مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ويدل عليه أيضا حسنة جميل بن دراج قال : حججنا ونحن صرورة فسعينا بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطا فسألنا (فسألت كا) أبا عبد الله عليه السّلام عن ذلك؟ فقال : لا بأس سبعة لك وسبعة تطرح (١).

وصحيحة هشام بن سالم قال : سعيت بين الصفا والمروة انا وعبيد الله بن راشد فقلت له تحفظ علىّ فجعل يعدّ ذاهبا وجائيا شوطا واحدا فبلغ بنا (منّا خ ل) ذلك فقلت له كيف تعد؟ قال : ذاهبا وجائيا شوطا واحدا فأتممناها أربعة عشر شوطا فذكرنا لأبي عبد الله عليه السّلام فقال : قد زادوا على ما عليهم ليس عليهم شي‌ء (٢).

وهذه تدلّ على التعويل على الغير في حفظ العدد ومقدار العدد الواجب.

وهما تدلان على عدم البطلان بالزيادة جهلا وأنّه إذا اتى بالواجب لا يضرّ الزيادة.

بل تدلان على عدم اشتراط صحة العبادة بالعلم بها وبوجهها على الوجه الذي ذكروه واعتبروه بل يكفي الإتيان بما هو عليه في نفس الأمر وان زاد عليه بل انّ ذلك غير واجب أيضا حيث ما لامهم عليه السّلام بأنّهم تركوا الواجب بترك أخذ المسألة عمن يجوز أخذها عنه وما أمرهم بذلك وأمثال ذلك كثيرة فتأمل.

وامّا بطلان السعي الواجب بالزيادة عمدا ، فيدل عليه رواية عبد الله بن محمد عن ابى الحسن عليه السّلام قال : الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة إذا زدت عليها ، فعليك الإعادة ، وكذلك السعي (٣).

وعبد الله غير معلوم التوثيق والدلالة أيضا غير صريحة بل صريحة في بطلان

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من أبواب السعي الرواية ٥.

(٢) الوسائل الباب ١١ من أبواب السّعي الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الطواف الرواية ١١.

١٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

الصلاة بالزيادة مطلقا ، وذلك غير معلوم ، بل انما تبطل مطلقا بزيادة ركنها لا غير على ما قالوه ، وبزيادة غيره ان كان عمدا وقصد الوجوب أو الندب وكان كثيرا مخرجا عن كونه مصليا أمكن ذلك (١) وكذلك ان كان سهوا وان لم يكن كثيرا مع ذلك القصد وكان قولا يمكن البطلان أيضا وان كان فعلا.

وبالجملة البطلان في الصلاة بزيادة غير الركن ليس من أجل الزيادة لو كانت مبطلة (٢) ، وبزيادة الركن مبطلة عمدا وسهوا.

فتشبيه الطواف والسعي بها غير ظاهر ، فبطلانهما بالزيادة عمدا أيضا مطلقا لا دليل عليه الا ان يكون إجماعا.

والظاهر أنّه لو كان ففي الشوط الكامل مع قصده إدخاله إن أمكن أو مع القصد مطلقا ، ان سلم ، فلا يضرّ الزيادة بغير ذلك ، فلا يحتاج الى الفصل الحسّي كما قيل في الطواف ، ولهذا لا حاجة إليه في السعي ، فتأمّل.

ويدلّ على الصحة في الجملة ما تقدم (٣) ، وفي الناسي أيضا صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال : كان (انّ يب) في كتاب على عليه السّلام إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة فاستيقن ثمانية ، أضاف إليها ستّا وكذا إذا استيقن أنّه سعى ثمانية ، أضاف إليها ستّا (٤).

وهذه مذكورة في الزيادات عن أحدهما من غير كتاب علىّ وبدل ستّة ستّا في الموضعين.

__________________

(١) أي أمكن البطلان ، ويحتمل ان تكون العبارة (ان أمكن ذلك) أي أمكن زيادة غير الركن مع القيود المذكورة.

(٢) بل لكونه مخرجا عن كونه مصلّيا.

(٣) من صحيحتي هشام وجميل المتقدمتين آنفا (راجع الوسائل الباب ١١ و ١٣ من أبواب السعي)

(٤) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الطواف الرواية ١٠.

١٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وفيها دلالة على استحباب السعي في الجملة (١) ، وظاهرها عامّة في العامد وغيره ، وتدلّ على عدم الاعتداد بالنيّة على الوجه المذكور حيث جوّز طوافا وسعيا بدونها.

وأمثالها كثيرة في الصّلوة أيضا مثل العدول من صلاة إلى أخرى وقد مرّ.

ولا تدلّ على البطلان بالزيادة صريحا بل تدلّ على عدم الاعتبار بالنيّة وعدم الاعتداد بما بدأ بالمروة وعدم البطلان بالزيادة مطلقا.

صحيحة معاوية بن عمّار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : ان طاف الرّجل بين الصفا والمروة تسعة أشواط فليسع على واحد وليطرح ثمانية ، وان طاف بين الصفا والمروة ثمانية أشواط فليطرحها وليستأنف السعي وان بدأ بالمروة فليطرح ما سعى وليبدأ (يبدأ خ ل) بالصّفا (٢).

لانّه يحتمل ان يكون معناها أنّ الساعي ان أكمل سعيه بالمروة مع علمه بأنه تسعة أشواط فليطرح الثمانية يعني تكون سبعة منها طوافا ، والواحدة زائدة تطرح لا اعتبار بها لعدم وقوع ابتدائها من الصفا بل من المروة مع كونها زائدة على السعي المعتبر ويبنى على التاسع لان ابتدائها وقع من الصفا كما هو شرط فيكمله سعيا تامّا فعلا كما تقدم.

وان كمل سعيه بها مع علمه بأنّه ثمانية يطرح تلك كلها لأنّها (٣) علم انّ ابتدائه كان بالمروة فطاف على خلاف السنة والشريعة فلا يعتبر من ابتدائه والباقي مبنى عليه فلا يبنى على شي‌ء منها فتأمل.

والى هذا أشار الصدوق في الفقيه : ومن سعى بين الصفا والمروة ثمانية

__________________

(١) أي استحبابه في هذا المورد بالخصوص لا مطلقا.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من أبواب السعي الرواية ١ وذكر ذيلها في الباب ١٠ من تلك الأبواب الرواية ٢.

(٣) هكذا في جميع النسخ ، والصواب (لانّه)

١٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

أشواط فعليه ان يعيد وان سعى بينهما تسعة أشواط فلا شي‌ء عليه وفقه ذلك انه إذا سعى ثمانية أشواط يكون قد بدأ بالمروة وختم بها وكان ذلك خلاف السنة وإذا سعى تسعة يكون قد بدأ بالصفا وختم بالمروة انتهى كلامه رحمه الله تعالى (١).

وهذا لا ينافي ما تقدم من البناء على واحد في ثمانية أيضا لأن ذلك محمول على الختم بالصفا ثمانية يعني علم انه كان ثمانية وهو بالصفا وعلم كون ابتدائه من الصفا فكان السبعة صحيحا وكذا الزيادة في التسعة بخلاف الثمانية هنا.

وتدل على وجوب إكمال السبعة ـ بنفسه ولو خرج من مكة ، وعلى وجوب الكفارة لو أخلّ قبله مع ظنّه انه سعى سبعة كما مر فيما نقلناه.

صحيحة سعيد بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام رجل متمتع سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط ثم رجع الى منزله وهو يرى انّه قد فرغ منه وقلّم أظافيره وأحلّ ثم ذكر أنّه سعى ستة أشواط فقال : لي يحفظ أنّه قد سعى ستّة أشواط؟ فإن كان يحفظ أنّه قد سعى ستّة أشواط فليعد وليتمّ شوطا وليرق دما فقلت : دم ما ذا؟ قال : بقرة قال : وان لم يكن حفظ انّه قد سعى ستة فليعد فليبتدئ السعي حتى يكمل سبعة أشواط ثمّ ليرق دم بقرة (٢).

فيها دلالة على بطلان السعي بالشك أيضا كما في الطواف.

ومثلها في وجوب البقرة والعود لا كمال الشرط (الشوط ـ ظ ـ) رواية عبد الله بن مسكان قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل طاف بين الصفا والمروة ستّة أشواط وهو يظنّ أنها سبعة فذكر بعد ما أحلّ وواقع النساء انه انما طاف ستّة أشواط قال : عليه بقرة يذبحها ويطوف شوطا أخر (٣).

__________________

(١) الفقيه ج ٢ (١٤١) باب السّهو في السعي بين الصفا والمروة وتمامه : ومن بدأ بالمروة قبل الصّفا فعليه ان يعيد ومن ترك شيئا من الرمل من سعيه فلا شي‌ء عليه.

(٢) و (٣) الوسائل الباب ١٤ من أبواب السعي الرواية ١ ـ ٢.

١٦٤

ويستحب (فيه خ) الطهارة واستلام الحجر والشرب من زمزم ،

______________________________________________________

وقال في المنتهى انّها موثقة وليست كذلك لوجود محمد بن سنان الضعيف (١) وقد حكم بضعفه وبضعف أخبار كثيرة خصوصا في ضابطة الفقيه لوجوده في الطريق.

والعجب انه ما ذكر صحيحة سعيد بن يسار.

ويمكن حمل الطواف بنفسه على الاستحباب وعدم المشقّة وعلى إرادته مكّة لحج أو عمرة أو غيرهما ، للجمع بينهما وبين ما تقدم.

ويحتمل اختصاص الرجوع بنفسه بمن واقع. ووجوب الكفارة أيضا مشكل لظنّه إتمام الحج فلا يكون أقل من الناسي وقد مرّ انه لا كفارة عليه الا في الصيد فيمكن الحمل على الاستحباب كما تقدّم فتأمل والاحتياط واضح.

قوله : ويستحب الطهارة واستلام الحجر إلخ .. إشارة إلى مستحبات السعي من المقدمات والكيفيّات.

فالذي يدل على عدم وجوب الوضوء في السعي هو ما في رواية زيد الشحام عن ابى عبد الله عليه السّلام في السعي بغير وضوء قال : لا بأس (٢).

وصحيحة رفاعة بن موسى قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : أشهد شيئا من المناسك وأنا على غير وضوء؟ قال : نعم الا الطواف في البيت (بالبيت خ ل) فان فيه صلاة (٣).

وهذه تدل على عدم وجوب الوضوء في غيره أيضا مثل الوقوف والرّمي.

__________________

(١) سند الرواية (كما في التهذيب) هكذا : الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان عن عبد الله بن مسكان.

(٢) الوسائل الباب ١٥ من أبواب السعي الرواية ٤ متن الرواية هكذا : عن زيد الشحّام عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن الرجل يسعى بين الصفا والمروة على غير وضوء؟ فقال : لا بأس.

(٣) الوسائل الباب ١٥ من أبواب السعي الرواية ٢.

١٦٥

والصّبّ على الجسد من الدّلو المقابل للحجر ، والخروج من الباب المحاذي له ، والصّعود على الصّفا ، واستقبال العراقي ، والإطالة ، والدعاء ، والتكبير سبعا ، والتهليل سبعا والمشي طرفيه ، والهرولة بين المنارة وزقاق العطّارين.

______________________________________________________

وتدل على الاستحباب صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس ان يقضى المناسك كلّها على غير وضوء الا الطواف فان فيه صلاة والوضوء أفضل (١).

هكذا في التهذيب ، وزاد في الاستبصار : (على كل حال).

وفي رواية يحيى الأزرق ، عن ابى الحسن عليه السّلام ، قال : قلت له : الرّجل يسعى (رجل سعى خ ل) بين الصفا والمروة ، فسعى ثلثة أشواط أو أربعة ، ثمّ يبول (بال خ ل) أيتم سعيه بغير وضوء؟ قال : لا بأس ، ولو أتم نسكه (مناسكه كا يب) بوضوء كان أحب الى (٢).

فيحمل غيرها على الاستحباب.

ودليل ـ استحباب استلام الحجر وتقبيله والإشارة إليه بعد الطواف وركعتيه قبل الخروج إلى السّعي والشرب من زمزم والدعاء حينئذ بقوله : اللهم اجعله علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاء من كلّ داء وسقم والصبّ على الجسد من الدّلو الذي هو مقابل للحجر ـ هو الاخبار (٣).

وكذا استحباب الخروج من الباب الذي هو مقابل للحجر ، فإنّه موجود في الخبر أيضا (٤).

وكذا الصعود على الصّفا والنظر الى البيت واستقبال الركن العراقي حينئذ

__________________

(١) الوسائل الباب ١٥ من أبواب السّعي الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١٥ من أبواب السّعي الرواية ٦.

(٣) الوسائل الباب ٢ من أبواب السّعي فلاحظ.

(٤) الوسائل الباب ٣ من أبواب السّعي فلاحظ.

١٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

واطالة الوقوف على الصّفا وكونه بقدر سورة البقرة ، تأسّيا بالنّبي صلّى الله عليه وآله وكذا الدعاء والتكبير والتهليل سبعا سبعا موجود في الخبر (١) ومأة مأة أيضا موجود في صحيحة معاوية بن عمّار التي دلت على السبع وعلى كثير من هذه الاحكام (٢) وفي مرسلة عمر بن يزيد عن بعض أصحابه ، قال : كنت في قفاء (ظهر خ ل) ابى الحسن موسى عليه السّلام على الصّفا وعلى المروة وهو لا يزيد على حرفين ، اللهم انى اسئلك حسن الظنّ بك على (في خ ل) كلّ حال وصدق النيّة في التوكل عليك (٣).

وكذا المشي ـ مع السكينة والوقار في آخر طريق السعي والهرولة في الموضع المعيّن ـ موجود في الاخبار.

وأشير اليه مع الدعاء حال السّعى في رواية معاوية بن عمّار ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : ثم انحدر (من الصفا) (كذا في الكافي) ماشيا وعليك السكينة والوقار حتّى تأتي المنارة وهي طرف المسعى فاسع ملأ فروجك ، وقل : بسم الله والله أكبر وصلّى الله على محمد وآله ، وقل اللهم اغفر وارحم واعف عمّا تعلم انّك أنت الأعزّ الأكرم ، حتى تبلغ المنارة الأخرى ، فإذا جاوزتها فقل : يا ذا المنّ والفضل والكرم والنعماء والجود اغفر لي ذنوبي انّه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم امش وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المروة فاصعد عليها حتى يبدو لك البيت فاصنع عليها كما صنعت على الصفا ثم طف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة ثم قصّ (قصّر خ ل) من رأسك من جوانبه ولحيتك وخذ من شاربك وقلّم أظفارك وأبق منها لحجّك فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شي‌ء يحل منه المحرم

__________________

(١) الوسائل الباب ٤ من أبواب السّعي الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٤ من أبواب السّعي الرواية ١.

(٣) راجع الوسائل الباب ٥ من أبواب السّعي الرواية ٦.

١٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وأحرمت منه (١).

وهذه تدل على استحباب ما قيل في الصفا ، في المروة أيضا ، وان الصعود في السعي وان كان زائدا على السعي لا يضرّ. وعلى استحباب الجمع بين الأخذ من الرأس واللحية والشارب وقصّ الأظفار وإبقاء شي‌ء للحج وان ذلك يكفي للإحلال ولا يضرّ وجود إبراهيم بن ابى سمّاك (سمال خ ل) الواقفي (٢) في الطريق لما تقدم ، ولأنها حسنة في الكافي بتغيير مّا ، وزيادة في الدعاء حيث قال : إذا جاوزتها فقل : يا ذا المنّ والفضل والكرم والنّعماء والجود ، اغفر لي ذنوبي ، انه لا يغفر الذنوب إلّا أنت ، ثم امش وعليك السكينة والوقار (الى قوله) : بالمروة.

وفي رواية سماعة : فاكفف عن السعي وامش مشيا وانما السعي على الرجال وليس على النساء سعى (٣).

يعني إذا وصل الى طرف المسعى يترك الهرولة ويمشى مشيا متوسطا وليس على النساء الهرولة.

قال في المنتهى : وليس على النساء رمل ، ولا الصعود على الصفا ، ولا على المروة ، لأن ترك ذلك ستر لهن.

والظاهر استحباب كل ذلك وان كان وقع بصورة الأمر في الاخبار ، للأصل ، وعدم القائل بالوجوب أو قلّته ، مع عدم ظهوره مع مقارنته بالمستحبات يقينا مثل الأدعية.

وفي صحيحة سعيد الأعرج قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من أبواب السعي الرواية ١ و ٢ وروى ذيلها في الباب ١ من أبواب التقصير الرواية ١. ورواها في الكافي إلى قوله عليه السّلام : وتختم بالمروة راجع الكافي ج ٢ ص ٤٣٥ طبع ط.

(٢) سند الرواية (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن إبراهيم بن ابى سمّاك عن معاوية بن عمار.

(٣) الوسائل الباب ٢١ من أبواب السعي الرواية ٢.

١٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ترك شيئا من الرمل في سعيه بين الصفا والمروة؟ قال : لا شي‌ء عليه (١) وهي تدل على عدم الوجوب مطلقا ظاهرا.

وفي رواية أبي الجارود ـ عن أبي جعفر عليه السّلام قال : ليس على الصفا شي‌ء موقت (٢) دلالة على عدم وجوب ما ذكر في الصّفا.

ويدل على صحة السعي راكبا وعدم الهرولة عليه صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : ليس على الراكب سعى ولكن ليسرع شيئا (٣).

وتدل على كون المشي أفضل روايته عنه عليه السّلام قال : سألته عن الرجل يسعى بين الصفا والمروة راكبا؟ قال : لا بأس والمشي أفضل (٤) وفي صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام عن المرأة تسعى بين الصفا والمروة على دابة أو على بعير؟ فقال : لا بأس بذلك وسألته عن الرجل يفعل ذلك؟ فقال : لا بأس (٥).

ويدل على عدم وجوب الاتّصال الحقيقي وجواز الفصل ما مرّ في الطواف (٦).

وصحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرّجل يطوف بين الصفا والمروة أيستريح؟ قال : نعم ان شاء جلس على الصفا والمروة وبينهما فليجلس (٧).

وكذا يجوز قطعه للصلاة وقضاء الحاجة لما مرّ في الطواف (٨) ويدلّ عليه أيضا صحيحة معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام الرجل يدخل

__________________

(١) الوسائل الباب ٩ من أبواب السعي الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٥ من أبواب السعي الرواية ٣.

(٣) الوسائل الباب ١٧ من أبواب السعي الرواية ٢.

(٤) الوسائل الباب ١٦ من أبواب السعي الرواية ٢.

(٥) الوسائل الباب ١٦ من أبواب السعي الرواية ٣.

(٦) تقدّم موضع ذكره في بحث الطواف.

(٧) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب السعي الرواية ١.

(٨) تقدّم موضع ذكره في بحث الطواف.

١٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

في السعي بين الصفا والمروة فيدخل وقت الصلاة أيخفّف أو يقطع ويصلّى ثمّ يعود أو يثبت كما هو على حاله حتى يفرغ؟ قال : لا بل يصلّى ثم يعودا و (إذ خ) ليس عليهما مسجد. الحديث (١).

وفي رواية الحسن بن علي الفضّال قال : سأل محمد بن على أبا الحسن عليه السّلام فقال له : سعيت شوطا واحدا ثم طلع الفجر فقال : صلّ ثم عد فأتمّ سعيك (٢).

هذه تدل على البناء مع عدم تجاوز النصف.

وتدل على القطع لقضاء الحاجة صحيحة يحيى بن عبد الرحمن الأزرق قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيسعى ثلثة أشواط أو أربعة ثمّ يلقاه الصديق له فيدعوه إلى الحاجة أو الى الطعام؟ قال : ان أجابه فلا بأس (٣).

وكأنه فيها إشارة الى أن السعي أولى ، ولهذا قال في الفقيه بعد قوله : فلا بأس ولكن يقضى حق الله أحبّ الى من ان يقضى حق صاحبه.

ولكن ما تقدم في الطواف وما نقل في قضاء حوائج المسلمين (٤) يدلّ على خلافه ولعلّه يتفاوت بالنسبة إلى الأشخاص والزمان والحاجات.

قال في المنتهى : قال الشيخ : لو نسي الرّمل في حال السعي حتى يجوز موضعه ثم ذكر فليرجع القهقرى الى المكان الذي يرمل فيه (٥) ، وبعده بياض ، كأنّه

__________________

(١) الوسائل الباب ١٨ من أبواب السعي الرواية ١ قطعة من الرواية.

(٢) الوسائل الباب ١٨ من أبواب السعي الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ١٩ من أبواب السعي الرواية ١.

(٤) راجع الوسائل الباب ٢٦ و ٢٧ من أبواب فعل المعروف.

(٥) المنتهى ، كتاب الحج ، الفصل الرابع في السعي ، ص ٧٠٦ وفي النهاية ، كتاب الحج ، باب السعي بين الصفا والمروة ، ص ٢٤٣.

١٧٠

ولو نسيها رجع القهقرى ، والدعاء خلاله وتحرم الزيادة عمدا ويبطل بها ، لا سهوا.

وتقديمه على الطواف عمدا فيعيده بعد الطواف لو قدّمه.

ولو ذكر النقيصة قضاها ولو كان متمتّعا ، وظنّ إتمامه فأحلّ

______________________________________________________

أراد نقل الرواية.

ورأيت في زيادات التهذيب روى عن ابى عبد الله عليه السّلام وابى الحسن موسى عليه السّلام انّهما قالا : من سهى عن السعي حتى يصير من السعي (المسعى ئل) على بعضه أو كلّه ثم ذكر فلا يصرف وجهه منصرفا ولكن يرجع القهقرى الى المكان الذي يجب فيه السعي (١).

فيمكن استحباب الرجوع قهقرى للرّمل للنّاسي والجاهل أيضا ويحتمل بعيدا للعامد أيضا.

ولكن الرواية مرسلة وموجبة للزيادة فالقول به مشكل ويؤيده أن رجوع القهقرى متعسّر جدّا مع المزاحمة بل قد لا يتفق الا بالرجوع مرّة بعد اخرى مع انّهم يمنعون عن الزيادة فهي مؤيدة لعدم المنع عن الزيادة في الجملة وكذا المنع عنه في الرجوع لالتزام المستجار مع ان استحباب الدعاء فيه والترغيب فيه أكثر من هنا فتأمل.

فدليل قوله : ـ ولو نسيها (أي الهرولة) رجع ـ تلك الرواية وقد مرّ دليل الدعاء في أثناء السعي والهرولة.

قوله : وتحرم الزيادة إلخ .. قد مرّ دليل تحريم الزيادة والبطلان فيها مع ما فيه.

وكذا دليل تحريم تقديمه على طواف الحج ، ووجوب اعادته لو قدّمه على طوافه مع بقاء الوقت ظاهر.

وكذا إتمام نقصان ما ذكره ولو كان بعد الرجوع الى أهله بنفسه أو بوكيله.

__________________

(١) الوسائل الباب ٩ من أبواب السعي الرواية ٢.

١٧١

وواقع ، أو قلّم أو قصّ شعره ، فعليه بقرة ، وإتمامه ، ولو لم يحصّل العدد ، أو شك في المبدأ ، وكان في المزدوج على المروة أعاد ، وبالعكس لا اعادة ، ويجوز قطعه لقضاء حاجة ، أو (وخ ل) صلاة فريضة ، ثم يتمه.

______________________________________________________

وكذا قد مرّ دليل وجوب دم بقرة لو ظن إتمام السعي وواقع ثم ذكر وقد عرفت ان المناسب هو الاستحباب لا الوجوب هذا ظاهر.

ولكن العبارة لا تخلو عن شي‌ء لأن الظاهر ان معنى (أحلّ) قلّم أو قصّ المذكورين بعده وأيضا ظاهر (أو) انّ أحدهما يكفي في وجوب البقرة ، فيجب بمجرد القلم أو القصّ كما يجب بأحدهما مع المواقعة وهو بعيد كما سيجي‌ء.

و (أو) موجود في التهذيب أيضا ولكن من دون (أحلّ) قبله قال : وان كان اتى أهله أو قصّر وقلّم أظفاره فعليه دم بقرة.

والدليل على ذلك صحيحة سعيد بن يسار المتقدمة قال فيها : رجل متمتع سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط ثم رجع الى منزله وهو يرى انه قد فرغ منه وقلّم أظافيره وأحلّ ثم ذكر (الى قوله) ثم ليرق دم بقرة (١).

ورواية عبد الله بن مسكان (٢) المتقدمة.

والذي يفهم منهما ان الإحلال مع المواقعة موجب لدم البقرة وكذا مع القلم ولعل التقصير مثله ولكن ما نفهم المقصود من الإحلال.

ولعل المراد به في الرواية الاولى هو المواقعة بقرينة الثانية ، ولبعد إيجاب البقرة للقلم فقط أو مع التقصير إذا أريد ذلك بالإحلال ، أو مع اعتبار كونه محلّا ان حمل الإحلال عليه فإنه عمداً في محض الإحرام ما كان موجبا لها.

وفي الثانية القلم ونحوه بقرينة الاولى مع عدم صحتها كما عرفت وهذا كلّه دليل عدم الوجوب والاستحباب غير بعيد مع المواقعة ويمكن بدونها أيضا فتأمل.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب السّعي الرواية ١ ـ ٢.

(٢) الوسائل الباب ١٤ من أبواب السّعي الرواية ١ ـ ٢.

١٧٢

فإذا فرغ من سعى عمرة التمتع قصّر ، وأحلّ من كل شي‌ء أحرم منه ، وأدناه أن يقصّر شيئا من شعر (شعور خ ل) رأسه ، أو يقصّ (يقصّر خ ل) أظفاره ، ولا يحلق فان فعل فعليه دم ،

______________________________________________________

وقد عرفت أيضا دليل وجوب الإعادة على تقدير عدم تحصيل العدد ، بل الشك في النقيصة أيضا ممّا تقدّم في الطواف مع البحث فيه.

ودليل الإعادة في الشك في المبدأ مع كونه في المزدوج على المروة وعدمها في العكس ظاهر وقد مرّ الإشارة اليه.

وقد عرفت جواز القطع لقضاء حاجة وصلاة فريضة أيضا عن قريب.

قوله : فإذا فرغ من سعى عمرة التمتع إلخ .. إشارة إلى آخر أفعال العمرة المتمتع بها. ودليل وجوب التقصير بعد السعي ظاهر مما تقدم من الاخبار الصحيحة مثل ما مرّ من صحيحة معاوية بن عمار (رواها الشيخ عنه في التهذيب من عدة طرق صحيحة) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا فرغت من سعيك وأنت متمتع فقصّر من شعرك الحديث (١) والظاهر أنّه لا كلام في وجوبه عندنا.

قال في المنتهى : أفعال العمرة الطواف وركعتاه والسعي والتقصير. ذهب إليه علمائنا اجمع.

كأنه ما اعتبر الخلاف في وجوب طواف النساء له ، وانما الكلام في تعيينه وجواز الحلق.

قال في المنتهى : التقصير في عمرة التمتع اولى من الحلق قاله الشيخ في الخلاف ومنع في غيره من الحلق وقال في التهذيب : ولا يجوز ان يحلق رأسه كلّه فان فعل وجب عليه دم شاة.

واستدل برواية أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المتمتع

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب التقصير الرواية ٤.

١٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

أراد ان يقصّر فحلق رأسه؟ قال : عليه دم يهريقه ثم قال : فإذا كان يوم النحر أمرّ الموسى على رأسه حين يريد ان يحلق فإذا كان قد فعل ذلك ناسيا فليس عليه شي‌ء (١).

ونقل رواية جميل بن دراج قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن متمتع حلق رأسه بمكة؟ قال : ان كان جاهلا فليس عليه شي‌ء وان تعمد ذلك في أوّل شهور الحج بثلثين يوما فليس عليه شي‌ء وان تعمد بعد الثلثين يوما الّتي يوفر فيها الشعر للحج فان عليه دما يهريقه (٢).

وهما ضعيفتان الاولى بمحمد بن سنان والقول في إسحاق (٣) فقول المصنف بأنها موثقة غير جيّد والثانية بعلي بن حديد (٤) مع قصر الدلالة نعم هي صحيحة في الفقيه ، ولكن الدلالة ، قاصرة. واستدلّ بها على عدم جواز الحلق بعد دخول ذي القعدة لمن أراد الإحرام ووجوب الدّم حينئذ وقد مرّ البحث فيه.

ويدل على التحريم الاستصحاب ، وأدلة تحريم حلق الرأس على المحرم في الجملة (٥) وفيها تأمل.

والأصل وظاهر آية (مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) (٦) والترغيب في الاخبار الى الحلق حيث نقل انه صلّى الله عليه وآله استغفر للمحلقين مرتين وفي

__________________

(١) الوسائل الباب ٤ من أبواب التقصير الرواية ٣ ولا يخفى ان لفظ رواية أبي بصير الى قوله : (حين ان يريد ان يحلق) وليس فيها (ثم قال) ومن قوله : (فإذا كان قد فعل ذلك ناسيا إلخ) من كلام الشيخ في التهذيب لا من الرّواية فلاحظ ، فقول الشارح قدّس سرّه : (ثمّ قال) الموهم في كونه من عبارة الشيخ في التهذيب غير جيّد ، نعم من قوله (فإذا كان إلخ) من كلام الشيخ.

(٢) الوسائل الباب ٤ من أبواب التقصير الرواية ٥.

(٣) سند الرواية (كما في التهذيب) هكذا : الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان عن عبد الله بن مسكان عن إسحاق بن عمّار عن ابى بصير.

(٤) سند الرواية (كما في الكافي) هكذا : محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن على بن حديد عن جميل بن درّاج.

(٥) راجع الوسائل الباب ٦٢ من أبواب تروك الإحرام.

(٦) الفتح : ٢٨.

١٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

آخر ثلث مرّات وقيل للمقصّرين يا رسول الله قال : وللمقصرين مرة واحدة (١) ويؤيّده تقديمه في الآية وان المقصود من التقصير ازالة الشعر ونحوه وهو يحصل بالحلق.

يدلّ على الجواز ويؤيّده انَّ سبب التحريم هو الإحرام المقتضي لتحريم ازالة الشعر وقد زال بل وجبت الإزالة.

ويؤيّده أيضا ما في صحيحة معاوية بن عمّار (في الفقيه) عن ابى عبد الله عليه السّلام فإذا فرغت من سعيك وأنت متمتع فقصّر من شعر رأسك من جوانبه (الى آخر ما تقدم) (٢).

ولعلّ تقصير الشعر يصدق على الحلق ، والأمر بالجوانب للبقاء للحج ، ويشعر به (وأبق لحجّك).

وهذه صريحة في الجواز بعد التقصير ، حيث قال : فقد أحللت من كل شي‌ء يحلّ منه المحرم.

ويمكن حملها على الاستحباب ، وأنّ الأفضل ترك الكلّ أو البعض للحج ، وتخصيص الترغيبات على غير عمرة المتمتع ، بل الآية أيضا ، للجمع ، والشهرة ، والاحتياط.

ثمّ انّ الظّاهر انّ النزاع في تحريم حلق كلّ الرأس كما هو ظاهر عبارة التهذيب (٣) لا في البعض ولا في الاجزاء عن التقصير كما يظهر من المنتهى ، قال فيه : لو حلق في إحرام الحج ـ كذا ، والظاهر العمرة المتمتع بها ـ (٤) أجزأه ، وهل

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ٦ ـ ١١ وليس في الرواية الثانية لفظة (واحدة)

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب التقصير الرواية ٤.

(٣) قال في التهذيب : ولا يجوز ان يحلق رأسه كلّه فان فعل وجب عليه دم شاة (راجع باب الخروج الى الصفا)

(٤) لعل النسخة التي كانت عند الشارح قدّس سرّه هكذا : ولكن في النسخة المطبوعة التي من المنتهى عندنا : لو حلق في إحرام العمرة إلخ ص ٧١١.

١٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

يكون فعل (فعلا خ ل) حراما؟ فيه خلاف تقدم ولو حلق بعض رأسه فالوجه عدم التحريم على القولين وسقوط الدم والاجتزاء به.

ولي في الاجزاء مع التحريم تأمّل ، لأنّ ظاهر كلامه في المنتهى انه نسك (١) عندهم خلافا للعامة ، ويشترطون فيه النيّة على ما رأيته في بعض الحواشي والمناسك ، الّا ان يقال : حصل الإحلال بالجزء الأوّل الذي ليس بحرام ، فانّ حلق الكلّ حرام ، وذلك لا يحصل الا بالجزء الأخير ، هذا واضح على تقدير عدم تحريم البعض وعدم قصد حلق الكلّ في الابتداء ، وبدونهما مشكل.

وكذا يشكل عدم تحريم البعض وتحريم الكلّ فقط ، إذ يبعد تحريم الجزء الأخير فقط ولو كان قليلا جدّا.

ويؤيّده انّه إذا حصل الإحلال بالبعض ، فالظاهر جواز جميع ما حلّ للمحلّ وحرم على المحرم كما صرّح في الاخبار مثل صحيحة معاوية بن عمّار المتقدمة (٢) فلا يبعد الحوالة إلى العرف (٣) مثل ان حلق أكثره بحيث ما بقي إلّا جزء غير معتد به ، ولا يبعد كون مراد المصنف هنا والشيخ في التهذيب ، ذلك.

والظاهر أيضا أنّه لا كلام في حصول الاجزاء والإحلال بصدق التقصير ، وانّ ذلك بمطلق الإزالة لا حلق الرأس ، على الخلاف المتقدم.

قال في المنتهى : لو قص الشّعر بأيّ شي‌ء كان ، أجزأه ، وكذا لو نتفه أو ازاله بالنّورة لأنّ القصد ، الإزالة ، والأمر ورد مطلقا ، فيجزي كل ما يتناوله الإطلاق ، لكن الأفضل التقصير في إحرام العمرة والحلق في الذبح اقتداء برسول الله صلّى الله عليه وآله في امره وفعله (٤).

__________________

(١) فتكون عبادة والنهي عنها يقتضي الفساد.

(٢) تقدم نقلها آنفا.

(٣) هكذا في جميع النسخ ، ولعلّ الصواب (على) بدل (الى)

(٤) انتهى كلام المنتهى ص ٧١١.

١٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذا الكلام كالصريح في صدق التقصير على الحلق فهو مؤيّد لجواز الحلق.

وكذا قال : الإحلال يحصل بقصّ الأظفار لأنّه نوع تقصير وكذا من شعر الحاجب وشعر النازل من الرأس ، وانّ مسمى ذلك كاف في أخذ الشعر وقلم الأظفار بل الظّفر.

وقال : أدنى التقصير ان تقصّ شيئا من شعره ولو كان يسيرا واقلّه ثلاث شعرات لانّ الامتثال به يحصل ، فيكون مجزيا ، ثمّ قال : وهذا اختيار علمائنا ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : الرّبع ، وهو يدلّ على الإجماع.

ويدلّ عليه ـ وعلى عدم تعيين الأخذ بآلة ـ روايات معتبرة ، مثل حسنة معاوية بن عمّار ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن متمتّع قرض أظفاره وأخذ من شعر رأسه بمشقص؟ (١) قال : لا بأس ، ليس كلّ احد يجد جلما (٢).

فإنّ أخذ الشعر يصدق على البعض ، لكنّه هنا مع قرض الأظفار ، ولعلّ فيها إشارة إلى جواز حلق الرأس فافهم.

وصحيحة الحلبي في امرأة قرضت بعض شعرها بأسنانها ، قال : كانت أفقه منك (٣).

وقد تقدمت هذه.

__________________

(١) المشقص كمنبر ، نصل عريض والجلم محركة ، ما يجز به ، وجلمه اى قطعه.

(٢) الوسائل الباب ٢ من أبواب التقصير الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٣ من أبواب التقصير الرواية ٢ متن الرواية هكذا : عن الحلبي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام جعلت فداك انّى لما قضيت مناسكي للعمرة أتيت أهلي ولم اقصّر ، قال : عليك بدنة قال : قلت : انّى لمّا أردت ذلك منها ولم تكن قصّرت امتنعت ، فلمّا غلبتها قرضت بعض شعرها بأسنانها ، فقال : رحمها الله كانت أفقه منك ، عليك بدنة ، وليس عليها شي‌ء.

١٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فيمكن حمل ما ورد ـ في مثل صحيحة معاوية (١) من الأخذ من الرأس وأطراف اللحية والشارب وقصّ الأظفار ـ على الاستحباب وكذا صحيحة محمد بن إسماعيل قال : رأيت أبا الحسن عليه السّلام أحلّ من عمرته وأخذ من أطراف شعره كله على المشط ثم أشار الى شاربه فأخذ منه الحجّام ثم أشار الى أطراف لحيته فأخذ منه ثم قام (٢).

لعل المراد بقوله : (أحلّ) أراد ان أحلّ و (بشعره) شعر رأسه.

ومثل هذه يدل على عدم وجود الأخذ بنفسه فيجوز بغيره فهو مؤيّد لعدم الدّقة في النيّة فتأمل.

وتدل على الأخذ من (عن خ ل) الكلّ صحيحة جميل بن درّاج وحفص وغيرهما (في الفقيه وهي حسنة في الكافي) عن ابى عبد الله عليه السّلام في محرم يقصّر من بعض ولا يقصّر من بعض قال : يجزيه (٣).

والظاهر أيضا عدم وجوبه في مكان معين وان كان في بعض العبارات كونه على المروة ، للأصل وصدق الامتثال للأوامر المطلقة ، ولخلوّ الأدلة عن ذلك.

ولرواية عمر بن يزيد عن أبى عبد الله عليه السّلام قال : ثمّ ائت منزلك فقصّر من شعرك وحلّ لك كل شي‌ء (٤).

ولا يضر جهل محمد بن عمر (٥).

وهي تدل على عدم تحريم حلق الرأس بعد التقصير ووجوب التقصير

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب التقصير الرواية ١. هذه منقولة بالمعنى.

(٢) الوسائل الباب ١٠ من أبواب التقصير الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٣ من أبواب التقصير الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ١ من أبواب التقصير الرواية ٣.

(٥) وسندها (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن محمد بن عمر عن محمد بن عذافر عن عمر بن يزيد.

١٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

أيضا (١) مثل رواية عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سمعته يقول طواف المتمتع ان يطوف بالكعبة ويسعى بين الصفا والمروة ويقصّر من شعره فإذا فعل ذلك فقد أحلّ (٢).

قال في المنتهى : هي صحيحة وعندي أبو الحسين النخعي (٣) مجهول ولكن لا يضرّ بعلمه رحمه الله.

وهي تدل على عدم وجوب طواف النساء أيضا في العمرة المتمتع بها كغيرها مما تقدم.

ومثلها في الدلالة على بعض الأمور المذكورة صحيحة معاوية بن عمار (المتقدمة) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا فرغت من سعيك وأنت متمتع فقصّر من شعرك من جوانبه ولحيتك وخذ من شاربك وقلّم أظفارك وأبق منها لحجّك فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شي‌ء يحلّ منه المحرم وأحرمت منه فطف بالبيت تطوّعا ما شئت (٤).

فلا كفارة في حلق الرأس بعده ولو كان عالما عامدا بل قبله أيضا بعد السعي لما مرّ.

__________________

(١) يعنى كما انّ رواية عبد الله بن سنان تدلّ على عدم تحريم حلق الرأس ووجوب التقصير أيضا.

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب التقصير الرواية ٢.

(٣) هو أيوب بن نوح بن درّاج الثقة (المزبور في محله) وقد نقل في جامع الرواة رواية موسى بن القاسم عنه عن ابن ابى عمير وروايته عن عبد الرّحمن بن الحجّاج إلخ تنقيح المقال ج ٣ في فصل الكنى ص ١٣.

وظاهر هذا الكلام هو رواية موسى بن القاسم عن ابى الحسين النخعي عن عبد الرّحمن بن الحجاج.

وليس في سند هذه الرواية (على ما في التهذيب والوسائل) لفظ ابى الحسين بل السند الموجود فيهما هكذا : موسى بن القاسم عن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان.

ولعل في النسخة الّتي كانت عند الشارح رحمه الله : موسى بن القاسم عن ابى الحسين النخعي ، في سند الرواية.

(٤) الوسائل الباب ١ من أبواب التقصير الرواية ٤.

١٧٩

ولو نسيه حتى أحرم بالحج ، فعليه دم.

______________________________________________________

وصحيحة الحلبي (المتقدمة) قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام جعلت فداك انّى لما قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي ولم اقصّر قال : عليك بدنة قال : قلت : انى لما أردت ذلك منها ولم تكن قصّرت امتنعت فلمّا غلبتها قرضت بعض شعرها بأسنانها فقال : رحمها الله كانت أفقه منك عليك بدنة وليس عليها شي‌ء (١).

ولعلّ فيها دلالة على عدم وجوب النيّة المعتبرة وعلى عدم وجوب العلم بمحرمات الحج وأفعالها في الجملة وتدل عليه أخبار كثيرة (٢) فتأملها ولكن الاحتياط العلم مهما أمكن وعدم ترك النيّة ان لم يكن إجماع ويفهم ذلك من تركها في التقصير والحلق في كثير من الكتب مع ذكرها في باقي النّسك.

واما وجوب الدّم على ناسي التقصير المحرم بالحج حينئذ فدليله رواية إسحاق (وهي صحيحة إلى إسحاق في التهذيب والفقيه) قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام الرّجل يتمتع فينسى أن يقصّر حتى يهلّ بالحج فقال : عليه دم (يهريقه يب) (٣) ويمكن حملها على الاستحباب للقول في إسحاق ، وان كان هو لا بأس به ، لكن قبوله ـ فيما ينفرد به لإثبات وجوب مال على المكلّف مع المعارضة على الظاهر برواية من ليس فيه ـ قول بعيد.

وهي صحيحة عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل متمتع نسي أن يقصّر حتى أحرم بالحج (٤) قال يستغفر الله تعالى (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ٣ من أبواب التقصير الرواية ٢.

(٢) راجع الوسائل الباب ١ من أبواب التقصير وغيره.

(٣) الوسائل الباب ٦ من أبواب التقصير الرواية ٢.

(٤) ليس في الفقيه نقل الرواية بهذه الكيفية بل الموجود (بعد نقل خبر إسحاق بن عمار) وفي رواية عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السّلام يستغفر الله نعم نقلها الوسائل في الباب ٥٤ من أبواب الإحرام ، ح ١ ، من الكافي والتهذيب.

(٥) الوسائل الباب ٦ من أبواب التقصير الرواية ٣.

١٨٠