مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

نعم يمكن كفاية إكمال الشوط خصوصا السابع وظاهر الاخبار خلافه فلا يلتفت اليه. الّا انّه إذا كان الشوط الأوّل يمكن ان يجب الاستيناف ، بناء على اعتبار مقارنة النيّة على الوجه المذكور ، لأنّه إذا بطل الأوّل فما بقي مقارنة النيّة الّا (١) ان يكون مستحضرا لها حين ابتداء الثاني من الحجر على الوجه المتقدم ، لكن ظاهر الروايات أعمّ ففيها دلالة على عدم الاعتداد بالنيّة والمقارنة على الوجه المقرّر عندهم فتأمل واحتط.

ثمّ انّ الظاهر ممّا سبق ان الطواف في الحجر بمنزلة تركه فيكون حكم فاعله كذلك حكم تاركه مطلقا فيبطل نسكه ان كان عمدا ولم يستدركه في محلّه.

ويحتمل كون الجاهل كذلك مع وجوب البدنة أيضا كما مرّ في الرواية في ترك الطواف (٢) وهو ظاهر المنتهى الدروس فيه هذا بناء على ظاهر كلامهم.

ويحتمل عدم البطلان فيهما (٣) ان لم يكن إجماع ، فيعيد الطواف بنفسه مع القدرة ، وبوكيله مع عدمها وهو الظّاهر في الجاهل مع انضمام البدنة خصوصا في الطواف في الحجر لكن بغير بدنة (٤) وتجويز الإعادة بالوكيل أيضا مطلقا ، ان لم يحج بنفسه لعدم نصّ فيه ولا فتوى ظاهر للأصحاب ، مع الأصل وما مرّ ، لأنّك قد عرفت عدم دليل على بطلان الحج في العامد ترك الطواف بل الجاهل أيضا ، نعم الأحوط الإعادة مع البدنة بل ينبغي انضمام اعادة الطواف بقصد القضاء أيضا إليه فتأمل.

__________________

(١) هكذا في النسخة الخطّية ، ولكن في النسخة المطبوعة هكذا (فما بقي مقارنة النيّة إلا الشوط الأوّل ، يمكن ان يجب الاستيناف بناء على ان يكون إلخ) والظاهر ان الصحيح ما اخترناه من النسخة الخطّية.

(٢) راجع الوسائل الباب ٥٦ من أبواب الطواف.

(٣) في هامش بعض النسخ المخطوطة هكذا : قوله عدم البطلان فعدم البدنة على الجاهل بالطريق الاولى.

(٤) لاختصاص الرواية بتارك الطواف.

٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

وامّا الناسي فيجب عليه اعادة الطواف بنفسه مع القدرة وبوكيله مع العدم ، ومع المواقعة يجب الهدي ، أي دم شاة مثلا أيضا.

ولكن ظاهر المنتهى اشتراط كون المواقعة بعد الذكر (١) في وجوب الدم وظاهر الرواية (٢) أعمّ وقد مرّ البحث فيه.

والظاهر كونه واحدا (٣) سواء تكرّرت أم لا لظاهر الرواية ، مع احتمال التكرار إذا تكرّرت بعد الذكر لكونه ممنوعا من الوطي ، لبقائه على الإحرام بالنسبة إلى الوطي ، وذلك غير بعيد ، وان كان الأصل ـ مع عدم دليل واضح فيه وفتوى ـ يؤيّد العدم.

هذا ظاهر كلام بعض الأصحاب ، ويحتمل جواز التوكيل مع القدرة أيضا ، لما مرّ في صحيحة على بن جعفر عليهما السّلام (٤) ويؤيّده الرواية الدالّة على التّوكيل في طواف النساء (٥) مع فتواهم.

وهذا الاحتمال في الطواف في الحجر نسيانا أرجح لما مرّ ، مع عدم الفتوى هنا ، ولوجود طواف في الجملة ، وعدم النّص ، ولاحتمال الفرق بين نسيان الأصل وكيفيّته ، فيحتمل سقوط الهدى أيضا لذلك مع التذكر مع المواقعة ، إذ صحيحة على بن جعفر في نسيان الطواف بالكلية.

ويؤيد جواز التوكيل في الطواف مطلقا في الجملة ، صحيحة الحسن بن

__________________

(١) اى بعد تذكر الطواف المنسي.

(٢) الوسائل الباب ٥٨ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٣) أي كون الدم واحدا.

(٤) متن الرواية هكذا : على بن جعفر عن أخيه عليهم السّلام ، قال سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده وواقع النّساء كيف يصنع؟ قال : يبعث بهدي ان كان تركه في حج ، وان كان تركه في عمرة بعث به في عمرة ووكّل من يطوف عنه ما تركه من طوافه : الوسائل الباب ٥٨ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٥) راجع الوسائل الباب ٥٨ من أبواب الطواف.

٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

العطيّة (الثقة) قال : سأله سليمان بن خالد وانا معه عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط؟ قال أبو عبد الله عليه السّلام : وكيف طاف ستة أشواط؟ قال : استقبل الحجر وقال : الله أكبر وعقد واحدا فقال أبو عبد الله عليه السّلام يطوف شوطا فقال سليمان فإنه فاته ذلك حتى أتى أهله قال : يأمر من يطوف عنه (١).

وهذه تدلّ على مشروعية التكبير واستقبال الحجر في الجملة وعلى انهما يكفيان ولا يحتاج الى التدقيق في النية والمقارنة على الوجه الذي ذكروه فتأمل. وعلى انّ نقص شوط وبطلانه جهلا لا يوجب الا فعله لا الطواف كلّه. فهي مؤيّدة لردّ الاحتمال المتقدم من الدروس فتذكر. وتدل على كون الطواف سبعة أشواط. وهي كالصريحة في وجوب اعادة الطواف على الجاهل بل الناسي أيضا للطواف بالكليّة أو فعله في الحجر فيضعف احتمال عدم وجوب اعادة الطواف على الجاهل والناسي ، الطواف في الحجر حتى خرج وقته لانّ (٢) الطواف قد خرج وقته والقضاء انما يجب بأمر جديد لا الأمر المتقدم فإنّها (٣) أمر جديد ، مع التأييد بما تقدم من الاخبار الصحيحة الدالة على وجوب الإعادة لمن طاف في الحجر ، وعدم الاعتداد بما فعل. ولانه كان مأمورا به من غير تقييد بوقت معين فيجب فعله دائما إلّا في وقت ممنوع فتأمل.

ثمّ ان الظّاهر على تقدير اعادة الطواف بنفسه فقط ، لا يبعد كونه محرما بالنسبة الى ما لا يحلّ الا بالطواف. وقد يشعر به وجوب الهدى على الناسي مع المواقعة.

ولكن ذلك يستلزم تكرار الكفارة بتكرر الوطي الموجب ، ووجوبها أيضا لجميع ما يحرم عليه قبله ، ورواية الهدى (٤) خالية عنه ، بل تشعر بان ليس عليه غير

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٢ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٢) تعليل للاحتمال.

(٣) تعليل لضعف الاحتمال.

(٤) راجع الوسائل الباب ٥٨ من أبواب الطواف الرواية ١.

٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

هدى المواقعة ولا دليل سواها.

بل الأصل ، وعموم أدلّة التحليل بالتقصير بعد السعي فلا يفيد التحلل. مع عدم تجويزهم إحراما على إحرام (١) ، مع إيجاب الإحرام عليه قبله (٢) والاستصحاب ودليل عدم تحليل ما يحرم بالطواف الّا به.

يدلّ على وجوب الاجتناب عن جميع ما يحرم عليه قبله ، وهو الظاهر وان لم نقل بوجوب الكفّارة وتعددها للأصل ولما تقدّم واحتمال تخصيص الكفارة ببقاء جميع الإحرام وعدم معلومية شمولها لهذا الفرد.

والكلام في صورة التوكيل أيضا قريب منه.

وأنّه يحتمل في صورة بطلان الحج انّه يبطل الإحرام فلا يبقى محرما فله ان يفعل ما يشاء ، لانّ مقتضى البطلان ذلك وكذا الأصل وليس كذلك صورة الفساد والفوات فإنه يبقى محرما ويتمّ (يتمم خ ل) حجه في الأوّل ويأتي بعمرة مفردة في الثاني للتحليل للنّص ولانّه لا فساد حقيقة بل مجاز في كلامهم.

ويحتمل البقاء هناك أيضا للاستصحاب وعدم ثبوت كون البطلان محلّلا وللطريق الأولى بالنسبة الى حال النسيان.

وكان الأظهر بقاء المنع وان لم نقل بوجوب الكفارة ، إذا ما ثبت كون البطلان محلّلا ، مع ثبوت الإحرام. ولا منافاة كما في الصائم الذي أفطر عمدا ، ولم يثبت عدم جواز إحرام على إحرام بهذا المعنى.

ولا يدلّ خلوّ الاخبار وكلامهم عن بقائه محرما على العدم لأنّي ما رأيت خبرا دالّا على بطلان الحج مع خلوّه عن بقائه عن الإحرام وعلى تقدير وجوده لا يدلّ على العدم الّا ما تقدم في الجاهل وقد عرفت ولا حجيّة في كلامهم مع الصراحة

__________________

(١) يعني بعد العود الى الطواف بنفسه.

(٢) اى قبل الطواف.

٨٤

وإخراج المقام

______________________________________________________

فكيف مع السكوت مع وجود المنع أوّلا بالأدلة القطعيّة.

والظاهر أنه لا يتفاوت الحال بين التارك والطائف في الحجر وغير هما ممّن يبطل حجّة ، الّا أنّ الحكم فيما له دليل واضح وفتوى كذلك ، أوضح.

وانّ الإحلال يحصل له مع الإتيان بالعمرة وانّه يجوز العمرة لعموم أدلّتها وعدم منعها عنه فلو صدّ حينئذ يجري فيه احكامه ويحتمل البقاء على الإحرام الى ان يحجّ ، الله يعلم.

قوله : وإخراج المقام .. الظاهر ان وجوب كون الطواف بين البيت والمقام ـ فيكون المقام خارجا عن الطواف وعلى يمين الطائف ـ ممّا لا خلاف فيه عند الأصحاب.

مستندا إلى رواية محمد بن مسلم قال : سألته عن حدّ الطواف بالبيت الذي من خرج عنه لم يكن طائفا بالبيت؟ قال : كان الناس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله يطوفون بالبيت والمقام وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام وبين البيت فكان الحدّ موضع المقام اليوم ، فمن جازه فليس بطائف. والحدّ قبل اليوم واليوم واحد قدر ما بين المقام وبين البيت من نواحي البيت كلّها فمن طاف فتباعد من نواحيه أكثر (أبعد خ ل) من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد لانه طاف في غير حدّ ولا طواف له (١).

الظاهر ان فيها إشارة الى ان المقام الذي الآن ليس المقام الذي كان في عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وانّه كان في عهده أقرب الى البيت من اليوم والا لم يكن الحد اليوم وفي عهده واحدا ولقوله من موضع المقام اليوم.

ويدلّ عليه ما روى في الفقيه قال زرارة بن أعين لأبي جعفر عليه السّلام

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب الطواف الرواية ١.

٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

قد أدركت الحسين عليه السّلام؟ قال : نعم اذكر وانا معه في المسجد الحرام وقد دخل فيه السيل والناس يتخوّفون على المقام ، يخرج الخارج فيقول قد ذهب به السيل ، ويدخل الداخل فيقول هو مكانه قال : فقال : يا فلان ما يصنع هؤلاء؟ فقلت : أصلحك الله يخافون ان يكون السيل قد ذهب بالمقام قال : ان الله تعالى قد جعله علما لم يكن ليذهب به ، فاستقرّوا. وكان موضع المقام الذي وضعه إبراهيم عليه السّلام عند جدار البيت فلم يزل هناك حتى حوّله أهل الجاهلية إلى المكان الذي هو فيه اليوم فلما فتح النبيّ صلّى الله عليه وآله مكّة ردّه الى الموضع الذي وضعه إبراهيم عليه السّلام فلم يزل هناك الى ان ولي عمر فسأل الناس من منكم يعرف المكان الذي كان فيه المقام؟ فقال له رجل انا قد كنت أخذت مقداره بنسع (١) فهو عندي فقال : ايتني به فأتاه فقاسه ثم ردّه الى ذلك المكان (٢).

ولا يضرّ الإضمار في رواية محمد بن مسلم. والجهل بياسين الضرير. ووجود شي‌ء آخر في سنده ، فإنه في التهذيب : محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن غير واحد عن احمد بن محمد بن عيسى عن ياسين الضرير إلخ وفي الكافي عن محمد بن يحيى وغيره عن محمد بن احمد عن محمد بن عيسى عن ياسين الضرير إلخ.

لأن الظاهر انّ مضمونه متفق عليه بين المسلمين علما وعملا.

الّا انه روى في الفقيه (في الصحيح) عن ابان عن محمد الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الطواف خلف المقام؟ قال : ما أحب ذلك ، وما ارى به بأسا فلا تفعله ، الّا ان لا تجد منه بدّا (٣).

__________________

(١) النّسع بالكسر سير ينسج عريضا ليشدّ به الرّحال (مجمع البحرين)

(٢) الفقيه ج ٢ باب ابتداء الكعبة وفضلها الرواية ١٢.

(٣) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب الطواف الرواية ٢.

٨٦

وركعتاه في مقام إبراهيم عليه السّلام ، فان منعه زحام صلّى خلفه ، أو أحد جانبيه.

______________________________________________________

فإنها ظاهرة في الجواز خلف المقام على سبيل الكراهة وتزول مع الضرورة ولكن قال في المنتهى : وهي تدل على جواز ذلك مع الضرورة والزحام وشبهه.

وأنت تعلم انّ دلالتها على ما قلناه أظهر الّا ان يقال : لا قائل به فيحمل على ما قاله في المنتهى على انّ ابان الظاهر انّه ابن عثمان وفيه قول فلا يقبل منه ما ينفرد به.

واعلم أنّه على تقدير الوجوب بين البيت والمقام يجب ان يراعى مقدار ما بين البيت والمقام في سائر جوانبه أيضا كما هو مذكور في رواية محمد (١) وكلام بعض الأصحاب.

قوله : وركعتاه إلخ .. أي يجب بعد الطواف الواجب ركعتا الطواف خلف المقام المشهور الآن مع الإمكان ويدلّ عليه قوله تعالى «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى» (٢).

والمقام الحقيقي الذي هو الحجر لا يمكن الصلاة عليه فيحمل على ما يقال عليه المقام الآن وهو موضع معدّ للصلاة الآن خلف المقام الحقيقي.

لصحيحة معاوية بن عمّار ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : فإذا فرغت من طوافك فأت مقام إبراهيم فصل ركعتين واجعله أمامك (اماما خ ل) واقراء فيها (في الأولى منهما خ ل) سورة التوحيد (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وفي الثانية (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) ثم تشهّد واحمد الله وأثن عليه وصلّ على النبيّ وآله واسئله ان يتقبّل منك وهاتان الركعتان هما الفريضة ليس يكره ان تصلّيهما في أيّ ساعة (الساعات خ ل)

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٢) البقرة : ١٢٥.

٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

شئت عند طلوع الشمس وعند غروبها ولا تؤخّر هما ساعة تطوف وتفرغ فصلّهما (١).

وفيها دلالة على عدم وجوب السّلام في الصلاة فافهم وعلى استحباب الحمد والثناء والصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وآله.

الا ان يحمل على التشهد الواجب ، ويراد بالحمد والثناء وصفه تعالى بالوحدة ونفى الشركة فتأمل.

وعلى استحباب الدّعاء كأنّه إشارة إلى التعقيب.

وعلى استحباب قراءة السّورتين كما هو المشهور وتعيين الترتيب المذكور وهو المختار وان كان خلاف المشهور لعدم القائل بالوجوب.

وعلى عدم كراهة هاتين الركعتين في الأوقات المكروهة وقد سبقت.

وفي بيان (وقت ظ) صلاة الطواف في التهذيب أخبار صحيحة دالّة على الكراهة مثل صحيحة محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن ركعتي طواف الفريضة؟ فقال : وقتهما إذا فرغت من طوافك وأكرهه عند اصفرار الشمس وعند طلوعها (٢).

وصحيحة أخرى له ، قال : سئل أحدهما عليهما السّلام عن الرّجل يدخل مكّة بعد الغداة أو بعد العصر؟ قال : يطوف ويصلّى الركعتين ما لم يكن عند طلوع الشمس أو عند احمرارها (٣).

وصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع ، قال : سألت الرضا عليه السّلام عن صلاة طواف التطوع بعد العصر؟ فقال : لا فذكرت له قول بعض آبائه انّ النّاس لم يأخذوا عن الحسن والحسين عليهما السّلام الّا الصّلوة بعد العصر بمكة ، فقال : نعم

__________________

(١) الوسائل الباب ٧١ من أبواب الطواف الرواية ٣ وروى ذيلها في الباب ٧٦ من تلك الأبواب الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ٧٦ من أبواب الطواف الرواية ٧.

(٣) الوسائل الباب ٧٦ من أبواب الطواف الرواية ٨.

٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ولكن إذا رأيت الناس يقبلون على شي‌ء فاجتنبه ، فقلت : انّ هؤلاء يفعلون؟ فقال : لستم مثلهم (١).

وصحيحة على بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الذي يطوف بعد الغداة وبعد العصر وهو في وقت الصلاة أيصلّى ركعات الطواف نافلة كانت أو فريضة؟ قال : لا (٢).

ويمكن الجمع بينهما بشدّة الكراهة وعدمها ويحمل ما يدلّ على عدم الكراهة على عدم المنع والتحريم ، والباقي على الكراهة فتأمل.

ويدلّ على وجوب الصلاة في المقام المذكور أيضا صحيحة إبراهيم بن ابى محمود (الثقة) قال : قلت للرضا عليه السّلام أصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام حيث هو ، الساعة أو حيث كان على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ قال : حيث هو الساعة (٣).

ورواية معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : ثم تأتى مقام إبراهيم عليه السّلام فتصلّي فيه ركعتين واجعله اماما (٤).

وهذه صريحة في كون المراد بالصلاة في المقام الحقيقي ، فعلها خلفه.

وقريب منه في الدلالة مرسلة صفوان بن يحيى (المجمع عليه التي بمنزلة المسند الى العدل) عمن حدثه عن ابى عبد الله عليه السّلام في حديث قال : ليس لأحد أن يصلّى ركعتي طواف الفريضة إلّا خلف المقام لقول الله عزّ وجلّ (وَاتَّخِذُوا

__________________

(١) الوسائل الباب ٧٦ من أبواب الطواف الرواية ١٠.

(٢) الوسائل الباب ٧٦ من أبواب الطواف الرواية ١١.

(٣) الوسائل الباب ٧١ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٧١ و ٧٦ من أبواب الطواف الرواية ٣ ومتن الرواية هكذا : معاوية بن عمّار ، قال : قال : أبو عبد الله عليه السّلام : إذا فرغت من طوافك فأت مقام إبراهيم عليه السّلام فصل فيه ركعتين إلخ.

٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) فان صلّيتهما في غيره فعليك إعادة الصلاة (١).

وهذه تدل بالمفهوم على عدم لزوم فعل صلاة طواف النافلة فيه.

وأيضا تدل عليه بالمنطوق ما في رواية زرارة عن أحدهما عليهما السّلام قال : لا ينبغي ان تصلّى ركعتي طواف الفريضة إلّا عند مقام إبراهيم فأمّا التطوّع فحيث شئت من المسجد (٢).

وعلى وجوب الإعادة لو صليت الفريضة في غيره.

ويدلّ عليه وعلى وجوب الإعادة فيه مع الإمكان وعدم المشقة على ناسيها فيه ، رواية ابى عبد الله الأبزاري قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل نسي ، فصلّى ركعتي طواف الفريضة في الحجر؟ قال : يعيدهما خلف المقام لانّ الله تعالى يقول «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى» يعنى (عنى خ ل) بذلك ركعتي طواف الفريضة (٣).

وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال : سألته عن رجل طاف طواف الفريضة ولم يصلّ الركعتين حتى طاف بين الصفا والمروة ثم طاف طواف النساء ولم يصلّ لذلك الطواف حتى ذكر وهو بالأبطح؟ قال : يرجع الى المقام فيصلّى الركعتين (٤).

وموثقة عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل طاف طواف الفريضة ولم يصلّ الركعتين حتى طاف بين الصفا والمروة ثم طاف طواف النساء ولم يصلّ الركعتين حتى ذكر بالأبطح فيصلّي أربع ركعات؟ قال : يرجع فيصلّى عند

__________________

(١) الوسائل الباب ٧٢ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٧٣ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٧٢ من أبواب الطواف الرواية ٢.

(٤) الوسائل الباب ٧٤ من أبواب الطواف الرواية ٥.

٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

المقام أربعا (١).

ولعلّه يريد بالأربع ركعتي طواف الزيارة وركعتي طواف النساء والروايات في ذلك كثيرة.

ولا يعارضها ما يدلّ على الاجزاء في مقام الذكر إذا نسي في المقام ، لكثرتها وصحتها وصراحتها وضدّها في المعارض مثل ما في رواية حنان بن سدير قال : زرت فنسيت ركعتي الطواف فأتيت أبا عبد الله عليه السّلام وهو بقرن الثعالب فسألته ، فقال : صلّ في مكانك (٢).

لعدم الصحة لوجود ابى الحسين النخعي. والقول في حنّان (٣). واحتمال النافلة. والمشقة بالرجوع.

وفي رواية أبي الصباح الكناني عنه عليه السّلام في ناسيهما في المقام : ان كان بالبلد صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم فإنّ الله عزّ وجلّ يقول (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى.) وان كان قد ارتحل فلا آمره ان يرجع (٤).

لعدم صحتها ، لاشتراك محمد بن الفضيل (٥). وعدم صراحتها لما مرّ من المشقّة.

وفي رواية عمر بن يزيد (الضعيفة) عنه عليه السّلام في ناسيها في المقام حتى أتى منى قال : يصليهما بمنى (٦).

وفي رواية هشام بن المثنى الزيدي في ناسي الفريضة عنه عليه السّلام أفلا

__________________

(١) و (٢) الوسائل الباب ٧٤ من أبواب الطواف الرواية ٧ ـ ١١.

(٣) سند الرواية (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن النخعي أبي الحسين ، قال : حدثنا حنان بن سدير.

(٤) الوسائل الباب ٧٤ من أبواب الطواف الرواية ١٦.

(٥) سند الرواية (كما في الكافي) هكذا : محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الفضيل عن ابى الصباح الكناني.

(٦) الوسائل الباب ٧٤ من أبواب الطواف الرواية ٨.

٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

(الا كا) صلّاهما حيث ذكر : لما نسيها حتى جاء منى فرجع الى مكة وصلّاهما ، ثم رجع الى منى وذكر ذلك له عليه السّلام (١).

والذي يؤيد الحمل على عدم الرجوع مع المشقّة ، صحيحة أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل نسي ان يصلّى ركعتي طواف الفريضة خلف المقام. وقد قال الله تعالى «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) ، حتى ارتحل؟ فقال : ان كان ارتحل فانّى لا أشقّ عليه ولا آمره ان يرجع ولكن يصلّى حيث يذكر (٢).

لأنّها تشعر بالرجوع مع عدم المشقّة ، وفي الأوّل دلالة على الرجوع مطلقا ، فيحمل على عدم المشقّة ، أو على الاستحباب ، للجمع كما فعل في الاستبصار.

والظاهر انّ الرّجوع ـ بعد الارتحال عن مكة وحواليها مثل الأبطح بقصد الرواح الى الأهل ـ مشقّة لأنه يستلزم مفارفة الأسباب والأصحاب ، وقد يمنع ما يمنع.

ولظاهر هذه الروايات ، فلا يدفعه الرجوع الى الأبطح الذي تقدم في صحيحة محمّد وموثقة عبيد (٣) (٤).

وفي رواية غير صحيحة يوكّل من نسي ركعتي طواف الفريضة (٥).

وروى في الفقيه (صحيحا) عن عمر بن يزيد (الثقة) عن ابى عبد الله عليه السّلام ان كان مضى قليلا فليرجع فليصلّهما أو يأمر بعض النّاس فليصلّهما عنه (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ٧٤ من أبواب الطواف الرواية ٩ نقل بالمعنى.

(٢) الوسائل الباب ٧٤ من أبواب الطواف الرواية ١٠.

(٣) الوسائل الباب ٧٤ من أبواب الطواف الرواية ٥ ـ ٦.

(٤) الوسائل الباب ٧٤ من أبواب الطواف الرواية ٥ ـ ٦.

(٥) الوسائل الباب ٧٤ من أبواب الطواف الرواية ١٤ ومتن الرواية هكذا : عن ابن مسكان ، قال حدثني من سأله عن الرّجل ينسى ركعتي طواف الفريضة حتى يخرج؟ فقال : يوكّل.

(٦) الوسائل الباب ٧٤ من أبواب الطواف الرواية ١.

٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وظاهر هذه يدلّ على الرّجوع وفعلهما فيه الّا انّه يدلّ على جواز التوكيل أيضا وهو خلاف القوانين في العبادات البدنية وكأنّه رخصة.

وفيها دلالة مّا على عدم اشتراط العدالة في هذا النائب فيمكن عدم اشتراطها في النائب عن الميّت أيضا فتأمل.

وقال في التهذيب : (وفي حديث آخر) ان كان جاوز ميقات أهل أرضه فليرجع وليصلّيهما الرواية (١) وهما بعيدان.

واعلم أنّ الظّاهر من الاخبار هو جواز فعلهما خلف المقام الحقيقي مطلقا فلا يشترط فعلهما في الموضع المعدّ خلفه للصّلوة ، للأصل ، وعدم الدليل لعموم الاخبار ، وعدم التصريح به فيها والاحتياط ظاهر.

وامّا على جانبيه اختيارا فالظاهر عدم الجواز والاجزاء لما مرّ.

وامّا مع الاضطرار والازدحام فقالوا : بالجواز فيهما وفي خلفه اى خلف المقام المعدّ.

والدليل عليه غير واضح إلّا رواية الحسين بن عثمان (الضعيفة جدّا لا حمد بن هلال وغيره (٢)) قال : رأيت أبا الحسن عليه السّلام يصلّى ركعتي الفريضة بحيال المقام قريبا من الظلال لكثرة الناس (٣).

على أنّ ظاهرها جواز فعلهما بمجرد الزّحام على احد جانبي المقام الحقيقي أو خلفه ، وظاهر عباراتهم مثل المتن (٤) جواز فعلهما على احد جانبي المقام المعدّ وخلفه ،

__________________

(١) الوسائل الباب ٧٤ من أبواب الطواف الرواية ١٥ ، ولكن لا يخفى انّ الشيخ قدّس سرّه قال في التهذيب : قال ابن مسكان وفي حديث آخر إلخ.

(٢) سند الرواية (كما في التهذيب) هكذا : سعد بن عبد الله عن موسى بن الحسن والحسين (والحسن خ ل) بن على عن احمد بن هلال عن أميّة بن على عن الحسين بن عثمان.

(٣) الوسائل الباب ٧٥ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٤) ولعلّهم استندوا الى ما رواه الكليني في باب ركعتي الطواف عن على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي

٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ويمكن حمل الرواية على ما ذكروه ، ولكن العمل بمثلها ـ وان كان مؤيّدا لكلامهم في مثل هذه المسألة التي قد مضت عليها الأدلّة من الكتاب والسنة الصريحة الصحيحة ـ مشكل نعم لا يبعد ذلك على تقدير الاضطرار وعدم الإمكان في الموضع المعيّن أصلا الى ان يقرب فوت وقتها وما بعدها من المناسك وحمل هذه الرواية عليه فتأمل واحتط ما أمكن.

ويدلّ على وجوب فعلهما في المقام إذا نسيهما وذكر بعد الشروع في السعي ثم إكمال السعي صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال : سألته عن رجل يطوف بالبيت ثم ينسى ان يصلّى الركعتين حتى يسعى بين الصفا والمروة خمسة أشواط أو أقلّ من ذلك؟ قال : ينصرف حتى يصلّى الركعتين ثم يأتي إلى مكانه الذي كان فيه ويتمّ سعيه (١).

وأيضا يدلّ على وجوب القضاء على الولي ـ لا على سبيل التعيين كما تقدم في الطواف ـ صحيحة عمر بن يزيد (الثقة) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من نسي ان يصلّى ركعتي طواف الفريضة حتى خرج من مكة ، فعليه أن يقضى أو يقضى عنه وليّه أو رجل من المسلمين (٢).

وينبغي الدعاء بعد صلاة طواف الفريضة بما رواه معاوية بن عمار (في الصحيح) عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : تدعو بهذا الدعاء في دبر ركعتي طواف الفريضة تقول بعد التشهد : اللهم ارحمني بطاعتي (بطواعيتي خ ل) إياك وطوعتى (وطواعيتي خ ل) رسولك صلّى الله عليه وآله اللهم جنّبني أن أتعدّى حدودك

__________________

عمير عن الحسين بن عثمان قال : رأيت أبا الحسن موسى عليه السّلام يصلّى ركعتي طواف الفريضة بحيال المقام قريبا من ظلال المسجد (الوسائل الباب ٧٥ من أبواب الطواف الرواية ٢)

(١) الوسائل الباب ٧٧ من أبواب الطواف الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ٧٤ من أبواب الطواف الرواية ١٣.

٩٤

ويستحب الغسل لدخول مكة من بئر ميمون ، أو فخّ ، فان تعذر فمن منزله.

______________________________________________________

واجعلني ممن يحبّك ويحبّ رسولك وملائكتك وعبادك الصالحين (١).

ويمكن استفادة استحباب التسليم منها.

قوله : ويستحبّ الغسل لدخول مكة إلخ .. دليل استحباب الغسل لدخول الحرم ودليل دخوله حافيا وآخذا نعليه بيديه رواية أبان بن تغلب قال : كنت مع ابى عبد الله عليه السّلام مزامله ما بين مكة والمدينة فلما انتهى الى الحرم نزل ، واغتسل وأخذ نعليه بيديه ، ثمّ دخل الحرم حافيا ، فصنعت مثل ما صنع فقال : يا ابان من صنع مثل ما رأيتني صنعت تواضعا لله عزّ وجلّ محي الله عنه مأة ألف سيئة ، وكتب له مأة ألف حسنة ، وبنى الله له مأة ألف درجة ، وقضى له مأة ألف حاجة (٢).

وهذه تدلّ على استحباب الغسل لدخول الحرم وكونه قبل دخول الحرم وعبارة المتن تدلّ على استحبابه لدخول مكة وما ذكر غسله أو جعل غسلهما واحدا بتداخل. وذلك مفهوم من الروايات وقد تقدم.

قال المصنف في المنتهى : فان لم يتمكن من الغسل قبل دخول الحرم فبعد دخوله قبل دخول مكة ، فان لم يتمكن فبعد دخولها وكذا قال في التهذيب أيضا (٣).

وهو غير واضح إذ الظاهر انه مخيّر بين ان يغتسل قبل دخوله وبعده من غير شرط عدم التمكن قبل دخول مكة وبعده الّا انّ قبل دخول الحرم أولى لرواية أبان.

والذي يدلّ على ما قلناه حسنة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا انتهيت الى الحرم إنشاء الله فاغتسل حين تدخله وان تقدمت

__________________

(١) الوسائل الباب ٧٨ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ١

(٣) التهذيب : باب دخول مكة عقيب نقل حديث ابان بن تغلب.

٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

فاغتسل من بئر ميمون أو من فخ أو من منزلك بمكة (١).

وصحيحة ذريح المحاربي قال : سألته عن الغسل في الحرم قبل دخوله أو بعد دخوله؟ قال : لا يضرك اىّ ذلك فعلت ، وان اغتسلت بمكة فلا بأس وان اغتسلت في بيتك حين تنزل بمكة فلا بأس (٢).

وهما يدلّان على التداخل ، بل كونه غسلا واحدا قبل دخول الحرم أو بعده. ويدلّان أيضا على أنّ الغسل لدخول مكة يكون قبله وبعده.

وفي حسنة الحلبي قال : أمرنا أبو عبد الله عليه السّلام ان نغتسل من فخ قبل ان ندخل مكة (٣).

ويدلّ على استحبابه لدخول مكة ، رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : انّ الله تعالى يقول في كتابه (أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (٤) فينبغي للعبد ان لا يدخل مكة الّا وهو طاهر قد غسل عرقه والأذى وتطهر (٥).

وهذه تدل على استحباب التطهير أيضا ويمكن فهم الاكتفاء بالغسل الأوّل لأن المقصود هو ازالة العرق والأذى حين دخول مكة وقد حصل ، الّا ان يحصلا بعده.

وبالجملة الأمر بغسل آخر بعد الغسل لدخول الحرم غير مفهوم من الروايات صريحا بل ظاهر الأكثر انّه واحد امّا قبله أو بعده والتداخل يؤيّده وما تقدم من كلام المنتهى والتهذيب كذلك الّا أنّ كلام الأكثر يدلّ على تعدده ، أحدهما

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب مقدّمات الطواف الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٢ من أبواب مقدّمات الطواف الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٥ من أبواب مقدّمات الطواف الرواية ١.

(٤) البقرة : ١٢٥.

(٥) الوسائل الباب ٥ من أبواب مقدّمات الإحرام الرواية ٣.

٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

للحرم ، والآخر لدخول مكة فتأمل.

ويدلّ على الغسل وخلع النعل والمشي حافيا بالسكينة والوقار ، رواية عجلان ابى صالح قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : إذا انتهيت إلى بئر ميمون أو بئر عبد الصّمد فاغتسل واخلع نعليك وامش حافيا وعليك بالسكينة (السكينة خ ل) والوقار (١).

والظاهر ان المشي في كل الحرم غير لازم لما في رواية ابى عبيدة (٢) ثم مشى في الحرم ساعة أي أبو جعفر عليه السّلام ولا يبعد كمال الاستحباب في الكلّ.

ويدلّ على بطلان الغسل بالنوم وإعادته صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الرجل يغتسل لدخول مكة ثمّ ينام فيتوضأ قبل ان يدخل أيجزيه ذلك أو يعيد؟ قال : لا يجزيه لأنّه إنما دخل بوضوء (٣).

ويدلّ على استحباب الطواف مغتسلا ، واعادته بعد النوم ، وتداخله في غسل دخول مكة ، بل دخول الحرم أيضا ، لما مرّ رواية على بن أبي حمزة عن ابى الحسن عليه السّلام قال : قال لي ان اغتسلت بمكة ثم نمت قبل ان تطوف فأعد غسلك (٤).

ولعلّ فيهما إشارة إلى حصول الوضوء بالغسل إذ لو كان بعد الغسل محدثا فلا فائدة في إعادته بعد النوم فان وجوده كعدمه في رفع النوم لان الظاهر من الغسل

__________________

(١) الوسائل الباب ٥ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ٢ صدر الرواية : عن ابى عبيدة زاملت أبا جعفر عليه السّلام فيما بين مكة والمدينة ، فلمّا انتهى الى الحرم اغتسل وأخذ نعليه بيديه ثم مشى في الحرم ساعة.

(٣) الوسائل الباب ٦ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٦ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ٢.

٩٧

ومضغ الإذخر ، ودخول مكة من أعلاها ، حافيا.

بسكينة ووقار.

______________________________________________________

بعد النوم رفع ما حدث بسبب النوم فافهم وقد مرّ تحقيق ذلك.

ويمكن كون الإعادة لزيادة الثواب وشدّة الاستحباب ، لا لأصل حصوله وقد مرّ الإشارة اليه مع ما يدلّ عليه في غسل الإحرام فتذكّر.

ودليل استحباب مضغ الإذخر بعد دخول الحرم قول ابى عبد الله عليه السّلام : إذا دخلت الحرم فتناول من الإذخر فامضغه وانه كان يأمر أمّ فروة بذلك (١).

وفي حسنة معاوية بن عمّار عنه عليه السّلام مثله ، إلا قوله : وكان يأمر إلخ (٢).

ودليل استحباب دخول مكة من أعلاها ـ اى عقبة المدنيين والخروج من أسفلها لمن حجّ على طريق المدينة ورجع إليها ـ رواية يونس بن يعقوب قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : من أين أدخل مكة وقد جئت من المدينة؟ قال : ادخل من أعلا مكة وإذا خرجت تريد المدينة فاخرج من أسفل مكة (٣).

و (٤) في حسنة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام (ثواب الدخول بالسكينة) قال معاوية : انّه عليه السّلام قال : من دخلها بسكينة غفر له ذنبه قلت : كيف يدخلها بسكينة؟ قال : يدخلها غير متكبر ولا متجبّر (٥).

وفي رواية إسحاق عنه عليه السّلام قال : لا يدخل مكة رجل بسكينة إلّا غفر له قلت : ما السكينة؟ قال : بتواضع (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ٣ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٣ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٤ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ٢.

(٤) الواو استينافية ، لا عاطفة ، يعني في هذه الروايات ذكر ثواب الدخول بسكينة إلخ.

(٥) الوسائل الباب ٧ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ١ ـ ٢.

(٦) الوسائل الباب ٧ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ١ ـ ٢.

٩٨

والغسل لدخول المسجد ، ودخوله من باب بني شيبة ، والوقوف عندها ، والدعاء ، والطهارة في النّفل.

والوقوف عند الحجر ، وحمد الله والصّلوة على النبي وآله (صلّى

______________________________________________________

وفي صحيحة معاوية عنه عليه السّلام قال : إذا دخلت المسجد الحرام فادخله حافيا على السكينة والوقار والخشوع قال : ومن دخله بخشوع غفر الله له ان شاء الله قلت : ما الخشوع؟ قال : السكينة لا يدخل بتكبّر الحديث (١).

وما رأيت لاستحباب الغسل لدخول المسجد ، ما يدلّ عليه صريحا.

وكذا ما رأيت لاستحباب الدخول من باب بنى شيبة دليلا (٢) بل محلّها (٣) أيضا غير واضح فإنه زيد في المسجد فغيّر الأبواب.

نعم الوقوف ـ عند باب المسجد والسّلام على النبي صلّى الله عليه وآله والتسمية والسلام على الأنبياء وعليه وعلى إبراهيم صلّى الله عليه وآله وعليهم وقول الحمد لله ربّ العالمين والدّعاء ورفع اليد بالدّعاء مستقبل البيت في المسجد ـ موجود (٤).

وقد مضى الطهارة في الطواف المندوب وانه يجوز بلا وضوء ، ولا يجوز بلا غسل (٥) لعدم جواز دخول المسجد. والظاهر ان التيمّم يقوم مقامه لعموم البدلية (٦).

والوقوف عند الحجر ـ وحمد الله والصلاة على النبيّ وآله صلّى الله عليه وآله

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ١.

(٢) يمكن ان يكون نظر الماتن قدّس سرّه الى ما رواه في الفقيه والعلل مسندا عن سليمان بن مهران عن جعفر بن محمد عليهما السّلام ، وفي ذيله (فصار الدخول الى المسجد من باب بني شيبة سنّة لأجل ذلك) (لاحظ الوسائل الباب ٩ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ١)

(٣) هكذا في جميع النسخ ، والصواب (محلّه)

(٤) الوسائل الباب ٨ من أبواب مقدمات الطواف قطعة من الرواية ١.

(٥) يعني بلا غسل لجنابة.

(٦) راجع الوسائل الباب ٢٣ من أبواب التيمم.

٩٩

الله عليه وآله) والدّعاء ، والاستلام ، والتقبيل.

______________________________________________________

والاستلام ، اى لمس الحجر والتقبيل ـ موجود في الاخبار (١) وكذا استقبال الحجر ثم الطواف. وان مع التعذر يكفى إيصال اليد للاستلام ، بل الإشارة ، لما في صحيحة معاوية بن عمّار إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يدك واحمد الله وأثن عليه وصلّ على النبي صلّى الله عليه وآله واسئل الله ان يتقبّل منك ثم استلم الحجر (الأسود خ) وقبّله فان لم تستطع ان تقبّله فاستلمه بيدك فان لم تستطع ان تستلمه بيدك فأشر اليه وقل اللهم ونقل الدعاء ، فيحمل على الأفضلية (٢).

ومع الإمكان يلصق بطنه لصحيحة يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن استلام الركن؟ قال : استلامه ان تلصق بطنك به والمسح ان تمسحه بيدك (٣).

ويمكن حينئذ الاكتفاء أيضا بإيصال اليد ، لصحيحة سعيد الأعرج عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن استلام الحجر من قبل الباب؟ قال : أليس إنّما تريد ان تستلم الركن؟ قلت : نعم ، قال : يجزيك حيث ما نالت يدك (٤) ويؤيّده اللغة ، كأنّه قال في الصحاح : استلم الحجر ، لمسه إمّا بالقبلة أو اليد.

ويؤيّده أيضا ما روى في استلام الأقطع من حيث القطع ، فان كانت مقطوعة من المرفق استلم الحجر بشماله (٥).

__________________

(١) لاحظ الوسائل الباب ١٢ و ١٣ من أبواب الطواف.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ١٥ من أبواب الطواف الرواية ٢.

(٤) الوسائل الباب ١٥ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٥) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب الطواف الرواية ١ متن الرواية هكذا : عن السكوني عن جعفر عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام انّ عليا عليه السّلام سئل كيف يستلم الأقطع الحجر؟ قال : يستلم الحجر من حيث القطع ، فان كانت مقطوعة من المرفق استلم الحجر بشماله.

١٠٠