مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الرخصة ، مع عدم الفضيلة ، ويمكن الاكتفاء به مع عدم جواز التقديم كما في مناسك منى وفيه بحث سيجي‌ء لكن الشهرة ـ بل عدم ظهور القول بالجواز وكثرة الاخبار الأول ووجوب حمل المطلق على المقيد وتقييده بالمفهوم الذي هو حجة كما هو مذهب المحققين وان كان لي فيه بحث ـ يقوى حمل الشيخ.

ويؤيّده وجود الأوامر الصحيحة الدالة على كون الطواف الزيارة يوم النحر أو بعده أيضا ، على انّ رواية على بن يقطين غير صريحة في الاكتفاء عن طواف الزيارة وكونه ذلك ، بل يدلّ على جواز الطواف له والسعي قبل الذهاب إلى منى ، وهو أعمّ من المدعى ، وان كان (ويسعى إلى أخره) يدل عليه من حيث انّ السعي ليس بمندوب فتأمل.

فإنه روى في الفقيه (صحيحا) عن ابن ابى عمير عن حفص بن البختري عن ابى الحسن عليه السّلام في تعجيل الطواف قبل الخروج إلى منى؟ فقال : هما سواء أخّر ذلك أم قدّمه ، يعنى للمتمتع (١).

وروى زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام وعن جميل (جميعا خ) عن ابى عبد الله عليه السّلام انّهما سألاهما عن المتمتع يقدم طوافه وسعيه في الحج فقالا : هما سيّان قدّمت أو أخّرت (٢).

فالحمل بالتخيير وما قلناه اولى.

واما تقديم المفرد والقارن فدلّ عليه الروايات المتقدّمة مع ما في بعض آخر مثل رواية زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المفرد للحج يدخل مكة يقدم

__________________

(١) الوسائل الباب ٦٤ من أبواب الطواف الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ٦٤ من أبواب الطواف الرواية ٤ في الفقيه (باب تقديم طواف الحج وطواف النساء إلخ) وروى ابن بكير عن زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام وروى جميل عن ابى عبد الله عليه السّلام أنّهما سألاهما إلخ.

١٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

طوافه أو يؤخّره؟ فقال : سواء (١).

وفي صحيحة حماد بن عثمان قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن مفرد الحج أيعجّله أو يؤخّره؟ قال : هو والله سواء عجّله أو أخّره.

والظاهر عدم الفرق بين القران والافراد ويحتمل ان يكون المراد في الروايات غير المتمتع (٢).

واما طواف النساء فيدلّ على عدم جواز تقديمه مطلقا ما تقدم ، مع ما رواه إسحاق بن عمّار (في الصحيح) قال : قلت (سألت خ ل) لأبي الحسن (أبا الحسن خ ل) عليه الصلاة والسلام : المفرد بالحج (عن المفرد للحجّ خ ل) إذا طاف بالبيت وبالصفا والمروة أيعجل طواف النساء؟ قال : لا انما طواف النساء بعد ما يأتي من منى (٣).

فيفهم منها عدم جوازه في حج التمتّع بالطريق الاولى ، ولا يضرّ القول في إسحاق لما مرّ مرارا.

وفي رواية على بن أبي حمزة عن ابى الحسن عليه السّلام المبالغة في ترك التقديم ولو خيف على المرأة الحيض بل أمر على توقيف الرّفقاء أو الجمّال لها حتى تطهر وتطوف طواف النساء مع تجويز لها تقديم طواف الزيارة (٤).

ولكن يدلّ على الجواز رواية الحسن بن على عن أبيه قال : سمعت أبا الحسن الأوّل عليه السّلام يقول : لا بأس بتعجيل طواف الحج وطواف النساء قبل الحج يوم التروية قبل خروجه إلى منى (الحديث) (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ١٤ من أبواب أقسام الحج الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ١٤ من أبواب أقسام الحج الرواية ٤.

(٤) الوسائل الباب ٦٤ من أبواب الطواف الرواية ٥ والرواية منقولة بالمعنى مع طولها فراجع.

(٥) الوسائل الباب ٦٤ من أبواب الطواف الرواية ١.

١٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وأظنّ انّ الحسن هو ابن على بن يقطين ، فصحّ الخبر ولا يضرّ وجود محمد بن عيسى (١) لما عرفت انه لا بأس به لكن قبوله ـ في مثل هذه التي لم يعلم أنّ أحدا عمل بمضمونها ـ محل التأمل ولهذا حملها الشيخ على صاحب العذر مثل ما مرّ جمعا بين الأدلّة ولا بأس به.

وامّا الذي يدلّ على وجوب تأخير طواف النساء عن السعي مضافا الى ما تقدّم ، فهو مرسلة أحمد بن محمد عمّن ذكره قال : قلت لأبي الحسن عليه السّلام جعلت فداك متمتع زار البيت فطاف طواف الحج ثم طاف طواف النساء ثم سعى قال : لا يكون السعي الا من قبل طواف النساء فقلت أعليه (أفعليه خ ل) شي‌ء؟ فقال : لا يكون السعي إلا قبل طواف النساء (٢).

ولعل احمد بن محمد هو البزنطي فيكون مرسلته بمنزلة المسندة إلى العدل ، ويحتمل كونه ابن عيسى وفي المتن أيضا شي‌ء.

ويدل على عدم الاعتداد بالسعي بعده ، وعدم الاعتداد بالطواف مطلقا ، متمتعا كان أو غيره ، كما تقدم ، لانّ الاعتبار بالجواب كما تقدم ، فتأمل ، الا ان يحمل على حال الاختيار مع عدم العذر كما تقدم للجمع مع الإرسال.

ويحمل على حال الاضطرار والعذر موثقة سماعة بن مهران (له ولإسحاق) عن ابى الحسن الماضي عليه السّلام قال : سألته عن رجل طاف طواف الحج وطواف النساء قبل ان يسعى بين الصفا والمروة؟ فقال : لا يضرّه ، يطوف بين الصفا والمروة وقد فرغ من حجّه (٣).

وحملها الشيخ على الناسي ، ويحتمل الجاهل أيضا لما تقدم ، والحمل غير

__________________

(١) وسندها (كما في التهذيب والاستبصار) هكذا : سعد بن عبد الله عن احمد بن محمد ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن على ، عن أبيه.

(٢) الوسائل الباب ٦٥ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٦٥ من أبواب الطواف الرواية ٢.

١٤٣

ويحرم الطواف وعليه برطلّة في العمرة ،

______________________________________________________

بعيد ، لكونهما عذرا مع عدم صحة المرسلة ، ويحتمل الإعادة مع الإمكان لعدم صحة الموثقة ، مع ما تقدم ، ولا شك انه أحوط بل اولى لعدم دليل شرعي على الاكتفاء مع وجود ما يدلّ على التأخير.

ولكن الأصحاب صرّحوا بالاعتداد بالتقديم مع النسيان وليس له دليل ظاهر غير ما أشرنا ، وهم اعلم.

وقد ظهر عدم الاعتداد عمدا وهو ظاهر ممّا مرّ وعدم صحّة الموثقة مع احتماله حال النسيان والعذر.

قوله : ويحرم الطواف وعليه برطلّة إلخ .. لعلّ دليل تحريمه رواية زياد بن يحيى الحنظلي (في التهذيب والكافي) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا تطوفن بالبيت وعليك برطلّة (١).

ورواية يزيد بن خليفة قال : رآني أبو عبد الله عليه السّلام أطوف حول الكعبة وعلىّ برطلّة فقال لي : بعد ذلك وقد رأيتك تطوف حول الكعبة وعليك برطلّة (٢) لا تلبسها حول الكعبة فإنها من زيّ الجاهلية (اليهود خ ل) (٣).

سند الاولى ضعيف بسهل بن زياد وغيره (٤) والثاني بعدم التصريح بتوثيق ابن خليفة قال النجاشي له كتاب.

ودلالته أيضا قاصرة عن التحريم بل ظاهرة في الكراهة حيث ما نهى عنه وقت الطواف وما خصّه بالطواف وعلّله بزيّ الجاهلية وهي دليل

__________________

(١) الوسائل الباب ٦٧ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٢) البرطلّة بضم الباء وسكون الرّاء وتشديد اللام المفتوحة ، قلنسوة طويلة تلبس قديما.

(٣) الوسائل الباب ٦٧ من أبواب الطواف الرواية ٢.

(٤) السند (كما في الكافي) هكذا : عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن احمد بن محمد عن مثنّى عن زياد بن يحيى الحنظلي.

١٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الكراهة.

وكأنّه لذلك قال في التهذيب : ويكره للرّجل ان يطوف وعليه برطلة ونقل الروايتين ونقل عن ابن إدريس في الدروس انه انما يحرم إذا حرم السّتر فيمكن حمل الرواية على طواف العمرة لأنّ ستر الرأس فيه حرام وكأنّه لذلك قال : في العمرة فدليله هو دليل تحريم ستر الرأس فيها لا الروايتان فقط ولكن حينئذ لا خصوصيّة له بالبرطلة فالتخصيص في العبارة والرواية لا وجه له ، فينبغي الحمل على الكراهة في الحج ، أو على المرجوحيّة مطلقا.

وقال فيه أيضا : الأشبه أنّه على تقدير التحريم لا يضرّ بالطواف لبسه وكذا لبس سائر المحرمات من المخيط وغيره كأنّه للأصل وعدم النهي عن العبادة حتى يدلّ على فسادها بل عن اللبس فقط.

والظاهر انه ان كان التحريم لرواية ابن يحيى المتقدمة يضرّ بالطواف ويبطله لان فيها النهي عن الطواف والحال انه لابس لها فيكون الطواف حينئذ منهيا ، فالنهي يكون في نفس العبادة وهو مبطل لها قطعا ، وكذا سائر الملبوسات ان قلنا انّ الطواف فيها حرام.

نعم ان قلنا إنّ المراد تحريم اللبس وكونه لابسا فقط لا يدلّ على بطلان الطواف لعدم التحريم كالنظر إلى الأجنبيّة في الطواف والصلاة ، لكن لو فرض المنافاة بين قلع اللباس المحرم والطواف واشتغل به وترك الخلع الواجب يلزم البطلان بناء على انّ الأمر بالشي‌ء يستلزم النهي عن ضده الخاصّ وأيضا لو كان ذلك سترا والسّتر شرط في صحة الطواف يمكن ان يكون الطواف حينئذ باطلا للنهى عن السّتر الذي هو شرط للعبادة وهو مفسد عندهم أيضا.

ولي فيه تأمّل قد مرّ لاحتمال ان يحصل الشرط بالسّتر المنهيّ.

نعم لو ثبت انّ الستر مع النهي كعدمه كالطهارة بالماء المغصوب أو

١٤٥

ولا ينعقد نذر الطواف على اربع.

ويجوز التعويل على الغير في العدد

______________________________________________________

النجس يتمّ الكلام.

ولكن فيه تأمل لاحتمال ان يكون الستر حراما مع حصول المطلوب منه شرعا وهو عدم الكشف كإزالة النجاسة عن الثوب والبدن بما هو مغصوب فتأمل ، قيل البرطلّة قلنسوة طويلة.

قوله : ولا ينعقد نذر الطواف على اربع .. اى على اليدين والرجلين معا ، دليل عدم الانعقاد انّ النذر انما ينعقد ويجوز ويجب العمل به ان كان المنذور عبادة ثابتة شرعا على ما قيل ، ولا شك في اعتبار ذلك لو كان النذر لكون المنذور عبادة (١) والطواف على اربع ليس كذلك ، لعدم الدليل فان الثابت شرعيته هو على غير هذا الوجه.

قال في التهذيب يطوف أسبوعين أسبوعا ليديه وأسبوعا لرجليه لروايتي السكوني وابى الجهم عن ابى عبد الله عن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهما : في امرأة نذرت ان تطوف على اربع قال : تطوف أسبوعا ليديها وأسبوعا لرجليها (٢).

وهما مع ضعفهما مخالفان للأصول ، ويمكن حملهما على الاستحباب أو على قصدها ذلك أو تكون قضيّة مخصوصة.

قوله : ويجوز التعويل إلخ .. أي يجوز الاعتماد على الغير في حفظ عدد أشواط الطواف.

والظاهر عدم اشتراط العدالة في ذلك الغير ولا تعدده ولا ذكورته بل الظاهر انّه يكفى كونه ممّن يظنّ صدقه لصحبته.

__________________

(١) يعنى لو صار نذره عبادة لأجل كون المنذور عبادة.

(٢) أورد هما في الوسائل الباب ٧٠ من أبواب الطواف ١ ـ ٢ والتهذيب ج ٥ ص ١٣٥ طبع النجف.

١٤٦

ولو حاضت قبل طواف المتعة انتظرت الوقوف ، فان ضاق بطل متعتها ، ووقفت وصارت حجتها مفردة وتقضى العمرة ، ولو حاضت بعد مجاوزة النصف صحت (تمت خ ل) متعتها ، وقضت الباقي بعد المناسك ، أو استنابت فيه مع التعذر ، ولو حاضت قبله فهي كمن لم يطف.

______________________________________________________

لعموم صحيحة الأعرج (الثقة) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الطواف أيكتفي الرجل بإحصاء صاحبه؟ فقال : نعم (١).

فيمكن التعدي إلى المرأة والى الصلاة والسعي وغيرهما ويمكن فهم عدم اعتبار العدالة في الوصيّ في إخراج الحقوق والأجير في العبادات والوكيل في إخراج الحقوق مثل الزكاة والخمس وتصديقهم في أخبارهم بالإتيان بالفعل وكون خبرهم كافيا لامتثال الأمر والخروج عن العهدة وغير ذلك من الاحكام فتأمل ، ويمكن الاختصار على موضع النّص فقط.

وشك المعوّل عليه مثل شك المعوّل ، وعلى تقدير التعارض الظاهر تقديم قول المعوّل.

قوله : ولو حاضت قبل طواف المتعة إلخ .. قد مرّ اختلاف الاخبار في الحائض المتمتعة التي لم تطهر في وقت يمكنها ادراك العرفة ويدلّ بعضها على انه يبطل عمرتها وينقلب حجّها حجا مفردا فيأتي مع إحرامها على أفعال الحج ثم يأتي بعمرة مفردة.

وهو مثل صحيحة جميل في الفقيه عنه اى عن ابى عبد الله عليه السّلام انه قال في الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية : انها تمضي كما هي الى عرفات فتجعلها حجّة ثم يقيم حتى تطهر فتخرج الى التنعيم لتحرم (فتحرم خ ل) فتجعلها عمرة الحديث (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ٦٦ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٢١ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢.

١٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذا هو المشهور بين الأصحاب واليه أشار في المتن وبعضها يدل على انّها تسعى بين الصفا والمروة بعد الغسل والاحتشاء (كأنّه مستحبّ) وتخرج إلى منى وتكمل أفعال حجّها الى مناسك منى ثم تأتى وتطوف أوّلا طوافا لعمرتها (١).

والظاهر أنّها تصلّى صلوته أيضا ثم تطوف طواف الحج وتصلّى ركعتيه ثم تسعى.

وأنه إذا فعلت ذلك حلّ لها كل شي‌ء إلا فراش زوجها فإذا طافت أسبوعا أخر حلّ لها فراش زوجها أيضا.

والظاهر ان المراد بعد ركعتي صلاة طواف النساء.

ويمكن حصول الإحلال بمحض الطواف وبقيت عليها الصلاة وان كانت تجب فوريّة ولا تكون داخلة في المحلّل كما هو ظاهر الروايات.

وهي مثل رواية العلاء بن صبيح وعبد الرحمن بن الحجاج وعلى بن رئاب وعبد الله بن صالح كلّهم يروونه عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : المرأة المتمتعة إذا قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما بينها وبين التروية فإن طهرت طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة وان لم تطهر الى يوم التروية اغتسلت واحتشت ثم سعت بين الصفا والمروة ثم خرجت إلى منى فإذا قضت المناسك وزارت بالبيت طافت بالبيت طوافا لعمرتها ثم طافت طوافا للحج ثمّ خرجت فسعت فإذا فعلت ذلك فقد أحلّت من كل شي‌ء يحلّ منه المحرم الا فراش زوجها فإذا طافت طوافا آخر حلَّ لها فراش زوجها (٢).

وقد عرفت أيضا انّ الجمع بينهما بالتخيير أحسن فتذكر.

واعلم انه قد دلت الرواية على انها إذا حاضت بعد إكمال الطواف وقبل

__________________

(١) سيئاتي التعرض لها.

(٢) الوسائل الباب ٨٤ من أبواب الطواف الرواية ١.

١٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الصّلوة والسعي صحت متعتها وتأتي بالسعي حائضا ثم تأتى عرفات كذلك ولا نزاع فه وتأتى بالصلاة بعد ان تطهر وينبغي فعلها قبل طواف الحج.

وهي صحيحة معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن امرأة طافت بالبيت ثم حاضت قبل ان تسعى؟ قال : تسعى ، قال : وسألته عن امرأة سعت بين الصفا والمروة فحاضت بينهما؟ قال : تتمّ سعيها (١).

وفي صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن رجل كانت معه امرأة فقدمت مكة وهي لا تصلّى فلم تطهر الى يوم التروية وطهرت (فطهرت خ ل) وطافت (فطافت خ ل) بالبيت ولم تسع بين الصفا والمروة حتى شخصت الى عرفات هل تعتدّ بذلك الطواف أم (أو خ ل) تعيد قبل الصفا والمروة؟ قال : تعتد بذلك الطواف الأوّل وتبنى عليه (٢).

وفي الفقيه أيضا وروى ابان (٣) عن زرارة قال : سألته عن امرأة طافت بالبيت فحاضت قبل ان تصلّى الركعتين؟ فقال : ليس عليها إذا طهرت الا الركعتين وقد قضى (قضت خ ل) الطواف (٤).

ولا يضرّ الإضمار وابان خصوصا في مثلها ، ومثلها رواية أبي الصباح (٥) في الكافي ولا يضرّ اشتراك محمد بن الفضيل (٦) هذا ظاهر.

__________________

(١) الوسائل الباب ٨٩ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٦١ من أبواب الطواف الرواية ١ والفقيه باب إحرام الحائض والمستحاضة الرواية ٧ (ج ٢ ص ٢٤٠ طبعة النجف الأشرف)

(٣) كأنّه أبان بن عثمان واليه صحيح وهو لا بأس به خصوصا في مثلها من خطّه رحمه الله (كذا في هامش بعض النسخ الخطيّة)

(٤) الوسائل الباب ٨٨ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٥) الوسائل الباب ٨٨ من أبواب الطواف الرواية ٢.

(٦) والسند (كما في الكافي) هكذا : محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الفضيل عن ابى الصباح الكناني.

١٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وامّا إذا طافت وحاضت قبل الإكمال فالمشهور أنّه ان أكمل أربعة تقطعه وتسعى بين الصفا والمروة وتذهب الى عرفات وتأتى بما بقي عليه بعد قضاء مناسكها كلّها أو بعد مناسك منى يوم النحر فقط ، وقد تمّت متعتها.

ويدلّ عليه الروايات ولكن ليست بنقيّة مثل رواية أبي إسحاق بيّاع اللؤلؤ قال : أخبرني (حدّثني خ ل) من سمع أبا عبد الله عليه السّلام يقول : في المرأة المتمتعة إذا طافت بالبيت أربعة أشواط ثم رأت الدم (حاضت خ ل) فمتعتها تامّة (الرّواية) (١) وسندها ضعيف مع الإرسال ودلالتها قاصرة.

ورواية أبي بصير عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت أو بين الصفا والمروة فجاوزت النصف فعلّمت ذلك الموضع فإذا طهرت رجعت فأتمت بقيّة طوافها من الموضع الذي علّمته وان هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من اوّله (٢).

ورواية أحمد بن محمد عمن ذكره عن احمد بن عمر الحلّال عن ابى الحسن عليه السّلام قال : سألته عن امرأة طافت خمسة أشواط ثم اعتلّت؟ قال : إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت أو بالصّفا والمروة وجاوزت النصف علّمت ذلك الموضع الذي بلغت فإذا هي قطعت طوافها في أقلّ من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من اوّله (٣).

وسندهما ضعيف وفي متنهما كلام لأنّهما يدلان على انّ حكم السعي أيضا مثل الطواف مع القصور في البيان وان حملنا الطواف على الأعمّ كما هو الظاهر فيلزم كون السعي مثل الطواف في الاستيناف قبل تجاوز النصف ولم يقولوا

__________________

(١) الوسائل الباب ٨٦ من أبواب الطواف الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٨٥ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٨٥ من أبواب الطواف الرواية ٢.

١٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

به ، فان ظاهر الأصحاب البناء هنا مطلقا ، وقد مرّ ما يدلّ عليه فتذكر.

وأيضا لا تصريح في الأربعة ، وتجاوز النصف أعمّ ذلك ، ولم يقولوا به.

وتدل على البناء ـ لو حاضت في الأثناء مطلقا ويمكن المراد بعد إكمال واحد ـ صحيحة محمد بن مسلم (في الفقيه) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن امرأة طافت ثلثة أشواط أو أقلّ من ذلك ثمّ رأت دما؟ فقال تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت منه واعتدّت بما مضى (١).

وصحيحة أخرى له عن أحدهما عليهما السّلام مثله (٢).

قال الصدوق بعد نقلهما : قال مصنف هذا الكتاب رضى الله عنه وبهذا الحديث افتى دون الحديث الذي رواه ابن مسكان عن إبراهيم بن إسحاق عمّن سئل أبا عبد الله عليه السّلام عن امرأة طافت بالبيت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت قال : تمّ طوافها وليس عليها غيره ومتعتها تامّة ولها ان تطوف بين الصفا والمروة لأنها زادت على النصف وقد قضت متعتها فلتستأنف بعد الحج وان هي لم تطف الا ثلثة أشواط فلتستأنف الحج فإن أقام بها جمّالها بعد الحج فلتخرج إلى جعرانة أو الى التنعيم فلتعتمر (٣) لان هذا الحديث إسناده منقطع والحديث الأوّل رخصة ورحمة وإسناده متصل (٤).

ويمكن الحمل على التخيير وكون عدم البناء قبل تجاوز النصف اولى من البناء للجمع بين الأدلة والعمل بها والشهرة (في الجملة) المؤيّدة بما سبق في الاعتداد بالطواف مع تجاوز النصف دون غيره فتأمل.

قال في الدروس : انما تسلم المتعة للحائض بطواف العمرة كملا أو بأربعة

__________________

(١) الوسائل الباب ٨٥ من أبواب الطواف الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ٨٥ من أبواب الطواف ، مثل رواية ٣.

(٣) الوسائل الباب ٨٥ من أبواب الطواف ، الرواية ٤.

(٤) إلى هنا كلام الصدوق قدّس سرّه.

١٥١

والمستحاضة كالطاهر إذا فعلت ما يجب عليها.

______________________________________________________

أشواط منه على الأظهر وقال الصدوق : وتسلم بدونهما وتعتد به وتأتي بالباقي لرواية العلاء وحريز ، وهي متروكة (١).

فيه تأمل لأن ترك الروايتين الصحيحتين مع القائل بهما بما مرّ مشكل ، مع إمكان الجمع.

على انّ الرواية ليست من العلاء ولا من حريز بل روى الاولى حريز عن محمد بن مسلم عن ابى عبد الله عليه السّلام والثانية العلاء عنه أيضا عن أحدهما.

وروى الفقيه عن ابان بن عثمان عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال : إذا طافت المرأة طواف النّساء فطافت أكثر من النصف فحاضت نفرت ان شائت (٢).

العمل بها مشكل لانفراد أبان وان كان هو ابن عثمان ويكون ثقة واليه صحيحا ويمكن حملها على التعذّر وجواز التوكيل كما مرّ.

والظاهر انّ النفساء كالحائض.

وامّا المستحاضة فإذا (فإن خ ل) فعلت ما عليها فهي في حكم الطاهر ويصح عنها جميع ما صحّ عن الطّاهر ، فتطوف وتصلّى ، وقد مرّ البحث عنها.

ويدلّ على جواز الطواف ما روى في الفقيه عنه صلّى الله عليه وآله في أسماء بنت عميس حيث أمرها رسول الله صلّى الله عليه وآله بالاغتسال والطواف وقد مضى عن نفاسها سبعة عشر يوما ولم ينقطع عنها الدّم (٣).

وروى في الكافي (في الحسن) عن زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام : ان

__________________

(١) الدروس ص ١١٧ وقوله : وهي متروكة من كلام الدروس.

(٢) الوسائل الباب ٩٠ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٤٩ من أبواب الإحرام الرواية ١ ورواها في الفقيه في الباب ١ من أبواب إحرام الحائض والمستحاضة الرواية ١ والرواية منقولة بالمعنى (راجع ص ٢٣٩ من المجلد الثاني طبعة النجف الأشرف).

١٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن ابى بكر فأمرها رسول الله صلّى الله عليه وآله حين أرادت الإحرام من ذي الحليفة أن تحتشي بالكرسف والخرق وتهلّ بالحج فلما قدموا (مكة خ) وقد نسكوا المناسك وقد اتى لها ثمانية عشر يوما فأمرها رسول الله صلّى الله عليه وآله ان تطوف بالبيت وتصلّى ولم ينقطع عنها الدم ففعلت ذلك (١).

ورواية يونس بن يعقوب عمّن حدّثه عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : المستحاضة تطوف بالبيت وتصلّى ولا تدخل الكعبة (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ٩١ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٩١ من أبواب الطواف الرواية ٢.

١٥٣

المقصد الثالث في السّعي

وهو ركن يبطل الحج بتركه عمدا.

______________________________________________________

قوله : وهو ركن إلخ. ادّعى في المنتهى إجماع علمائنا على بطلان الحج بترك السعي وأنّه ركن في الحج والعمرة.

مستندا الى حسنة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل ترك السعي متعمدا قال : عليه الحج من قابل (١).

هي صحيحة في زيادات التهذيب ، وحسنة في الكافي ، وفي باب السعي من التهذيب.

وفي أخرى له عنه عليه السّلام (في حديث انّه قال في رجل ترك السعي متعمدا : قال : لا حج له (٢).

قال في المنتهى : رواها الشيخ صحيحا.

وما رأيته كذلك لوجود ابى الحسين النخعي (٣) في الطريق الذي رأيته ، وهو مجهول.

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من أبواب السعي الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٧ من أبواب السعي الرواية ٣.

(٣) سندها (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن النخعي أبي الحسين عن ابن ابى عمير عن معاوية بن عمّار.

١٥٤

ولو تركه سهوا ، أتى به ، فان خرج عاد له ، فان تعذّر استناب.

______________________________________________________

والظاهر انّ تركه المبطل انما يتحقق بتركه عمدا عالما حتى خرج وقته الذي يصحّ فيه ويشعر به قوله عليه السّلام (من قابل) فان تركه وتمكّن من تداركه واتى به في عامه صحّ حجّه.

والظاهر ان ترك البعض عمدا عالما مثل ترك الكل لانّ الكل متروك بترك جزئه فيصدق على تارك الجزء انه تارك للسعي ، فيجري فيه دليل الكلّ ، فتأمل.

وامّا لو تركه ناسيا كلا أو بعضا ، فالظاهر وجوب التدارك بنفسه مع عدم المشقة في وقته ، لبقاء شغل الذمة الى ان يمتثل ويخرج عن عهدة الأمر ، هذا مع عدم خروج وقته واضح والظاهر أنّ معه كذلك أيضا لعدم التقييد بالوقت في الأمر به ، ولكونه أداء دائما ، الا انه يجب في وقت خاص في كل سنة كالطواف بل أصل الحج فتأمّل.

ويؤيّده ما في رواية معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : قلت له : رجل نسي السعي بين الصفا والمروة ، قال : يعيد السعي قلت : فإنه خرج؟ قال : يرجع فيعيد السعي الرواية (١).

ولا يخفى ان فيها دلالة على جواز إطلاق الإعادة على ما لم يفعل كأنّه لوجوبه فعل غير صحيح فهو إشارة الى عدم جواز الترك وكأنّ الترك بالكلية غير ممكن ويؤيّده ما تقدم في الطواف.

وامّا مع المشقة في العود ولو كانت بمجرد الإتيان من (في خ ل) اهله فيمكن جواز النيابة حينئذ لكون النسيان عذرا كما تقدم مرارا وحصول الغرض في الجملة مع إمكان المناقشة في بقاء الأمر بعد خروج الوقت.

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب السّعي الرواية ١.

١٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ويؤيّده رواية زيد الشحام عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة حتى يرجع الى أهله؟ قال : (فقال خ ل) يطاف عنه (١).

وأيضا ما تقدم في الطواف وعدم ظهور الخلاف في المسألة.

وأيضا صحيحة محمد بن مسلم (في الفقيه وزيادات التهذيب) عن أحدهما عليهما السّلام قال : سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة؟ فقال : يطاف عنه (٢).

حملت على رواية زيد الشحام لعدم النيابة في العبادات ، مع عدم المشقة بالعقل والنقل (٣) ، من الآية والرواية.

ولو فعل ما يحرم عليه من الوطي وغيره قبل الذكر فالظاهر عدم شي‌ء عليه كما يفهم من المنتهى قال فيه : ولو ترك السعي ناسيا أعاد السعي لا غير (٤).

ولا شي‌ء عليه للأصل وكون النسيان عذرا وما تقدم من عدم الكفارة في غير العمد إلّا في الصيد.

ولكن قال في الفقيه : سئل أبو عبد الله عليه السّلام عن رجل طاف بين الصفا والمروة ستة أشواط وهو يظن أنّها سبعة فذكر بعد ما أحلّ وواقع النساء أنه انّما طاف ستّة أشواط؟ قال : عليه بقرة يذبحها ويطوف شوطا آخر (٥).

ويمكن حملها على الاستحباب لما تقدم ، وعدم وضوح سندها ، وان كان

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب السعي الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب السّعي الرواية ٣.

(٣) قوله : بالعقل والنقل ، يحتمل ان يكون متعلقا بقوله : لعدم النيابة في العبادات ، فان الظاهر من الأوامر المتعلقة بالعبادات لزوم إتيانها مباشرة.

ويحتمل ان يكون متعلقا بقوله : مع عدم المشقّة لأدلّة نفى العسر والحرج من الآيات والروايات.

(٤) انتهى كلام المنتهى.

(٥) الوسائل الباب ١٤ من أبواب السعي الرواية ٢.

١٥٦

ويجب فيه النيّة ، والبدأة بالصّفا ، بان يلصق عقبيه به ، والختم بالمروة بأن يلصق أصابع رجليه بها.

______________________________________________________

مثلها موجودا أيضا في التهذيب مسندا وسيجي‌ء.

والظاهر أنّ الجاهل مثل الناسي في جميع ما تقدّم لكونه عذرا كما تقدم ، ولتقييد الإعادة في الرواية والإجماع بالعمد ولا شك ان الجاهل ليس بعامد لانّ المتبادر من العامد هو المتذكّر للوجوب فلا يكون الجاهل ملحقا بالعامد والّا يلزم كون العمد لغوا بل مضرّا ، لإشعاره بعدم جريان حكمه في غيره من الناسي والجاهل.

والظاهر انه لا يحلّ لهما بعد العلم والذكر ما يحرم عليهما قبل السعي حتّى يحصل السعي كملا وقد أشير في الدروس بذلك في الناسي فتأمل.

قوله : ويجب فيه النية إلخ .. البحث عن النيّة مستغنى عنه لما مرّ غير مرّة.

واما وجوب الابتداء بالصّفا فقال في المنتهى : انه قول العلماء وسندهم الاخبار من طريق العامة (١).

ومن الخاصة مثل صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله حين فرغ من طوافه وركعتيه قال : ابدؤا بما بدأ الله به من إتيان الصفا انّ الله عزّ وجل يقول (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) (الرواية) (٢).

وهو (هي ظ) يدل على عدم الاعتداد به لو عكس فيجب ان يطرح الكل ويستأنف من الصفا فافهم.

ويدل عليه صريحا صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام

__________________

(١) صحيح مسلم كتاب الحج (١٩) باب حجة النبي صلّى الله عليه (وآله) وسلّم ، قال : ابدء بما بدء الله به فبدء بالصّفا.

(٢) الوسائل الباب ٦ من أبواب السّعي الرواية ٧.

١٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

قال : من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا قبل المروة (١).

وما في روايتين أخريين (٢) قال (اى في العاكس) أبو عبد الله عليه السّلام : يعيد ، الا ترى أنّه لو بدأ بشماله قبل يمينه في الوضوء كان عليه ان يبدأ بيمينه ثم يعيد على شماله.

وهما لا يدلان على وجوب الترتيب في مسح الرجلين لان المتبادر منه الغسل ولهذا وجد في بعض نسخ التهذيب : (بدأ بغسل شماله) مع عدم ظهور صحة السند.

فلا يكفى حذف الواحدة ، والاكتفاء بما بقي لو سعى ثمانية أشواط كما قال به بعض العامة للنص المتقدم ولانّه ما اتى في الباقي على وجهه فإنّه أتى بالثاني باعتقاد أنّه الثاني مع أنّه كان أولا ولانّ هذا المجموع على هذه الهيئة عبادة غير مشروعة فهو قريب من ان يصلّى ركعتي (ركعتا خ ل) الصبح ثلثة مثلا ولانه ما اتى بالنيّة المعتبرة في الشوط الثاني مقارنة للصفا نعم لو كان مستحضرا للنيّة حينئذ يمكن الصحة فتأمل.

واعلم انّ مقتضى قوانين الأصحاب مقارنة النيّة لأوّل الحركة الواجبة التي تقع من الصفا بينه وبين المروة ، لأنّها أوّل السّعي والطواف الواجب بالنص والإجماع فحينئذ ينبغي ان يكون الساعي واقفا في ابتداء فعله حين النيّة بحيث يكون جميع بدنه خارجا عن المسعى والموضع الذي يجب فيه السعي متصلا بأوّل ما يتحرك منه بأوّل المسعى فينبغي ان يكون أوّل أصابعه متصلا بأوّل الصفا ثم ينوى ويتحرّك ويشرع في السعي ، بل لا يبعد إخراج جزء مّا ، من باب المقدمة ،

__________________

(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب السعي الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١٠ من أبواب السعي الرواية ٤ ـ ٥ ولفظ الأخيرة هكذا : قال : سئل أبو عبد الله عليه السّلام وانا حاضر عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا؟ قال : يعيد إلخ.

١٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

فلا يكفى اتّصال العقب لعدم وقوع السعي بجميع بدنه في موضع قدمه الذي هو من المسعى الذي يجب فيه السعي بجميع البدن اى مروره متحركا فيه كما قيل مثله في طواف البيت وكذا الكلام في الختم بإيصال الأصابع ، بل ينبغي الصعود.

الا ان يقولوا بعدم الدّقة بمثله والاكتفاء بالأمر العرفي ، فينبغي مثله في الطواف أيضا ، كما أشرنا اليه.

ولا الصعود على الصفا منشئا للحركة فيه لعدم مقارنته لأوّل الحركة الواجبة الذي هو أوّل الفعل الذي هو العبادة.

الا ان يقال بوجوبه أيضا على سبيل التخيير بينه وبين الأقلّ منه بأن يبدأ بأوّل الصفا وذلك غير ظاهر أو يقال : انّه مستحب في السعي ويجوز مقارنة النيّة بفعل مستحب من العبادة مثل غسل اليد في الوضوء.

وكانّ ذلك منظور للشهيد في الدروس والمحقق الثاني حيث قالا : بوجوب مقارنة النيّة لوقوفه على الصّفا.

وهذا أبعد لأن كون الوقوف على الصفا داخلا في السعي أبعد من دخول الحركة فيه الا ان أراد بالوقوف عليه الحركة فيه نحو المروة وهو بعيد.

وكذا لو أرادا به الوقوف بحيث يصل عقبه على الصفا على أنّك قد عرفت عدم ظهور جواز مقارنة نيّة الوضوء بغسل اليد ونحوه.

وأنّه لا دليل عليه بعد ثبوت وجوب مقارنة النيّة بأوّل الفعل.

وأنّ في قولهما بوجوب المقارنة لوقوفه على الصفا مناقشة لأنّه يجوز المقارنة بغيره أيضا فلا ينبغي إطلاق الوجوب عليه مختصرا على ذلك لتوهم عدم جواز غيره.

والاحتياط يقتضي النيّة بعد الصعود الى موضع تحقق انّه من الصفا واستحضارها الى ان يتحقق الخروج عن الصفا والدّخول في المسعى والصعود عليهما

١٥٩

والسعي (بها خ) سبعا ، من الصفا اليه شوطان.

______________________________________________________

إيابا وذهابا بحيث يتحققا.

والظاهر أنّه لو وقع زيادة مشى فيهما لا يضرّ ، سيّما للاحتياط ، وهذا بالنسبة الى ما يفهم من بعض قوانينهم ودقائقهم في الأمور.

والظاهر انه لا حاجة الى أمثال ذلك ويكفى ما يصدق عليه السعي عرفا بينهما على وجه العبادة في الجملة كما مرّ مرارا خصوصا في الطواف.

ومما ذكرنا يفهم ما في قول المحقق (١) في حاشيته على المتن : (يلصق أصابع رجليه بها) (٢) : مقتضى العبارة إلصاق أصابع القدمين.

وفيه توقف لأنك عرفت انه مع الصادق أصابعهما ما يحصل المرور والسعي بجميع البدن في جميع المسعى فكيف مع إلصاق أحدهما.

إلا ان يبنى على الظاهر والمسامحة وعدم الدقة كما هو الظاهر.

ولكن ينبغي مثل ذلك في الطواف أيضا فلو كان عقبه محاذيا لأوّل الحجر أو أوّل أصابعه أجزأ فتأمل.

وامّا كون السعي والشوط سبعا بان يكون من الصفا اليه سعيان وشوطان فهو أيضا ممّا ادعى في المنتهى إجماعنا عليه وأنّه قول عامة العلماء.

ويدلّ عليه الاخبار أيضا مثل ما رواه الشيخ (في الصحيح) ـ قاله في المنتهى وليس بواضح ولكن مذكور في الكافي (في الحسن) ـ : طف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة (الرواية) (٣).

وما تقدَّم من الاخبار مثل ما أوجب البقرة على ناسي شوط واحد وذكر بعد المواقعة ووجوب إكمال ما نقص (٤).

__________________

(١) هو المحقق الثاني قدّس سرّه.

(٢) أي بالمروة.

(٣) الوسائل الباب ٦ من أبواب السعي الرواية ١ وهذه قطعة من الرواية.

(٤) الوسائل الباب ١٤ من أبواب السّعي.

١٦٠