مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الكفارة منه ، وكون الولي مكلفا بالإخراج عنه.

ويحتمل عدم شي‌ء عليه لاختصاص الأدلّة بالبلّاغ والمكلّفين وعدم نصّ صريح في وجوب الكفارة على وليّه في غير الصيد ، مع الأصل ، وعدم التكليف وبعد تكليف شخص بفعل آخر خصوصا إذا عرف الآخر أنّه لا شي‌ء عليه فيفعل فيلزم الوليّ بأمور ، لتعذر ضبط الوليّ إيّاه من جميع الوجوه ، وقد يؤل هذا الى منعهم من الحج ، ولأنّ عمده خطأ (١) ولا يجب في الخطاء في غير الصيد شي‌ء بخلاف الصيد ، فان المنع عنه لا يتعذر ، وقدرة الصبي عليه قليل ، مع وجود النّص فيه ، وان العمد والخطاء فيه سواء.

وقد مرّ البحث في إيجاب الكفارة بكل أكل ولبس غير جائز للمحرم فتذكّر.

والذي صرّح به في الروايات بالكفارة فقد مضى أكثرها في هذا الكتاب والكلّية ما رأيت لها دليلا ، والظاهر عدمها للأصل مع عدم الدليل خصوصا في لبس الخفّين حال عدم النعلين ، والسراويل والقباء عند فقد الإزار والرداء فإنه ادّعى الإجماع على عدمها في المنتهى ، ولا يظهر أيضا في لبس ما يستر ظهر القدمين والخاتم للزينة ولبس المرأة الحليّ كذلك على تقدير التحريم ، وغير ذلك ، فان الظاهر من كلام المنتهى عدم الدليل الا على التي ذكرت بالتفصيل لا هذه الكلّية على الاجمال ، والمصنف اعرف.

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من أبواب العاقلة الرواية ٢ و ٣ متن الاولى عن محمد بن مسلم عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : عمد الصبي وخطاه واحد ، ومتن الثانية عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه انّ عليّا عليه السّلام كان يقول : عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة.

٦١

المقصد الثاني في الطواف

المقصد الثاني في الطواف وهو ركن يبطل الحجّ بتركه عمدا.

______________________________________________________

قوله : في الطواف وهو ركن إلخ .. الظاهر ان المراد غير طواف النساء صرّح به في الدروس وسيظهر ذلك من عدم بطلان الحج بترك طواف النساء ، وهو موافق للأصل.

ومعنى الركن في الحج هو بطلان ذي الركن بتركه عمدا ، كما يفهم من قوله : (يبطل الحج بتركه) فهو تفسير له.

واما الدليل على وجوبه فهو الآية (١) والاخبار الكثيرة وإجماع المسلمين ، ولا يدلّ تلك على ركنيته نعم يمكن إجماع أصحابنا عليها.

وأيضا يمكن بالطريق الأولى استفادته من رواية على بن أبي حمزة قال : سئل عن رجل جهل ان يطوف بالبيت حتى يرجع (رجع خ ل) إلى أهله؟ قال : إذا كان على جهة الجهالة أعاد الحج وعليه بدنة (٢).

وصحيحة على بن يقطين (في التهذيب والاستبصار) قال : سألت

__________________

(١) قال الله تعالى (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) البقرة : ١٨٥.

(٢) الوسائل الباب ٥٦ من أبواب الطواف الرواية ٢.

٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

أبا الحسن عليه السّلام عن رجل جهل ان يطوف بالبيت قبل طواف الفريضة؟ قال : ان كان على وجه جهالة في الحج أعاد وعليه بدنة (١).

وهذه نقلها في المنتهى في موضعين عن على بن جعفر وهو غلط.

ولكن الاولى غير صحيحة لاشتراك على بن أبي حمزة وعدم التصريح بالمسئول عنه ، ويمكن حملها على الاستحباب ويؤيّده عدم شي‌ء من الكفارة على الجاهل والناسي إلا في قتل الصيد في اخبار صحيحة (٢) وكذا الأصل والشريعة السهلة السمحة فتأمل.

والثانية ليست بصريحة في إعادة الحج بل الظاهر ان المراد هو اعادة الطواف المتروك ويطلق الإعادة على ما لم يفعل كثيرا لانه كان واجبا فكأنه فعل باطلا ، على انه ليس فيها انه طواف الحج أو العمرة للنساء أو للزيارة وانهما في الجاهل فلا يظهر حال العالم العامد ويمنع الأولوية ، على ان وجوب البدنة غير مذكور في أكثر كتب الأصحاب.

قال في الدروس : وفي وجوب البدنة على العامد نظر من الأولويّة أي الطريق الاولى ، ومن عدم النّص واحتمال زيادة العقوبة.

فما ظهر دليل على ركنيّة الطواف مطلقا غير الإجماع ان ثبت ولا على وجوب البدنة على العامد بل ولا على النّاسي ولا على اعادة حج الجاهل.

ويؤيّده الأصل ، ورفع ، والنّاس في سعة (٣) و (٤) وجميع ما تقدم في كون الجاهل معذورا كما في صحيحة عبد الصمد بن بشير في بحث إحرام التهذيب من قوله

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٦ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٢) راجع الوسائل الباب ٣٢ من أبواب كفارات الصيد.

(٣) المستدرك ج ٣ ص ٢١٨ عن عوالي اللئالى وفيه عن النبي صلّى الله عليه وآله الناس في سعة ما لم يعلموا.

(٤) الوسائل الباب ٣٠ من أبواب الخلل في الصلاة الرواية ٢ وفي الوسائل وضع بدل رفع.

٦٣

ويقضيه في السهو. ولو تعذّر استناب.

______________________________________________________

عليه السّلام : (في حديث) اىّ رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي‌ء عليه (الحديث) (١).

فيمكن ان يسقط البدنة أيضا وحمل الرواية على الاستحباب أو الدم الواجب للمتمتع ، والعمل بها اولى.

ويدلّ على حكم الناسي صحيحة على بن جعفر عليهما السّلام عن أخيه عليه السّلام قال : سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده وواقع النساء كيف يصنع؟ قال : يبعث بهدي ان كان تركه في حج بعث به في حج وان كان تركه في عمرة بعث به في عمرة ووكّل من يطوف عنه ما تركه من طوافه (٢).

وظاهر هذه جواز الاستنابة في طواف الزيارة مع الاختيار أيضا وطواف النساء في الحج والعمرة (٣) لأن ظاهر الفريضة يشمل الكل وترك التفصيل يؤيّده بل يمكن دعوى الظهور في طواف الزيارة ، لأنه المتبادر من طواف الفريضة مطلقا ولكونه فريضة بالقرآن (٤) وإجماع المسلمين.

ويمكن تخصيصها بمن لم يقدر على الرّجوع ان ثبت دليل على وجوب الرجوع مع القدرة من إجماع ونحوه حيث ما وجد في كلامهم الّا مع القيد.

قال في الدروس : ولو تركه ناسيا عادلة فإن تعذّر استناب فيه.

والظاهر ان المراد به المشقة الكثيرة ويحتمل ان يراد بالقدرة استطاعة الحج المعهودة ولكن الأصل ـ والشريعة السهلة وكون الناسي معذورا وما سيأتي في طواف النساء مع فتوى الأصحاب ـ يدلّ على عدم التكليف بمثل هذه المشقة العظيمة من الرجوع الى مكة من بلاد بعيدة وصرف الأموال وترك الأهل والاشتغال ، والاحتياط ان أمكن لا يترك ، وظاهر كلام الأصحاب يقتضي ذلك ، فتأمل.

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب بقية كفارات الإحرام الرواية ٣ وهذه قطعة من الرواية.

(٢) الوسائل الباب ٥٨ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٣) أي العمرة المفردة.

(٤) البقرة : ١٥٨.

٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ويدلّ على جواز النيابة لناسي طواف النساء ما رواه في الكافي (في الحسن) عن ابن ابى عمير عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل نسي طواف النساء حتى دخل اهله؟ قال : لا يحلّ له النساء حتى يزور البيت وقال : يأمر من يقضى عنه ان لم يحج ، فإن توفّي قبل ان يطاف عنه فليقض عنه وليّه أو غيره (١).

وهذه رويت في التهذيب (٢) والاستبصار ، عن رجل عن معاوية بن عمّار ، والظاهر أنّه غلط ، وأنّ المراد برجل هو ابن ابى عمير لانه نقلها عن محمد بن يعقوب وقد رأيته في كتابه كما نقلت ، ويؤيده رواية ابن ابى عمير عن معاوية بن عمار في غير هذا الموضع وقول العلامة في المنتهى انه رواه الشيخ في الحسن عن معاوية بن عمّار ، فهذه حسنة لإبراهيم.

وهي تدل على وجوب قضاء طواف النساء عن الميت يقضيه الولي أو غيره فلا يتعين على الولي ، فيمكن وجوب قضاء غيره من طواف الزيارة والحج بالطريق الأولى فتأمل.

والظاهر عدم اشتراط اذن الولي وأجازته فتدلّ على سقوط ما في ذمة الميّت بفعل غيره مطلقا ، وليس ببعيد كالديون عن الحيّ والميّت ، فيحتمل ان لا يتعين على الولي والوصيّ ما وجب عليهما ، بل إذا فعل غير هما متبرعا يجزى عنهما.

وأيضا يمكن فهم جواز التوكيل لهما بالطريق الأولى ، فتأمل.

وهذه مؤيّدة لجواز الاستنابة في مطلق الطواف ان لم يحج الناسي لعدم الفرق ظاهرا.

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٨ من أبواب الطواف الرواية ٦.

(٢) سندها (على ما في الكافي) هكذا : على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار ، ورواها في التهذيب والاستبصار بهذا السند الا ان فيهما : عن رجل بدل عن ابن أبي عمير.

٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ثم اعلم ان الشيخ رحمه الله في التهذيب والاستبصار جعل الحديثين الأوّلين (١) دليلين على وجوب البدنة واعادة الحج على من نسي طواف الحج حتى رجع الى اهله ، والمصنف أيضا في المنتهى جعلهما دليلا على حال الناسي.

ثم قال الشيخ : ان رواية على بن جعفر (٢) محمولة على طواف النساء لان من ترك طواف النساء ناسيا جاز له ان يستنيب غيره مقامه في طوافه ، ولا يجوز له ذلك في طواف الحج ، فلا تنافي بين الخبرين ، وجعل حسنة معاوية دليلا عليه وأنت قد عرفت ان لا منافاة ، لأنّ الأوّلين يدلّان على حال الجاهل والثالثة (٣) على حال الناسي مطلقا ، والرابعة (٤) على حال ناسي طواف النساء فما دلّ دليل على وجوب اعادة الحج والبدنة على ناسي طواف الزيارة ، ولا على رجوعه بنفسه لطواف الزيارة ، ولا دلّ الأوّلان على حال الناسي المشهورة المذكورة هنا.

وقال في موضع آخر من المنتهى : والوجه عندي حمل الحديثين الأوّلين على من ترك الطواف عامدا جاهلا بوجوبه فإنه يعيد الحج ويكفّر والثاني أي صحيحة على بن جعفر على من تركه ناسيا ويحمل وجوب الكفارة على من وطى بعد الذكر وسيأتي تحقيق ذلك والتقييد غير واضح ، بل ظاهر الرواية عدمه.

ويمكن ان يكون له دليل على التقييد ، وهو ان النّاسي ما عليه كفارة إلا في الصّيد كما تقدّم ولكن هذا يفيد عدمها على الجاهل أيضا فتأمل ، وسترى تحقيقه ان شاء الله وما تعرّض لدلالتها على جواز النيابة في طواف الزيارة مطلقا هذا.

__________________

(١) يعني روايتي على بن أبي حمزة وعلى بن يقطين المتقدمتين في صدر البحث.

(٢) الوسائل الباب ٥٨ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٣) يعني صحيحة على بن يقطين.

(٤) يعني حسنة معاوية بن عمّار.

٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بقي الكلام

في تعيين زمان يتحقق به ترك الطواف ، والظاهر أنّ ذلك في العمرة المتمتع بها هو زمان لا يسع فعله وما بعده ثم ادراك الموقفين وحينئذ يلزم ترك غيره أيضا حتى الحج.

وفي طواف العمرة المفردة يمكن ان يتحقق بقصد عدم الفعل ، وبالخروج من مكّة ، وارتكاب ما لا يجوز الا بعده.

وفي الحج الى ان يخرج ذو الحجة واعلم أنّه على القول بإعادة الطواف فقط يتمّ محرما بالنسبة الى ما لا يحلّ الا بالطواف ، فإذا أعاده بنفسه يحرم بالعمرة المفردة إن احتاج الى الإحرام ، ويدخل مكة ويفعل مقتضاها ثمّ يقضى طوافه للحج في زمانه.

ولا يبعد تقديم طواف القضاء لو كان من العمرة المتمتع بها ، وكذا المفردة ، ويحتمل جواز التقديم والتأخير مطلقا ، والإحرام بحج آخر متمتعا وغيره ، فتأمل ، وعلى كلا التقديرين يقع الإحرام للمحرم في الجملة ، وكأنّه لا محذور في ذلك.

وعلى قول الشيخ ببطلان الحج واعادته يمكن بقائه على الإحرام ، مثل من لم يفعل شيئا ، ويكون البطلان مجازا ، كما قال في الدروس في الفاسد ، وبطلان الإحرام بالكلّية فيكون محلّا ، وكونه مثل الأوّل ويحرم بإحرام الحج المتقدم أو العمرة كذلك ، فيلزم الإحرام للمحرم على بعض الوجوه ، فتأمل.

ويحتمل ان يدخل بعمرة مفردة ثم يأتي بإحرام آخر من موضعه مكّة ، أو أدنى الحلّ ، أو ميقات الباطل للباطل ، فتأمل في هذه الفروع فانّى ما رأيتها في كلام ، التصريح بها.

٦٧

ويجب فيه الطهارة.

______________________________________________________

قوله : ويجب فيه الطهارة إلخ .. إشارة إلى مقدمات الطواف قال في المنتهى : الطهارة شرط في الطواف الواجب ذهب إليه علمائنا ، والظاهر عدم اشتراطها في المندوب.

يدل عليهما الأخبار الكثيرة مثل صحيحة محمد بن مسلم قال : سألت أحدهما عليهما السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة وهو على غير طهور (طهر قيه)؟ فقال : يتوضأ ويعيد طوافه ، وان كان تطوعا توضّأ وصلّى ركعتين (١).

ويدل على الثاني صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل طاف تطوّعا وصلّى ركعتين وهو على غير وضوء فقال : يعيد الركعتين ولا يعيد الطواف.

ولا يضرّ اشتراك عبد الرحمن الراوي عنه موسى بن القاسم (٢) لما مرّ غير مرّة.

ورواية عبيد بن زرارة عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : قلت له انّى أطوف طواف النافلة وانا على غير وضوء فقال : توضّأ وصلّ ، وان كنت متعمدا.

وغير ذلك من الاخبار فينبغي الحمل على الواجب.

وما ورد ـ في عدم الاعتداد بالطواف مع عدم الوضوء مثل ما في صحيحة على بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليهم السّلام قال : سألته عن رجل طاف بالبيت وهو جنب فذكر وهو في الطواف؟ فقال : يقطع طوافه (الطواف كا) ولا يعتدّ بشي‌ء مما طاف ، وسألته عن رجل طاف ثم ذكر أنه على غير وضوء؟ قال : يقطع طوافه ولا يعتد به ـ من قوله : وسألته إلخ لوجوب حمل المطلق والمجمل على المقيّد والمفصّل.

__________________

(١) رواها والثلثة التي بعدها في الوسائل في الباب ٣٨ من أبواب الطواف الرواية ٣ و ٧ و ٩ و ٤.

(٢) والسند (كما في التهذيب) هكذا موسى بن القاسم عن عبد الرحمن عن حمّاد عن حريز.

٦٨

وازالة النجاسة عن الثوب والبدن.

______________________________________________________

ويمكن كون أوّلها أيضا كذلك لاحتمال صحة طواف الجنب ناسيا ان كان ندبا فيعتدّ به ويغتسل ويبنى وان لم يجز له الطواف عمدا ولم يصحّ لعدم جواز دخوله المسجد الحرام.

والظاهر انه لو أحدث في الفريضة يبني مع تجاوز النصف ، ويستأنف مع عدمه ، ولا يلتفت في النافلة ، ولا يبعد في النافلة استحباب الوضوء ثم الإكمال مطلقا (١) ، والتفصيل أيضا.

ويدلّ عليه في الواجب مرسلة جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السّلام في الرّجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه؟ قال : يخرج ويتوضأ فإن كان جاز النصف بنى على طوافه وان كان أقلّ من النصف أعاد الطواف (٢).

افتى به الشيخ في التهذيب وليس ببعيد فتأمل.

وأيضا الظاهر ان التيمّم يقوم مقام بدله (٣) مع تعذره مطلقا ، وقد مرّ البحث في كتاب الطهارة (٤) فتذكر.

واما شرطية إزالة النجاسة فقال في المنتهى : خلوّ البدن والثوب من النجاسات شرط أيضا في صحة الطواف سواء كانت النجاسة دما أو غيره قلّت أو كثرت لقوله عليه السّلام الطواف بالبيت صلاة (٥).

وأنت تعلم عدم صحة الخبر فإنه ذكر في كتب الاستدلال بغير سند وما رأيته مسندا في الأصول وسيجي‌ء منع حجيّته عن المصنف في المختلف.

__________________

(١) يعنى سواء تجاوز النصف أم لا والمراد من التفصيل هو التفصيل بين تجاوز النصف وعدمه.

(٢) الوسائل الباب ٤٠ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٣) هكذا في جميع النسخ ، والصواب مبدله ، كما لا يخفى.

(٤) راجع ج ١ ص ٢٤١.

(٥) عوالي اللئالى ج ٢ ص ١٦٧ الحديث ٣ وتمامه الا أنّ الله تعالى أحلّ فيه النطق.

٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وعدم ارادة العموم لما مرّ من عدم الطهارة في النافلة ، وعدم صراحته في المطلوب ، وأنّه يدلّ على الأخصّ من مطلوبه ، إذ لا شك في العفو عن بعض النجاسات في الصلاة فلا يدلّ على خلوّهما (١) عنه في الطواف.

وقوله قدّس سرّه (دما أو غيره قلّت أو كثرت) ظاهر في عدم العفو.

ويمكن ضمّ ما ثبت عنده من عدم جواز إدخال النجاسة المسجد مطلقا وكون العالم مأمورا بالخروج فوريّا مقدّما على الطواف وكون الأمر مستلزما للنهى عن الضدّ الخاص وكونه مبطلا وقد مرّ البحث فيها.

والظاهر هو العفو عمّا عفى في الصلاة كما لو لم يكن دليل عليه غير هذا الخبر نقله في شرح القواعد عن المصنف وابن إدريس.

ويمكن ان يستدل على أصل المطلوب بخبر يونس بن يعقوب قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل يرى في ثوبه الدّم وهو في الطواف؟ قال : ينظر الموضع الذي رأى فيه الدّم فيعرفه ثمّ يخرج فيغسله ثم يعود فيتمّ طوافه (٢).

ولكن سنده غير صحيح (٣) لانه قيل : يونس فطحي وفيه بنان بن محمد وهو غير مصرّح بتوثيقه ومحسن بن احمد وهو مجهول أيضا.

على ان دلالته على الدم فقط.

ولا يدل عليه ما رواه الصدوق (في الفقيه) (في الصحيح) عن حبيب بن مظاهر (المشكور) قال : ابتدأت في طواف الفريضة وطفت شوطا واحدا فإذا إنسان قد أصاب أنفي فأدماه فخرجت فغسلته ثم جئت فابتدأت الطواف فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه السّلام فقال : بئسما صنعت كان ينبغي لك ان تبنى على ما طفت

__________________

(١) يعنى خلوّ البدن والثوب.

(٢) الوسائل الباب ٥٢ من أبواب الطواف الرواية ٢.

(٣) والسند (كما في التهذيب) هكذا : محمد بن احمد بن يحيى عن بنان بن محمد عن محسن بن احمد عن يونس بن يعقوب.

٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ثم قال : أما أنه ليس عليك شي‌ء (١).

لأنّه ما علم وجوب ذلك قد يكون ذلك مستحبا وجاز قطع الطواف له والبناء والاستيناف كما في قضاء الحاجة ، فما دلّ تقريره عليه السّلام على الوجوب والاشتراط.

على أنّه مشتمل على ذمّ ما فعله من الاستيناف مع أن الظاهر من كلامهم أنّه كان المتعين لعدم تجاوز النصف كما مرّ في الحديث.

وأنّ حبيب غير مصرّح بتوثيقه إذ الظاهر أنّه الذي قتل مع الحسين عليه الصلاة والسّلام.

قال في الخلاصة : مشكور فالظاهر أن المراد بابى عبد الله عليه السّلام في الرواية هو الحسين عليه السّلام لعدم إدراكه الصادق نعم هذه تدل على جواز الخروج عن طواف الفريضة والبناء والاستيناف ولو كان شوطا واحدا لازالة الدم عن الأنف.

ويمكن فهم عدم جواز الإزالة في المسجد ، وصحة العمل بدون النقل إذا وافق الواقع ، وان كان مرجوحا ، فافهم.

وبالجملة الأصل عدم الاشتراط ، ولا دليل يخرج عن ذلك.

ويؤيده صحيحة البزنطي ، عن بعض أصحابه ، عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : قلت له : رجل في ثوبه دم ممّا لا يجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه فقال : أجزأه الطواف فيه ثم ينزعه ويصلّى في ثوب طاهر (٢).

ولا يضرّ بصحته إرساله لما ثبت عند هم أنّه ممّا اجتمعت العصابة على تصحيح ما صحّ عنه وأنّ مرسلته مسندة إلى العدل.

__________________

(١) الوسائل الباب ٤١ من أبواب الطواف الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٥٢ من أبواب الطواف الرواية ٣.

٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

وفيها دلالة ظاهرة على عدم اشتراط خلو الثوب عن نجاسة الدم ، وكان غيره والبدن أيضا كذلك بعدم الفرق وعدم القائل به على الظاهر.

وعلى عدم وجوب إخراج النجاسة الغير المتعدية عن المساجد ، وصحة الصلاة مع العلم بها في المسجد حيث حكم عليه السّلام بصحة الطواف معه مطلقا من غير تفصيل الى العلم والجهل والنسيان وعدمه ، بل الظاهر أنّه مع العلم وبأنّه يقلع ويصلّى وما حكم بإخراجه عن المسجد ثم يصلّى.

ولو كان على المسألة دليل لأمكن حمل هذه على الجاهل أو الناسي ، ومع ذلك فيه الدلالة على بعض ما قلناه ، لما قلناه ، من حكمه عليه السّلام بأنه يقلع إلخ.

ويؤيد عدم الاشتراط في الطواف المندوب ما تقدم من عدم اشتراط الطهارة فيه وما رأيت التفصيل في كلامهم.

قال في الدروس : كرّه ابن الجنيد وابن حمزة الطواف في الثوب النجس لرواية البزنطي إلخ.

ثم انّ ظاهرهم اشتراط الستر أيضا ، وما ذكره المصنف هنا ، كأنه للظهور ، ولان الكلام في طواف الحج والعمرة ، وثوب الإحرام ستر ، وهو لازم في العمرة وغالب في الحج (١) وفيها تأمل ، ولعل عدم الذكر لعدم ثبوت الدليل كما سيظهر من كلام المختلف.

ولكن يقتضي ذلك عدم ذكر إزالة النجاسة أيضا ، الّا ان يكون ذلك لما ذكرناه من الخبر ، لكنّه غير صحيح كما عرفت ، فتأمل.

قال في المنتهى : الستر شرط في الطواف ، والخلاف كما تقدم.

أشار الى خلاف بعض العامة في اشتراط الطهارة في الطواف الواجب فلا

__________________

(١) لعلّ الغالب ان الحاج يطوفون بالبيت في طواف الحج مع ثوب الإحرام ، وان كان يجوز ان يطوفوا مع لبس المخيط (كذا بخطّه في هامش بعض النسخ الخطية)

٧٢

والختان في الرجل.

______________________________________________________

يبعد كونه إجماعيا عندنا ، كالطهارة المشبّه بها.

ثم استدلّ بقوله عليه السّلام الطواف بالبيت صلاة (١) وقال النبي صلّى الله عليه وآله : لا يحج بعد العام مشرك ولا عريان (٢).

والكلام عليهما من جهة السند واحد.

نعم يمكن ان يتم الاحتجاج بهما على بعض العامة كما أراده رحمه الله : لأنّ الظاهر انّهما من طرقهم صحيحان.

وكأنّه لا إجماع في المسألة حيث قال في المختلف : قال في الخلاف ستر العورة شرط في الطواف وتبعه ابن حمزة (ابن زهره ـ مختلف) احتج برواية ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وآله الطواف بالبيت صلاة الّا ان الله تعالى أحلّ فيه النطق وللمانع ان يمنع ذلك ، وهذه الرواية غير مستندة من طرقنا ، فلا حجّة فيها انتهى (٣).

نعم الاحتياط والقبح العقلي يقتضيه والخبر مؤيد فتأمل.

واما اشتراط الختان فالظاهر ذلك في الرّجال دون النّساء للاخبار.

مثل صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : الأغلف لا يطوف بالبيت ، ولا بأس ان تطوف المرأة (٤).

__________________

(١) عوالي اللئالى ج ٢ ص ١٦٧ الحديث ٣ وعن سنن البيهقي ج ٥ ص ٨٧ وكنز العمال ج ٣ ص ١٠ الرقم ٢٠٦.

(٢) الوسائل الباب ٥٣ من أبواب الطواف الرواية ١ عن ابن عباس في حديث انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله بعث عليّا عليه السّلام ينادى ، لا يحج بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا حظ بقيّة روايات هذا الباب أيضا.

(٣) ص ١٢١ ونقله الخلاف في مسألة ١٢٩ من كتاب الحج.

(٤) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ١ برواية الشيخ ، وفي الكافي : فلا يطوف الا وهو مختتن.

٧٣

والنية والبدأة بالحجر ، والختم به.

______________________________________________________

وصحيحة حريز وإبراهيم بن عمر جميعا عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس ان تطوف المرأة غير المخفوضة فأمّا الرّجل فلا يطوفنّ الا وهو مختون (١).

وفي الصحيح عن إبراهيم بن ميمون عن ابى عبد الله عليه السّلام ، في الرجل يسلم فيريد ان يحج وقد حضر الحج ، أيحجّ أم يختتن؟ قال : لا يحجّ حتّى يختتن (٢).

ولا يضرّ الجهل بحال إبراهيم ، ولعل توقف ابن إدريس (المنقول في الدروس) مبنىّ على أصله من التوقف عن العمل بالخبر الواحد.

قوله : والنيّة إلخ .. من هنا إشارة إلى أفعال الطواف وأجزائه ، أي يجب في تحقق الطواف النيّة ، وقد مرّ ما يكفي في ذلك.

والظاهر أنّه يكفى ان ينوي الطواف للحج أو العمرة واجبا أو ندبا لله تعالى ، كما قال في المنتهى : وهو ان ينوي الطواف للحج أو العمرة واجبا أو ندبا قربة الى الله ، بل أقلّ من ذلك ، كما أشار إليه في المنتهى أيضا ، بقوله تعالى «وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» (٣) والإخلاص هو التقرب ، وهو المراد من النيّة ، فتأمل والاحتياط الإتيان بما ذكروه في المناسك فلا ينبغي الترك.

واما وجوب الابتداء بالحجر في الجملة فالظاهر أنّه لا خلاف فيه بين العلماء ، كانّ المصنف أراد ذلك بقوله في المنتهى : ويجب الابتداء بالركن الذي فيه الحجر الى قوله : ولا نعلم فيه خلافا.

وظاهر قوانين الاستدلال يقتضي الاكتفاء في الابتداء بالحجر والختم به بما يصدق عليه ـ لغة وعرفا ـ الابتداء منه والاختتام به كما هو ظاهر أكثر المتون مثل المنتهى ، والمتن وكتابي المحقق ، وكتب الشيخ مثل التهذيب والنهاية والصدوق فإنّ

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ٣ و ٢.

(٢) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ٣ و ٢.

(٣) سورة البينة ٥.

٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الأدلة ما دلّت على أكثر من ذلك.

وهي مثل ما روى من طرقهم انه صلّى الله عليه وآله ابتدأ بالحجر (١) ويضم اليه قوله صلّى الله عليه وآله خذوا عنى مناسككم (٢) أو دليل التأسي (٣).

ومن طرقنا مثل صحيحة معاوية بن عمار عنه (اى عن ابى عبد الله عليه السّلام ـ لانه تقدم ـ قال : من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود إلى الحجر (٤).

وصحيحة الحسن بن عطيّة قال : سأله سليمان بن خالد وانا معه عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط؟ قال : أبو عبد الله عليه السّلام : وكيف طاف ستة أشواط؟ قال : استقبل الحجر وقال : الله أكبر وعقد واحدا فقال أبو عبد الله عليه السّلام يطوف شوطا وقال سليمان : انه فاته ذلك حتى أتى أهله قال : يأمر من يطوف عنه (٥).

هي كالصريحة في عدم الاحتياج إلى النيّة ، والمقارنة على الوجهين المذكورين ، وفي شرع التكبير حينئذ كما يفعله العامة فافهم.

وامّا ما ذكره البعض ـ من مقارنتها بحركة أوّل جزء من بدن الطائف إذا قام مستقيما على ما خلق المحاذي لأوّل الجزء من الحجر الذي يصل إليه أوّلا الجائي إليه من الركن اليماني بأن يقف الطائف عند الحجر جاعلا يساره الى جانب الركن ،

__________________

(١) راجع المجموع : ج ٨ ، ص ٢٩.

(٢) نقل عن المغني ج ٣ ص ٢٤٤ وص ٣٧٧ مطبعة العاصمة وتيسير الوصول ج ١ ص ٢٩٦ ورواه في عوالي اللئالى ج ١ ص ٢١٥ رقم ٧٣.

(٣) ولكم في رسول الله أسوة حسنة الآية ـ الأحزاب : ٢١.

(٤) الوسائل الباب ٣١ من أبواب الطواف الرواية ٣.

(٥) الوسائل الباب ٣٢ من أبواب الطواف الرواية ١.

٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

بحيث لا يكون شيئا من بدنه مجاوزا عن جزء مّا من الحجر ولا متأخرا عنه بوجه أصلا ظنا أو علما ـ فما رأيت له دليلا كأنّهم فهموا من وجوب الابتداء بالحجر في الطواف ، فإنّه ظاهر في ان يكون ابتداء الطواف منه بحيث يمرّ جميع بدنه على جميع الحجر بعد النية بلا فصل جزءا فجزءا على التدريج وذلك لا يمكن الا كذلك.

ولا يخفى عدم ظهور فهم هذا من الدليل.

والأصل ـ والشريعة السهلة ، وعدم البيان في الأدلة ، لا بالقول ولا بالفعل مع اهتمامهم عليهم السّلام ببيان الأحكام الشرعيّة وفعله صلّى الله عليه وآله الطواف على الناقة مع ارادة التعليم بقوله صلّى الله عليه وآله خذوا عنّى مناسككم ، وعدم فهم هذا المعنى الا بعض الخواص ، مع عموم التكليف وما مرّ ـ بدل على العموم وهو واضح ، بل ظاهر الاخبار هو الاستقبال.

مثل ما تقدم في صحيحة سليمان ، ويظهر قول باشتراطه ويحتمل كونه حال النيّة.

على انّ حسنه معاوية بن عمار (لإبراهيم) قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : كنّا نقول لا بدّ ان نستفتح بالحجر ونختم به فامّا اليوم فقد كثر النّاس (عليه) (١).

تدلّ على عدم وجوب الابتداء والختم به فالإيجاب على الوجه الذي ذكرناه ـ مع الضّرر العظيم في فعله والمشقة من المخالفين وترك التقيّة ـ غير معقول ، بل يحتمل عدم الجواز والصّحة فتأمل.

وانّه لو قلنا بمثل هذا لا يحصل المطلوب ، مع استقباله الحجر على الوجه الذي ذكره الشهيد الثاني رحمه الله ورجحه (٢) ، لأنها لم تقترن بالحركة التي هي جزء

__________________

(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٢) عبارة الشهيد في الروضة هكذا (والأفضل استقباله حال النية بوجهه ، للتأسي ، ثم يأخذ في الحركة على اليسار عقيب النية)

٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الطواف ، بل اقترنت بالحركة التي يريد بها جعل يساره الى البيت فيطوف بعده ، وان كانت النّية معه حين يساره الى البيت على الوجه المعتبر فهو عين ما ذكروه من المقارنة بالمقاديم أوّلا فليس هذا طريقا آخر فتأمل.

فالظاهر أن مراد من قال : باستقبال الحجر وجوبا وأنّه شرط ، أو استحبابا ، أنّه يفعل ذلك قبل النيّة ثم ينوى على الوجه المذكور ، الّا ان تجوز المسامحة ويكتفى بصدق الابتداء كما أشرنا اليه ، ولكن لا بدّ من فعل النّية بعد جعل البيت على اليسار ومقارنتها لأوّل الطواف كما هو المشهور.

والظاهر أنّه لو كان متذكرا للنيّة قبل وصوله الى الحجر ومرّ عليه متذكرا يكفى ذلك.

وأنّه يكفى في الختم أيضا ما ذكرناه ، ولا يحتاج في انتهاء السابع إلى ملاحظة الوجه الذي ذكروه في الابتداء ، لما تقدم ، بل هنا أصعب لأنّهم يقولون أدنى زيادة ونقصان يضرّ.

وانّه يكفى ان يمرّ في السابع على الحجر ويتجاوز عنه بقصد أن بكون ما يتمّ به السابع طوافا والباقي يكون عبثا أو ندبا أو يكون غافلا عنها.

هذا مع تقدير تحريم الزيادة والنقصان وان قلّ ، وأنهما مضرّان عمدا في الطواف وسيجي‌ء تحقيق ذلك.

على انّه ينبغي منه ملاحظة ما كان من باب المقدمة مع النيّة في الابتداء والانتهاء وذلك ليس قدرا محققا ، فلو اعتبر الفصل الحسّي لأشكل الأمر ، والعجب انّ هذا غير مذكور في الكتب.

ويؤيّد عدم اعتبار الفصل الحسّي عدم اعتباره في الصوم ونحوه فتأمل ، إذ مدار الاحكام عندهم على القصد ، ولأنّه لا شك انّه ما زاد في الطواف الشرعي عمدا لوقوعها بغير نية ابتداء وهو ظاهر ، واستدامة لانقطاعها بالفصل الحكمي ولا يجب

٧٧

والطواف سبعا ، وجعل البيت على يساره ، وإدخال الحجر.

______________________________________________________

الفصل الحسّي كما لم يجب في الابتداء ، فإنه قد صرح بجواز الطواف متذكرا للنيّة بحيث تقع المقارنة المعتبرة ، وان لم يشعر به الإنسان ولا يقف في تلك الحالة ولم يميّزها عن باقي الحالات.

والظاهر انّ المدار على ذلك في المقارنة حين الاستقبال كما أشرنا إليه. فاحتمال الاعتبار بالفصل الحسّي ـ وعدم جواز الاكتفاء بما قدّمناه ، بل يكون ذلك زيادة مبطلة يجب الإعادة ـ محلّ التأمل.

وأظنّ انّ احداث مثل هذه الاحتمالات توجب الوسواس وتضيع الأوقات بتكرار الطواف مرّة بعد اخرى حتى يحصل ذلك كما فعلناه ورأينا كثيرا من الطلبة يفعل ذلك طلبا للاحتياط للخروج عن هذا الاحتمال ويمكن وقوع الناس في البدعة وهو اعرف بما قال رحمه الله.

قوله : والطواف سبعا إلخ .. قال في المنتهى : وجوب الطواف سبعا قول كل العلماء.

ويدلّ عليه الاخبار أيضا مثل صحيحة الحسن بن عطيّة المتقدمة من امره عليه السّلام بشوط آخر من طاف ستّة (١).

وكان وجوب كون البيت على اليسار إجماعي ، ومستند الى فعله صلّى الله عليه وآله مع قوله صلّى الله عليه وآله : خذوا عنى مناسككم (٢) والى فعلهم عليهم السّلام ودليل التأسي.

فتأمل فيه ، حيث ما نقل الإجماع فيه ، والفعل مع القول لا يدلّ ، نعم ما نقل في المنتهى الخلاف في الإعادة ان لم يجعله على اليسار الّا عن أبي حنيفة ، فإنّه

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٢ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٢) عوالي اللئالى ج ٤ حديث ١١٨ ص ٣٤ وج ١ ص ٢١٥ رقم ٧٣.

٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

قال : يطوف ما دام في مكة وان خرج لا يعيد ، وهو مشعر بإجماع غيره على وجوب الإعادة ، وإجماع الكل على وجوبه على اليسار ، فافهم.

وعلى كل حال القول بجواز غير ذلك لم يظهر فلا يمكن الذهاب إليه فتأمل.

والظاهر انّ وجوب إدخال الحجر أيضا ـ بأن يدور عليه لا ان يدور بينه وبين البيت سواء قلنا أنّه منه أم لا كما هو الظاهر ويدل عليه الرواية ـ إجماعي الأصحاب ، حيث ما نقل الخلاف الّا عن أبي حنيفة في انه إذا سلك الحجر أجزأه.

ويدلّ عليه أيضا صحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : قلت له : رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر؟ قال : يعيد ذلك الشوط (١).

ولا يضرّ اشتراك ابن مسكان (٢) لانّ الظاهر انّه عبد الله لنقله عن الحلبي ، ولهذا قال في المنتهى في الصحيح عن الحلبي هكذا في التهذيب وفي الفقيه بعد قوله في الحجر كيف يصنع؟ قال : يعيد الطواف الواحد.

وظاهر ان المراد بالطواف الواحد هو الشوط الذي اختصر في الحجر بان جعله خارجا وطاف بينه وبين البيت كما كان صريحا في التهذيب ، ويشعر به الطواف موصوفا بالواحد معرفا وإطلاق الطواف على الشوط صحيح لغة وعرفا وهو وارد في الروايات أيضا.

وصحيحة معاوية بن عمّار (في الفقيه) وحسنته في الكافي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود الى

__________________

(١) الوسائل الباب ٣١ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٢) سند الحديث كما في التهذيب هكذا : موسى بن القاسم عن صفوان وابن ابى عمير عن ابن مسكان عن الحلبي.

٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الحجر الأسود (١).

وهذه قد تقدمت ، وتدلّ على وقوع جميع الطواف في الحجر فيجب استينافه رأسا.

وروى في الفقيه عن إبراهيم بن سفيان قال : كتبت الى ابى الحسن الرضا عليه السّلام امرأة طافت طواف الحج فلما كانت في الشوط السابع اختصرت فطافت في الحجر وصلّت ركعتي الفريضة وسعت وطافت طواف النساء ثم أتت منى؟ فكتب عليه السّلام : تعيد (٢).

يمكن ان يكون المراد اعادة ذلك الشوط لا كلّ الطواف ولا مع ما بعده ، بقرينة ما تقدم ، وان القصور في النصف الأخير لا يوجب ذلك ، وما رأيت غير هذه الروايات.

فقول الدروس : ولو اختصر شوطا في الحجر ففي اعادته وحده أو الاستيناف روايتان. ويمكن اعتبار تجاوز النصف هنا وحينئذ لو كان السابع ، كفاه إتمام الشوط من موضع سلوك الحجر (٣).

ان كان مراده بالرواية على الاستيناف ، هذه الرواية فغير جيّد لما مرّ ولقوله ويمكن إلخ ولان هذه الرواية غير صحيحة ، وما تقدم صحيحة. وان كان رواية معاوية فكذلك إذ هي ظاهرة في وقوع الطواف بتمامه أو الشوط الأوّل في الحجر.

وبالجملة الظاهر العمل بمضمون الرواية الأوّلة وعدم اعتبار تجاوز النصف ، لظاهرها ، وعدم الضرر بالفصل بالشوط الفاسد بين الأشواط. فإذا كان الثاني في الحجر مثلا يصير الثالث ثانيا وهكذا ويبقى واحد في الأخير.

ففيه اشعار بعدم الاعتداد بقصد كون الشوط والركعة في محله فافهم.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣١ من أبواب الطواف الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ٣١ من أبواب الطواف الرواية ٤.

(٣) انتهى كلام الدّروس.

٨٠