مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

«المقصد الثالث في الغنيمة»

ومطالبه ثلاثة

الأول : كل ما ينقل ويحوّل مما حواه العسكر مما يصح تملكه ، يخرج الامام منه الجعائل ، للدّال على المصلحة وغيره : والسلب والرّضخ للراعي والحافظ وغيرهما ، إذا جعلهما (جعلها خ ل) الوالي والخمس لأربابه : والباقي يقسم بين الغانمين ومن حضر القتال وان لم يقاتل ، حتى الطفل المولود بعد الحيازة قبل القسمة. أو اتصل بهم حينئذ من المدد.

للراجل سهم وللفارس سهمان ، ولذي الا فراس ثلاثة وان

______________________________________________________

قوله : (كل ما ينقل ويحول إلخ). قسمة الغنيمة فعله عليه السّلام أو فعل من يأمره بها ، وهما عالمان ، فبحث مثلي عنها فضولي ، ولكن نشير الى حلّ بعض الألفاظ تيمنا كما في السابق واللاحق.

المراد بالجعل ، اجرة عمل من استعمل : و (السلَب) ، ما على المقتول كالسلاح والثياب : (والرضخ) عطاء قليل ليس بكثير : لعل المراد بالوالي الامام والنائب :

(وللراجل سهم) متعلق ب «يقسم» (العراب) : الجيد من الخيل.

٤٦١

كثر ، سواء البر والبحر ، ويسهم للخيل وان لم تكن عرابا لا لما لا ينتفع منها ، ولا لغيرها من الحيوانات.

ولا يسهم للمغصوب ، إذا كان المالك غائبا ، ولو كان حاضرا فالسهم له ، ويسهم للمستعار والمستأجر والسهم لهما دون المالك.

والاعتبار بكونه فارسا عند الحيازة.

ويشارك الجيش السرية الصادرة عنه ، ولا يتشارك الجيشان من البلد الى الجهتين ، ولا الجيش السرية الخارجة عنه من البلد وليس للأعراب شي‌ء وان قاتلوا مع المجاهدين (المهاجرين خ ل) ، بل يرضخ لهم ما يراه الامام.

ولا يملك المشركون أموال المسلمين بالاستغنام ، فان غنموها ثم

______________________________________________________

ولا سهم للخيل المغصوب للغاصب ، بل هو ضامن وعليه الأجرة للمالك ، ولو كان المالك حاضرا ، له السهم أيضا ، كذا قال ، وفيه تأمل ، والقاسم يعلم.

والاعتبار بصدق صاحب الخيل ـ حتى يأخذ سهمه ـ هو وجود الفرس معه على وجه شرعي عند الحيازة إلى زمان القسمة ، تأمل.

السرية قطعة من الجيش ، فينبغي مشاركة الجيش لها في الغنيمة التي أخذتها ، وبالعكس إذا كانت السرية خارجة منه بعد الخروج من البلد ، لانه جيش واحد ، بخلاف الجيشين الخارجين من البلد كل إلى جهة ، والسرية الخارجة عن الجيش من البلد ، فان كلا جيش.

والاعراب الذين لا شي‌ء لهم ، هم الذين أظهروا الإسلام ولم يصفوه ولم يهاجروا.

ومعلوم عدم تملك الكفار المسلمين وأموالهم ، فالأحرار الذين أسروا

٤٦٢

استردها المسلمون ، فلا سبيل على الأحرار.

والأموال لأربابها قبل القسمة ، ولو عرفت بعد القسمة فلأربابها ، ويرجع الغانم بها الى بيت المال

المطلب الثاني في الأسارى

الإناث يملكن بالسبي ، وكذا من لم يبلغ.

ويعتبر المشتبه بالإنبات.

والبالغ من الذكور ان أخذ قبل تقضّى الحرب ، وجب قتله إمّا بضرب عنقه ، أو بقطع يده ورجله من خلاف وتركه حتى ينزف ، وان أخذه بعده ، لم يجز قتله

______________________________________________________

بأيدي الكفار إذا وقعوا بأيدي المسلمين لا سبيل لأحد عليهم فيذهبون حيث شاؤا.

واما العبيد وسائر الأموال التي في أيدي الكفار من المسلمين ، ووقع بعد الحيازة بيد الغزاة فهي لأربابها التي كانت لها من قبل.

فكل من ثبت له شي‌ء منها ، فان كان قبل القسمة ، أخذها ، وبعدها ، قيل تنقض القسمة ، وقيل يأخذها أيضا صاحبها ، ويرجع الغانم الذي كان ذلك في حصته الى بيت المال ، وقيل يرجع الى الغانمين بالنسبة ، ولعله أوفق بالقوانين ، والقاسم يعلم ولا يحتاج الى التحقيق.

قوله : (الإناث يملكن إلخ)

الظاهر عدم الخلاف في تملك النساء والصبيان ـ الذين لم يبلغوا ـ بمجرد أخذ الغانم ايّاها ، ذكره في المنتهى.

ولعل امتحان المشتبه ـ من الذكور بإنبات الشعر الخشن على العانة وعدمه ـ

٤٦٣

ويتخير الامام بين المن والفداء والاسترقاق ، وان أسلموا بعد الأسر.

ويجب إطعام الأسير وسقيه ، وان أريد قتله.

ولو عجز الأسير عن المشي لم يجب قتله ، ولو قتله مسلم فهدر

______________________________________________________

مما لا خلاف فيه أيضا : ويدلّ عليه الخبر من العامة (١) والخاصة (٢) أيضا ، وان كان في السند تأمل ، وقد يشكل لاختلاف الناس في ذلك كثيرا فتأمّل.

وكذا لا خلاف عندنا في تخيير الإمام في كيفية قتل الكفار البلّاغ المأخوذين والحرب قائم ، وعدم جواز القتل بعده ، والتخيير بين المن والفداء والاسترقاق.

ويدل على الأولين الآية (٣) أيضا : ولا يسقط التخيير الأخير ، بالإسلام ، فلا ينبغي التكلم في ذلك فإنه الى الامام عليه السّلام ، لأنه المأخوذ منه العلم بالمسائل.

ولعل دليل وجوب إطعام الأسير الجائز قتله ، وسقيه مع ارادة قتله أيضا هو الإجماع ، وعدم جواز القتل بهذا الوجه لذلك.

وكذا عدم وجوب قتله مع عجزه عن المشي ، بل يخلى سبيله ، ونقل عليه

__________________

(١) سنن الدارمي : كتاب السير ، باب حد الصبي متى يقتل ، ولفظ الخبر (عن عطية القرظي قال : عرضنا على النبي صلّى الله عليه (وآله) وسلّم يومئذ فمن أنبت شعر اقتل ومن لم ينبت ترك ، فكنت انا ممن لم ينبت الشعر فلم يقتلوني يعني يوم قريظة)

(٢) الوسائل باب ٤ من أبواب مقدمة العبادات فراجع ، ففي حديث ٨ منه (عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السّلام انه قال : عرضهم رسول الله صلّى الله عليه وآله يومئذ (يعني بني قريظة) على العانات فمن وجده أنبت قتله ومن لم يجده أنبت ألحقه بالذراري)

(٣) سورة محمّد : الآية ٤ قال الله تعالى «فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها» إلخ.

٤٦٤

ودفن الشهيد خاصة والطفل تابع ، ولو أسلم أحد أبويه تبعه.

______________________________________________________

الرواية (١) أيضا لكن ظاهرها عدم جواز قتله حيث قال عليه السّلام (ولا تقتله فإنك لا تدري ما حكم الامام فيه) والظاهر منها : ان الكلام في المأخوذ والحرب قائم ، الذي يقتله الامام ، وبأيّ طريق أراد من الطرق المذكورة.

فالظاهر ان مراده عدم الجواز عندهم ، فإنه لا يجوز لغير الامام عليه السّلام قتل الكافر الأسير مطلقا ، الا انه لما قال : انه يجب قتله على الامام ، وعجز الكافر من ان يوصله اليه عليه السّلام قد يخطر بالبال وجوب قتله ، لانه واجب. فأراد رد هذا الوهم وقال : (ولا يجب قتله) ، وان لم يجز قتله.

ولكن لو قتله فدمه هدر : اى لا يجب القصاص ولا الدية على قاتله ، ولا كفارة ، لكفره ووجوب قتله ، ولكن يمكن ان يعزّر لو كان عالما بفعله المحرم. ويحتمل التعزير مطلقا لسدّ الباب.

وظاهر ، وجوب دفن الشهيد ، وعدم جواز دفن الكفار ، لعله مجمع عليه.

قوله : (والطفل إلخ). الظاهر انه لا خلاف عند الأصحاب في تابعية أطفال الكفار لابائهم في أحكام الكفر : من النجاسة ، وعدم قتل المسلم به ، وجواز بيعه على الكفار وغير ذلك ، فإذا أسرت مع الأبوين الكافرين أو مع أحدهما يكون على تلك الحالة ، وإذا أسلما أو أسلم أحدهما يتبعه فيه ، لأنها (لأنه ـ خ ل) يتبع أشرفهما.

واما إذا أسرت وحدها مع بقاء الأبوين على الكفر ، أو مع موتهما : فقال البعض أنها تابعة للسابي في الإسلام : لقوله صلّى الله عليه وآله ، كل مولود ولد على الفطرة فإنما أبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجسانه (٢).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ من أبواب جهاد العدو وما يناسبه حديث ٢ ولفظ الحديث (إذا أخذت أسيرا فعجز عن المشي ولم يكن معك محمل فأرسله ولا تقتله ، فإنك لا تدري ما حكم الامام فيه) الحديث

(٢) صحيح مسلم : كتاب القدر ، (باب معنى كل مولود يولد على الفطرة.) حديث ٢٢ ولفظ الحديث

٤٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي صحة هذا الخبر تأمّل ، لأنا ما رأيناه مسندا من طرقنا ، نعم هو مشهور. وفي معناه أيضا تأمل.

وقيل في الطهارة فقط دون باقي أحكام الإسلام ، للحرج والضيق ، ولأصل الطهارة ، وان سبب النجاسة هو الكفر وليس هنا.

وفيه أيضا تأمل ، لعدم العلم بكون مثل هذا المقدار من الحرج موجبا للحكم بالطهارة ، وكونها تابعة للآباء ، أخرجها عن الأصل فيستصحب حتى يعلم زوالها ومنها النجاسة.

وقد يقال ، الحكم بالطهارة غير بعيد ، للأصل ، وعدم ظهور دليل خلافه ، لأن التابعية للأبوين حال وجودهما معهما (١) في النجاسة غير ظاهرة ، إذ أسبابها منحصرة ، وليس هنا محتمل غير الكفر ، وهو معدوم : لانه اعتقاد خاص ، لا عدم الإسلام عما من شانه ذلك ، وهو ظاهر.

ولو سلم ذلك ـ لإجماع لو كان ـ لا يلزم وجودها بعد مفارقتهما مع السابي المسلم. ولا استصحاب ، لعدم بقاء محل الحكم الى الزمان الثاني. ودليله وهو الكون معهما والإجماع.

فكأنه لذلك حكم بالطهارة أكثر الأصحاب ، بل يمكن ان يكون إجماعيا ، وان توهم من ظاهر بعض العبارات الخلاف فيه ، والحاصل أنّ الحكم بنجاسة المسبي مشكل جدا لكثرة أدلة الطهارة ، وأمّا باقي الاحكام ففيه تأمل ، فتأمل.

__________________

(عن أبي هريرة انه كان يقول : قال رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم : ما من مولود الا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ، كما تنتبح البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيه من جدعاء! ثم يقول أبو هريرة وأقروا ان شئتم «فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ».

(١) هكذا في النسخة المطبوعة وبعض النسخ المخطوطة ، وفي البعض الأخر (معها) بدل (معهما) ولعله الصواب.

٤٦٦

ويكره قتل الأسير صبرا وحمل رأسه من المعركة.

ولو استرق الزوج انفسخ النكاح ، لا بالأسر خاصة. ولو أسر الزوجان أو كان الزوج طفلا ، أو أسرت المرأة ، انفسخ بالأسر خاصة.

ولو كانا مملوكين تخيّر الغانم.

ولا تجب إعادة المسبية لو صولح أهلها على إطلاق مسلم من يدهم ، فأطلق

______________________________________________________

قوله : (ويكره قتل إلخ).

قيل : اى يحبس حتى يموت وقيل : يقتل وآخر : ينظر اليه ، وقيل : قتل جهرا بين الناس :

لعل دليلها الإجماع ، أو الخبر (١) أو الاعتبار. وكذا في حمل الرأس ، وقد استثنى (مع ـ خ ل) فعل ذلك إرادة نكاية الكفّار.

قوله : (ولو استرق إلخ). كأنّ دليل انفساخ نكاح الكفار باسترقاق الزوج الكبير ـ لا بمجرد الأسر ، فإنه لا يسترق الا بالاسترقاق لأن الإمام مخيّر بينه وبين المن والفداء فيمن لا يقتل ، وبأسر الزوج الصغير ، وبأسر الزوجة مطلقا ، وعدم الاحتياج الى الاسترقاق حينئذ ، فإنهما يرقان بمجرد الأخذ والسبي كما تقدم ـ الإجماع والاخبار ، فيجوز وطيها بعد العدة فيمن عليها العدة ، وفي غيرها في الحال.

وكذا دليل تخيير الغانم بين الفسخ والإمضاء إذا كان الزوجان الاسيران مملوكين.

والظاهر ان ذلك للإمام أو النائب أو الغازي الذي يملكهما بحصته ، ويؤيّد هذا تخيير المشتري (٢).

ودليل عدم وجوب إعادة المرأة المسبية من الكفار إليهم ، لو صولحوا على

__________________

(١) الوسائل باب ٦٦ من أبواب جهاد العدو ، حديث ١ ، وفي التهذيب ، ج ٦ ، ص ٧٩ باب النوادر حديث ١٨ ولفظ الحديث عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : لم يقتل رسول الله صلّى الله عليه وآله رجلا صبرا قط غير رجل واحد عقبة بن أبي معيط لعنه الله ، وطعن ابن ابى خلف فمات بعد ذلك.

(٢) الوسائل ، كتاب النكاح ، باب ٤٧ و ٤٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء فلاحظ.

٤٦٧

ولو أطلقت بعوض جاز ما لم يستولدها مسلم.

ولو أسلم العبد قبل مولاه ملك نفسه ، ان خرج قبله ، والا فلا.

______________________________________________________

اعادتها عوضا عن إطلاقهم المسلم الحر الذي أسروه ، وان أطلقوه ، أنّ الحر المسلم لا عوض له ، ويحتمل ما مر.

وظاهر عدم وجوب الإعادة ، جوازها ، وذلك مع بقائها على الكفر محتمل.

كما يجوز إطلاقها وإعادتها إليهم بعوض آخر غير الحر المسلم ، الا ان يستولدها مسلم قبل ولو بشبهة ، لأنها صار فيها شائبة الحرية ، فتأمل فيه. لعل دليل الأصل والاستثناء ما مر.

«قوله : (ولو أسلم العبد قبل مولاه إلخ) إذا أسلم مملوك الحربي ، وأسلم هو أيضا ، فإن أسلما معا ، أو أسلم المولى أوّلا ، فهو باق على ملكه وان أسلم المملوك أوّلا وخرج الى دار الإسلام قبل إسلام مولاه فهو حر ، بل حينئذ لو قهر مولاه وماله ، ملكه ، لانه بالقهر ملك نفسه ، مثل تقهيره احد ، ولما امتنع تملكه نفسه صار حرا.

وقد يكون ذلك إجماعا ، وعليه الخبر (١) أيضا.

وان لم يخرج فإن أسلم مولاه قبل ان يسترقه احد ، فهو باق على ملكه ، وان لم يسلم حتى أسر وغنم فهو من الغنيمة :

قال في المنتهى ، ومن الناس من لم يشترط الخروج قبل المولى ، والأول أصح. قال الشيخ رحمه الله : وان قلنا أنه يصير حرا كان قويا.

الاستصحاب يقتضي الأوّل ، ويدلّ عليه الخبر أيضا (ان خرج إلينا قبل المولى فهو حر وبعده فهو عبد) (٢) : وعدم تسلط الكفار على المسلم ، الثابت

__________________

(١) الوسائل ، كتاب الجهاد ، باب ٤٤ من أبواب جهاد العدو ، حديث ١.

(٢) الوسائل ، كتاب الجهاد ، باب ٤٤ من أبواب جهاد العدو ، حديث ١.

٤٦٨

ويحقن الحربي دمه ، وولده الصغار ، وماله المنقول. بإسلامه في دار الحرب ، وما لا ينقل للمسلمين ، ولو سبيت زوجته الحامل منه استرقت دون حملها.

«المطلب الثالث : في الأرضين»

وهي أربعة :

الأول : المفتوحة عنوة للمسلمين قاطبة ، ويتولاها الامام ، ولا يملكها المتصرف على الخصوص.

______________________________________________________

بالقرآن (١) وغيره ، يدل على الثاني ، ولكن ما يقول الأصحاب بعدم التملك ، بل يبيعون عليه لو ملك الحربي عبدا مسلما ، فما بقي عليه التسلط ، فتأمل ، الله يعلم.

قوله : (يحقن الحربي دمه إلخ). أي لو أسلم الحربي في دار الحرب مثلا ، يحفظ بسببه نفسه وولده الصغار ـ ولو كان حملا ، دون البلاغ وزوجاته مطلقا ـ من القتل والسبي ، بل صاروا مسلمين ، وكذا أمواله مطلقا ، الا ما لا ينقل ، فإنه يبقى على حكم مال الحربي ، ولعل دليله الإجماع والخبر (٢).

قوله : (المفتوحة عنوة إلخ). أي القسم الأول من أقسام الأرض الأربعة.

__________________

(١) قال تعالى «وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً» النساء ، الآية ١٤١.

(٢) الوسائل ، ج ١١ ، كتاب الجهاد ، الباب ٤٣ ، من أبواب جهاد العدو ، الحديث ١ ولفظ الحديث (عن حفص بن غياث قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل من أهل الحرب ، إذا أسلم في دار الحرب فظهر عليهم المسلمون بعد ذلك فقال : إسلامه إسلام لنفسه ولولده الصغار ، وهم أحرار ، وولده ومتاعه ورقيقه له ، فاما الولد الكبار فهم فيئ للمسلمين ، الا ان يكونوا أسلموا قبل ذلك ، فاما الدور والأرضون فهي فيئ ، ولا تكون له لأن الأرض هي أرض جزية لم يجر فيها حكم الإسلام وليس بمنزلة ما ذكرناه ، لان ذلك يمكن احتيازه وإخراجه إلى دار الإسلام)

٤٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الأرض التي فتحت عنوة : والمراد بها المأخوذة بالغلبة والقهر.

ونقل في المنتهى والتذكرة إجماعنا على كونها للمسلمين قاطبة ، وعدم اختصاصها بالغزاة وغيرها ، وعدم تفاضل احد على غيره ، وكون الكل فيه سواء.

وسيظهر لك كون المراد بما كان له هذا الحكم ، المعمورة منها حال الفتح والقهر والغلبة ، دون مواتها حينئذ ، فإنها للإمام عليه السّلام ـ كسائر الموات التي ليست ملكا لأحد ، ولم تجر عليه يد الملكية ـ بالاتفاق.

وان المتولي على هذه الأرض هو الامام عليه السّلام بالاتفاق أيضا ولانه عليه السّلام أولى بهم من أنفسهم ، وليس احد يصلح لذلك مع وجوده وبدون المتولي لا ينتظم أمرها ، وهو ظاهر.

ففي حال حضوره ليس لأحد التصرف فيها بالتعمير وغيره الا بإذنه ، نقل عليه الاتفاق في شرح الشرائع.

وفي حال غيبته لا يجوز لأحد التصرف المخرج عن الملك مثل البيع والهبة والوقف وغيرها ، لعدم كونه مالكا بالخصوص ، ولو في حصته المشتركة ، لعدم التعيين ، ولعدم استقلاله ، لأن أمرها بيده عليه السّلام.

ولان معنى كون هذه الأرض للمسلمين ، كونها معدّة لمصالحهم العامّة ، مثل بناء القناطر والمساجد ونفقة الأئمة والقضاة والكتّاب ومؤنة الغزاة وغيرها من المصالح العامّة ، مثل بيت مال المسلمين.

بل لا يظهر جواز صرف حاصلها في نفقة فقير واحد بخصوصه الا ان يجعل من المصالح كإيواء الأيتام وتزويج الأرامل.

ويدل على ان هذا المعنى هو المراد ، صحيحة البزنطي عن الرضا عليه السّلام.

قال : وما أخذ بالسيف فذلك الى الامام يقبله بالذي يرى كما صنع

٤٧٠

ولا يصح بيعها ولا وقفها ويصرف الامام حاصلها في مصالح المسلمين.

______________________________________________________

رسول الله صلّى الله عليه وآله بخيبر (١) فافهم.

وبالجملة الظاهر ان خمس هذه الأرض لأربابها ، لأنها غنيمة كسائر الغنائم ، وصرح الشيخ به في التهذيب والمصنف أيضا في المنتهى والمختلف ، فليس بمحل التوقف.

والناظر على الباقي هو الامام عليه السّلام ، وهو الحاكم على الإطلاق ، فيؤجرها ، ويأخذ قبالتها ، ويصرفها في مصالح (المصالح خ) ، حتى لا يحل للمستأجر في مقابلته حصة من الأرض والأجرة شيئا.

ولم تبطل الإجارة في بعضها لانه مالك ، لأنه بالحقيقة ليس بمالك ، بل هي أرض جعلها الله تعالى كالوقف على مصالح المستأجر وغيره من المسلمين ، لا انها ملك للمسلمين على الشركة.

وهو ظاهر لما قلناه من صحة الإجارة ، وعدم جواز تصرفه مشاعا كسائر المشتركات ، ومفهوم الاخبار أيضا (٢) ولا يصح لأحد التصرف فيها إلا بإذنه ، فلا يصح بيعها ولا وقفها ، قال في المنتهى ، لا يصح التصرف فيها بالبيع والشراء والوقف وغير ذلك.

نعم جوّز ذلك في الدروس حال الغيبة ، قال في الدروس : لا يجوز التصرف في المفتوحة عنوة إلا بإذن الإمام ، سواء كان بالبيع أو الوقف أو بغيرهما ، نعم في حال الغيبة ينفذ ذلك.

وقيد عبارة القواعد ـ في شرح المحقق الثاني ، في عدم (٣) هذه التصرفات

__________________

(١) الوسائل باب ٧٢ من أبواب جهاد العدو وما يناسبه قطعة من حديث ١ و ٢.

(٢) الوسائل ، باب ٧١ و ٧٢ من أبواب جهاد العدو ، وباب ٩٣ من أبواب ما يكتسب به.

(٣) اى عدم جواز هذه التصرفات.

٤٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

أيضا ـ بحال الحضور ، قال : فجاز حال الغيبة ، وذكر كلام الدروس.

وفيه تأمل ، لأنها ملك للغير ، والبيع والوقف (مثلا خ) موقوفان على كونها ملكا للبائع والواقف ، بل تحصل الشبهة في جواز هذه حال الحضور لبعد حصول الاذن بذلك عنه عليه السّلام الا ان يقتضي مصالح العامة ذلك ، بان يجعل قطعة منها مسجدا لهم ، أو حصل الاحتياج الى ثمنها.

ومع ذلك الظاهر انه لا يبعد قول الدروس مع المصلحة ، إذ قد تكون المصلحة في ذلك مع غيبته عليه السّلام ، وأيضا قد يؤل الى التصرف في ماله من البناء والعمارة والأحقيّة كما قال في المنتهى.

وإذا تصرف فيها احد بالبناء والغرس صحّ له بيعها ، على معنى انه يبيع ماله فيه من الآثار وحق الاختصاص بالتصرف ، لا بالرقبة ، لأنها ملك المسلمين قاطبة ، فالرقبة بعد بيع المعمورة ، من الأرض المفتوحة عنوة :

ويدل على عدم جواز البيع الرواية (١) أيضا ، ولكن في الحقيقة ليس بتصرف في الرقبة فيبعد صيرورتها مسجد أو وقفا ، والظاهر ان مراد الدروس كون ذلك في أصل الرقبة لا الآثار ، فتأمّل.

الا ان الظاهر ان ذلك متداول بين المسلمين في زمان الحضور والغيبة بين العامة والخاصة في الأراضي المشهورة بأنها مفتوحة عنوة إلى الان ، من غير إنكار أحد ذلك ، وإجراء أحكام المسجد على ما جعل مسجدا وأحكام الملكية في غيره مما بيعت.

الا ان يحمل ذلك فيما يمكن تملكه من الأرض المفتوحة عنوة ، مثل ان يكون خمّسها ، أو باعها الإمام لمصلحة المسلمين ، أو كانت مواتا حين الفتح ونحو

__________________

(١) الوسائل ، باب ٧١ و ٧٢ من أبواب جهاد العدو وباب ٢١ من أبواب عقد البيع وشروطه.

٤٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ذلك فتأمل.

وأيضا لو لم يجز ذلك لأدّى إلى حصول الشبهة والشك في إباحة أكثر الأشياء بوقوع ذلك في البين في الجملة ، ولأدّى إلى المنع من بناء المسجد الآن فيها.

وما ذكرناه ان دل على الجواز من غير اذن الامام ، لدل عليه من غير اذن الحاكم في ذلك أيضا ، وان قلنا انه قائم مقامه فلا بد من اذنه فيما هو له في الجملة ، ولا شك ان الاولى ذلك ان أمكن.

وبالجملة ذلك مشكل فيما تحقق كونه معمورة حال الفتح بناء على ما تقدم.

ومع ذلك الظاهر الحكم بصحة مسجدية ما نراه مسجدا وجواز فعله ابتداء في هذا الزمان وغيره أيضا فيما يتملكه من الأراضي مطلقا ، لأنه في غير المفتوحة عنوة ظاهر ، وفيها ان كانت مواتا فظاهر ، وان كانت محياة ، فيحتمل كونها مواتا حال الفتح وعمرت بعد ذلك ، فإن الأصل عدمها حتى يتحقق ، وفيما تحقق تأتي الأبحاث المتقدمة.

وذلك مشكل ، إذ ما نعلم ذلك الا ببعض التواريخ التي لا يعلم الا بعد نقله ، مع عدم العدالة في أحد من طبقاته ، ومعلوم عدم وصوله الى عدد التواتر ، وليس أشهر من العراق مع انه وقع الخلاف للعلماء في أصل كونه مفتوحا عنوة ، فكيف في حدوده عرضا وطولا ، بل الموضع المعمور بعينه منه حال الفتح.

قال في التذكرة ، قال بعض الشافعية ان سواد العراق فتح صلحا وهو محكي عن أبي حنيفة ، وقال بعضهم اشتبه الأمر علي ولا ادرى فتح عنوة أو صلحا.

على انه قد اشترط ـ في المشهور عند أصحابنا ، بل كان ان يكون إجماعا ، في المفتوحة عنوة ـ كون الفتح بإذن الإمام عليه السّلام حتى يكون غنيمة واشترك فيه

٤٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

المسلمون كلهم ولا يكون للإمام خاصة.

فالعلم بذلك في شي‌ء من الأراضي غير معلوم ، لان العراق المشهور بذلك ، فتحت في زمان الثاني ، وما تحقق كونه بإذن أمير المؤمنين عليه السّلام بل الظاهر عدمه ، لعدم اختياره عليه السّلام ، وما ثبت كون الحسن عليه السّلام معهم.

قال في المنتهى ـ بعد حكاية أرض العراق وتحديدها وكونها مفتوحة عنوة :

ـ قال الشيخ : وعلى الرواية التي رواها أصحابنا : ان كلّ عسكر أو فرقة غزت بغير اذن الامام عليه السّلام فغنمت تكون الغنيمة للإمام خاصة ، تكون هذه الأرضون وغيرها مما فتحت بعد الرسول صلّى الله عليه وآله الا ما فتح في أيّام أمير المؤمنين عليه السّلام ان صحّ شي‌ء من ذلك ، للإمام خاصة انتهى.

وهذه كالصريحة في نفى كون العراق مفتوحا عنوة ، بل في عدم المفتوح عنوة بالمعنى الذي تقدم.

وبالجملة إثبات أرض مفتوحة عنوة مع الشرط في غاية الإشكال ، فإثبات الأحكام المترتبة عليه أشدّ إشكالا.

فما أبعد إثبات إباحة الخراج في الأراضي الآن لأحد من المسلمين من السادة والطلبة وغيرهم ، بناء (١) على انه اجرة الأرض المفتوحة عنوة ، وهي لسائر المسلمين ، لما عرفت (٢) انه لا يباح الا فيما علم كونه معمورة حال الفتح باذنه عليه السّلام على الظاهر ، ودونه خرط القتاد. وان تلك الأجرة والطسق مصرفها المصالح العامة بنظر الامام عليه السّلام فكيف يبيح بدون ذلك ، وكيف يجوز أخذ واحد منا شيئا كثيرا منه مع وجود المصالح والأحوج أو المساوي.

وأبعد منه اشتراط الإباحة بتجويز الحاكم الجائر ، مع عدم تجويز الأخذ

__________________

(١) بيان وجه إثبات إباحة الخراج في الأراضي.

(٢) تعليل لقوله قدس سره : فما أبعد إلخ.

٤٧٤

ويقبلها الامام ممن يراه بما يراه.

وعلى المتقبل بعد مال القبالة الزكاة مع الشرائط : وينقلها الامام من متقبل الى غيره بعد المدة.

ومواتها وقت الفتح للإمام خاصة ، ولا يجوز إحيائها إلا بإذنه ، فإن تصرف احد فعليه طسقها له.

______________________________________________________

والاذن له بوجه ، وإيجاب الإعطاء بحكمه على المتصرف ، وعدم كتمان شي‌ء حتى لا يخرج منه الخراج والأجرة ، مع كونه مسلما أحوج من الذي أمر بالأخذ له منه.

وليس في الاخبار ما يدل على ذلك كله بوجه من الوجوه.

وله زيادة تحقيق ذكرناها في بعض التعليقات ، ومن أراد تحقيقها فليراجع نقض خراجية الشيخ إبراهيم البحراني (١) رحمه الله وخراجية المحقق الثاني الشيخ على رحمه الله ، من غير نظر الى خصوص كلام بعضهم على بعض ، بل على نفس المسألة فقط ودليلها.

قوله : (ويقبلها الامام عليه السّلام إلخ). أي يوجر الامام الأرض المفتوحة عنوة ، ممن أراد ، بما أراد ، من الأجرة والقبالة ، ويأخذ منه القبالة والأجرة ويفعل بها ما يرى المصلحة في ذلك :

ويجب على القابل سوى القبالة والخراج ، الزكاة ، مع شرائط الزكاة المتقدمة. ثم ينقلها عنه الى غيره بعد انقضاء المدة ، أو يقبلها له مرة أخرى وبالجملة : الأمر إليه عليه السّلام.

قوله : (ومواتها وقت الفتح إلخ). أي موات المفتوحة عنوة ، قد مر دليل

__________________

(١) كان معاصرا للكركي ، وله رسالتان في الرد على رسالتيه إحداهما في الرضاع والأخرى في حكم الخراج الموسومة بالسراج الوهاج لدفع عجاج قاطعة اللجاج عفى الله عنه وكان بينهما مناظرات ومباحثات كثيرة كما نقل في البحار (مقابس الأنوار ، ص ١٤)

٤٧٥

ومع غيبته يملكها المحيي.

______________________________________________________

عدم جواز التصرف في الموات إلا باذنه. ومع التصرف بالاذن وغيره ، يكون الطسق ـ وهو الخراج واجرة المثل ، الذي لزم المتصرف ـ ملكا للإمام ، ويتصرف فيه كيف شاء ، لانه حاصل ملكه. هذا حال الحضور ، وإمكان الاستيذان على الظاهر.

واما حال الغيبة ، فقال المصنف : يملكها المحيي. فظاهر كلامه هذا ، ان المحيي يتملك الأرض ويصير مالكا لرقبتها مطلقا ، كافرا كان أو مسلما ، مخالفا وموافقا.

وفي قيود المحقق الثاني هنا ، لا فرق في ذلك بين المسلم والكافر.

ومثل المتن بعض العبارات الأخر وفي بعضها اختصاص التملك بالمسلم ، واشترط في تملكها في الدروس إسلام المحيي في إحياء الموات ، وكذا في القواعد ، مع قوله في الجهاد : يملكها المحيي. كالمتن ، وسيجي‌ء فيه اشتراط الإسلام.

قال في الدروس : وعامر الأرض ملك لأربابه ، ولو عرض له الموات لم يصح لغيرهم التصرف (١) إلا بإذنهم ، ولو لم يعرفوا فهو للإمام ، وكذا كل موات من الأرض لم يجر عليه ملك ، أو ملك وباد أهلها ، سواء كان في بلاد الإسلام أو في بلاد الكفر ، ونعني بالموات ما لا ينتفع به ، لعطلته ، اما لانقطاع الماء عنه ، أو لاستيلائه عليه ، أو استيجامه ، مع خلوه عن الاختصاص (٢) :

وبمثله عرّف الموات في القواعد ، وقال أسباب الاختصاص ستة : (الأول) : العمارة ، فلا تملك المعمورة ، بل هي لمالكها ، (الثاني) : اليد ، فكل ارض عليها يد مسلم لا يصح إحيائها لغير المتصرف (الثالث) : الحريم ، (الرابع) : مشعر العبادة كعرفة ومنى وجمع وان كان يسير الا يمنع المتعبدين (الخامس) :

__________________

(١) إحياؤه ـ الدروس.

(٢) الى هنا كلام الدروس ، لاحظ ص ٢٩١ منه.

٤٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

التحجير ، (السادس) : إقطاع الامام (١).

وفي (٢) بعضها ، بالشيعة خاصة قال في التذكرة : يجوز للشيعة حال الغيبة التصرف فيها ، لأنهم عليهم السّلام أباحوا لشيعتهم ذلك إلخ.

والظاهر عدم الفرق في جميع اراضيه عليه السّلام سواء كانت موات المفتوحة وغيره من سائر الأنفال مثل بطون الأودية ، ورؤوس الجبال ، والمفاوز التي باد أهلها ، مثل الكوفة وجميع الأرضين التي لا مالك لها معروف.

بل الظاهر عدم الاختصاص بالأرض ، لان مثلها ما فيها من الماء والكلاء والقصب والأحجار التي لها قيمة وغيرها حتى المعادن والكنوز التي فيها على ما مر ، لكن عبارة الأصحاب خالية عنها ، لعله للظهور ، فتأمل.

والظاهر أيضا عدم الخلاف في كون ذلك ملكا للإمام عليه السّلام بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وادعى عليه الوفاق في شرح الشرائع الشهيد الثاني في كتاب إحياء الأموات : وتدل عليه الاخبار الكثيرة (٣) والآية الشريفة «ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ» (٤) وكذا قوله تعالى «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ» (٥).

وقد فسر الأنفال في الاخبار : بما كان من ارض لم يكن فيها هراقة دم ، وارض قوم صولحوا أو أعطوا بأيديهم وما كان من أرض خربة ، أو بطون أودية.

وفي الخبر : فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث يشاء وهو للإمام بعد

__________________

(١) ما ذكره من الأمور الستة ملخص ما ذكره في القواعد ، فراجع المقصد الثالث منها في إحياء الموات ، ص ٢١٩.

(٢) عطف على قوله قدس سره قبل ١ سطر ، وفي بعضها اختصاص التملك بالمسلم.

(٣) الوسائل ، باب ١ ، من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ، فراجع.

(٤) الحشر ، ٦.

(٥) سورة الأنفال : ١.

٤٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الرسول (١) :

وفي رواية محمّد بن مسلم (قال في المنتهى صحيحة محمّد بن مسلم) ، فما كان لرسول الله صلّى الله عليه وآله فهو للإمام (٢).

وبالجملة لا كلام في كون الفي‌ء والأنفال بالتفسير المذكور : بعده صلّى الله عليه وآله للإمام.

ولهذا في الرواية : في سورة الأنفال ، جدع الأنف (٣).

وفي رواية زرارة عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : قلت له ما يقول الله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ)؟ (قال : الأنفال لله والرسول) وهي كل ارض جلا أهلها من غير ان يحمل عليها بخيل ولا رجال ولا ركاب فهي نفل لله وللرسول (٤).

ورواية محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السّلام انه سمعه يقول : ان الأنفال ما كان من ارض لم يكن فيها هراقة دم أو قوم صولحوا وأعطوا بأيديهم وما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهذا كله من الفي‌ء ، والأنفال لله وللرسول ، فما كان لله فهو للرسول يضعه حيث يحب (٥).

فظهر ان الفي‌ء والنفل له خاصة ، فيحمل قوله تعالى «ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى» الآية (٦) على الغنيمة المأخوذة بالقهر والغلبة ، كما في قوله

__________________

(١) الوسائل باب ١ من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام قطعة من حديث ١٢.

(٢) الوسائل باب ١ من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام قطعة من حديث ٧.

(٣) الوسائل باب ١ من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام حديث ٢٢.

(٤) الوسائل باب ١ من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام حديث ٩ ، بين القوسين ليس في الوسائل والتهذيب.

(٥) الوسائل باب ١ من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ، حديث ١٠.

(٦) الحشر ، ٧.

٤٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

تعالى «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ» الآية (١) للجمع والإنفاق (٢).

ولكن تكون القسمة على الوجه المذكور فيها مخصوصة بتلك القرى.

أو يكون الفي‌ء فيها بمعنى الأنفال المخصوص به عليه السّلام : وقسمته صلّى الله عليه وآله الفي‌ء على الوجه المذكور فيها على طريق الاستحباب.

وكذا رواية محمّد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول وسئل عن الأنفال؟ فقال : كل قرية يهلك أهلها ، أو يجلون عنها فهي نفل لله عزّ وجلّ ، نصفها يقسم بين الناس ، ونصفها لرسول الله صلّى الله عليه وآله فما كان لرسول الله فهو للإمام (٣).

بأن يراد إهلاك أهلها وجلاؤها (جلاها خ) بعد الفتح عنوة ، أو أنهم هلكوا أو انجلوا للقهر والغلبة : وتكون القسمة كذلك مع وجود المصلحة في ذلك ، فتأمل ، أو على الاستحباب.

ويؤيّده أنّ الظاهر عدم القائل بمضمونها وجوبا.

على انه قال في المنتهى : وفي طريقها محمد بن خالد البرقي (٤) وقد ضعفه النجاشي.

ولكن فيه تأمل ، لأنه وان نقل عن النجاشي ذلك : ولكن نقل عن الشيخ توثيقه ، واعتمد على ذلك في الخلاصة ، وقد سمى الاخبار بالصحة مع وجوده فيها ، وعمل بمضمونها.

ولكن في الطريق إسماعيل بن سهل ، قال في الخلاصة : قال النجاشي :

__________________

(١) الأنفال ، ٤١.

(٢) هكذا في النسخ التي عندنا ، ولعل الصواب (الاتفاق) بالتاء المنقوطة بالفوق.

(٣) الوسائل باب ١ من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ، حديث ٧.

(٤) سند الحديث كما في التهذيب : (سعد بن عبد الله عن ابى جعفر عن محمّد بن خالد البرقي عن إسماعيل بن سهل عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن محمد بن مسلم)

٤٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ضعّفه أصحابنا ونقله في الباب الثاني.

والعجب انه ما أشار اليه مع عدم ظهور الخلاف في ضعفه وذكر محمّدا مع ما مرّ ، وان الظاهر توثيقه.

وبالجملة أمر ذلك هين ، ولا اشكال فيه ، لكونه اليه عليه السّلام وهو العالم بما يجب.

وانما الإشكال في ثبوت ملك الموات بالاحياء حال الغيبة مطلقا وعدمه : والظاهر انه لا خلاف في حصول الملك ، أو الأولوية ، أو المساوقة بحيث لا يتفاوت الحكم إلّا نادرا للشيعة.

ويدل عليه الاعتبار ، والأخبار الصحيحة وغيرها متظافرة على رخصتهم لشيعتهم في أموالهم عليهم السّلام وقد مر البعض في كتاب الخمس : مثل ما في صحيحة عمر بن يزيد (كأنه الثقة) عن أبي عبد الله عليه السّلام (في حديث طويل) : يا أبا سيار : الأرض كلها لنا فما اخرج الله منها من شي‌ء فهو لنا (الى ان قال) : وكلما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون ، ومحلل لهم ذلك الى ان يقوم قائمنا فيجبيهم طسق ما كان في أيدي سواهم ، فان كسبهم من الأرض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم ويخرجهم عنها صغرة (١).

وقد قال في المنتهى انها صحيحة ، ولكن مسمع غير مصرح بتوثيقه في كتب الرجال (٢) ، بل مدح في الجملة ، ولعله ظهر بعده عنده توثيقه.

__________________

(١) الوسائل ، باب ٤ من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ، قطعات من حديث ١٢ وصدر الحديث هكذا (عمر بن يزيد قال : رأيت أبا سيار مسمع بن عبد الملك بالمدينة وقد كان حمل الى ابى عبد الله عليه السّلام مالا في تلك السنة فرده عليه ، فقلت له : لم رد عليك أبو عبد الله عليه السّلام المال الذي حملته اليه؟ فقال : انى قلت له حين حملت المال اليه : انى كنت وليت الغوص ، الى ان قال : يا أبا سيار إلخ.

(٢) سند الحديث كما في التهذيب (سعد بن عبد الله عن أبي جعفر عن الحسن بن محبوب عن عمر بن

٤٨٠