مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

والسقف في المسكن ، والحائط في الحظيرة ، والمرز أو المسناة ، وسوق الماء في أرض الزرع ، أو قطع المياه الغالبة عنها ، أو عضد شجرها المضر.

______________________________________________________

عادة في ذلك المحيي ، وهو يختلف باختلافها :

لعل حصول الاحياء في المذكورات بمثل المذكورات ، لا أدون ، مثل الحائط في المسكن فإنه تحجير لا إحياء بالإجماع ، وبان المعتبر في الملك هو الإحياء بالإجماع والنص ، وذلك لم يحصل عادة إلا بالمذكورات ، ولكن اكتفى فيه بالتحجير بعض الأصحاب.

وقد حمل في الدروس على كون ذلك احياء له مثل كون الأرض للزراعة مع عدم احتياجها إلى السقي أصلا ، فتأمل.

وجعل من التحجير ـ الذي يفيد الأولوية ـ الشروع في الاحياء ونصب العلامة ، مثل وضع الأحجار ونصبها وغرز الخشبات والقصبات ، أو جمع تراب ، أو لخط عليها في شرح الشرائع (١) ، وليس ببعيد.

ولعل دليل إفادته الأولوية ، العقل بحيث يحسن ذلك ، ويقبح إخراج الفاعل عدوانا وظلما ، ولا يبعد كونه إجماعيا أيضا.

ودليل عدم افادته الملك ، هو الأصل وعدم الدليل.

ويحتمل ان يكون المراد بسوق الماء ـ للأحياء في أرض الزرع ـ الاجراء الى حواليها بحيث يسهل سقى زرع تلك الأرض من دون مشقة زائدة بحيث يحتاج الى حفر نهر كبير ، بل كلما أراد سقيها يسهل له ذلك.

ويحتمل ان يكون الاجراء بالفعل على الأرض التي أريد زرعها ، لان السوق ظاهر فيه وهو موجود في أكثر العبارات ، ومذهب العامة.

ويؤيده الأصل ، وبعد تملك الأرض الكثيرة جدا على حافتي النهر وما

__________________

(١) متعلق بقوله : وجعل من التحجير.

٥٠١

والمعادن الظاهرة لا تملك بالاحياء ولا تختص بالتحجير.

______________________________________________________

تحته الى ان يمكن وصول الماء بأخذ نهر صغير من شط ، وخصوصا في الأرض التي يحتاج زرعها إلى سقى الماء أوّلا كما في العراق.

وبالجملة لو كان ذلك مذهبا كما هو ظاهر العبارة فالقول به غير بعيد ، وذلك هو العرف.

ولا تفاوت على الأول (١) بين ما تحت نهر الماء وأطرافه ، فيمكن تملك كل ارض يمكن سقيها منه بإجراء ذلك الماء بسهولة وزمان قليل.

وكل ما قلناه تخمين من غير تحقيق ، وسيجي‌ء زيادة تحقيقها في كتاب احياء الموات ان شاء الله تعالى.

قوله : (والمعادن الظاهرة لا تملك إلخ). هي كالملح ، والقير ، والنفط ، على وجه الأرض ، بحيث لا يحتاج تحصيلها إلى مشقة عرفا :

وجه عدم التملك حينئذ ، هو ثبوت الإباحة والاذن من الشارع للناس بالعقل والنقل : مثل «خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً» (٢) وغيره ، فبمقتضاه يكون الكل مساويا فيه ، وخروجها عنه بالاحياء يحتاج الى دليل ، وليس بواضح :

ولا يبعد التملك بتملك الأرض التي هي فيها بإحيائها ، لان ملكيتها مستلزمة لملكية ما فيها ، وقد صرّح في الدروس بعدم تملكها بتملكها ، وهو الظاهر من المتن وغيره ، وهم اعرف.

ثم اعلم ان الكلام في معدن أرض مباحة يمكن تملكها ، لان ما في الاملاك لصاحبها.

وحينئذ يمكن كون ما يوجد في الأنفال للإمام عليه السّلام فلا يكون مباحة إلا لمن أباحوا له.

__________________

(١) الظاهر انّ المراد بالأوّل ، قوله : ويحتمل ان يكون المراد بسوق الماء إلخ.

(٢) البقرة ، الآية ٢٩.

٥٠٢

وللسابق أخذ حاجته

______________________________________________________

وفي الخبر مثل خبر مسمع (١) تصريح الى ان الأرض وما فيها لهم عليهم السّلام : وان كان ظاهر الآيات ـ مثل ما مر ، وعمومات الاخبار ، وغير ذلك ، وقواعد أكثر الأصحاب ـ يقتضي تخصيصها.

نعم قول البعض بعدم تملكهم عليهم السّلام الموات كلها مثل بطون الأودية ، كقول العامة : يكون الناس في الكل شرعا. يوافقها.

وبالجملة ، لا شك في إباحة المباحات بالأصل ، من المعادن وغيرها ، للشيعة ، ولكن قالوا : لا يحصل الملك لهم بالاحياء ، ولا الأولوية والاختصاص بالتحجير في المعدن الظاهر.

وفيه تأمل ، خصوصا في الاختصاص بالتحجير ، فإنه قد يكون المعدن الظاهر مستورا بشي‌ء قليل ، ويحتاج الى عمل قليل.

فحينئذ الظاهر التحقيق (التحقق) ، الا أن يقال : مرادهم من الظاهرة ما لا يحتاج الى عمل ومؤنة أصلا.

وعلى ذلك التقدير ، فللسابق أخذ ما يريد ، وليس لأحد منعه ودفعه ، والأخذ من الموضع الذي يأخذ ، وليس للاحق الا بعد خروجه. ويمكن التملك لو أزال السابق واحدا من المكان الذي يأخذ منه ، ويكون الفعل حراما فقط. ويحتمل عدم التملك لما مر من انه لو زال التحجير لم يملك ، وهذا ليس بأقل منه ، فتأمّل.

وكذا الكلام في سائر المباحات ، المتملك ما يختاره من الماء والكلاء والحطب وغيرها هذا ظاهر :

ولكن الكلام في تحقيق مقدار حاجة السابق ، الذي لا يمكن للّاحق

__________________

(١) الوسائل ، ج ٦ ، كتاب الخمس ، باب ٤ من أبواب الأنفال ، حديث ١٢ حيث قال عليه السّلام : يا أبا سيار الأرض كلّها لنا.

٥٠٣

ولو تسابقا أقرع مع تعذر الاجتماع.

ولو حفر الى جانب المملحة بئرا وساق الماء إليها وصار ملحا ملكه.

وتملك الباطنة بالعمل.

وللإمام إقطاعها قبل التملك ، وإحيائها ببلوغها ، والتحجير

______________________________________________________

الأخذ من المباحات المذكورة إلا بعد إخراجه ذلك المقدار ، فان الموضع قد يكون واسعا وله طرق. وينبغي عدم النزاع في الجواز حينئذ من كل الجوانب. ويكون النزاع في الموضع الذي لا يسع الا السابق ، أو بدله وما حوله مما يسهل أخذه بمد اليد ، والوصول اليه من غير مشقة عادة.

ولعل الأمر فيه أيضا راجع الى العادة بحيث لا يقال انه صار اولى وان الأخذ منه ظلم.

وجه تساوى المتسابقين مع إمكان الاجتماع ظاهر. ووجه القرعة مع عدم الإمكان ، عموم : القرعة في كل أمر مشكل (١) ويحتمل الاشتراك والقسمة بينهما مع قبولها ذلك.

والظاهر ان اجراء الماء إليها من النهر المباح والبحر وماء الغيث مثل ماء البئر.

قوله : (وتملك الباطنة بالعمل). اى بالعمل الذي يكون احياء لها ، بان يبلغها ، كما يعلم من قوله بعيدة (وإحيائها ببلوغها)

قوله : (وللإمام إقطاعها قبل التملك إلخ). هذا ظاهر في أرضه عليه السّلام

__________________

(١) يجد المتتبع في أبواب الفقه موارد كثيرة تمسكوا لحل المشاكل بالقرعة ، ولكن لم نجد الحديث بالعبارة المتداولة في السنة الفقهاء ، نعم في الوسائل ، كتاب القضاء باب ١٣ من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ، الحديث ١١ ـ ١٨ أورد حديثين بما يشابه هذه العبارة ، ولفظ الحديث (عن محمد بن حكيم قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن شي‌ء؟ فقال : كل مجهول ففيه القرعة ، قلت له : ان القرعة تخطئ وتصيب؟ قال : كلما حكم الله به فليس بمخطئ ، وفي عوالي اللئالى ج ٢ ، ص ١١٢ تحت رقم ٣٠٨ ما هذا لفظه (ونقل عن أهل البيت عليهم السّلام : كل أمر مشكل فيه القرعة)

٥٠٤

بدونه ، ويجبره الامام على إتمام العمل أو التخلية.

ولو ظهر في المحياة معدن ملكه ويملك حافر البئر ماؤها :

ومياه الغيوث والعيون والآبار المباحة شرع.

______________________________________________________

والأرض المفتوحة عنوة كذلك ، لأنه وليّ المسلمين : وكذا في الأرض التي صولح أهلها على انها للمسلمين : وبالجملة هو الحاكم : وقد مر ما يفهم شرح قوله (وإحيائها) إلى قوله (أو التخلية)

وقوله : (ولو ظهر في المحياة إلخ). أي لو أحيا أرضا فظهر فيها معدن ملكها وما فيها من المعادن الباطنة بقرينة ما مر من ان إحياء الأرض ليس بسبب ، لملكية المعدن الظاهر ، مع عدم ظهور وجهه ، وظهور وجه هذا ، فتأمل.

قوله : (ويملك حافر البئر ماؤها). لعل دليله انه أمر قابل للتملك ، والحفر سبيل اليه. ولبعد عدم حصوله مع التعب. ولانه الظاهر من اعمال المسلمين بحيث يحفرون الآبار ويتصرّفون فيها تصرف الملّاك كالقناة والآبار للزراعات والاغراس وغير ذلك من غير نكير. ويشعر به ما يدل على ثبوت حريمها.

ويبعد القول بعدم التملك ـ لانه يتجدد آنا فآنا فليس هنا موجودا كله حتى يتملك ـ لانه قد يكفى تملك الأرض ، والموجود فيها في تملك الباقي ، كما في بيع البئر ، فتأمّل.

ثم ان الظاهر ان الماء بعد خروجه عن البئر أيضا باق على ملكه ، الا انه قد يفهم جواز التصرف فيه سيما للشرب والغسل والوضوء ، لقرينة ، ولإعراض صاحبه عنه ، فافهم.

قوله : (ومياه الغيوث إلخ). ظاهره اشتراك كل إنسان في جميع المياه المذكورة.

لعل المراد بماء الغيث وماء العيون وماء البئر ، الذي الناس فيه شرع (بتحريك الراء وسكونها ـ اى سواء ـ وهو يطلق على الواحد والتثنية والجمع ، لانه

٥٠٥

ويملك المحيز في إناء وشبهه.

وما يقبضه النهر المملوك لصاحبه ، ويقسم على قدر أنصبائهم.

______________________________________________________

مصدر) ما يكون في الأرض المباحة التي هم فيها سواء ، لان الماء الذي في الأرض المملوكة تابعة (١) لها ، مثل ماء البئر والعين اللتين فيها ، فان الظاهر ان لا يخرج ماء الآبار والغيوث والعيون كما كان بالخروج عنها ، ولكن يمكن جواز التصرف فيه إذا خرج عن المملوكة بالقرائن والاعراض.

والظاهر ان الماء المباح الجاري من الأنهار والشطوط الى الملك كذلك وان لم تهيأ الأرض لذلك ، والدليل غير واضح : وفي قوله فيما سيأتي (وما يقبضه النهر إلخ) دلالة على ان ذلك مختاره ، وقد يفرق كما سيظهر ، فتأمل.

والاستصحاب ، ودليل اباحة المباحات ، يقتضي عدم التملك بمجرد ذلك ، وقد يؤل ذلك الى الضيق ، بان يكون الشط والغيث في أرض مملوكة.

نعم لا يجوز الدخول في الأرض المملوكة لأخذ هذا الماء وغيره ، الا في صورة يجوز الدخول بإذن صريح وغيره.

قوله : (ويملك المحيز في إناء وشبهه). مثل ان يأخذه بيده ويجعله في أرض مملوكة.

قوله : (وما يقبضه النهر المملوك لصاحبه إلخ). أي ما يدخل النهر المملوك ـ من المياه المباحة ، سواء كان من الغيث والعين والشط الكبير وغيرها ـ يكون ملكا لصاحب النهر ، حقيقا به ، وان لم يكن مالكا على الاحتمال ، وكأنه لذلك قال «لصاحبه» دون مالكه.

ويحتمل ان يريد بالصاحب المالك : ولعل مراده ما حفر بقصد قبض الماء ، لا لغرض آخر وكذلك كلّ ما هيّئ لذلك في الأرض.

__________________

(١) هكذا في النسخ ولعل الصواب (تابع) لها.

٥٠٦

ولو قصر المباح أو سيل الوادي ، بدئ بالأول :

______________________________________________________

ولعل دليله رواية إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن بيع الكلاء إذا كان سيحا فيعمد الرجل الى مائه فيسوقه إلى الأرض فيسقيه الحشيش ، وهو الذي حفر النهر ، وله الماء يزرع به ما شاء؟ فقال : إذا كان الماء له فليزرع به ما شاء وليبعه بما أحب (١) فتأمل.

وما مر في حفر البئر وتملك مائها بسبب الحفر.

وكأنّ ذلك هو الفرق بينه وبين ما أشرنا إليه من عدم تملك الماء بمجرد دخوله في ملك الإنسان : وليس فيه إشارة إلى اعتبار قصد التملك في تملك المباحات ، فان ذلك قصد الحيازة.

والظاهر انه كاف. وأنّ قصد التملك ليس بشرط ، للأصل ، وظاهر أدلّة تملك المباحات.

نعم لا يبعد اعتبار قصد عدم التملك ، مثل ان يقصد الأخذ لغيره ، لأصل عدم الحيز (٢) ، ولكل امرء ما نوى (٣).

ولوقوع الإجارة على الاحتطاب والاحتشاش وأخذ المياه واصطياد السمك ، بين المسلمين من غير نكير ، فيحمل على الصحة لذلك ، لأدلّة صحة الإجارة والجعالة ، فإنها يشملها ، فتأمل.

قوله : (ولو قصر المباح إلخ). يعني إذا كانت على حافّة النهر المباح مثل الفرات أو موضع السيل زروع متعددة وغروس كذلك ، لأشخاص ، فإن كان كافيا للكل بحيث لا يحصل على احد الضرر بالتقديم والتأخير فلا مشاحة ولا نزاع : وان

__________________

(١) الوسائل ، باب ٩ ، من أبواب إحياء الموات ، قطعة من حديث ٢ ، وفي التهذيب ، ج ٧ ، باب بيع الماء والمنع منه ، ص ١٤١ الحديث ٧ ، وفيه (وليتصدق) بدل (وليبعه)

(٢) وكل من ضم الى نفسه شيئا فقد حازه حوزا وحيازة واحتازه وحازه حيزا من باب سار لغة فيه (مجمع البحرين)

(٣) الوسائل ، باب ٥ ، من أبواب مقدمة العبادات قطعة من الحديث ١٠.

٥٠٧

للزرع الى الشراك. وللشجر الى القدم وللنخل الى الساق ثم يرسل الى من يليه ولا يجب قبل ذلك وان ادى الى التلف

______________________________________________________

كان قاصرا فالذي قريب إلى فوهة النهر ـ أي أول ما يصل اليه المباح ـ اولى ، ومقدم على الكل : قيل بشرط ان لا يعلم كون المتأخر سابقا في الاحياء على الأول ، فإنه لو علم فهو اولى ، والمراد حينئذ ، الأول احياء وان كان آخرا مكانا.

فحق الأول سابق ، فما احتاج اليه عادة ، لم يجب على صاحبه إيصاله الى ما بعده ، ولا يجوز لغيره إجرائه على ملكه بغير اذنه.

وقد قدر ذلك للزرع بان يخلى الماء اليه حتى يقف الى شراك النعل ، وكأنّه ما فوق الأصابع وأصولها :

وللشجر اى غير النخل الى القدم ، بان يصل الى ظهر القدم ، وستره ، وما ستر الساق :

وللنخل الى الساق بان يصل إليه كأنه يأخذ جزء منه.

ولم يجب على صاحب الأوّل إعطائه الى من يليه وان تلف ما يليه ولم يتلف ماله ، بل ينقص : هذا هو المشهور بل كاد ان يكون إجماعيا.

ويدل عليه الخبر مثل رواية غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال سمعته يقول قضى رسول الله صلّى الله عليه وآله في سيل وادي مهزور (١) للزرع الى الشراك ، وللنخل الى الكعب ثم يرسل الماء إلى أسفل من ذلك قال ابن أبي عمير : والمهزور ، موضع الوادي (٢).

وروايته أيضا عن أبي عبد الله عليه السّلام قال قضى رسول الله صلّى الله

__________________

(١) مهزور : وادي بني قريظة بالحجاز ، فاما بتقديم الراء على الزاي فموضع سوق المدينة تصدق به رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلم على المسلمين : النهاية لابن الأثير ، ج ٥ ص ٢٦٢ في لغة (هزر) وفي الوسائل والكافي (ومهزور موضع واد)

(٢) أورده والذي بعده في الوسائل باب ٨ ، من أبواب إحياء الموات حديث ١ ـ ٣.

٥٠٨

خاتمة

لا يجوز الانتفاع بالطرق في غير الاستطراق ، الا بما لا يفوت معه منفعته ، فلو جلس غير مضر ثم قام بطل حقه ، وان قام بنية العود : ولو كان للبيع والشراء في الرحاب فكذلك ، الا ان يكون رحله باقيا.

______________________________________________________

عليه وآله في سيل وادي مهزور ان يحبس الأعلى على الأسفل ، للنخل الى الكعبين وللزرع الى الشراكين.

ورواية عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السّلام قال قضى رسول الله صلّى الله عليه وآله في شرب النخل بالسيل : ان الأعلى يشرب قبل الأسفل ، يترك من الماء الى الكعبين ثم يسرح الماء إلى الأسفل الذي يليه ، كذلك حتى ينقضي الحوائط ويفنى الماء (١) :

ولكن ما فيها دلالة على الشجر غير النخل ، لعله موجود في غيرها ، ولعل فيها دلالة على كون الكعب غير ظاهر القدم.

خاتمة

قوله : (لا يجوز إلخ). إشارة إلى الأراضي التي انتفاعها مشتركة بين الناس مثل الطرق لاستطراقهم والمساجد والمدارس والخانات : فلا يجوز الانتفاع بشي‌ء منها لأحد بغير الوجه الذي عين له ، مع المنع عن ذلك الوجه ، مثل الجلوس في الطرق مع المنع عن الاستطراق ، والاعمال في المساجد مع منع المصلين عن الصلاة.

ولعل دليله الإجماع ، وإخراج ما عين لشي‌ء عنه. والتغيير والتبديل المضر بما عين ، قبيح عقلا ونقلا ، فعلم ان الجلوس الغير المضر بالانتفاع المطلوب ، جائز في الطريق

__________________

(١) الوسائل ، باب ٨ ، من أبواب إحياء الموات ، حديث ٥.

٥٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ثم ان الظاهر انه أحق به ما دام جالسا كذلك ، فليس لأحد منعه وإخراجه للأحقية الثابتة له بالسبق ، والعقل يجده ، ويحتمل الإجماع والنص أيضا :

وإذا قام بطل حقه لرفع علته ، وان قام بنية العود ، وان قال بالأحقية ـ حينئذ أيضا ـ بعض الأصحاب خصوصا مع قصر الزمان.

وقيل في شرح الشرائع (١) ، لا كلام في بطلان حقه ان طال الزمان.

والظاهر ما هو المشهور كما في المتن ، لأصل الاشتراك ، وعدم ظهور دليل على ثبوت (حق ـ ظ) له حينئذ.

وكذلك لو كان جلوسه للبيع والشراء في الطرق والمواضع المتسعة الغير المضر بالانتفاع المطلوب منها بوجه ، هذا أيضا هو المشهور.

وقيل : بالمنع مطلقا ، دليله غير تام ، الا ترى انه يجوز الجلوس في مثل المسجد مع عدم المنع عن الانتفاع.

ويؤيده عمل الناس دائما من غير نكير ، والأصل. ولكن لو قام بطل حقه الا ان يكون رحله باقيا حينئذ.

والمشهور أيضا انه أحق حينئذ مستندا الى ما روى عن أمير المؤمنين عليه السّلام سوق المسلمين كمسجدهم (٢) وقد ثبت ذلك في المسجد فيكون في السوق كذلك ، بل قيل : انه لو كان جالسا لغير الشراء والبيع ، بل للاستراحة ونحوه

__________________

(١) اى قال الشهيد في المسالك في شرح قول المصنف قدس الله سرهما : (اما لو قام قبل استيفاء غرضه بحاجة ينوي معها العود ـ قيل ـ كان أحق بمكانه) ما هذا لفظه : ولو طال زمان المفارقة فلا إشكال في زوال حقه ، لاستناد الضرر إليه إلخ وهذا هو المراد من قوله : (وقيل في شرح الشرائع)

(٢) الوسائل باب ١٧ ، من أبواب آداب التجارة ، قطعة من حديث ١ ولفظ الحديث (عن أمير المؤمنين عليه السّلام سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق الى مكان فهو أحق به الى الليل ، وكان لا يأخذ على بيوت السوق كراء) وباب ٥٦ من أبواب أحكام المساجد ، قطعة من حديث ٢.

٥١٠

ومن سبق الى موضع (من خ ل) في المسجد فهو اولى (به خ) ما دام جالسا ، ولو قام ورحله فيه فهو اولى عند العود ، والا فلا.

______________________________________________________

فقام بنية العود ورحله باق فهو أحق ، قياسا على المسجد وفي الدليل تأمل.

فالظاهر عدم الاستحقاق الا انه لا ينبغي رفع رحله من غير إذنه ، فتأمل.

ويمكن الجواز مع توقف الانتفاع به والضمان حينئذ : ويحتمل عدمه ، فيكون أمانة ، للإذن شرعا في الرفع والأصل عدم الضمان وصرح في شرح الشرائع بجواز أخذ الرحل من مكانه في المسجد ، واحتمال عدم الضمان كما سيجي‌ء.

قوله : (ومن سبق إلخ).

من المشتركات المسجد ، ولا كلام في أولوية السابق الى مكان منه للصلاة ، أو لعبادة اخرى : مثل التلاوة والتدريس والتدرس ما دام فيه. ولا في بطلان حقه بالقيام بعدم نية العود ، بل في بقاء حقه ببقاء رحله بنية عوده مع قصر الزمان.

لقوله صلّى الله عليه وآله : إذا قام أحدكم من مجلسه في المسجد فهو أحق به إذا عاد اليه (١).

وقول أمير المؤمنين عليه السّلام : سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق الى مكان فهو أحق به الى الليل (٢).

ولا يضر عدم صحة السند ، ولا كونه أعم من المدعى ، بل ولا كون الثاني أخص من وجه (٣) فإنهم قائلون بالبقاء ما دام الرحل فيه ، لا الى الليل فقط مطلقا

__________________

(١) لم نعثر على حديث بهذه العبارة ولكن في سنن ابى داود ، ج ٤ ، كتاب الأدب ، باب إذا قام من مجلس ثم رجع حديث ٤٨٥٣ ما هذا لفظه : عن سهل بن أبي صالح قال : كنت عند أبي جالسا وعنده غلام ، فقام ثم رجع ، فحدث عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه (وآله) وسلم قال : إذا قام الرجل من مجلس ثم رجع اليه فهو أحق به.

(٢) تقدم آنفا.

(٣) قوله قدس سره : ولا يضر عدم صحة السند ، الى قوله : أخص من وجه ، دفع لما يتوهم من الاعتراض على المدعى بأحد الوجه الثلاثة ، (أحدها) عدم صحة السند في الخبرين ، لكون طريق الأول عاميا ،

٥١١

.................................................................................................

______________________________________________________

لأنه (١) مؤيد للمشهور ويخرج ما يخرج بالإجماع ، يبقى في الباقي مؤيدا.

فتأمل في دلالة الثاني ، فإن المتبادر منه كونه اولى ما دام فيه ، وقيد بالليل لقيامه حينئذ (٢) فهو يدل على بطلان حقه بالقيام حينئذ فتأمل.

قال في شرح الشرائع : فإن كان رحله ـ وهو شي‌ء من أمتعته ، وان قل ـ باقيا فهو أحق به حينئذ للنص على ذلك هنا وقيده في الذكرى ، بان لا يطول زمان المفارقة والا بطل حقه أيضا ، ولا بأس به خصوصا مع حضور الجماعة واستلزام تجنب موضعه ، وجود فرجة في الصف ، للنهى عن ذلك ، بل استثنى بعضهم ذلك مطلقا ، وحكم بسقوط حقه حينئذ ، ولا بأس به ثم على تقدير سقوط حقه يجوز رفع رحله ، ان استلزم المنع من التصرف فيه (٣) ، وتوقف تسوية الصف عليه ، ويضمنه الرافع له إلى ان يوصله الى صاحبه ، جمعا بين الحقين : مع احتمال عدم الضمان للاذن فيه شرعا ، وان لم يكن رحله باقيا ، فان كان قيامه لغير ضرورة ، سقط حقه مطلقا في المشهور وفرقوا بينه وبين مقاعد الأسواق بأن غرض المعاملة يختلف باختلاف المقاعد ، والصلاة في بقاع المسجد لا يختلف : وفيه نظر ، لمنع عدم اختلاف بقاع المسجد في الفضيلة ، لأن ثواب الصلاة في الصف الأول أكثر (٤).

وفيه تأمل : إذ الخروج ـ من الأمر الثابت بالنص مع الشهرة العظيمة واستحسان العقل بمجرد طول الزمان فضلا عن قصره ووجود الفرجة التي منهي

__________________

وفي الثاني طلحة بن زيد ، وهو أيضا عامي ، (ثانيها) كون الخبرين أعم من المدعى ، لان المدعى كما في المتن خصوص المسجد والدليل أعم منه ، (ثالثها) كون الخبر الثاني أخص من وجه من المدعى ، لان المدعى أحقيته ما دام جالسا ، والدليل مقيد بكونه الى الليل وبينهما عموم من وجه كما لا يخفى.

(١) تعليل لقوله قدس سره : لا يضر.

(٢) فيكون القيد في الخبر بقوله : الى الليل ، واردا مورد الغالب.

(٣) عبارة المسالك هكذا : ويجوز رفع رحله ان استلزم شغل موضعه ثم التصرف فيه ، وتوقف تسوية الصف عليه.

(٤) من قوله : ثم على تقدير سقوطه : الى هنا كلام الشهيد في المسالك ، ج ٢ ، ص ٢٩٢.

٥١٢

ولو استبق اثنان ولم يمكن الجمع أقرع.

______________________________________________________

تركها كذلك على الحضار مع الاختيار ، نهى كراهية ـ مشكل.

نعم ذلك محتمل مع التعطيل واحتياج المصلين اليه مطلقا ، والى (١) ان يأتي صاحبه ، ويكون بعد مجيئه أحق به ، ويجب اخلائه له.

ولا يبعد ذلك في جميع المواضع التي هو أحق ، فإن الموضع في الأصل مباح ومشترك ، وانما المقصود من الأحقية عدم بطلان حقه ومنعه عن ذلك الموضع ، وذلك منتف حين غيبته.

فلا يبعد جواز الجلوس في مكانه الذي هو أحق به ، مع عدم بقاء رحله ، ومع بقائه بشرط عدم التصرف فيه ، وكذا الاشتغال بالعبادات فيه حتى الصلاة ، إذا علم عدم مجيئه إلا بعد الفراغ ، وعدم حصول منعه حينئذ ، فافهم.

ويشكل أيضا جواز التصرف في رحله ورفعه ، خصوصا مع احتمال عدم الضمان بمجرد ذلك لتسوية الصف كما جوزه ، لان التصرف في مال الغير منهي عنه عقلا وشرعا بالنص ، والإجماع ، فيبعد الخروج عنه بمثل ذلك.

وأيضا يفهم عدم بطلان حق الجلوس في الأسواق ، مع قيامه لغير ضرورة ولم يكن رحله باقيا على المشهور ، وهو غير ظاهر.

وأيضا لا يبعد (كون ـ ظ) كثرة الثواب غرضا في العرف ، وهو اعرف.

ثم ان ظاهر المصنف هنا عدم البقاء بدون الرحل مطلقا ، سواء قام بنيّة العود وعدمه ، والبقاء معه مطلقا مع طول الزمان وقصره.

قوله : (ولو استبق إلخ).أي وصلا الى مكان معا من غير تقدم وتأخر ، ولا يسع إلا لأحدهما ، ولم يسامح أحدهما الآخر : أقرع.

دليله انحصار وجه الخلاص ، ودفع الاشكال فيها.

__________________

(١) هكذا في النسخ ولعل الصواب زيادة الواو أو كونها بمعنى (أو)

٥١٣

ومن سكن بيتا في مدرسة أو رباط ممن له السكنى فهو أحق.

ولا يجوز إزعاجه ، وله المنع من المشاركة.

ولو شرط التشاغل بالعلم أو مدة ، بطل حقه بالترك أو خروجها ولو فارق بطل حقه وان كان لعذر

______________________________________________________

قوله : (ومن سكن بيتا إلخ). ثالث المشتركات المدارس والرباط : المراد به المواضع الموقوفة لسكنى المترددين ، ومن لا مسكن له مثل الخانات : ومعلوم أحقية من سكن بيتا منها وهو ممن له السكنى فيه ، بان يكون متصفا بوصف من جعل له.

وكذا معلوم عدم جواز إخراجه ، والمشاركة معه في منزله من غير رضاه ، مع عدم عادة مثله في مثل ذلك المنزل ، المشترك (الشركة خ ل) سواء كان هنا ضرر بيّن (١) غير الشركة أم لا : لان له الاستبداد كما هو المفروض والمفهوم ، من كونه مشتركا ومباحا ، ولو فرض عدمه فذلك متبع.

ومعلوم أيضا انه لو كان الشرط في جواز الجلوس مدة معينة ، أو الاشتغال بشي‌ء معين ، بطل حقه بخروج تلك المدة وعدم الاشتغال بالشرط ، الا ان يعود ، فهو والغير سواء ، فلو سبق فهو الأحق.

والظاهر اشتراط اتصاف الجالس في المدارس بطلب العلم ، وكونه من اهله ، مطلقا ، الا ان يكون شرط علما خاصا ومذهبا خاصا ، فيختص بمن اتصف بالشرط.

وكذا عدم بطلان حقه لو خرج لقضاء حاجته ، مثل تحصيل مأكول ومشروب ودرس ومداد وقرطاس وغسل بدن وثياب وغير ذلك : ولا يلزمه ترك الرحل ولا إجلاس شخص مكانه ، فلو أجلسه لم يصر أولى ، بل يلزمه الخروج لو لم يرض من تركه هناك.

قوله : (ولو فارق إلخ). أي لو فارق وخرج من بيته خروجا يسمى به

__________________

(١) في بعض النسخ هكذا (ضرر من غير شركة)

٥١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

مفارقة ، لا مثل ان يخرج لقضاء حوائجه مع ارادة الكون فيه ، فإنه لا يبطل حقه حينئذ على الظاهر ، سواء كان رحله باقيا أم لا.

فان كان لغير عذر ، بطل حقه سواء كان رحله باقيا أم لا ، وسواء طال زمان المفارقة أو قصر : لحصول المفارقة المسقطة للأحقّية.

وان كان لعذر ، ففي سقوطه حينئذ وجوه : ظاهر المصنف هنا ، السقوط مطلقا ، مع بقاء الرحل وعدمه ، وطول المفارقة وقصرها ، لحصول المبطل ، وعدم العلم بالبقاء حينئذ ، مع أصل العدم.

واحتمل عدم البطلان مطلقا ، وهو بعيد لحصول المفارقة ، مع انه قد يؤل الى تعطيل المنزل عما جعل له.

نعم يحتمل عدمه مع قصد المفارقة زمانا قليلا ، بحيث لا يلزم تعطيل المنزل عرفا مع بقاء الرحل بنية العود ، خصوصا إذا كانت مثل تلك المفارقة عادة بأن يروح من البلد لأخذ الزكاة من القرى. ويروح من المشهد الى مشهد الحسين عليه السّلام ويبقى هناك أياما قلائل للزيارة ، وكذا من يروح إلى أهله في القرى ويؤل (١) عندهم.

قال في شرح الشرائع : اختار في التذكرة البقاء ان كان لعذر ، وهو حسن مع الرحل ونية العود ، وذلك غير بعيد مطلقا ما لم يؤل الى تعطيل المنزل وفوت غرض الواقف.

والظاهر عدم التفاوت بوجود تعمير له فيه وعدمه ، ولا يبعد الجلوس فيما عمّره (٢) أيضا لئلا يلزم البطلان بتعمير البعض : مع انه إذا كان التعمير بغير اذن الناظر فجوازه غير ظاهر ، فلا يستحق به شيئا.

__________________

(١) وفي بعض النسخ المخطوطة (ويتم عندهم)

(٢) وفي النسخة المطبوعة (فيما يقيم)

٥١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

فلو أمكن إزالته ، ازاله من غير تخريب الوقف ، خصوصا إذا كان التعمير قليلا ، أو في غير المجلس ، والاحتياط واضح ، فينبغي الاجتناب.

ولا يبعد تفويض الأمر إلى الناظر ، بمعنى انه جعل الأمر إليه : فإن كان يرى أنّ التعطيل وترك هذا المنزل في هذه المدة بهذه المفارقة مما يعد تعطيلا ، أو منافيا لغرض الواقف وخارجا عن عرفه ، وسببا لنقص ، وان الاولى إسكان غيره يبطل حقه ، فيسكن غيره ، والا فيحفظ له.

وكأنّ هذا مقصود الدروس في استقراب تفويض الأمر إلى الناظر ، فلا يرد قول شارح الشرائع : ويشكل بان الناظر ليس له إخراج المستحق اقتراحا فرأيه فرع الاستحقاق وعدمه فافهم.

ثم انه لا يبعد جواز الجلوس ـ في مثل هذا المنزل الى ان يجي‌ء المفارق ـ من غير اذنه ، وان قلنا ببقاء حقه ، لما تقدم في الجلوس في المكان من المسجد مع بقاء الرحل فتأمل.

٥١٦

المقصد الرابع في أحكام أهل الذمة والبغاة

وفيه مطلبان.

الأول : اليهود والنصارى والمجوس إذا التزموا بشرائط الذمة أقروا على دينهم وتؤخذ منهم الجزية ، ولا حدّ لها ، بل يقدّرها الامام عليه السّلام : ويجوز وضعها على أرضيهم (أراضيهم خ) ورؤسهم ، أو على إحداهما ، واشتراط ضيافة عساكر المسلمين ،

______________________________________________________

المقصد الرابع في أحكام أهل الذمة والبغاة

(وفيه مطلبان)

قوله : (الأول اليهود إلخ).

قد أشرنا الى ان الأمر المتعلق بالإمام عليه السّلام ، لا ينبغي لمثلنا ان نتكلم فيه ، فان الأمر اليه ، ولا يجوز عليه الا الحق : وفائدة العلم بالأحكام حينئذ مع كونه خطيرا ، قليل.

وأظن الأصحاب رحمهم الله انما بحثوا عما يجوز للإمام عليه السّلام ان يفعل مثل تعيين (١) الجزية وغيره تبعا للعامّة ، فإنهم يبحثون عما لا يجوز للإمام والحاكم ان

__________________

(١) وفي بعض النسخ المخطوطة (تغيير الجزية)

٥١٧

مع علم القدر ، ويسقط الجزية عن الصبيان والمجانين والنساء والمملوك.

والهمّ ، ومن أسلم قبل الحول أو بعده قبل الأداء ، وينظر الفقير بها ، وتؤخذ من تركة الميت بعد الحول. ومن بلغ أو أعتق كلّف الإسلام أو الجزية ، فإن امتنع منهما صار حربيا ، ويجوز أخذها من ثمن المحرمات.

ومستحقها المجاهدون

______________________________________________________

يفعل وعما لا يفعل لتجويزهم الخطأ والغلط عليه كغيره فيحتاج الى استخراج احكامه والبحث فيه ، ولهذا بحثوا عن أفعاله في جميع ماله ان يفعل في مثل العمل بالوصايا ، ونصب الوصي ، وتحجير الصبيان والمسرفين والمفلس وولايته في النكاح والحدود والقصاص وغيرها.

وتبعهم أصحابنا في بحث الجهاد : والأولى لي الترك ، ولهذا ما حققنا في كتاب الجهاد مثل غيرنا إلا في مسألة ضرورية متعلقة بغيره عليه السّلام ، مثل أحكام الأرضين حال الغيبة.

قوله : (مع علم القدر). اى قدر مال الضيافة : ويحتمل قدر المضافين أيضا.

قوله : (والهم). قيل لا يسقط عنه.

قوله : (ومستحقها المجاهدون). هذا في زمان الحضور ظاهر : ويفعل الامام عليه السّلام بها ما يريد.

وفي صحيحة محمد بن مسلم حيث قال عليه السّلام (وانما الجزية عطاء المهاجرين (١)) إشارة ، إلى كونها للمجاهدين كما هو مقتضى المتن وسائر العبارات.

قال في المنتهى : مصرف الجزية مصرف الغنيمة سواء للمجاهدين :

__________________

(١) الوسائل ، باب ٦٩ من أبواب جهاد العدو قطعة من حديث ١ ـ ٢.

٥١٨

ولو استحدثوا (استجدوا خ) كنيسة أو بيعة في دار الإسلام وجب إزالتها : ولهم تجديد ما كان قبل الفتح ، والتجديد في أرضهم

______________________________________________________

وكذلك ما يؤخذ منهم على وجه المعاوضة لدخول بلاد الإسلام.

وأمّا في زمان الغيبة فمشكل : ويمكن جواز أخذها للحاكم النائب له عليه السّلام وجعلها في مصالح المسلمين ، مثل بيت مال المسلمين ، وصرفها لفقراء المسلمين ، كالزكاة كما يشعر به عبارة قواعد المصنف : (فهو للمجاهدين ، ومع عدمهم لفقراء المسلمين) ولكن غير ظاهر (١) ، ولم يعلم كون غيره عليه السّلام مقامه في ذلك ، وما نرى له دليلا ، ولا كلام الأصحاب ، بل هكذا عباراتهم مجملة.

والعجب انهم يثبتون أحكام الامام عليه السّلام في زمان حضوره ، ويتركون مثل هذه.

لعله لعدم المستند ، ولكن ينبغي إظهاره ليطمئن قلب مثلنا ويندفع الشبهة ، لجواز أخذها للجائر وإعطائها لآحاد المسلمين ، وأخذهم لها من عند أنفسهم ، وقد تراهم الآن يظنون أخذها أكثر إباحة من مال الجائر.

بل يعتقدون أنها أبعد من الشبهة مع عدم احتياجهم إليها أيضا ، وما نرى وجهه ، وهم اعرف.

لعل عندهم وجه اباحة وصل إليهم ممن قوله حجة ، كما يفعلون في أخذ الخراج والمقاسمة : أظن وجوب الاجتناب ، ولا شك انه أحوط.

قوله : (ولو استحدثوا إلخ). معلوم عدم تجويز ذلك ، بل وجوب تخريبهما : لانه معبد لعبادة باطلة وبدعة ، ضالة ومضلة : ولا يبعد لهم تجديد ما كان قبل

__________________

(١) وفي بعض النسخ الخطية بعد قوله : غير ظاهر : ما لفظه (كون ذلك في زمان الغيبة ، الا انها محتمل وسقوطها عنهم بالكلّية وان الواضع لها غير ظاهر)

٥١٩

ولا يجوز للذمي أن يعلو بنيانه على المسلم : ويقر ما ابتاعه من مسلم : فان انهدم لم تجز التعلية.

ولا يجوز لهم دخول المساجد وان اذن لهم.

______________________________________________________

الفتح : لأن الجزية والصلح معهم مستلزم لذلك ، لانه ليس باحداث ، بل إبقاء ما كان جائزا : وكذا يجوز تجديدهما في بلادهم وأرضيهم ، فتأمل

قوله : (ولا يجوز للذمي أن يعلو إلخ). الظاهر ان هذا الحكم غير مخصوص بزمان الحضور ، فيجوز منعهم لآحاد المسلمين عن ذلك.

وادعى في المنتهى الإجماع على عدم جواز العلو في الدار المحدثة والمجدّدة وتقرر المبتاعة من المسلمين على حالها كما في المتن ، ولكن يمنع من العلو لو اراده بعد انهدامها ، وقال : ان العلو الممنوع هو ما على محلته ، لا على كل المسلمين (١).

وما رأيت في الاخبار ما يدل على المنع : وخبر الإسلام يعلو ولا يعلى عليه (٢) على تقدير صحته ـ لا يدل على شي‌ء من ذلك ، فتأمل.

قوله : (ولا يجوز لهم دخول المساجد إلخ). فيعاقبون به ولا يجوز الاذن لهم ، بل يجب على المسلمين أيضا منعهم من ذلك : ولا يجوز بعد الإذن أيضا ، بمعنى عدم سقوط العقاب والمنع كما يسقط منعهم وتحريم دخول بلاد المسلمين ، بالاذن قاله في المنتهى : وادعى إجماع أهل البيت على عدم جواز دخولهم مسجدا من

__________________

(١) عبارة المنتهى هكذا (لا يجوز ان يكون اقصر من بناء المسلمين بأجمعهم في ذلك البلد ، وانما يلزمه ان يقصره عن بناء محلته) لاحظ ص ٩٧٣.

(٢) رواه البخاري في كتاب الجنائز : باب ٧٩ ولفظ الخبر (باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه؟ وهل يعرض على الصبي الإسلام : وقال الحسن وشريح وإبراهيم وقتادة إذا أسلم أحدهما فالولد مع المسلم ، وكان ابن عباس رضى الله عنهما مع امه من المستضعفين ولم يكن مع أبيه على دين قومه وقال : الإسلام يعلو ولا يعلى عليه) ولاحظ كتاب عوالي اللئالى ج ١ ، ص ٢٢٦ الحديث ١١٨ وما علقناه عليه ، وج ٣ ، ص ٤٩٦ الحديث ١٥.

٥٢٠