من هدى القرآن - ج ٦

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ٦

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-09-2
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٥٠٢

والعلو هو حالة الغرور بالذات ، والاستكبار على الحق ، والاستعلاء على الآخرين ..

[٥] (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما)

يعني حان وقت الفساد الاول.

(بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ)

البأس : الشدة والغلظة وهي كلمة تستخدم عادة عند الحديث عن الحرب.

ولكن من هم هؤلاء العباد؟ هل يصدق هذا على بخت نصّر ، هكذا قال البعض فلقد كان ملكا على بابل في العراق ، فقاد جيشه نحو فلسطين ، فأنهى حضارة اليهود ، وهدم الهيكل ، وقتل سبعين ألفا منهم ، وسبى الآلاف ، ثم تأجحت الحروب بين بابل وبلاد فارس ، والتي كان يرأسها كورش الاول ، فانتصر الأخير وحرر المستعبدين من بني إسرائيل ، وأعادهم الى فلسطين ، وبنى لهم الهيكل ، وحينما رأى اليهود ذلك علو في الأرض ثانية وأفسدوا فيها.

ولو كان هذا المقصود فهل يمكن ان يسمي القرآن السفاكين كبخت نصر «عِباداً لَنا»؟

بلى ، إذ الصالح والفاسد كلاهما عبد ان لله ، وقد يكون الظالم وسيلة انتقام الرب من العصاة حيث جاء في حديث قدسي «الظالم سيفي انتقم به وانتقم منه»

(فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ)

وجاس من التجسس اي دخل بخت نصر وجماعته أعماق البلاد ، وتجسسوا عن أحوالها.

٢٠١

(وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً)

فحينما ينزل البلاء قد لا يدفعه الدعاء ، ولا الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر ، وحين يولى على الناس شرارهم بسبب تفريطهم في جنب الله ، وترك وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يستجاب دعاؤهم. لماذا؟ لان الذنب قسمان ، فاذا كنت قد أذنبت أنت ، ثم رفعت يديك بالدعاء وتبت الى ربك فان الله قد يغفر لك ، ما إذا فسد المجتمع كله ، فانه لا ينفعه دعاء فرد واحد ، انما يجب ان يتوبوا الى الله جميعا. ويصلحوا ما فسد من أمورهم.

[٦] (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ)

اي صارت الكرّة لبني إسرائيل على أهل بابل والحاكمين فيها.

(وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً)

النفير جمع نفر ومعناه العدد المقاتل.

الإنسان قرين عمله :

[٧] (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها)

لقد كان علوكم وقدرتكم بسبب أعمالكم الحسنة. والإنسان قرين عمله حسنا كان أو سيئا ، وقد قيل ـ مرة ـ لهرتزل مؤسس الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين : كان اليهود خلال اربعة آلاف سنة بؤساء محرومين ، فكيف تبادر الى ذهنك تأسيس دولة لهم؟ فقال : قرأت قرآن (محمد) فرأيت فيه آية تقول : «إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها» فعرفت ان البؤس الذي يعانيه اليهود في العالم ليس الا من عند أنفسهم.

٢٠٢

هؤلاء الصهاينة حين غصبوا أراضي الآخرين ، وطردوهم من ديارهم ، واستبدوا في البلاد ظلما وبطشا ، لن يتركهم الله ، بل سوف يسلط عليهم عبادا له ذوي بأس شديد ، فيصيبهم ما أصابهم في المرتين السابقتين إذ أفسدوا في البلاد.

(فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ)

اي حان وقت الإفساد الثاني. سلط الله عليهم ملك الروم (اسبيانوس) الذي بعث قائده (طرطوز) الى فلسطين فدخل البيت المقدس ، وقتل أهلها ، وسباهم ، وعمل الفضائع في بني إسرائيل حيث يقول تعالى :

(لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ)

بالطبع ان (بخت نصر) غير (اسبيانوس) ولكن القرآن يريد ان يذكرنا بان الطغاة سواء جاؤوا من الشمال أو الجنوب فهم ذووا مسلك واحد وهدف مشترك.

وما ذكرناه سلفا واحد من التفاسير المعروفة في هذه الآيات ، وهناك من يرى غير ذلك ، مثلا :

١ ـ ان (القدس) قد بني مرة على عهد داود وسليمان (عليهما السلام) فهدمه بخت نصر ، ومرة اخرى بني على عهد ملوك الفرس من سلسلة (هخامنش) وان قائدا باسم (طيطوس) هدمه وبقي مهدما حتى فتحه المسلمون على عهد الخليفة الثاني.

٢ ـ وقالوا : بأن فساد بني إسرائيل الاول كان في عهد بداية الإسلام ، حيث قمعه عباد الله المسلمون. اما فسادهم الثاني فهو اليوم ، وسوف يقمعه عباد الله المسلمون ، أيضا. نرجو ان يكون ذلك قريبا بأذن الله.

(وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً)

٢٠٣

إذ كانوا يقطعون الأشجار ، ويحطمون العمران ويهلكون الحرث والنسل.

[٨] (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا)

فاذا تركتم الفساد ، وتوجهتم الى تعاليم الله فانه سوف يغنيكم ويرحمكم. هذا في الدنيا اما في الآخرة فانه تعالى يقول :

(وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً)

ان بني إسرائيل لم ينتفعوا بهذه الحكمة الالهية البالغة ، فجاءوا الى فلسطين جبارين بعد أن ربطوا أنفسهم بالقوى المفسدة في الأرض ، وقتلوا ، وشردوا ، وارهبوا ، وارتكبوا أبشع الجرائم بحق الناس الآمنين من أهالي فلسطين باسم حقّهم في ارض الميعاد ، ولعمري لو كان دينهم يعطيهم شرعية الظلم والعدوان فانه ليس دين الله ، ولا هو ينسجم مع وجدان الإنسان ، انما هي عقد نفسية تراكمت عبر التاريخ ، وانفجرت اليوم ، ولإن امهلهم الرب العزيز الحكيم ، فلسوف يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

هذا عنهم ، اما عنا فلقد جعلنا هذه الآية خلف ظهورنا ، ولم ننتفع بحكمتها أيضا ، فلقد كسلنا ، وتقاعسنا ، واختلفنا ، ولم نتضرع الى الله ، ونصلح أنفسنا حين أحاط بنا البلاء ، وكان بنوا إسرائيل اليوم بالنسبة إلينا كما كان بخت نصر بالنسبة إليهم ظالمين ، ينتقم الله بهم منا ، وثم ينتقم منهم بمن يشاء سبحانه.

٢٠٤

إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٠) وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (١١) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً (١٢) وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (١٣) اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (١٤) مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ

______________________

٩ [أقوم] : الأشد استقامة.

١٢ [طائره] : عمله المقدر عليه.

٢٠٥

عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (١٥) وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً (١٦) وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (١٧) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً (١٨) وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (١٩) كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (٢٠) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (٢١)

______________________

١٤ [ولا تزر وازرة] : ولا تحمل نفس.

[وزر أخرى] : إثم أخرى.

٢٠٦

الإنسان ذلك المسؤول

هدى من الآيات :

بعد أن بيّن القرآن الحكيم في الآيات السابقة قصة بني إسرائيل التي تركز البحث فيها حول العلاقة بين أعمالهم وما أصابهم تبعا لذلك ، لخص فكرة القصة وعبرتها في كلمة حين قال : «إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها» تؤكد هذه الآيات ذات الفكرة ، وهي مسئولية الإنسان الفرد أو المجتمع ، ويبين أبعادها ، وكيف انها اخطر فكرة ينبغي على الإنسان ان يفهمها ، في حين انه ابعد ما يكون عنها ، ذلك لأنها تدعوه الى السعي والعمل الجدّي ، والتحدي ، والصمود ، وما الى ذلك من أسباب التقدم والتي تبدو صعبة على النفس البشرية.

ولذلك فانه تعالى يضرب لنا مثلا من التاريخ مرة ، ويؤكد مرة اخرى اهمية تحمل المسؤولية في الحياة الدنيا ودور هذا الاحساس في تقدم البشرية ، ثم انه يذكرنا بيوم القيامة ومدى مسئولية الإنسان عن اعماله فيها.

٢٠٧

بينات من الآيات :

[٩] لقد أتم الله حجته على خلقه حين انزل عليهم القرآن الذي يهديهم الى الصراط القويم.

(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)

«يهدي» من أراد الهداية «لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ» بعيدا عن الهوى ، والضلالة ، والخرافة ، وفي كل المجالات السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والثقافية والتربوية و.. و.. وبالتالي فهو ينسّق بين سعي الإنسان من جهة ، وبين فطرته ، والطبيعة من حوله ، والتاريخ وسننه من جهة اخرى ، ويخبره ان الإنسان قرين عمله ، ان خيرا فخير ، وان شرا فشر ، فيقول :

(وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً)

فلا يكفي الايمان وحده ، بل يجب ان يعمل المؤمن الصالحات ، وعندها يكون له عند الله أجر كبير.

[١٠] (وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً)

فالإيمان بالآخرة وحده ركن مهم يجعل الإنسان يشعر بالمسؤولية إزاء أعماله ، وانه مجزي عليهما ، ان لم يكن ذلك في الدنيا ففي الآخرة. مما يدفعه لتحمل المسؤولية والعمل الدؤوب.

[١١] (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ)

الخطأ الكبير الذي يرتكبه الإنسان دائما هو أنه يحسب الشر خيرا ، والسؤال : أو ليس له عقل يميز بين الخير والشر؟ بلى له عقل ولكنه عادة ما يكون محجوبا بأهوائه

٢٠٨

ومصالحه التي يستعجل بها ، فيقدم على الكبائر من الذنوب ظنّا منه بأنها خير بمجرد انها توفر له بعض اللذات الآنية ، ولا يثور على السلطان الجائر خشية فقدان بعض المصالح العاجلة.

(وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً)

وهذه الطبيعة هي التي تجعل الإنسان يتوهم بان عصفورة في الحاضر خير من عشرة في المستقبل ، فيتقرب الى الدنيا لأنها عاجلة وان كانت شرا ، غافلا عن ان (ربّ اكلة منعت أكلات) بينما يتنازل عن الآخرة ويحيد عن طريقها.

وقوله تعالى : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) تعليل لقوله (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ) ذلك لان الخير بحاجة الى صبر. والمسؤولية لا تنمو في قلب عجول ، وانما في قلب مطمئن صبور ، ولعل الآية الكريمة تذكر أيضا بان تأخر الجزاء عن وقت العمل قد يغري الإنسان الغافل بارتكاب الجرائم لان الإنسان كان عجولا.

والعجلة من ذات الإنسان ، حيث انها نابعة من الجهل بالمستقبل ، والاحتجاب عن غيب الزمن ، بينما الصبر وليد العقل ، والعلم بالنتائج المستقبلية ، ومعلوم ان ذات الإنسان جهل ، والعلم من الله ، وهكذا تكون الآية منتظمة الى سياق الآيات التي تذكرنا بالمسؤولية.

المسؤولية وعامل الزمن :

[١٢] (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ)

فالليل وما فيه من سكون وهدوء آية من آيات الله ، وكذلك النهار وما فيه من تحرك ونشاط آية أيضا.

٢٠٩

(فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً)

اي جعلنا الليل سكنا وهدوءا ـ وكأن الليل آية ممحاة ـ ذلك لان الليل لمن ينامه قصير ، أما النهار فآيته مبصرة لأنه عامر بالنشاط والتحرك من أجل الحصول على الرزق.

(لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ)

تعاقب الليل والنهار مبدأ للحساب الزمني ـ هذا هو ظاهر الآية ـ اما المغزى منها فهو : ان حركة الزمان تدعو الإنسان الى تحمل مسئوليته في الدنيا ، وادراك حقيقة نفسه ، فالإنسان الذي يجمّد فكره فلا يتحرك فانه لا ينتج شيئا سوى العبث وضياع الوقت ، والله تعالى يقول في حديث قدسي : «يا ابن آدم انما أنت أيام فاذا مضى يوم فقد مضى بعضك» فالذي يعرف ان للزمان قيمة (يحاسب نفسه على الساعات والدقائق) يتقدم لأنه يعلم ان «من كان مطيته الليل والنهار يسار به وان كان واقفا»

(وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً)

فالأيام لها حسابها ، واليوم يختلف عن الغد ، وهذا الشهر يختلف عن الآخر ، وان كانت كلها لله ، وقد فصّل الله لنا بيان حقيقة الزمان ، والتقدير لكي نتذكر ونعي واقع أنفسنا ، والله الذي دبر شؤون الليل والنهار والقمر والشمس ، وقدرهما بالسنين والحساب ، جعل للإنسان أيضا كتابا وحسابا ، فما من عمل يقوم به أو خطوة يخطوها ، أو فكرة تجول في ضميره إلّا وتسجل في كتابه ، ويحاسب عليها يوم القيامة.

[١٣] (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ)

٢١٠

وهذه الآية دعوة ضمنية الى تحمل المسؤولية لأنها تذكر الإنسان بمسؤوليته عن عمله والذي يترتب عليه جزاؤه في الحاضر والمستقبل.

(وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً)

فللإنسان كتاب عند الله ، فيه تفصيل ما عمله في دنياه. ينشره له يوم القيامة ليقرأه.

[١٤] (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)

الإنسان يعترف بأعماله ، ويحكّم نفسه بنفسه ، فلا حاجة الى محكمة تقضي عليه ، ولا الى شهود يثبتون عليه جرائمه ، بالرغم من وجود تلك المحكمة وأولئك الشهود.

وبعد ذلك يوضح لنا ربنا بعدا آخر من ابعاد المسؤولية وهي مسئولية الإنسان عن هداه وضلالته كمسؤولية عن سعيه وعمله ، إذ يقول تعالى :

[١٥] (مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها)

وكثيرا ما ترى أناسا يضلّون ، فيلقون اللوم على عاتق الآخرين كأن يقول : لم يكن هناك من يهديني ، أو ان الحكومة ضللتني ، أو ان البيئة الثقافية والتربوية لم تكن مساعدة لي على الهداية. كلا .. ان الله اعطى لكل إنسان قدرة الكشف والاهتداء ، ووفر له فرصة الهداية ، وانما يتبع البشر هواه لأنه أسهل له وأقرب الى طبيعته الجاهلية العجولة.

ومثلما هو مسئول عن ضلالته ، فهو مسئول عن اعماله ، وحرام ان يلقي اللائمة

٢١١

على الآخرين.

(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)

فلا يستطيع أحد ان يهدي أحدا الا إذا أراد الآخر ان يهتدي بهداه ، كما لا يستطيع أحد إضلال الآخر الا إذا أراد هذا ان يضل بضلالته ، ولكن القرآن ينفي ذلك ويقول : ان لكل عمله. ولا أحد يقدر على تحمل وزر عملك.

والآية هنا تقول «وازرة» وهي اسم فاعل للمؤنث ، كناية عن النفس البشرية ، وهنا تتبين العلاقة بين النفس والمسؤولية العملية للإنسان.

(وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)

ان التاريخ يحدثنا بان العذاب لم ينزل على امة ما الا من بعد ان يرسل الله إليهم هاديا ينذرهم ، ويبلغهم رسالات ربهم.

كلمة «الرسول» عامة تشمل كل من حمل رسالة التوحيد بصورة مباشرة كرسول الله (ص) أو غير مباشرة مثل الائمة المعصومين (ع) أو الفقهاء المجتهدين ، أو الرساليين والمجاهدين.

كيف تنهار الأمم؟

ودليل مسئولية البشر ، هو جزاؤه في الدنيا على سيئات عمله ، وعلينا ان نقيس الآخرة بالدنيا ، ودليل رحمة الله وحكمته ، أنه لا يعذب أحدا حتى يبعث اليه رسولا ، انه سبحانه لم يهلك قرية الا بعد ان أتم حجته عليهم بالرسل.

(وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها)

٢١٢

يربط القرآن الحكيم في هذا السياق بين الإسراف وهلاك القرى ، ولكن بماذا امر الله المترفين؟

المأمور به هنا محذوف وهو معطوف على قوله تعالى : (حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) فالله سبحانه وتعالى يأمر الناس بالهدى والخير والتقوى ، ولكنهم حين لا يعملون بها بل يفسقون عنها ، ويحاربون الله ورسوله ، فما ذا يحدث آنئذ؟

(فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً)

اي تحققت عليهم المسؤولية وأصبحت لله الحجة البالغة عليهم ، فدمرهم بسبب تركهم لها تدميرا ، ولعل الآية تشير الى حقيقة تاريخية هامة هي : ان الله سبحانه يبعث الرسل عادة على القرى التي ينتشر فيها الفساد. ويتسلط عليها المترفون ، وذلك لكي يرتدعوا ، ولا يستمروا في رحلة الفناء حتى النهاية ، وعادة لا يتوبون فيحق عليهم العذاب ، وربما تشير الآية أيضا الى الدورات الحضارية في التاريخ.

[١٧] (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً)

فاذا قلنا باننا لسنا من قوم نوح ، أو قوم عاد ، أو ثمود ، فان الله يؤكد لنا بأنه سبحانه اعلم بذنوبنا منا ، وليست المسألة محصورة في عنصر ما ، بل هي سنة الله في الخلق.

[١٨] قد جاء في الآية (١٢) من هذه السورة المباركة : (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) وهذه الآية تكلّمنا وتقول :

(مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ)

٢١٣

فاذا أراد الإنسان الدنيا فان الله يؤتيه منها بقدر حكمته ووفق سنته.

(ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً)

فيذم نفسه ، ويذمه الآخرون ، ويدحرونه ، اي يبعدونه عنهم وكذلك الله يذمه ويدحره.

(وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً)

وتشير الآية الى ان سعي الإنسان في الدنيا مفيد ، فان كان يريد الدنيا فان الله سبحانه يعطيه منها بقدر ، ومن أراد الآخرة يشكره الله على سعيه.

ولكسب رضى الله والفوز بالجنة لا يكفي الإنسان ان يحلم بذلك ، بل عليه ان يسعى من اجله ، وان يكون مؤمنا بعمله ، يؤديه عن خلوص نيّة.

[٢٠] (كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً)

وقد يتساءل المرء : من اين تأتي قوة الإنسان التي يختار بها طريقه ويسعى بها فيه؟

الحقيقة ان قوة الاختيار ، وقوة السعي هي من عند الله ، فحتى العصاة يستمدون قوتهم من الله ، فليس عطاء الله ممنوعا عن أحد ، وهذا منتهى الحرية الممنوحة للبشر.

[٢١] (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ

٢١٤

دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً)

فاذا كان الفرق بين إنسان وآخر في الدنيا الأموال الكثيرة ، والرفاه الواسع ، فان هذه الفواصل في الآخرة تكون أكبر بكثير ، والمسافة بينهما أعرض ، فترى إنسانا مؤمنا يخرج من قبره في يوم القيامة ، فيجتاز الصراط بسرعة الى الجنة ، وهناك مؤمن ينتظر خمسين الف سنة في صحراء القيامة حتى يصل دوره للحساب ، بينما نجد جارهما المنافق أو الكافر يلقى في نار جهنم مذموما مدحورا.

٢١٥

لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (٢٢) وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً (٢٤) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً (٢٥) وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (٢٦) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (٢٧)

______________________

٢٣ [ولا تنهر هما] : النهر هو الزجر بإغلاظ وصياح.

٢٥ [للأوابين] : الراجعين بعد الذنب.

٢٦ [تبذيرا] : التبذير التفريق بالإسراف وأصله أن يفرق كما يفرق البذر.

٢١٦

وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً (٢٨) وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (٢٩) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٣٠) وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً (٣١) وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً (٣٢) وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً (٣٣)

______________________

٢٨ [تعرضن] : الاعراض صرف الوجه عن الشيء.

[ميسورا] : القول باللطف واللين.

٣١ [إملاق] : خوف الفقر.

٢١٧

المسؤولية الاجتماعية للإنسان المؤمن

هدى من الآيات :

تحدد الآيات الكريمة هذه عدة جوانب من المسؤولية الاجتماعية للإنسان ، وكمثل تنفيذي لفكرة المسؤولية ذلك ان القرآن الحكيم لا يحدثنا عن قضية في جانبها النظري ، الا وتطرق الى جانبها العملي أيضا ، فلا يدع النظريات بلا برامج عملية ، كما لا يترك المناهج العملية من دون جذور نظرية.

ولمسؤولية الإنسان في الحياة الدنيا علاقة بالمناهج التي جاءت بها الآيات ، ولذلك قال بعض المفسرين بان سورة (كذا) قد خصصت للبرامج العملية وقال بعضهم : بأنها تبحث القضايا النظرية. وكلاهما صادق في تفسيره لان السورة تحدثنا عن الواقع كواقع ، سواء كان نظريا أم عمليا.

فمثلا الآيات (٢٢) و (٣٩) تبحث في التعاليم الاجتماعية والبرامج العملية ، ولكنها تبدأ بقوله : (لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً) ـ (٢٢) ـ وتختم البحث الآية (٣٩) بقوله : (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً).

٢١٨

والسؤال : لماذا تبدأ هذه الآيات وتنتهي بموضوع واحد هو النهي عن الشرك بالله سبحانه وتعالى؟

ان الشرك بالله يشكل جذر كل مشكلة ، اجتماعية كانت أو نفسية ، فالشرك وجهها النظري بينما وجهها العمل فهو الكذب والغدر والخيانة ، وعدم الوفاء ، وغير ذلك. وكذلك الايمان بالله وتوحيده من جهة ، والصلاة والصوم والحج وغيرها من مظاهر التعبد لله من جهة اخرى يعتبران وجهين لقضية واحدة.

وهناك أمر لا بأس بالاشارة اليه وهو ان الله سبحانه وتعالى في سورة النحل (الآية ٩٠) يقول : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) وفي الآيات التالية من سورة الإسراء يؤكد هذه المعاني. إذ ان العدل هو : ان تتحرك في الصراط المستقيم فلا تفرط ولا تفرّط ، وان تفي بحقوق الآخرين ، اما الإحسان فهو : ان تحسن الى غيرك في المعاملة ، والإحسان اسمى درجة من أداء الحقوق ، والبغي هو : القتل ، والفحشاء هو : الزنا ، والمنكر هو : الكذب ، وهكذا بقية المعاني ، ومن أراد التأكيد في مدى تطابق هذه الآيات مع تلك. عليه ان يراجع تفسيرنا لسورة النحل ، وهناك ملاحظة : «ان العدل هو إعطاء كامل الحقوق ، وأما الإحسان فهو إعطاء الزيادة».

بينات من الآيات :

الشرك جذر الانحراف :

[٢٢] (لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً)

جاء النهي عن الشرك في مقدمة الحديث عن قضايا اجتماعية لان الإنسان قد يعبد صنما فيتخذه إلها ، سواء كان هذا الصنم رمزا لرئيس القبيلة أو لصاحب المال أو لصاحب الصولجان أو لأية قوة اجتماعية اخرى ، وإذا ما فعل ذلك فانه سيندم ،

٢١٩

ويذمّه عقله ، وكذلك العقلاء كما سيكون بعيدا عن نصرة الله.

من حقوق الوالدين :

[٢٣] (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)

فالعبادة يجب ان تكون خالصة لله وحده في حين انه يمكن للإنسان ان يحسن لمن يشاء.

(وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً)

والإحسان هو العطاء بنفس راضية ، وهو ممدوح عند الله. بعكس العبادة التي هي الخضوع والتسليم وبالتالي العطاء بإكراه.

(إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً)

فالأب أو الام عند ما يكبران تتغيّر حالتهما النفسية فتكون طلباتهما بحيث قد لا يستطيع الابن ان يوفرها لهما ، فعندئذ يجب الا ترد طلباتهما ولا يؤذيان ولو بكلمة «أف» وهي تعبير عن الضجر ، بل على الابن ان يجيبهما بكلمات تبعث الأمل في نفسيهما وتحفظ لهما كرامتهما.

[٢٤] (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ)

على المسلم ان يخفض جناحيه لوالديه كما يفعل الطير مع أفراخه ، وهذا لا يعني خضوع العقل والارادة وانما خضوع الرحمة والشفقة وبالتالي فان على الابن ان يرفع كفيه بالدعاء :

٢٢٠