مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ويؤيّده أيضا ما رواه الكاهلي عبد الله بن يحيى (في الصحيح) قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : طاف رسول الله صلّى الله عليه وآله على ناقته العضباء (١) وجعل يستلم الأركان بمحجنه ويقبّل المحجن (٢).

وهذه مؤيّدة لعدم وجوب الاستلام ، والاستقبال ، والتقبيل ، والدّقة في مقارنة النيّة للمقاديم ، كما قالوا ، فتأمل ولقول ابى عبد الله عليه السّلام (في حديث) : ان وجدته خاليا والّا فسلّم من بعيد (٣).

وفي أخرى عن الرضا عليه السّلام (في حديث) : إذا كان كذلك فأوم إليه إيماء بيدك (٤).

واعلم انّ وجه كون الاستلام مندوبا ـ مع وقوع الأمر به في الاخبار الكثيرة ، مع الأصل ، والشهرة ، ومقارنته بأمور مستحبّة ودلالة سوق الكلام في مثل هذا الموضع على الاستحباب ، وعدم افادة دليل كون الأمر للوجوب اليقين مطلقا ، ووجود أكثر الاستحبابات بأمر ـ قول ابى عبد الله عليه السّلام ، في حسنة معاوية بن عمار : هو (اى الاستلام) من السنّة ، فان لم يقدر فالله اولى بالعذر (٥).

__________________

(١) بالعين المهملة والضاد المعجمة ، وفي النهاية : في الحديث : كان اسم ناقته العضباء ، وهو علم لها منقول من قولهم ناقة عضباء اى مشقوقة الاذن ، ولم تكن مشقوقة الأذن.

(٢) المحجن كمنبر عصا معوجة الرأس كالصّولجان.

(٣) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الطواف الرواية ٤ صدر الرواية هكذا : عن سيف التّمار قال : قلت لأبي عبد الله أتيت الحجر الأسود فوجدت عليه زحاما فلم الق الا رجلا من أصحابنا فسألته فقال : لا بد من استلامه فقال : ان وجدته الى آخر.

(٤) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الطواف الرواية ٥ صدرها هكذا : عن محمد بن عبيد (عبد) الله قال : سئل الرضا عن الحجر الأسود وهل يقاتل عليه الناس إذا كثروا؟ قال : إذا كان الى آخره.

(٥) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الطواف الرواية ٢ صدرها هكذا : عن معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل حج ولم يستلم الحجر؟ فقال : هو إلخ.

١٠١

والرمل (١) ثلثا ، والمشي أربعا.

______________________________________________________

وفي صحيحة له عنه عليه السّلام قال سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل حجّ فلم يستلم الحجر ولم يدخل الكعبة؟ قال : هو من السنّة فان لم يقدر فالله اولى بالعذر (٢).

والظاهر ان المراد ب «الله اولى بالعذر» في ترك السنة لقوله : سنّة ، ومقارنة دخول الكعبة ، فإنه ليس بواجب.

وصحيحة يعقوب بن شعيب قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : انّى لا أخلص إلى الحجر الأسود؟ فقال : إذا طفت طواف الفريضة فلا يضرّك (٣).

وهذه تدلّ على عدم وجوب استقباله وشرطيّته للطواف فتأمل.

والظاهر انه على تقدير وجوب الاستلام لا يضرّ بالطواف تركه ، ولا يوجب كفارة ، للأصل. إذ لو سلم كون الأمر به للوجوب فلا يدلّ على الشرطيّة ويؤيّده ما قال في المنتهى : لو تركه لم يكن عليه شي‌ء وبه قال (باقي خ ل) عامة الفقهاء.

والأحوط ان لا يترك الاستلام والاستقبال ، مع الإمكان. وكذا الكلام في التزام المستجار والدعاء عنده وفي الطواف وبسط اليدين عليه وإلصاق بطنه وخدّه به.

قوله : والرّمل ثلثا إلخ .. أي يستحب الرمل في الطواف وهو الهرولة في ثلثة أشواط. ودليله غير واضح ، والقائل به أيضا قليل ، بل لا قائل به في مطلق الطواف كما هو ظاهر المتن. فكأنه يريد في طواف القدوم خاصة. نقل ذلك المصنف قولا عن الشيخ قال في المنتهى : ويستحب ان يقصد في مشيه بأن يمشي

__________________

(١) الرّمل بفتحتين ـ الزيادة في المشي أو سرعة المشي وقلة الخطوة.

(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الطواف الرواية ١٠.

(٣) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الطواف الرواية ٦.

١٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

مستويا بين السرع والإبطاء ، قاله الشيخ في بعض كتبه : وقال في المبسوط : يستحب ان يرمل ثلثا ويمشي أربعا في طواف القدوم خاصّة اقتداء برسول الله صلّى الله عليه وآله لانّه كذلك فعل. رواه جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السّلام عن جابر (١).

والظاهر ان الرواية من العامّة والفتوى أيضا لهم وان ذلك في الثلاثة الأول.

قال في المنتهى اتفق الجمهور كافّة على استحباب الرمل في الثلثة الأول والمشي في الأربعة الباقية.

ودلّ على الأوّل رواية عبد الرحمن بن سيابة قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الطواف؟ فقلت : أسرع وأكثر أو ابطى‌ء؟

قال : مشى بين مشيين (٢).

الا ان عبد الرحمن مجهول.

وروى في الفقيه (قويا) عن سعيد الأعرج انه سأل أبا عبد الله عليه السّلام عن المسرع والمبطئ في الطواف؟ فقال : كلّ واسع ما لم يؤذ أحدا (٣).

وهذه تدلّ على التسوية ، ولا يبعد حملها على الجواز وعدم المبالغة فيهما ، وحمل رواية عبد الرحمن على ذلك ، ويمكن حملهما على غير طواف القدوم ، وعلى الأربعة الأشواط الأخيرة. للجمع بين الاخبار ، لبعد كذب العامّة في نقل مثل هذه عن الأئمة عليهم السّلام مع عدم نقلهم عنهم الّا قليلا فتأمل.

__________________

(١) المبسوط ، كتاب الحج ، فصل في ذكر دخول مكة والطواف بالبيت ج ١ ص ٣٥٦ والحديث في سنن ابى داود ج ٢ باب صفة حجة النبي صلّى الله عليه (وآله) وسلّم الحديث (١٩٠٥)

(٢) الوسائل الباب ٢٩ من أبواب الطواف الرواية ٤.

(٣) الوسائل الباب ٢٩ من أبواب الطواف الرواية ١.

١٠٣

والتزام المستجار ، وبسط اليدين عليه ، وإلصاق بطنه وخديه به ، والتزام الأركان ، خصوصا العراقي واليماني.

______________________________________________________

قوله : والتزام المستجار إلخ .. الظاهر انه يريد استحباب ذلك في الشوط الأخير وانه يريد بالمستجار هنا الملتزم المشهور في كلام الأصحاب ويفهم من أدلته من الأخبار الكثيرة.

مثل صحيحة عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : إذا كنت في الطواف السابع فائت المتعوذ وهو إذا قمت في دبر الكعبة حذاء الباب فقل : اللهم البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مقام العائذ بك من النار (الخبر) (١).

ولعلّ المستجار في الأصل هو الباب كما يدلّ عليه صحيحة معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخّر الكعبة وهو بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل فابسط يدك على البيت وألصق (بطنك خ ل) بدنك وخدّك بالبيت وقل (ونقل الدّعاء) (٢).

ويدلّ على إطلاق المستجار على الملتزم صريحا ما في رواية أبي بصير عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا انتهيت الشي‌ء مؤخر الكعبة وهو المستجار دون الركن اليماني بقليل في الشوط السابع فابسط يديك على الأرض وألصق خدك وبطنك بالبيت ثم قل : ونقل الدعاء (٣).

والأدلة على التزام الملتزم (٤) وذكر الذنوب والاستغفار فإنه روى (٥) انه ما أقرّ عنده احد بذنوبه الا غفر له ، والدعاء عنده وعند الحجر وفي الطواف واستلام الأركان مطلقا خصوصا ركن الحجر (وهو المراد بالعراقي) واليماني كثيرة. فلا يترك

__________________

(١) و (٢) الوسائل الباب ٢٦ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٢٦ من أبواب الطواف الرواية ٩ والرواية منقولة عن معاوية بن عمار فراجع.

(٤) راجع الوسائل الباب (٢٦ و ٢٧) من أبواب الطواف.

(٥) الوسائل الباب ٢٦ من أبواب الطواف الرواية ٩.

١٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وان كان الظاهر انّ كل ذلك مستحب ، لما تقدم.

وقيل : وإذا التزم أو استلم حفظ موضع قيامه ، وعاد الى طوافه منه ، حذرا من التقدم.

لعلّ مراده انه لما جاء الى البيت للالتزام يمكن ان يكون حينئذ متقدّما أي مائلا إلى قدامه في الصوب الذي يطوف ، وذلك ليس بداخل في الطواف ، فإذا شرع في الطواف من موضع الالتزام لزم النقصان في الطواف بذلك المقدار الذي تقدم حين الالتزام ، وكذلك يحتمل الزيادة بأن يتأخّر.

ولعل في قولهم عليهم السّلام : ان يحفظ مكان القطع حين قطع الطواف لقضاء حاجة وصلاة فريضة (١) اشارة اليه.

ودليل عدم جواز الزيادة في الطواف والنقصان كما هو المقرّر عندهم دليله أيضا.

ولكن حفظ ذلك الموضع (بالموضع خ ل) ـ بحيث لا يتقدم أصلا عنه ولا يتأخر ـ لا يخلو عن صعوبة. وكذا حال الرجوع اليه.

فالظاهر انه لا يسلم من ذلك المحذور فلا يبعد حينئذ قطع نظر الشارع عن مثل ذلك المقدار لو وقع خصوصا في الزيادة ، فإنها ما يعلم تحريم هذا المقدار ، خصوصا إذا أخذ من جهة الاحتياط وللمقدمة.

وسكوتهم عليهم السّلام عن ذلك في بيان الالتزام قد يفيد ذلك. لان ترك بيان مثل هذا الواجب ، المبطل تركه حين بيان هذا المستحب ، يبعد من إشفاقهم عليهم السّلام ان قلنا بجوازه. وكذا في عدم نقل فعلهم ذلك.

فلا يبعد الاكتفاء بإكمال الطواف عن موضع الالتزام ، خصوصا مع

__________________

(١) الوسائل الباب ٤١ من أبواب الطواف ، حديث ١٠.

١٠٥

والطواف ثلاثمائة وستّين طوافا ، والّا فثلثمأة وستّين شوطا.

______________________________________________________

الملاحظة في وقت المشي له بعدم التقدم والتأخر ظاهرا بل مع تأخر مّا حين الطواف احتياطا لاحتمال جبر النقصان لو كان وما دلّ على تحريم مثل هذه الزيادة والبطلان بمثلها كما سيجي‌ء.

ولعل السكوت ـ عن إبداء مثل هذه الدقائق وترك كتابته في الكتب ـ أولى. لأنّه ينجرّ للمبتدئين الى الوسواس فيؤل الى ترك الالتزام والاستلام المرغوبَيْن للأخبار الكثيرة الصحيحة مع القول بالوجوب في الجملة ولهذا ما ذكره المتقدّمون والمتأخّرون إلى زمانه ، مثل ما مرّ من احتمال عدم القطع الّا حسّا ولكن القائل أعلم.

غير أنّه ينبغي الشروع في الطواف بعد ان يخرج عن البيت ومحاذات شاذروانه قائما لئلا يكون بعض طوافه مع كون بعض بدنه في البيت ولا منحنيا.

قوله : والطواف ثلاثمائة وستين إلخ. يعني يستحب كون الطواف هذا المقدار. لحسنة معاوية بن عمار (١) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : يستحب ان يطوف ثلاثمائة وستين أسبوعا على عدد أيام السنة فان لم يستطع فثلثمأة وستين شوطا فان لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف.

لعل المراد استحباب هذا المقدار ، لا نفى استحباب الزائد. لأنه عبادة من زادها زاده الله ثوابا واجرا.

وان الاستحباب يتحقق بالأشواط المذكورة ولا يحتاج الى انضمام أربعة أشواط أخر إليها ليكمل طوافا آخر كما قيل ، لظاهر الرواية. والا ينبغي ان يقول فثلثمأة وأربعة وستين شوطا. ولان الظاهر ان لهذا العدد خصوصية حيث أكّده

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من أبواب الطواف الرواية ١.

١٠٦

والتداني من البيت.

ويكره الكلام فيه بغير الدّعاء ، والقراءة. والزيادة في النفل.

______________________________________________________

بقوله : عدد أيام السنّة وحينئذ يفوت ذلك وان في ظاهرها دلالة على عدم النيّة لكل طواف طواف وجعل كل سبعة طوافا فتأمل.

وامّا استحباب التداني ، أي كون الطائف قريبا من البيت حال طوافه. فكأنه لشرف البيت ولسهولة الاستلام والالتزام والتقبيل والبعد عن شبهة الزيادة والنقصان بتضييع المحل الذي جاء لها.

وروى في الفقيه ان ابان سأل أبا عبد الله عليه السّلام أكان لرسول الله صلّى الله عليه وآله طواف يعرف به؟ فقال : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يطوف بالليل والنهار عشرة أسباع (أسابيع كا) ثلثة أوّل الليل وثلثة آخر الليل واثنين إذا أصبح واثنين بعد الظهر وكان فيما بين ذلك راحته (١).

قوله : ويكره الكلام إلخ. لعل المراد بغير الذكر (٢) ومع عدم الحاجة.

نقل على جواز الكلام في الطواف إجماع العلماء في المنتهى ويدلّ عليه الاخبار أيضا مثل صحيحة على بن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الكلام في الطواف وإنشاد الشعر والضحك في الفريضة أو غير الفريضة أيستقيم ذلك؟ قال : لا بأس به والشعر ما كان لا بأس به (مثله خ ل) منه (٣).

وهذه تدل على جواز إنشاء الشّعر في المسجد أيضا.

اما كراهة الكلام بغير ما ذكر فيمكن ان يكون لأنّه مستلزم لترك الدعاء والذكر وقراءة القرآن المستحبات.

وامّا كراهة الزيادة في طواف النافلة فلعل المراد مطلق الزيادة ولو كان

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٢) يعني يريد المصنف بغير الدعاء غير الذكر أيضا.

(٣) الوسائل الباب ٥٤ من أبواب الطواف الرواية ١.

١٠٧

وتحرم الزيادة على السبع في الواجب عمدا ، فان زاد سهوا أكمل أسبوعين استحبابا ، وصلّى للفرض أوّلا ، وللنّفل بعد السعي.

______________________________________________________

شوطا بل بعضه أيضا. وكأنّ دليلها اعتبار عدم الفصل الغير المنقول (١) بين الطواف وصلوته وذلك غير واضح. ويحتمل كون المراد الجمع بين الطوافين من غير فصل الصلاة بينهما.

قال في المنتهى : الأفضل في كل طواف صلاة والقران مكروه في النافلة وعلى الخلاف في الفريضة.

ولكن الأصل وعدم وضوح دليل الكراهة ، دليل العدم.

ويؤيده ما رواه ابن مسكان عن زرارة (في الموثق قاله في المنتهى وصرّح بوجود محمد بن سنان في الطريق وهو ضعيف فلا يكون موثقا) قال : قال أبو عبد الله : انما يكره ان يجمع الرجل بين الأسبوعين والطوافين في الفريضة واما في النافلة فلا بأس (٢).

ورواية عمر بن يزيد قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : انما يكره القران في الفريضة فاما النافلة فلا والله ما به بأس (٣).

وهما يدلان على عدم كراهته في الطواف المندوب وكراهته في الواجب ، فالكراهة في الثاني كما هو مذهب البعض غير بعيد.

قوله : وتحرم الزيادة إلخ .. تحريم الزيادة في طواف الفريضة عمدا وانّه مبطل للطواف ، هو قول أكثر علمائنا على ما قاله في المنتهى.

والظاهر ان المراد مع العلم ومطلق الزيادة ولو كان أقلّ من شوط بل خطوة وأقلّ ولكن كلامهم (ولو خطوة) يدلّ على انّها الفرد الأخفى فتأمل.

__________________

(١) أي في غير المواضع التي يجوز الفصل بين الطواف والصلاة ، كما إذا نسي الصلاة أو عرض له حاجة ، أو حاضت المرأة وغير ذلك.

(٢) و (٣) الوسائل الباب ٣٦ من أبواب الطواف الرواية ١ ـ ٤.

١٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وامّا دليلهم على ذلك فهو صحيحة أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض قال : يعيد حتى يثبته (يستتمّه يب) (١).

ويؤيده الأخبار الصحيحة الدالة على وجوب الإعادة على الشاك في عدد الطواف المفروض (٢) إذ لو لم تكن الزيادة مبطلة لكان المناسب البناء على الأقلّ ، إذ غاية ما يلزم ، الزيادة ، وهي لا تضرّ بالفرض.

ويمكن ان يقال في السند النضر مشترك وابى بصير كذلك (٣). وقد يكونان غير الثقة. وان كان الظاهر انّهما ثقتان وقد صرّح في الكافي بأنّه النضر بن سويد وهو ثقة. وصرّح في المنتهى بصحة الخبر.

ولكن للمناقشة مجال عند التعارض والخلاف. والدلالة أيضا غير صريحة فإنها تدلّ على العمد وغيره ، وعلى حكم الزيادة إذا كانت شوطا تامّا ، والمدّعى أعمّ. وأيضا لا يناسب لفظة (يستتمّه) وفي الكافي (حتى يثبته) بل ينبغي : (حتى لا يزيد) ويمكن حملها على الاستحباب وعلى انّ المراد إعادة الأشواط بمعنى ان يأتي بتتمّة طواف آخر وهي ستّة أشواط ، ليستتمه طوافا أخر ، ويؤيده حتى يستتمه.

واخبار الشك لا تدلّ ، ألا ترى انّه على تقدير البناء على الأقلّ لا شكّ انّه لو كان زائدا لم تكن الزيادة عمدا وانّما يضرّ معه. فعلم انّ الإعادة ليست لذلك بل للنّص. وقد يكون لعدم العلم بالواجب حال الفعل لانّه ما يعرف كونه واجبا وغيره فتأمل.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الطواف الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب الطواف.

(٣) سند الحديث كما في التهذيب هكذا (الحسين بن سعيد عن النضر ، عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة عن ابى بصير)

١٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ويؤيّد عدم البطلان والتحريم والحمل المذكور صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال : سألته عن رجل طاف طواف الفريضة ثمانية أشواط؟

قال : يضيف إليها ستّة (١).

وفي الصحيح عن رفاعة قال : كان على عليه السّلام يقول : إذا طاف ثمانية فليتمّ أربعة عشرة قلت : يصلى اربع ركعات؟ قال : يصلّى ركعتين (٢).

يحتمل ان يكون المراد بقوله : (يصلى ركعتين) يصلّى للفريضة ركعتان.

وحملت على ان الركعتين قبل السعي لا أربع فإن الثنتين اللتين للنافلة بعده ، كما صرّح به في بعض الأخبار (٣) وسيأتي وظاهر هما عام وترك التفصيل قرينة العموم.

وكذا صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام قال : انّ عليّا عليه السّلام طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد وأضاف إليه ستّا ثمّ صلّى ركعتين خلف المقام ثم خرج الى الصفا والمروة فلمّا فرغ من السعي بينهما رجع فصلّى الرّكعتين اللتين ترك في المقام الأوّل (٤).

وصحيحة معاوية بن وهب عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : انّ عليّا طاف ثمانية أشواط فزاد ستّة ثمّ ركع اربع ركعات (٥) وهما كالصريحين في انّ الزيادة ، عمدا ، وانّه جائز. لعدم جواز ان يسهو عليه السّلام وزيادته ما لا يجوز زيادته عمدا.

الا ان يقال : قد يكون ذلك لمصلحة ، كما روى (٦) في ترك ركعتي الظهر من رسول الله صلّى الله عليه وآله سهوا تفضلا على العباد وحجّة لهم وكبقائه نائما حتى فاتت صلاة الغداة (٧) وذلك بعيد ولا ضرورة لارتكابه.

__________________

(١) و (٢) و (٣) و (٤) و (٥) : الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الطواف الرواية ٨.

(٦) لم نعثر الى الآن على هذه الرواية فتتبع.

(٧) الوسائل الباب ٥ من أبواب قضاء الصلوات الرواية ١.

١١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ولا تدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سمعته يقول : من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتمّ أربعة عشر شوطا ثم ليصلّ ركعتين (١).

لانه يمكن انه ذكر عليه السّلام حال الناسي فقط ، وما ذكر حال العامد ممّا يدل على البطلان والتحريم حال العمد.

فقول المصنّف في المنتهى ـ فالتقييد بالوهم هنا يقتضي حمل إطلاق الروايتين عليه خصوصا مع رواية أبي بصير الدالة على وجوب الإعادة ولا يجوز حملها على النسيان ـ محل التأمل.

واعلم انّه قد سمّيت هذه الرواية مع رواية محمد بن مسلم وزرارة في المنتهى بالصحة. وفيها عبد الرحمن المشترك (٢) لعلّه معلوم انّه ثقة ، وقد فعل ذلك كثيرا ، وقد مرّ مرارا. وهو موجود في رواية معاوية بن وهب أيضا ويمكن حمل رواية أبي بصير على الناسي أيضا واستحباب الإعادة.

ويؤيّده ما في الرواية الأخرى عن ابى بصير في حديث قال : قلت له : فإنه طاف وهو متطوع ثماني مرّات وهو ناس؟ قال : فليتمّه طوافين ثم يصلّى اربع ركعات فأمّا الفريضة فليعد حتّى يتمّ سبعة أشواط (٣).

وعلى الشاك أيضا ويؤيّده لفظة يثبته كما في الكافي.

وبالجملة ما دلّ دليل صحيح صريح على تحريم الزيادة والبطلان لا في الفريضة ولا في النافلة لا في الشوط ولا في الخطوة ، فكيف في الأقلّ من ذلك ، مع عدمه في كلامهم من غير عمد ، بل للاحتياط ، مع عدم قصده للطواف.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الطواف الرواية ٥.

(٢) سند الرواية في الروايات الثلاثة (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن عبد الرحمن إلخ.

(٣) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الطواف الرواية ٢.

١١١

.................................................................................................

______________________________________________________

فزالت شبهة الزيادة في الختم ، وفي الالتزام والاستلام ، وفي القطع لحاجة ثمّ البناء ، كما مرّت إليه الإشارة الحمد لله والمنة.

والظاهر انّه على تقدير البطلان انما يكون مع العلم والعمد وكمال الشوط إذ لا دليل على غيره.

وانّ في إتمام الطواف الثاني بعد زيادة شوط ، من غير ذكر النيّة في الأخبار ، إشارة الى عدم الاعتداد بها فكأنّه اكتفى بأنّه ما فعل الّا لله ويبعد تأثير النيّة الأولى فيه ، لانّه قصد بها الواجب وهذا ليس بواجب ، وعلى تقديره أيضا مؤيد لعدم الاعتداد بالقيود مثل الوجوب والندب ويكفى كونه لله.

وهذا قريب مما روى في الصلاة انه إذا زاد ركعة بعد الجلوس بقدر التشهّد ثمّ ذكر يضيف إليه أخرى ليتمّ نافلته (١) ، كما قيل.

وما روى صحيحا أنّه صلّى العصر ناسيا قبل الظهر يجعلها الاولى ، فإنه أربع مكان اربع (٢).

وقد مرّ في كتاب الصلاة فتذكر (٣).

ويحتمل ان ينوي حين التذكّر ، مثل ما قيل في العدول إلى السابقة لمن تذكر انّ عليه السابقة في أثناء اللاحقة ان جميع ما فعله ويفعله وهو اللاحقة. والاخبار هناك أيضا خالية عنها فهو أيضا مؤيد.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٩ من أبواب الخلل في الصلاة الرواية ٥ رواها محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام ، قال : سألته عن رجل استيقن بعد ما صلّى الظهر انّه صلى خمسا ، قال : وكيف استيقن؟ قلت : علم ، قال : ان كان علم أنّه كان جلس في الرابعة فصلاة الظهر تامّة ، فليقم فليضف إلى الركعة الخامسة ركعة وسجدتين فتكونان ركعتين نافلة ولا شي‌ء عليه.

(٢) هذه الرواية رواها زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام ، وفيها : إذا نسيت الظهر حتى صليت العصر فذكرتها وأنت في الصلاة أو بعد فراغك ، فانوها الاولى ثمّ صلّ العصر فإنّما هي أربع مكان أربع إلخ (الوسائل الباب ٦٣ من أبواب المواقيت الرواية ١)

(٣) راجع ج ٢ ص ٥٥.

١١٢

ولو طاف في النجس عالما اعاده ، ولو لم يعلم صحّ ، ولو علم في الأثناء أزال النجاسة وتمّمه.

______________________________________________________

وانّه إذا تذكر قبل إكمال الشوط يقطعه لما قاله الأصحاب مؤيّدا برواية أبي كهمش (كهمس خ) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط؟ قال : ان ذكر قبل ان يبلغ (يأتي يب) الركن فليقطعه وقد أجزأ عنه وان لم يذكر حتى بلغه فليتمّ أربعة عشر شوطا وليصلّ اربع ركعات (١).

وأنّك قد عرفت شرح قوله : فان زاد سهوا إلخ.

قوله : ولو طاف في النجس إلخ .. هذا متفرّع على القول باشتراط الطهارة عن الخبث في الطواف.

الظاهر ان الجاهل والناسي معذوران لما مرّ ويؤيّده ما قال في المنتهى ، ولو طاف في الثوب النجس عامدا أعاد.

وان العلم في الأثناء لا يوجب الإعادة بل الإكمال مطلقا كما هو ظاهر المتن.

ويحتمل كون المراد مع الأربعة أو مع عدم الاحتياج الى القطع بان يكون ثوبا يطرحه.

اما لو كان في البدن أو الثوب الساتر واحتاج في الإزالة إلى القطع فيمكن وجوب الاستيناف ان كان أقلّ من أربعة لوجود الفصل بين الأشواط قبل تجاوز النصف وهو ممنوع في الطواف في بعض الأوقات ، لا لانه طاف مع النجاسة.

ويحتمل الإكمال حينئذ أيضا كما هو ظاهر المتن ، لعدم دليل عدم الاعتداد بما فعل ، وعدم دليل الحكم بالبطلان ، مع فعله صحيحا شرعيا. وليس بمعلوم كون الفصل حينئذ مضرّا وممنوعا وان كان في بعض الأحوال كذلك فتأمل.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الطواف الرواية ٣.

١١٣

ولو نقص عدده أو قطعه لدخول البيت أو لحاجة أو لمرض أو لحدث ، فان تجاوز النصف ، رجع فأتمّ ، ولو عاد إلى أهله استناب ، ولو كان دونه استأنف ، ولو ذكر.

______________________________________________________

ويمكن ان يكون أحوط بل الظاهر ان الأحوط الإكمال ثم الاستيناف.

قوله : ولو نقص عددا إلخ .. كان المراد نقص العدد عمدا ، من غير حاجة وسبب ، والا لدخل فيما بعده. وان الحاجة أعمّ من ان يكون حاجة نفسه أو غيره. ويمكن إدخال القطع لصلاة فريضة دخل وقتها ، فيها ، كما هو الظاهر ، قاله المحقق الثاني : ولكن الظاهر العدم لأنّ دليله (١) يدلّ على البناء حينئذ مطلقا واختاره في المنتهى.

وأيضا أنّ المراد وقوع ذلك في الطواف الواجب ، وانّ في الندب مطلقا يبنى اختاره في المنتهى أيضا.

والمراد بتجاوز النصف ، كأنّه إكمال (الأربعة خ) الرابعة.

وينبغي حفظ موضع القطع في الجملة تحرزا عن الزيادة والنقصان لكونهما حرامين في كلامهم وللاحتياط ، ولما في بعض الاخبار ، كما سيجي‌ء.

وامّا دليل الحكم المذكور ، فكأنّه صحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن رجل طاف بالبيت ثلثة أشواط من الفريضة ثمّ وجد خلوة من البيت فدخله كيف يصنع؟ قال : يقضى (يعيد خ) طوافه وقد خالف السنة (٢).

__________________

(١) اى ان دليل قطع الطواف لصلاة الفريضة ، يدل على البناء مطلقا سواء تجاوز النصف أم لا ، وهذا هو الذي اختاره المصنف في المنتهى. راجع ص ٩٩٨ وراجع الوسائل الباب ٤٣ من أبواب الطواف.

(٢) الوسائل الباب ٤١ من أبواب الطواف الرواية ٣ و ٩ وفي ذيل الرواية هكذا : قال : يقضى طوافه وقد خالف السنة فليعد طوافه.

١١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الّا انّها غير ظاهرة في الفريضة فقط ، بل ظاهر ترك التفصيل هو العموم ، ولأجل العلّة مشعر باختصاص الإعادة بما إذا كان القطع خلاف السنّة ، فلا يشمل القطع لحاجة وغيرها ، فتأمّل.

ويمكن الاستشعار من العلّة ، أنّه في الفريضة ، فتأمل.

ومثلها مرسلة ابن مسكان (١) مع ضعف السند والإرسال والإضمار (٢).

وصحيحة أبان بن تغلب عن ابى عبد الله عليه السّلام ، في رجل طاف شوطا أو شوطين ثمّ خرج مع رجل في حاجته؟ قال : ان كان طواف نافلة بنى عليه وان كان طواف فريضة لم يبن (٣).

قالها في المنتهى ، مع وجود عبد الرحمن المشترك فيها (٤).

هذه ظاهرة في الفرق بين النافلة والفريضة.

واستدلّ على عدم الإعادة والبناء مع تجاوز النصف برواية أبي غرّة ، قال :

مرّ بي أبو عبد الله عليه السّلام وأنا في الشوط الخامس من الطواف فقال لي : انطلق حتّى نعود هيهنا رجلا ، فقلت له : انّما أنا في خمسة أشواط من أسبوعي فأتمّ أسبوعي؟ قال : اقطعه ، واحفظه من حيث تقطعه حتّى تعود الى الموضع الذي قطعت منه فتبني عليه (٥).

ورواية أبي الفرج ، قال : طفت مع ابى عبد الله عليه السّلام خمسة أشواط ، ثمّ قلت : انّى أريد أن أعود مريضا ، فقال : احفظ مكانك ، ثم اذهب فعده ثم

__________________

(١) الوسائل الباب ٤١ من أبواب الطواف الرواية ٤.

(٢) سند الرواية (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن ابن مسكان ، قال : حدّثني من سأله عن رجل إلخ.

(٣) الوسائل الباب ٤١ من أبواب الطواف الرواية ٥.

(٤) سند الرواية (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن عبد الرّحمن عن ابن ابى عمير عن جميل عن ابان بن تغلب.

(٥) الوسائل الباب ٤١ من أبواب الطواف الرواية ١٠.

١١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ارجع ، فأتمّ طوافك (١).

وليس فيهما صراحة في الفريضة ، ولا في مطلق التجاوز عن النصف ، ولا في مطلق القطع ، بل للعيادة في الخامسة في مطلق الطواف ، مع عدم صحّة السّند.

والذي يدلّ على جواز البناء في الفريضة أيضا بعد تجاوز النصف هو مرسلة سكين بن (عن خ ل) عمار ، عن رجل من أصحابنا يكنّى أبا أحمد قال : كنت مع ابى عبد الله عليه السّلام في الطواف يده في يدي (أو يدي في يده يب) إذ عرض لي رجل له حاجة فأومأت إليه بيدي فقلت له : كما أنت حتى افرغ من طوافي فقال أبو عبد الله عليه السّلام : ما هذا؟ قلت : أصلحك الله رجل جائني في حاجة ، فقال لي : أمسلم هو؟ قلت : نعم فقال : اذهب معه في حاجته فقلت له : أصلحك الله واقطع الطواف؟ قال : نعم قلت : وان كان في المفروض؟ قال : نعم وان كنت في المفروض قال وقال أبو عبد الله عليه السّلام : من مشى مع أخيه المسلم في حاجته (حاجة خ ل) كتب الله له ألف ألف حسنة ومحي عنه ألف ألف سيّئة ورفع له ألف ألف درجة (٢).

فيها دلالة على جواز قطع الفريضة ، للندب ، مع كثرة الثواب ، والاهتمام بقضاء حاجة المسلم ، ولا يشترط الايمان.

ويحتمل ان يراد المؤمن بقرينة السؤال فإنه يبعد وجود الكافر في البيت فكأنّه يريد بالمسلم المؤمن.

وظاهرة في جواز القطع مطلقا ولا يدلّ على البناء أو الاستيناف ، وان استدل في التهذيب بها على البناء مع تجاوز النصف في الفريضة.

ورواية محمد بن سعيد بن غزوان عن أبيه عن ابان بن تغلب قال : كنت

__________________

(١) الوسائل الباب ٤١ من أبواب الطواف الرواية ٦.

(٢) الوسائل الباب ٤٢ من أبواب الطواف الرواية ٣.

١١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

مع أبي عبد الله عليه السّلام في الطواف فجائني رجل من إخواني فسألني ان أمشي معه في حاجة ففطن بي أبو عبد الله عليه السّلام فقال : يا ابان من هذا الرجل؟ قلت : رجل من مواليك سألني ان اذهب معه في حاجته قال : يا ابان ، اقطع طوافك وانطلق معه في حاجته فاقضها له ، فقلت : انى لم أتمّ طوافي؟ قال : أحص ما طفت وانطلق معه في حاجته ، فقلت : وان كان (طواف ئل) فريضة؟ فقال : نعم قال : يا ابان ، وهل تدري ما ثواب من طاف بهذا البيت أسبوعا؟ فقلت : لا والله ما ادرى قال : تكتب له ستّة آلاف حسنة ويمحى عنه ستّة آلاف سيّئة وترفع له ستّة آلاف درجة قال : وروى (وزاد فيه خ ل) إسحاق بن عمار : ويقضى له ستّة آلاف حاجة قال : ثم قال وقضاء (لقضاء خ ل) حاجة المؤمن خير من طواف وطواف حتّى عدّ عشرة أسابيع فقلت جعلت فداك فريضة أم نافلة؟ فقال : يا أبان إنّما يسأل الله العباد عن الفرائض لا عن النوافل (١).

وهذه مثل الأولى الّا انّها ظاهرة في جواز القطع مطلقا والبناء.

ومرسل جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السّلام قال في الرجل يطوف ثم تعرض له الحاجة قال : لا بأس ان يذهب في حاجته أو حاجة غيره ويقطع الطواف ، وان أراد ان يستريح ويقعد فلا بأس بذلك ، فإذا رجع بنى على طوافه فان كان نافلة بنى على الشوط والشوطين ، وان كان طواف فريضة ثم خرج في حاجة مع رجل لم يبن ولا في حاجة نفسه (٢).

وحمل (لم يبن) على عدم تجاوز النصف بقرينة ما يدلّ على البناء مطلقا في أوّل الخبر ، والبناء في النافلة على الشوط والشوطين.

__________________

(١) الوسائل الباب ٤١ من أبواب الطواف الرواية ٧ وأورد قطعة منها في الباب ٤ من تلك الأبواب الرواية ١ ـ ٢.

(٢) الوسائل الباب ٤١ من أبواب الطواف الرواية ٨ وفيها النخعي وجميل.

١١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ففي هذه الأخبار دلالة ما ، على جواز البناء في النافلة مطلقا والمنع في الفريضة.

وحمل على عدم تجاوز النصف بقرينة ما تقدم ويمكن حفظ موضع القطع لعدم الزيادة والنقصان فيتعيّن ويمكن كونه رخصة ، فلا يدلّ على الوجوب ، فيمكن الاستيناف في الشوط الذي قطع. ولا يضرّ الزيادة لما عرفت ، واليه أشار في المنتهى قال هل يبنى من حيث قطع ، أو من الحجر. فيه تردّد ، وأحوط الثاني ، والخبر يدلّ على الأوّل.

ويحتمل الشروع من موضع يتيقّن فيه عدم النقصان وبالجملة لا يفهم تحريم الزيادة والبطلان بها.

من الأمر بحفظ موضع القطع لما مرّ. ولانه ترك في بعض الاخبار الأخر كما مرّ.

ويدلّ على جواز البناء في الفريضة إذا قطعها لصلاة فريضة مطلقا وهو مختار المنتهى قال في المنتهى : لو دخل عليه وقت فريضة وهو يطوف قطع الطواف وابتدأ بالفريضة ثم عاد فيتمّ طوافه من حيث قطع وهو قول العلماء الّا مالكا وقال أيضا بعد رواية ابن سنان (١) إذا ثبت هذا فإنه يبنى بعد فراغه من الفريضة ويتمّ طوافه وهو قول عامة أهل العلم (٢).

رواه شهاب عن هشام عن ابى عبد الله عليه السّلام : انه قال في رجل كان في طواف الفريضة فأدركته صلاة فريضة قال : يقطع طوافه (الطواف خ ل) ويصلّى الفريضة ثم يعود فيتمّ ما بقي عليه من طوافه (٣).

وهما مشتركان وان كان الظاهر انّهما الثقتان وحسنة عبد الله بن سنان

__________________

(١) سيأتي التعرض لها.

(٢) انتهى كلام المنتهى ص ٦٩٨.

(٣) الوسائل الباب ٤٣ من أبواب الطواف الرواية ١.

١١٨

ولو ذكر في السعي النقص أتم الطواف مع تجاوز النصف ثمّ أتم السعي [١].

______________________________________________________

قال سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل كان في طواف النساء (الفريضة خ ئل) فأقيمت الصلاة؟ قال : يصلى معهم الفريضة فإذا فرغ بنى من حيث قطع (٢).

ويدلّ على جواز القطع للوتر إذا خشي فوته ، صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال : سألته عن الرجل يكون في الطواف قد طاف بعضه وبقي عليه بعضه فطلع الفجر فيخرج عن الطواف الى الحجر أو الى بعض المسجد إذا كان لم يوتر فيوتر ثم يرجع فيتم طوافه ا فترى ذلك أفضل أم يتمّ الطواف ثمّ يوتر وان أسفر بعض الاسفار؟ قال : ابدأ بالوتر واقطع الطواف إذا خفت ذلك ثمّ أتمّ الطواف بعد (٣).

وفيها دلالة ما ، على جواز الوتر أداء بعد الفجر والظاهر منه هو الفجر الثاني ما لم يسفر ويدلّ عليه أخبار أخر مذكورة في محلّه ولكن لا تؤخذ ذلك عادة وتأخير فريضة الغداة إلى الإسفار فتأمل.

إذا عرفت هذا عرفت الإجمال في المتن وغيره فتأمل.

وقد عرفت دليل قوله : ولو عاد إلى أهله استناب ، مما سبق في جواز الاستنابة في الكل إذ لو جاز في الكلّ ففي البعض بالطريق الاولى.

وأيضا قد عرفت من هذه الاخبار الاستيناف في الشوط والشوطين والثلثة وعدمه في الخمسة وما علم الضبط بتجاوز النصف وعدمه فتأمل.

قوله : ولو ذكر في السعي النقص إلخ .. يجب كون السعي بعد إكمال الطواف. فلو سعى قبله عمدا يبطل ، وسهوا لا بأس به كما سيجي‌ء.

__________________

(١) في بعض النسخ الخطية ذكر بعد قوله (ثم أتمّ السعي) : ولو لم يتجاوز النصف استأنف الطواف ثم استأنف السعي.

(٢) الوسائل الباب ٤٣ من أبواب الطواف الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ٤٤ من أبواب الطواف الرواية ١.

١١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ولو طاف بعض الطواف وشرع في السعي نسيانا ، ثمّ ذكر النقصان ، ترك السعي ورجع الى البيت وأكمل ما نقص من الطواف ثم يرجع ويكمل السعي.

دليل الرجوع والإكمال ، هو وجوب تكميل العبادة مع وجوب الترتيب. ودليل عدم الاستيناف فيهما هو أصل البراءة وصحة ما فعله ، مع كون النسيان عذرا بأدلته.

ويؤيّده ما رواه إسحاق بن عمار (في الصحيح) قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة فبينما هو يطوف إذ ذكر أنّه قد ترك من طوافه بالبيت؟ قال : يرجع الى البيت فيتمّ طوافه ثمّ يرجع الى الصفا والمروة فيتمّ ما بقي. قلت : فإنه بدأ بالصفا والمروة قبل ان يبدأ بالبيت قال : يأتي البيت فيطوف به ثم يستأنف طوافه بين الصفا والمروة. قلت : فما فرق بين هذين؟ قال : لانّ هذا قد دخل في شي‌ء من الطواف وهذا لم يدخل في شي‌ء منه (١).

ولعل القول في إسحاق بأنّه فطحي لا يضرّ في مثل هذه ، لانّه لا بأس به ، وقد عمل بها الأصحاب ، بل لم يظهر الخلاف فيه الّا انّهم قالوا هذا مع تجاوز النصف بإكمال الرابعة فلو ذكر قبله يعيد الطواف عن الرأس والسعي كما هو ظاهر المتن.

ولعل وجهه ما تقدم من الروايات في قطع الطواف لقضاء الحاجة ، ودخول البيت ، وهو غير ظاهر الدلالة على المطلوب مع ان ظاهر رواية إسحاق هو العموم سيما قوله عليه السّلام : (لان هذا قد دخل إلخ) وكذا الدليل المتقدم (٢) وكأنه لذلك عمّم الحكم في المنتهى كما ذكرناه ويؤيّده ما تقدّم في قطع الطواف للصلاة الفريضة.

__________________

(١) الوسائل الباب ٦٣ من أبواب الطواف الرواية ٣.

(٢) هو أصل البراءة وصحة ما فعله.

١٢٠