من هدى القرآن - ج ٦

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ٦

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-09-2
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٥٠٢

١ ـ يروي حمران عن أبي جعفر (الباقر) وأبي عبد الله (الصادق) عليهما السلام بعد السؤال عن قوله يسألونك عن الروح. قالا : «ان الله تبارك وتعالى أحد صمد ، والصمد الشيء الذي ليس له جوف ، فانما الروح خلق من خلقه (له) بصر وقوة وتأييد يجعله في قلوب المؤمنين والرسل»

٢ ـ وروى ابو بصير عن أحدهما الباقر أو الصادق (ع) قال : سألته عن قوله : «وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي» ما الروح؟

قال : «التي في الدواب والناس» قلت : وما هي؟ قال : «هي من الملكوت ، من القدرة»

٣ ـ روى ابو بصير أيضا قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن قوله الله عز وجل «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي» قال : «خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله ، وهو مع الائمة وهو من الملكوت» (١).

وهكذا نجد الروح من الملكوت ، سواء الذي يؤيد الله به الرسول أو الذي يحيي به الله البشر والأحياء ، إلّا ان الله يعطي منه لمن يشاء كيف يشاء بقدر ما يشاء ، وهو اعلم بحقيقته لذلك قال ربنا :

(وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)

[٨٦] (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً)

ان القرآن ليس من صنع الرسول ولا غيره من البشر ، انما اوحي اليه عن طريق

__________________

(١) المصدر

٣٠١

الروح ، والدليل على ذلك : ان باستطاعة ربنا سبحانه أخذ هذا الوحي من نبيه ، ولا يستطيع النبي ان يفعل شيئا ، وهذا دليل على قدرة الله.

[٨٧] (إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً)

ومن رحمة الله بعباده تنزيله الوحي عبر الروح على رسوله ، وهذه هي أكبر النعم على امة الرسول حيث يتبعون منهاجه ويستضيئون بقبسات هديه ، والعقل والعلم ظلال لتلك الروح ومثل هذه الروح لا تقهر ، ومثل هذا القرآن لا يهزم.

القرآن يتحدى :

[٨٨] (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً)

لو قام جميع سكان المعمورة بالاجتماع من أجل صنع آية كآيات القرآن لما استطاعوا ذلك ، والقصص التاريخية كثيرة في هذا المجال ، فذات مرة اجتمع ثلاثة من كبار بلغاء العرب وزنادقتهم وفيهم ابن أبي العوجاء الملحد المعروف ، وقرروا في اجتماعهم تأليف آيات بضاهون بها القرآن ، وطال بحثهم لمدة سنة كاملة فما رجعوا الا بالخيبة والخسران ، وها هو القرآن بعد أكثر من (١٤٠٠) عام يتحدى الغرب والشرق ، فهل من منافس؟! كلا.

[٨٩] (وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ)

ومن معاجز القرآن انه يحدثنا عن كل شيء ، ويضرب لنا الامثلة في كل ناحية ، لذلك كان القرآن واقعي التشريع ، صحيح المنهج ، فواضعه علّام الغيوب الذي لا تخفى عليه خافية في السماوات والأرض.

٣٠٢

(فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً)

فبدل شكر النعم تراهم يكفرون بها ، لماذا؟

لان منطلق الناس في تقييم القرآن هو منطلق مادي بحت ، وهم يظنون ان القرآن يجب ان يوزن بمقدار الذهب ، ومكاييل الفضة ، ومساحات العقار ، وهذا هو نمط تفكيرهم المنحرف.

حوار العاجزين :

[٩٠] (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً)

يبدأ المعارضون في طرح افكارهم التبريرية ، وشروطهم التعجيزية في محاولة يائسة للتنصل من مسئوليات الايمان بالرسالة ، فبدل أن يسألوا عن تطلعات الرسالة وبرامجها في الحياة يطلبون من الرسول ان يفجر لهم ينبوعا من الماء ، وما قيمة الينبوع امام منهج الحياة ، وتنظيم السلوك والمجتمع؟!

[٩١] (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً)

وهنا تتجلى بوضوح مادية النمط التفكيري للكفار ، فهم يطالبون بالماء والنخيل والجنات والأنهار لتكون شواهد على صدق الرسالة ، ولكن السؤال الذي يطرح على أمثال هؤلاء هو : ماذا يعني تفجر الينابيع بالنسبة للرسالة؟ وما علاقة مبدأ الرسالة واحقيتها بهذه المطالب المادية؟ وهل تصلح هذه لكي تكون شواهد صدق على عصمة الرسالة وعظمتها؟

[٩٢] (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ

٣٠٣

وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً).

ويستمر السفه الفكري ، والخواء الثقافي النابع من المنطلقات المادية للمجتمعات الكافرة ، فهم تارة يطلبون ينابيع الماء ، وفي اخرى يطالبون بالجنات والأنهار ، ويبلغ بهم السفه حدّا يطالبون بحضور الله وملائكته عندهم ليتأكدوا من صدق الرسالة (!!) انهم قوم لا يؤمنون الا بالمحسوس ، وأما غير ذلك فهم به كافرون ، والقرآن يدعوهم لإثارة عقولهم ، والتخلي عن هذه المنطلقات السخيفة في تقييم الأفكار وابعاد الحياة.

[٩٣] (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ)

ومن مقومات الرسالة والرسول عند أمثال هؤلاء : امتلاك الوسائل المعيشية كالبيت الجميل ، والمكانة الاجتماعية الرفيعة ، والكلمة النافذة ، وان يكون فوق البشر انطلاقا من نظرتهم المادية القاصرة ، وهم يطلبون صعود الرسول للسماء ، وأخذ رسالة من الله مكتوبة في ورقة.

ان كل رسالة ان لم تكن مختومة بختم الواقع ، ومدموغة بدمغة الحق الالهي هي باطلة بلا جدال ، وهذا هو المعيار الحق لتقييم الرسالات وليست تلك المنطلقات الهزيلة.

(قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً)

ان مشكلة الناس هي وقوفهم عند نقطة بشرية الرسول ، واختلاط المقدمات بالنتائج في شكل غير صحيح في تقييمهم للرسالة مما يؤدي الى نشوء معايير ومقاييس غير سليمة ، فمصدر الرسالة هو الله واليه المرجع والمصير ، وما الرسول الا بشير ونذير ،

٣٠٤

يبلغ رسالات الله ، وامره ونواهيه ، قد تم اختياره من البشر ، ومن مجتمعة بالذات لاعتبارات ذاتية واقعية ، واخرى نفسية ، واجتماعية وغيرها مما لا يلم به الا علم الله الواسع.

٣٠٥

وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلاَّ أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً (٩٤) قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً (٩٥) قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٩٦) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً (٩٧) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٩٨) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ

______________________

٩٧ [خبت] : الخبو سكون النار عن الالتهاب.

٣٠٦

وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (٩٩) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (١٠٠) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً (١٠١) قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (١٠٢) فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (١٠٣) وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً (١٠٤)

______________________

١٠٠ [قتورا] : القتر التضييق وهي مبالغة في البخل.

١٠٢ [مثبورا] : هالكا.

١٠٤ [لفيفا] : اللفيف الجماعات ، والمعنى قد لفّ بعضكم في بعض.

٣٠٧

التكذيب أسبابه ونتائجه

هدى من الآيات :

ما الذي منع الناس عن الايمان برسالات الله؟ يجيب القرآن عن هذا السؤال ويعالجه.

أولا : تساءلوا مستغربين ومنكرين ابعث الله بشرا رسولا ، وأجابهم الوحي بلى ، أو ليس النبي ينبغي ان يكون من جنس من يرسل إليهم ، فلو كان سكان الأرض ملائكة إذا كان رسولهم ملكا مثلهم.

ثانيا : ان الله هو الذي يشهد على صدق الرسالة وكفى به شهيدا ، وان عليه الهدى ، اما من يضلله فلن تجد لهم أولياء لأنهم سيحشرون على وجوههم عميا ، وصما ، وبكما ، وجزاؤهم جهنم لماذا؟ لأنهم كفروا بآيات الله ، وأنكروا البعث والنشور.

نستوحي من السياق ان معالجة الكفر بالرسالات تكون بالتذكرة بالجزاء الموفور

٣٠٨

الذي ينتظر الكفار في يوم القيامة وهكذا نجد القرآن يدفع هنا شبهة الكفار حول البعث ، ويتساءل أو ليس خالق السماوات والأرض قادر على ان يخلق مثلهم.

وبعد ان يبيّن طبيعة الشح عند الإنسان (ولعلها سبب من أسباب الكفر بالرسالات) يبين قصة موسى كيف واجه فرعون الذي قال : (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً) ، فأجابه ان الوحي بصائر ، وقال له : «إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً» ولخصت هذه القصة كثيرا من حقائق سورة الإسراء حيث أراد فرعون استفزاز موسى وقومه فاغرقه الله ومن معه جميعا ، وأورث بني إسرائيل أرضهم الى أجل محدود.

بينات من الآيات :

من أهم الموانع التي تصد طائفة كبيرة من الناس عن الايمان بالرسالات شبهة عميقة الجذور تقول : لماذا الرسل بشر ، ولعلها تعود الى احساسين شاذين :

أـ استصغار الإنسان نفسه مقارنة مع ما في عالم الطبيعة من عجائب خلق الله ، ولذلك يزعم ان الله سبحانه وتعالى أعظم من ان يتصل بالإنسان بصورة مباشرة أو يبعث من البشر رسولا!

ب ـ عدم معرفة الوسيلة التي يتم عبرها اتصال الله باهل الأرض ، فهل ينزل من السماء ملك الى الأرض؟ من هو اذن؟ وكيف يكون؟

وقبل كل شيء لا بد ان نعرف :

ان التعجب نوع من الجهل وانه سيكون حجابا بين المرء والحقيقة ، وان الكثير من الناس يكذبون بالحقائق لاستغرابهم منها ، وعدم احاطة علمهم بابعادها ، كما يقول ربنا «بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ» كذلك يؤكد ربنا بان سنة الله قضت بان يرسل الرسل من نفس جنس المرسل إليهم ، ولو كان سكان الأرض ملائكة إذا

٣٠٩

لبعث منهم رسولا إليهم.

[٩٤] (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً)

ان الحجاب الذي حجب الناس عن الايمان برسالات الله هو عدم تصديقهم بهذه الحقيقة : ان يبعث الله بشرا رسولا ، وكأن الرسالة مرتبة عالية لا يمكن ان يصل إليها بشر أو كأن اتصال الغيب بالشهود محال.

[٩٥] (قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً)

لو كان سكان الأرض ملائكة لبعثنا إليهم رسولا منهم ومن جنسهم ، وهكذا فان الرسول ، اي رسول هو من نفس القوم الذي بعث إليهم قال ربنا سبحانه : «رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ» «بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ» «وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً» «كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ».

وهناك تفسير آخر لهذه الآية يقول : ان ربنا سبحانه وتعالى يذكر بان من طبيعة الإنسان حاجته للتذكير ، لأن مادته ترابية تجذبه نحو الشهوات ، كما ان فيه ومضة روحية ترفعه نحو القيم لذلك فهو بحاجة الى عامل خارجي يقوي شعوره بالومضة الروحية حتى يعلوا ، فكانت هذه حاجته الى الرسالة : ولو خلق الله الملائكة كما خلق الإنسان من طبيعة ترابية تقوم بالفساد كما قالت الملائكة «أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها» إذا لبعث الله إليهم رسولا ملكا منهم ، وهذا التفسير يتبناه العلامة الطباطبائي رحمة الله عليه ، ويستدل على ذلك بكلمة «يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ» دلالة على جاذبية الأرض للإنسان التي تسبغ على حركته فوق الأرض طمأنينة وتوازنا ولولاها لصعد في الهواء ، أو لاضطرب في مشيه وحركته.

٣١٠

شهادة الله :

[٩٦] (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً)

تلك كانت شبهات تحول بين تصديق الناس للرسالات ، ولكن صدق الرسالات يتجلى عبر عدة مظاهر جعلها الله شواهد على صدق الرسالة ، وكفى بالله شهيدا.

أولا : لقد أودع الله في عقل الإنسان مجموعة قيم وتعاليم ترشده الى الحق ، والرسالات السماوية حين تأتي للبشرية تدعو الإنسان الى ذات القيم والتعاليم وهكذا يطمئن الإنسان الى صدق تعاليم الرسالة وقيمها ، لانطباقها على القيم والتعاليم التي يحملها في نفسه ، وفي ذلك يقول رسول الله (ص):

«ان لكل حق حقيقة ، وعلى كل صواب نورا»

وذات مرة جاء رجل الى النبي (ص) وقال : يا رسول الله اني أعيش في الصحراء ولا أملك من يهديني ولا أستطيع ان آتي إليك باستمرار فعظني فأمره رسول الله (ص) ان يدنو منه حتى إذا وصل بمحاذاته وضع النبي الأكرم (ص) يده على قلب الرجل وقال : «ما أمرك به هذا فأفعله ، وما نهاك عنه فانته» وهذه شهادة باننا لو تجردنا من الضغوط والأهواء والعادات والأفكار المسبقة ، لرأينا بوضوح انطباق تعاليم القرآن مع التعاليم التي تكنّها عقولنا وفطرتنا.

ثانيا : رغم كل الصعوبات والعراقيل التي وضعها أعداء الرسالة ولا يزالون نجد ان الإسلام قد اجتاح الأرض كلها ، ولو لا تأييد الله سبحانه للمسلمين في حروب بدر وحنين والأحزاب وغيرها إذا لاندحر الإسلام والمسلمين منذ البداية ، ولو

٣١١

لا نصرته لعباده في حطين وعين جالوت لانطفأت شمعة الإسلام ، ولو لا تأييده للمؤمنين في إيران على الشاه لما انتعش الأمل بتحقيق وعد الله «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» واستمرار التأييد الغيبي لدينه دليل على صدق النبي وصدق رسالته ، وما أكثر الشواهد الغيبية ، والألطاف الخفية والظاهرة التي أنعم الله بها على عباده المؤمنين في جهادهم.

ثالثا : عظم درجة رسول الله (ص) ومنزلته الخصيصة عند الله فقد جرب بعض أصحابه كيف كان يشفع لهم عند الله في تحقيق مسائلهم ، فيستجيب الله لهم ، بل لا تزال الشفاعة الى يومنا هذا ، فالله يستجيب لكل مؤمن إذا توسل اليه بجاه رسوله ، وقد جاء في الحديث كتاب (فيض القدير) فيما روى الطبراني في الأوسط عن علي (ع) موقوفا قال :

«كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمد وآل محمد»

وهناك الكثير من الشواهد التي يوجزها الله سبحانه بقوله : «كَفى بِاللهِ شَهِيداً».

هذا وقد ذهب البعض في تفسيره لهذه الآية «قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ» بأنها قطع للجدل والصراع بين الرسول (ص) وقومه حينما غضب عليهم لعنادهم ، فقال : «كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ» وهذا تفسير بعيد ، بل هذه شهادة من الله على صدق الرسالة كما فعل الله لأنبيائه السابقين عليهم السلام ، حيث حول نيران نمرود الى برد وسلام على إبراهيم ، وكانت حجة على صدق إبراهيم ، وإغراق فرعون ، ونصر موسى عليهم السلام ، وأحياء الموتى على يد عيسى (ع) وكثير من الحجج التي حدثنا عنها القرآن من هذا القبيل معاجز عاجلة أو آجلة تشهد

٣١٢

على صدق الرسالات.

[٩٧] (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ)

ثم يبين القرآن ان الله هو الهادي الذي يهدي العباد الى الرسالة والايمان بها ، وسبق ان أوضحنا ان الهداية مرحلة متقدمة من التكامل البشري ، لان الإنسان لن يبلغ مرحلة الهداية الا بعد رحلة شاقة ، ولن يصل إليها الضال الذي حجبته المعاصي عن رؤية الحق وأولئك لا ينفعهم أحد من أوليائهم شيئا.

(وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا)

لأنهم لم يستفيدوا من نعم الحواس والعقل ، لذلك سوف يسلبهم الله تلك النعم يوم القيامة ، وهذا جزاء من عطل وظيفة عينيه وأذنيه ولسانه.

(مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً)

كلما ضعفت نار جهنم باعتبارها مادة ، يزودها الله سبحانه بالوقود لتزداد سعيرا ـ والعياذ بالله ـ فالعذاب دائم والنار تتجدد ، ولا منقذ لنا من عذابها سوى أخلاق الايمان ، ومحض الطاعة ، وانتهاز الفرص واختلاس لحظات العمر ، لنقضيها في عبادة الله ، وأمامنا فرصة عند كل منعطف في مسيرتنا. فرمضان ربيع المؤمنين ، والحج معراج الصالحين ، فيجب ان لا نفوّت تلك الفرص ، والحديث الشريف يقول :

«ان من لم يغفر له في شهر رمضان فلا يغفر له الا إذا أدرك عرفات»

فلننقذ أنفسنا من نار جهنم التي لا بد من ورودها كما قال : «وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا» فمن استطاع إنقاذ نفسه ، وتدرع ضد جهنم

٣١٣

بلباس التقوى فقد فاز.

[٩٨] (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا)

فعذاب جهنم الدائم جزاء من يكفر بآيات الله ، لا شفقة ولا عطف عليهم لأنهم كفروا ، ان حجب العصبية وحب الذات واتباع الشهوات تغطي قلوبهم ومن دون التخويف الذي يوقظ القلب ، وينشط فيه العقل والارادة لا يمكن اختراق تلك الحجب المتراكمة ، واي تخويف اعمق أثرا من تخويفهم بعذاب جهنم ، هكذا يعالج الكتاب امراض القلب ، ويوفر للإنسان أفضل فرصة للخلاص من حجب قلبه.

البعث من جديد :

(وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً)

وكأنما هذا الاشكال سينقذهم! ان الله قادر على البعث ، وسيرون العذاب بعد حين ، وحالة الاستغراب والتعجب التي حالت بينهم وبين الايمان بالآخرة لن تفيدهم.

[٩٩] (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ)

أو لا تكفي الطبيعة بكل روعتها وبهائها وما بها من جبال ، ووديان ، وبحار ، وأنهار ، ومنظومات ، ومجرات شهادة على قدرة الله سبحانه و.. و..؟! وهل خالق كل هذا يعجزه خلق الإنسان من العدم ، وما دام الفرد قد خلق لا من شيء فهل يعجزه ان يعيد خلقه مرة اخرى؟!

(وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ)

٣١٤

للإنسان أجل لا ريب في ذلك ، وأموره جميعا بيد الله ، بقاؤه ، حياته ، موته ، وحياته من جديد وإذا أخر الله سبحانه عذابهم فانما رحمة بهم ، وتنفيذا لأجل مقدر سلفا ، ولعلهم يرجعون ، ولكنهم بدل ان يشكروا نعمة الله وينتفعوا بهذه الفرصة الاخيرة التي منحت لهم تراهم يكفرون بالله ، ويكفرون بنعمة الأجل ، بل يتخذون من تأخير الأجل دليلا على عدم العقاب ، أفليس ذلك منتهى الكفران بالنعمة؟! بلى ، والسؤال لماذا هذا الكفران؟ والجواب : لأنهم ظلموا أنفسهم. وظلموا الناس ، وتجاوزوا حقوق الله وحقوق الناس.

(فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً)

كلما ازدادت الجرائم حجبت القلوب عن الايمان فيكفرون ، وهذه فكرة طالما تكررت في القرآن الكريم ، وهناك تجربة شخصية يمكن لاي شخص ان يلاحظها في نفسه فعند ما يدفع الشيطان الإنسان الى ارتكاب معصية ما تجد قلبه معرضا عن ذكر الله ، وخلال صلاته يكون مشغول البال ، اما حينما يكون القلب نظيفا فانك تجده متصلا بنور الله سبحانه حتى في غير الصلاة.

[١٠٠] (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً)

الحاجز الآخر الذي يحجز الإنسان عن الايمان هو (البخل) فالإنسان مجبول على الشح سواء كان غنيا أو فقيرا ، فلو كان يملك خزائن الله ، وخزائن رحمته التي وسعت كل شيء لقبض يده خشية الإنفاق.

لقد تكررت في سورة الإسراء المباركة مثل هذه الآية التي تذكرنا بطبائع الإنسان كقوله سبحانه : «وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً» وقوله «وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً»

٣١٥

(٦٧) وقوله : «وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً» (٨٣) ولعل السبب يكمن في ان هذه السورة تبين فوائد الوحي ومن أعظم فوائده : شفاء البشر من طبائعه الضعيفة والمنحرفة ، ومن هنا ذكرت السورة ببعض هذه الطباع.

[١٠١] (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ)

لقد كذبوه لأنهم نظروا اليه بمثل نظرتهم الى نبيكم ، فقد كان راعيا ، ذا ملابس بسيطة وو حين قال : اني رسول رب العالمين إليكم اتهمه فرعون بالجنون.

(فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً)

يبدو انه زعم ان موسى قد ابتلي بالسحر لأنه كان شائعا في مجتمعة ، ولان عواقب هذه الدعوة كانت تضر موسى ، ولا يقدم على مثلها عاقل.

هكذا كان يزعم فرعون ذلك الجبار الكافر بجبار السماوات والأرض سبحانه.

والواقع ان تحدي أنبياء الله لسلطات عصرهم وفساد مجتمعهم كان عظيما وشاملا وجذريا ، الى درجة كانوا يتّهمون بالجنون لو لا ان كل تصرفاتهم وأقوالهم كانت تفيض بالحكمة والمعرفة ، فلو لم يكونوا متصلين بالغيب ، وواثقين من نصر الله لهم ، ومخلصين لقضيتهم فهل كان تحديهم غير الجنون ، إذا ذات التحدي كان أعظم شهادة على صدق رسالاتهم ، ولعل القرآن ينقل لنا تهم الطغاة للأنبياء بالجنون لنعرف هذه الحقيقة.

ولم يكن موسى مسحورا بل كان رسولا ، وعلامة رسالته تحديه لسلطة فرعون ، وارهابه وتضليله لذلك قال :

٣١٦

[١٠٢] (قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً)

انك هالك يا فرعون فأنت تعلم ان الحق معي ، الا ان فرعون ما كان يعلم عن نبوة موسى علم ايمان ، وانما كان يعلم علم حجة ، بمعنى ان الحجة ثبتت عنده ، ولكن لم يؤمن ، وتلك الآيات العظام لا تجري على يد إنسان غير نبي لذلك قال ربنا «لقد علمت» يا فرعون ان الآيات التسع وهي : خروج اليد بيضاء من غير سوء والعصا ـ والسنون ـ ونقص الثمرات ـ والطوفان ـ والجراد ـ والقمل والضفادع ـ والدم انما هي من عند الله ولم تجر على يد إنسان عادي.

وقرء «ولقد علمت» بالضم يعني موسى هو الذي علم كما يؤيد ذلك حديث

يروى عن الامام علي (ع) يقول : فيما معناه :

«كلا لم يعلم فرعون ان الله بعث موسى بتلك الرسالة ، انما موسى هو الذي علم فهو واثق من امره»

والقرآن جعل الكتب السماوية بصائر تساعد الناس على رؤية الحقائق ، ولما كذب فرعون بتلك الحقائق كلها بصّره موسى (ع) بخاتمته «وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً»!

[١٠٣] حينئذ ثارت ثائرة فرعون.

(فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ)

حيث أراد ان يزعج موسى (ع) بطرده مع بني إسرائيل ، ونفيهم من البلاد الا ان الله سبحانه وتعالى وقف له بالمرصاد.

٣١٧

(فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً)

[١٠٤] وهذا أحد معاني شهادة الله على صدق رسالات الأنبياء ، فقد أخذ الله سبحانه وتعالى فرعون وملأه ، ونبذهم في اليم فابتلعهم الماء كما يبتلع النهر الحصاة.

(وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً)

قالوا في معنى اللفيف انه بمعنى متلاحم بحيث يلف بعضه ببعض ، فلا يميز البعض عن الآخر لشدة اندكاكهم ببعضهم.

وهكذا ذهب فرعون وبقي منه عبرة للعالمين!

٣١٨

وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (١٠٥) وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً (١٠٦) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (١٠٩) قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١١٠) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً (١١١))

______________________

١٠٦ [مكث] : مهل وتأن.

٣١٩

وبالحق أنزلناه وبالحق نزل

هدى من الآيات :

هذا هو الكتاب ، وتلك هي رسالات الله التي فيه ، انه الحق الذي أنزله الله وسوف يحفظه ، واما الرسول فان هو الا مبشر ونذير ، وانما نزله على دفعات ، لأنه أبلغ أثرا حيث يستوعبه الناس وان للقرآن فئة من الناس يؤمنون به ايمّا ايمانا ، فهم يخرون للأذقان ساجدين كلما تليت عليهم آياته ، ويسبحون الله ويثقون بوعده ، ويسجدون له ويبكون ويزيدهم القرآن خشوعا.

ان هؤلاء الذين يصوغهم الوحي مثل حيّ للقرآن وشهادة مبينة على صدقه ، وعلى انه من الله أو ليس القرآن يهدي الناس المؤمنين الى ربهم ويأمرهم بدعائه وبأسمائه الحسنى ، يأمرهم بالصلاة دون الجهر من القول ويختم القرآن سورة الإسراء المباركة بحمد الله ، كما بدأها بتسبيحه ، ذلك الله الواحد الأحد ، الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ، ولم يكن له ولي من الذل.

٣٢٠