النواب ، فانها تكون أقرب الى الصواب ، لأن هذا النوع من الحكومات يجمع بين علم المشورة وحزم القرار ، ويتضح هذا النوع من الحكومات في الآية الكريمة التي تقول : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) (١)

__________________

(١) آل عمران / (١٥٩).

١٧٨

إذ يخاطب الله رسوله مرشدا إياه الى مشاورة المسلمين في أموره ، على أن يبقى القرار حقا خاصا به.

ونستوحي سلامة هذا النوع من الحكم من خلال قصة بلقيس حيث شاورت الملأ من قومها واستشارتهم بقولها : «افتوني» ففعلوا ولكنهم ـ بدورهم ـ خوّلوها حق القرار النهائي ، وهذه نقطة مهمة في الحكم. ان بلقيس لم تكن لتفرض عليهم سيطرتها ، بل هم الذين خولوها حق القرار ، ومن طرائف الحكم الاسلامي ولطائفه ان الناس بأنفسهم ، وبملىء إرادتهم ، وكامل حريتهم يخوّلون شخصا حق القرار النهائي ، وذلك عبر ولاية الفقيه ، فالفقيه الحاكم والقاضي وليّ أمرهم بإذن الله ، وهو منتخب من قبل الناس بطريقة الانتخابات الاسلامية ، ويخوّل حق اتخاذ القرار ، فيسلم له الناس نفسيا قبل ان يتبعوه عمليا.

وبالرغم من ان حكومة بلقيس كانت من أفضل أنواع السلطة الا انها حيث كانت بعيدة عن روح الايمان وهدى الرسالة فقد كانت منحرفة فاسدة ، فسلامة القوانين ، وصحة الانظمة ، وحتى سلامة تطبيقها لا تدل على ان البشرية تصل بها الى شاطئ السعادة والسلام ، انما القوانين بمثابة جسد يحتاج الى روح ، وروحها هدى الله ، فعلى الرغم من ان حضارة العرب في مملكة سبأ كانت جيدة ، وقوتهم كبيرة ، الا انهم فقدوا الصلة بالله ، فعبدوا الشمس من دونه ، ولأنهم فقدوا روح الايمان اضطروا للخضوع الى سلطان يملك تلك الروح الايمانية.

والفرق بين بلقيس وسليمان لم يكن سلامة الانظمة أو عدم سلامتها ، وصحة القوانين أو عدم صحتها ، انما كان في الجانب الغيبي (الايمان بالله) وحينما كانت بلقيس خلوّا من هذا الجانب اضطرت الى الخضوع لسليمان وهذا هو قانون الحياة ، فلو كان هناك حاكم يملك الجانب الايماني للقوة وهي التوكل على الله وآخر لا

١٧٩

يملكه ، وكانا متساويين في سائر الأمور فان الاول هو الذي سينتصر بإذن الله.

إذا نحن بحاجة من بعد المشورة (العلم) والعزم (الحزم) إلى قوة أخرى لانشاء حكومة مثالية ، وهي قوة التوكل على الله.

بينات من الآيات :

[٢٧] (قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ)

أي سنستكشف صحة ما تقول عن طريق الأمر المخوّل إليك.

[٢٨] (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ)

كلّف سليمان الهدهد بمهمتين حين بعثه بالكتاب : أولاهما : إيصال الرسالة ، وثانيهما : التجسس.

(فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ)

لمعرفة ردّ فعلهم تجاه الرسالة.

وبالفعل أخذ الهدهد الرسالة وطار بها ، ولما وصل وجد بلقيس نائمة ، فوضعها على نحرها ، فانتبهت وقرأتها ، وفي الحال دعت المستشارين للاجتماع بسرعة.

[٢٩] (قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ)

الملأ : الاشراف ، قالت لهم : لقد وصلني كتاب كريم يدل على أنّ مرسلة رجل عظيم ، وأنّ في الكتاب كرامة ، ثم قرأته عليهم :

[٣٠] (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

١٨٠