مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ودليل وجوب الشاة على من أخّر الحلق على (عن ظ) الطواف عامدا هو صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل زار البيت قبل ان يحلق ، فقال : ان كان زار البيت قبل ان يحلق وهو عالم انّه (انّ ذلك خ ل) لا ينبغي فإن عليه دم شاة (١).

وهي تشعر بعدم شي‌ء على الناسي ويؤيّده الأصل.

وصحيحة معاوية بن عمار (في الفقيه) عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل نسي أن يذبح بمنى حتّى زار البيت فاشترى بمكة ثم نحرها ، قال : لا بأس قد أجزأ عنه (٢).

ويدل على عدم وجوب اعادة الطواف على الناسي ويمكن حمل الاولى في العامد على الاستحباب لعموم غيرها في عدم الشي‌ء كما تقدم في وجه تقديم الذبح على الرّمي ، ولفظة ينبغي مؤيّدة.

وتشعر به ـ وبإعادة الطواف ووجوب طواف النساء وبالتخيير بين الحلق والتقصير ـ صحيحة على بن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المرأة رمت وذبحت ولم تقصّر حتى زارت البيت فطافت وسعت من الليل ما حالها؟

وما حال الرجل إذا فعل ذلك؟ قال : لا بأس به يقصّر ويطوف للحج ثم يطوف للزيارة ثم قد أحلّ من كل شي‌ء (٣).

والظاهر أنها في العمد والعلم لعدم الإعادة في غيرهما كما تقدم في تقديم الذبح على الحلق بل عدمها فيهما أيضا كما مرّ.

لكن هذه غير صريحة في وجوب الإعادة فيمكن حملها على الاستحباب.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ١. أقول نقل الرواية في الباب ١٥ من تلك الأبواب أيضا.

(٢) الوسائل الباب ٣٩ من أبواب الذبح الرواية ١١.

(٣) الوسائل الباب ٤ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ١.

٣٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

ويؤيّده ما في رواية أبي بصير عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل زار البيت ولم يحلق رأسه قال : يحلقه (يحلق خ ل) بمكة ويحمل شعره إلى منى وليس عليه شي‌ء (١).

ولا يضر ضعفها بمفضل بن صالح (٢) ولا شك أنّه أحوط.

واما التخيير بين الحلق والتقصير ـ ولو كان للصرورة الذي ما حجّ قبله والملبد الذي لزق على رأسه الصمغ والعسل لدفع القمل أو غيره ـ فلظاهر الآية (٣) على بعض الوجوه.

وصحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل نسي أن يقصّر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى؟ قال : يرجع الى منى حتى يلقى شعره بها حلقا كان أو تقصيرا (٤).

وتدل عليه أخبار كثيرة (٥) ويمكن حمل ما يدلّ على منع التقصير وتعين الحلق لهما على زيادة التأكيد والأفضليّة.

لصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : ينبغي للصرورة أن يحلق وان كان قد حج فان شاء قصّر وان شاء حلق قال : وإذا لبّد شعره أو عقصه فان عليه الحلق وليس له التقصير (٦).

ويؤيّده لفظة (ينبغي) وزيادة (أو عقصه) فإن القائل بتعين الحلق

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ٧.

(٢) وسندها (كما في التهذيب) هكذا : الحسين بن سعيد عن ابن فضال عن المفضل بن صالح عن أبي بصير.

(٣) قال الله تعالى (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ). الآية الفتح : ٢٧.

(٤) الوسائل الباب ٥ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ١.

(٥) راجع الوسائل الباب ١ و ٥ و ٧ وغيرها من أبواب الحلق والتقصير.

(٦) الوسائل الباب ٧ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ١.

٣٢٢

ولو رحل قبله رجع فحلق بها ، فان عجز ، حلق أو قصّر مكانه واجبا ، وبعث بشعره ، ليدفن بها مستحبا ، فان عجز فلا شي‌ء ،

______________________________________________________

للعاقص غير مشهور.

فالظّاهر انّ الحلق مطلقا أفضل لما مرّ ولما في الاخبار أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : اللهم اغفر للمحلّقين مرّتين قيل وللمقصرين يا رسول الله؟ قال : وللمقصرين (١).

وقد مرَّت لهذه المسألة زيادة تحقيق.

ودليل تعيين التقصير على النساء مرسلة ابن أبي عمير عن ابى عبد الله عليه الصلاة والسّلام قال : تقصّر المرأة من شعرها لعمرتها مقدار الأنملة (٢).

وقد مرّت هذه أيضا وأنّ المسمّى يكفى.

واعلم أنّ قوله : قبل طواف الزيارة إلخ هو ظرف (يجب) والظاهر أنّ المراد بقوله : (ويعيد الطواف) هو العامد ويحتمل الناسي أيضا بل ظاهر المتن ذلك ولكن الدليل لا يساعده لما تقدم في تقديم الذبح على الرّمي ما يدلّ على عدم الإعادة مطلقا خصوصا الناسي والجاهل.

قوله : ولو رحل إلخ .. أي لو رحل من منى قبل الحلق أو التقصير فيها وجب ان يرجع إليها فحلق أو قصّر بها فان عجز عن الرجوع إليها فعل أحدهما مكانه واجبا وبعث بشعره ليدفن بمنى مستحبا فان عجز عن البعث فلا شي‌ء عليه حينئذ وهو ظاهر ، بل لو لم يعجز لا بأس به ولا شي‌ء عليه لأنَّه ترك المستحب.

ويمكن ان يكون المراد نفى الكراهة والذمّ بترك الاولى وانّ مراده نفى الشي‌ء على التارك اختيارا ثم عجز عن الرجوع إليها والحلق أو التقصير بها ودفن

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ٦ والرواية مرويّة عن حريز عن ابى عبد الله عليه السّلام.

(٢) الوسائل الباب ٣ من أبواب التقصير الرواية ٣.

٣٢٣

ويمرّ الأقرع (١) الموسى على رأسه.

______________________________________________________

الشعر بها فإنّه يتوهم وجوب شي‌ء عليه حيث كان الواجب عليه ان يرمى الشعر بها وتركه اختيارا ثم حصل العجز فتأمل.

ويدلّ على الرجوع الى منى مع القدرة أنّه كان واجبا هناك وهو ممكن فيجب بدليله ويدلّ عليه أيضا صحيحة الحلبي المتقدمة وغيرها وحمل ما يدل على الجواز بمكة أو الطريق على العجز.

مثل رواية مسمع قال. سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل نسي أن يحلق رأسه أو يقصّر حتى نفر؟ قال : يحلق في الطريق أو أين كان (٢).

مع أنّه في الناسي وقد يمكن ارتكاب ذلك على أنّ توثيق مسمع غير صريح وكذا رواية أبي بصير المتقدمة.

وروايته أيضا قال سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل ينسى ان يحلق رأسه حتى ارتحل من منى فقال : ما يعجبني ان يلقى شعره الا بمنى ولم يجعل عليه شيئا (٣).

وظاهر هذه عدم الرجوع اختيارا أيضا الا ان في الطريق الحسن بن الحسين اللؤلؤي (٤) وفي كتاب ابن داود ضعّفه ابن بابويه ويمكن حملها أيضا على المشقة.

ودليل إمرار الموسى على رأس الأقرع ـ الذي لا شعر على رأسه وانه هو يجزيه.

هو رواية زرارة ان رجلا من أهل خراسان قدم حاجّا وكان أقرع الرأس لا

__________________

(١) الأقرع من سقط شعر رأسه من علة.

(٢) الوسائل الباب ٥ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ٦ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ٦ عن ابى بصير.

(٤) وسندها (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن حسن بن حسين اللؤلؤي عن على بن رئاب عن ابى بصير.

٣٢٤

وبعد الحلق والتقصير يحلّ من كل شي‌ء ، عدا الطيب والنساء والصيد ، فإذا طاف للزيارة ، حل الطيب ، فإذا طاف للنساء حللن له ،

______________________________________________________

يحسن ان يلبّى فاستفتي له أبو عبد الله (أبا عبد الله خ ل) عليه السّلام فأمر ان يلبى عنه وان يمرّ الموسى على رأسه فإنّ ذلك يجزى عنه (١).

ظاهره جواز النيابة في التلبية مع العجز واجزاء الإمرار عن التقصير أيضا فيحلّ.

وفي الطريق (٢) محمد بن احمد عن محمد بن عيسى لعلّه محمد بن احمد بن يحيى الأشعري الثقة والعبيدي فلا بأس ، وان كان فيه كلام ، ولكن أيضا فيه ياسين الضرير وهو مهمل.

ولا شك ان الاولى ضمّ التقصير اليه.

ويستحب العمل بمضمون صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي جعفر عليه الصلاة والسّلام قال : أمر الحلّاق ان يضع الموسى على قرنه الأيمن ثم أمره أن يحلق وسمّى هو وقال اللهم أعطني بكلّ شعرة نورا يوم القيمة (٣).

وما ظهر منها النيّة بل ظاهرها العدم ، وينبغي ان لا يترك كما مرّ في الذبح ، وينبغي ان يأتي في النيّة بقبول (بقول خ ل) الحلق أو بالحلق بمعناه وينوى الحلّاق الحلق (حقيقة خ) استحبابا أو وجوبا بتأويل ان كان مأتيا (ثانيا خ ل) في الذبح ينوى وجوبه على الأصل والمنوب (والمندوب خ) وعدم ذكر المصنف النيّة هنا وفي الحلق يشعر بعدم الوجوب ولو كان واجبا لا يحتاج الى التفصيل المذكور في المناسك بل يكفي القربة ولا شك انّ المذكور أحوط.

قوله : وبعد الحلق أو التقصير يحلّ من كل شي‌ء إلا الطيب والنساء والصيد إلخ .. هذا هو المشهور بل يفهم الإجماع من المنتهى عليه وفيه تأمّل.

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ٣.

(٢) وسندها (كما في الكافي) هكذا : محمد بن يحيى عن محمد بن احمد عن محمد بن عيسى عن ياسين عن حريز عن زرارة.

(٣) الوسائل الباب ١٠ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ١.

٣٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

والذي يقتضيه الأخبار الصحيحة انه يحلّ بالحلق من كل شي‌ء الا من النساء مثل صحيحة سعيد بن يسار (الثقة) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المتمتع؟ قال : إذا حلق رأسه (قبل ان يزور البيت كا) يطليه بالحناء وحلّ له الثياب والطيب وكل شي‌ء إلا النّساء ردّدها على مرتين أو ثلاثا قال : وسألت أبا الحسن عليه السّلام عنها فقال : نعم الحناء والطيب والثياب وكلّ شي‌ء إلا النساء (١).

وحملها الشيخ في التهذيب على أنّه حلق وطاف أيضا.

لرواية عمر بن يزيد عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : اعلم أنّك إذا حلقت رأسك فقد حلّ لك كلّ شي‌ء إلا النساء والطيب (٢).

ويقرب منها رواية منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله عليه الصلاة والسّلام عن رجل رمى وحلق أيأكل شيئا فيه صفرة؟ قال : لا حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم قد حلّ له كلّ شي‌ء إلا النساء حتّى يطوف بالبيت طوافا آخر ثمّ قد حلّ له النساء.

وكذا رواية علا وهو بعيد وهذه الروايات غير ظاهرة الصحة ويمكن حملها على الاستحباب وكذا ما تقدم في لزوم الكفارة بفعل شي‌ء قبل الطواف ان كان.

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : ولد لأبي الحسن عليه الصلاة والسّلام مولود بمنى فأرسل إلينا يوم النحر بخبيص فيه زعفران وكنّا قد حلقنا ، قال عبد الرحمن فأكلت أنا منه وأبى الكاهلي ومرازم أن يأكلا منه وقالا لم نزر البيت فسمع أبو الحسن عليه السّلام كلامنا فقال لمصادف وكان هو الرسول الذي جائنا به

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ٧ وفي الكافي بعد قوله : بالحناء ، قال : نعم الحنّاء والثياب إلخ.

(٢) أوردها واللتين بعدها في الوسائل الباب ١٣ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ٤ و ٢ و ٣.

٣٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

في أيّ شي‌ء كانوا يتكلمون؟ فقال : أكل عبد الرحمن وأبى الآخران فقالا : لم نزر بعد البيت ، فقال : أصاب عبد الرّحمن ثم قال : اما تذكر حين أتينا به في مثل هذا اليوم فأكلت أنا منه وأبى عبد الله أخي ان يأكل منه فلما جاء أبي حرّشه (١) علىّ فقال يا أبه انّ موسى أكل خبيصا فيه زعفران ولم يزر بعد فقال أبي عليه السّلام : هو أفقه منك أليس قد حلقتم رؤوسكم (٢).

وصحيحة معاوية بن عمّار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سئل ابن عباس هل كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يتطيّب قبل ان يزور البيت؟ قال : رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله يضمد رأسه بالمسك قبل ان يزور (٣).

وحملها الشيخ على الذي يحج حج الافراد والقران دون التمتع فقال : بأنّه يحلّ جميع الأشياء (٤) بالحلق للحاج غير المتمتع امّا المتمتع فيحلّ الا من الطيب والنساء.

واستدل عليه برواية محمد بن حمران قال : سألت أبا عبد الله عن الحاج غير المتمتّع يوم النحر ما يحلّ له؟ قال : كل شي‌ء إلا النساء (والطيب خ) (٥).

والفرق غير ظاهر وهذه الرواية غير ظاهرة الصحة والدلالة على المطلوب مع عدم ظهور القائل بالفرق غير الشيخ.

ويدلّ على ضعفه روايتا أبي أيّوب الخزاز قال رأيت أبا الحسن بعد ما ذبح

__________________

(١) اي أغراه وهيّجه علىّ.

(٢) و (٣) الوسائل الباب ١٤ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ٣ و ٢.

(٤) لكن الشيخ قدّس سرّه استثنى النساء فقط فإنّ عبارة التهذيب بعد نقل الصحيحتين هكذا : فليس في هذين الخبرين أنّه انّما أباح استعمال الطيب عند الفراغ من حلق الرأس قبل الزيارة للمتمتّع أو الحاج الغير المتمتع وإذا لم يكن ذلك في ظاهر الخبرين حملنا هما على الحاج غير المتمتع لانّه يحلّ له استعمال كل شي‌ء عند حلق الرأس إلا النّساء فقط وانّما لا يحلّ استعمال الطيب مع ذلك للمتمتع دون غيره انتهى.

(٥) الوسائل الباب ١٤ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ١.

٣٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

حلق ثمّ ضمد رأسه بمسك (بسكّ خ ل) ثم زار البيت وعليه قميص وكان متمتعا (١).

ولا يضرّ يونس مولى على (٢) لان الظاهر أنّه مولى على بن يقطين وهو ابن عبد الرحمن وهو ثقة وان كان فيه قول الا انّ الأرجح ذلك كما يفهم من الخلاصة فإحديهما صحيحة وفي الأخرى إسماعيل بن مرّار (٣) ولا يضرّ جهله.

وما رواه (في الصحيح) إسحاق بن عمار قال : سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن المتمتع إذا حلق رأسه ما يحلّ له؟ فقال : كلّ شي‌ء إلا النساء (٤).

ولا يضرّ القول في إسحاق.

فنحمل رواية محمد بن حمران على شدة الاستحباب للمتمتع.

ولكن يدل على عدم تحلل الطيب بالحلق صحيحتا العلاء والحلبي وستجيئان وما استدل عليه بها.

فالمسألة مشكلة بناء على ذلك والشهرة حتى لم يظهر القائل بما قلناه فتأمل.

ثم لا شك في حلّ الطيب بعد الطواف وصلوته والسعي ، وهو المفهوم من رواية منصور بن حازم المتقدمة (٥) وظاهر عبارة المتن بعد الطواف ، كأنّه قد مرّ فيما سبق ما يدل على كون السعي داخلا في المحلّل فتذكر وتأمل.

ولا شك انّ الاجتناب منه اليه بل الى بعد طواف النساء وصلوته أحوط.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ١٠.

(٢) والسند (كما في الكافي) هكذا : محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسن علي بن يقطين عن يونس مولى على بن يقطين عن أبي أيّوب الخزّاز.

(٣) وسند الأخرى (كما في الكافي أيضا) هكذا : على بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرّار عن يونس عن أبي أيّوب.

(٤) و (٥) الوسائل الباب ١٣ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ٨ و ٢.

٣٢٨

ويكره المخيط قبل طواف الزيارة ، والطيب قبل طواف النساء.

______________________________________________________

وامّا اللبس فالظاهر انّه يحل بالحلق لما مرّ ولصحيحة العلاء قال. قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : انّي حلقت رأسي وذبحت وانا متمتع ، أطلى رأسي بالحناء؟ قال : نعم من غير أن تمسّ شيئا من الطيب ، قلت وألبس القميص وأتقنع؟ قال : نعم قلت قبل الطواف (ان أطوف خ ل) بالبيت؟ قال : نعم (١).

وكانّ قوله : من غير ان تمسّ شيئا من الطيب محمول على شدة الكراهة والاستحباب لما تقدم.

وجعل هذه دليلا للمشهور أوضح مما تقدم.

وما يدل على منع التغطية واللبس قبل الطواف فيحمل على الاستحباب مثل صحيحة محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه الصلاة والسّلام عن رجل تمتع بالعمرة فوقف بعرفة ووقف بالمشعر ورمى الجمرة وذبح وحلق أيغطّى رأسه؟ فقال : لا حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة قيل له فان كان فعل؟ قال : ما ارى عليه شيئا (٢).

وقريب منه رواية إدريس القمي (٣) في منع اللباس قبل ان يزور البيت وفي عدم الشي‌ء على فاعل ذلك عمدا.

والدليل عليه صحيحة منصور بن حازم عن ابى عبد الله عليه السّلام انه قال في رجل كان متمتعا فوقف بعرفات وبالمشعر وذبح وحلق فقال : لا يغطّى رأسه حتّى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة فانّ أبى عليه السّلام كان يكره ذلك وينهى عنه فقلنا فان كان فعل؟ قال : ما ارى عليه شيئا وان لم يفعل كان أحبّ الىّ (٤).

وفيها الدلالة من ثلاثة أوجه (٥) وهي مؤيّدة لحمل ما تقدم على الاستحباب

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ٥.

(٢) الوسائل الباب ١٨ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ٢ و ٣ و ١.

(٣) الوسائل الباب ١٨ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ٢ و ٣ و ١.

(٤) الوسائل الباب ١٨ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ٢ و ٣ و ١.

(٥) (الأوّل) قوله عليه السّلام : فان ابى عليه السّلام كان يكره (الثاني) قوله عليه السّلام : ما ارى عليه

٣٢٩

فإذا فرغ من المناسك مضى إلى مكة من يومه ، ويجوز تأخيره إلى غده ، لا أزيد ، فيطوف للزيارة ويسعى ، ويطوف للنساء.

ويجوز للمفرد والقارن التأخير طول ذي الحجة على كراهية

______________________________________________________

حيث علم المبالغة والنهي وارادة الاستحباب والكراهة وانّ الاولى هو الصبر الى بعد السعي كما تقدم ، وانّ له دخلا في التحلّل على القول بالصّبر الى الطواف فتأمل.

ويدل على أنّ الاجتناب عن الطيب أولى الى بعد طواف النساء وان قلنا بتحلّله بعد الحلق.

صحيحة محمد بن إسماعيل قال : كتبت الى ابى الحسن الرضا عليه الصلاة والسّلام هل يجوز للمحرم المتمتع ان يمسّ الطيب قبل ان يطوف طواف النساء؟ فقال : لا (١).

وهذه مؤيّدة لحمل ما تقدم على الاستحباب كما قلناه والأصل دليل قويّ مع معارض مّا لدليل الوجوب فتأمل والاحتياط أمر آخر وطريق السلامة.

والظاهر أنه يحلّ ما يحرم على المحرم من الصيد بطواف النساء ويمكن قبله بطواف الزيارة بل قبله بالحلق أيضا ولكن الأوّل أولى وأحوط وامّا ما يحرم للمحرم فهو على حاله ما دام فيه.

قوله : فإذا فرغ من المناسك مضى إلى مكة من يومه إلخ .. لما تقدم ، أي إذا فرغ الحاج من مناسك يوم النحر في حج التمتع ـ كأنّه مقصود الكتاب ـ مضى إلى مكة لزيارة البيت وصلوتها والسعي وطواف النساء وصلوته وجوبا موسعا الى غده بلا خلاف على الظاهر ، ويجزى بعده مع الإثم عند البعض ، وعلى الكراهة عند آخرين وكأنّه الأظهر على ما تقدّم.

قوله : ويجوز للمفرد والقارن التأخير طول ذي الحجة على كراهية. بمعنى نقص الثواب والظاهر أنّ التمتع كذلك ، كأنّه قد تقدّم ما يدل عليه فتذكر.

__________________

شيئا (الثالث) قوله عليه السّلام : كان أحبّ الىّ.

(١) الوسائل الباب ١٩ من أبواب الحلق والتقصير الرواية ١.

٣٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وبالجملة الظاهر أنّ الأفضل للمتمتع وغيره فعل الزيارة يوم النحر ثم الغد وهكذا كلّما قرب فهو أفضل وأنّ التأكيد في التمتع أكثر للرواية.

ويدل عليه صحيحة منصور بن حازم قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : لا يبيت المتمتع يوم النحر بمنى حتى يزور البيت (١).

وصحيحة عمر ان الحلبي عن ابى عبد الله عليه الصلاة والسّلام قال : ينبغي للمتمتع ان يزور البيت يوم النحر أو من ليلته ولا يؤخّر ذلك اليوم (٢).

الظاهر أنّه يريد (بليلته) ليلة تكون بعد يوم النحر وهو ليلة أحد عشر لفهم الإجماع من المنتهى حيث ما نقل الخلاف الا عن المخالف على أنّ وقته بعد طلوع الفجر يوم النحر وللاخبار (٣) وفي لفظة (ينبغي) دلالة على الاستحباب وجواز التأخير.

وصحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن المتمتع متى يزور البيت قال : يوم النحر أو من الغد ولا يؤخر والمفرد والقارن ليسا بسواء موسع عليهما (٤).

ويدلّ على جواز التأخير صريحا صحيحة صفوان عن إسحاق بن عمار قال : سألت أبا إبراهيم عليه الصلاة والسّلام عن زيارة البيت تؤخّر إلى اليوم الثالث؟ قال : تعجيلها أحبّ الىّ وليس به بأس ان أخّره (٥).

وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس ان يؤخر زيارة البيت الى يوم النفر انما يستحب تعجيل ذلك مخافة الأحداث والعارض (والمعاريض خ ل) (٦).

__________________

(١) و (٢) الوسائل الباب ١ من أبواب زيارة البيت الرواية ٦ و ٧.

(٣) راجع الوسائل الباب ١ من أبواب زيارة البيت.

(٤) و (٥) و (٦) الوسائل الباب ١ من أبواب زيارة البيت الرواية ٨ و ١٠ و ٩.

٣٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن رجل نسي أن يزور البيت حتى أصبح فقال : لا بأس أنا ربما أخرته حتى تذهب أيام التشريق ولكن لا يقرب النساء والطيب (١).

وهذه تدل على عدم التحلل من الطيب قبل طواف الزيارة ، وما ذكرت في محلّه فتأمل.

واعلم أنّ هذه الاخبار ليست صريحة وحجة على تأخير المتمتع (زيارته ـ ظ) وطوافه طول ذي الحجة بل بعضها ظاهرة في جواز التأخير ولا خصوصية له بتأخير غير المتمتع كما يفهم من التهذيب (٢).

ففيه تأمل فإنّها عامة ، نعم يفهم التأكيد في المتمتع وعدم المبالغة في المفرد والقارن من صحيحة معاوية (٣).

ويشعر به ما في صحيحته أيضا عن أبي عبد الله عليه السّلام في زيارة البيت يوم النحر قال : زره فان شغلت فلا يضرّك ان تزور البيت من الغد ولا تؤخّر أن تزور من يومك فإنه يكره للمتمتع ان يؤخّر وموسّع للمفرد أن يؤخّره (الحديث) (٤).

ويدل على جواز التأخير والاجزاء الأصل وكون ذي الحجة كلّه شهر الحج كما دل عليه الاخبار (٥) بل لا نزاع فيه كما قيل ويؤيده وقوع الذبح فيه كلّه.

ويفهم من المنتهى عدم النزاع في اجزاء الطواف مطلقا فيه وانما النزاع في حصول الإثم بالتأخير في التمتع دونهما ولا ينبغي مع الاجزاء ذلك فتأمل.

__________________

(١) و (٤) الوسائل الباب ١ من أبواب زيارة البيت الرواية ٢ و ١.

(٢) فإنه قدّس سرّه قال : ولا يجوز للمتمتع ان يؤخّر الزيارة والطواف عن اليوم الثاني من النحر ويوم النحر أفضل ولا بأس للمفرد والقارن ان يؤخّرا ذلك انتهى.

(٣) تقدّمت آنفا.

(٥) راجع الوسائل الباب ١٠ و ١١ من أبواب أقسام الحج.

٣٣٢

المطلب الرّابع في باقي المناسك

فإذا فرغ من الطوافين ، والسعي ، رجع الى منى ، فبات بها ليالي التشريق ، وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر.

______________________________________________________

المطلب الرابع في باقي المناسك

قوله : فإذا فرغ من الطوافين إلخ .. أي طواف الزيارة وما يتعلق به من صلوته وسعيه وطواف النساء وصلوته ، رجع الى منى للمبيت بها ليالي التشريق وهي ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر.

قال في المنتهى : يجب المبيت بها هذه الليالي قاله علمائنا اجمع.

واستدل عليه أيضا بصحيحة معاوية بن عمّار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا فرغت من طوافك للحج وطواف النساء فلا تبت (تبيت خ ل) الا بمنى الا ان يكون شغلك في نسكك وان خرجت بعد نصف الليل فلا يضرك ان تبيت في غير منى (١).

وهذه تدل على وجوب المبيت بمنى ليلة الحادي عشر وأنّه لم يجب إذا كان مشغولا بالعبادة والظاهر كونه بمكة كما قاله الأصحاب ويمكن العموم لعدم التصريح بالقيد.

ولا يبعد كفاية نصف الليل كما في أصل المبيت ويدل أيضا على جواز الخروج من منى بعد نصف الليل كما قاله الأصحاب فلا يكون المبيت الى طلوع الفجر واجبا فلا ينبغي التقييد في نيّة المبيت من أوّل الليل الى طلوع الفجر كما وقع

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب العود إلى منى الرواية ١.

٣٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

في المناسك بل الإطلاق أيضا وما ذكر المصنف هنا أيضا (١) النية ، فلا يعلم الوجوب عنده وعلى تقدير الوجوب التفصيل غير لازم نعم أنّه الأحوط على ما ذكره الأصحاب.

ويمكن تنزيل الليل الى نصفه على تقدير الإطلاق أو يقال أنّه ان بقي الى الفجر فهو واجب ولكن رخّص له الخروج كما في الصوم الواجب المطلق مثل النذر المطلق أو القضاء في الجملة فتأمل فيه.

والظاهر ان الواجب من النصف الأوّل وان ذهب بعضه في الطريق حين الرجوع الى منى من مكة ولا يأثم به ان لم يقصر ولا يوجب شيئا مطلقا ولا يجب عوضه من الطرف الآخر.

وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام انّه قال في الزيارة إذا خرجت من منى قبل غروب الشمس فلا تصبح الا بمنى (٢).

هذه تدل على انه يكفى الكون فيه ليلا في الجملة ولو كان من آخره.

وصحيحة العيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الزيارة من منى؟ قال : ان زار بالنهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح الا وهو بمنى وان زار بعد نصف الليل أو السحر فلا بأس عليه ان ينفجر الصبح وهو بمكة (٣).

ولعل في هذه دلالة على عدم وجوب المبيت بمنى بعد النصف لا أصالة ولا عوضا ولو تيسّر حيث أطلق جواز الإصباح بمكة ان وقع طوافه بعد النصف وكأنه لعدم بقاء الوقت الواجب للمبيت فتأمل.

وبالجملة قد استدل بهاتين الروايتين أيضا على وجوب المبيت في منى

__________________

(١) يعنى انّ المصنّف قدّس سرّه لم يذكر النيّة أيضا فضلا عن التقييد في نية المبيت.

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب العود إلى منى الرواية ٣.

(٣) الوسائل الباب ١ من أبواب العود إلى منى الرواية ٤.

٣٣٤

ويجوز النفر يوم الثاني عشر بعد الزوال لمن اتقى النساء والصيد.

______________________________________________________

وليست بواضحة في الكل والى النصف وكانّ العمدة هو الإجماع والرواية الاولى (١) وفي الروايات الدالة على وجوب الشاة على تارك المبيت دلالة أيضا على وجوب المبيت وستطلع عليه.

قوله : ويجوز النفر إلخ .. هذا بمنزلة الاستثناء عن الحكم المتقدم يعنى يجب المبيت بمنى تلك الليالي الثلث والرمي في الأيام الثلثة على كل أحد الا على متّقى الصيد والنساء فإنه يجوز له النفر يوم الثاني بعد الرمي فلا يجب عليه المبيت الليلة الأخيرة والرمي في اليوم الثالث الا ان يغرب الشمس وهو بمنى فيجبان عليه أيضا فالنفر الأوّل وسقوطهما مشروط بشرطين الاتّقاء من النساء والصيد وعدم ادراك غروب الشمس بمنى.

يحتمل كون المراد ذهاب الحمرة المشرقية أو إسقاط القرص ويجب أيضا كونه بعد الزوال.

ويدلّ على الجواز في الجملة الكتاب (٢) والسنة (٣) والإجماع المدعى في المنتهى.

ويدلّ على الأخير رواية أبي أيوب قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام انا نريد ان نتعجّل السّير وكانت ليلة النفر حين سألته فأيّ ساعة ننفر؟ فقال لي أما اليوم الثاني فلا تنفر حتى تزول الشمس وكانت ليلة النفر وامّا اليوم الثالث فإذا ابيضت الشمس فانفر على بركة الله (كذا في الكافي) وفي التهذيب على كتاب الله فان الله تعالى يقول (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) فلو

__________________

(١) وهي صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة.

(٢) قال الله تعالى (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى). البقرة : ٢٠٣.

(٣) راجع الوسائل الباب ١١ من أبواب العود إلى منى.

٣٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

سكت لم يبق أحد إلّا تعجل ولكنه قال : ومن تأخّر فلا اثم عليه (١).

ولا يضرّ وجود على بن الحكم (٢) ـ وان كان هو ابن أخت داود بن النعمان بقرينة نقله عن داود ـ لانّه غير مذموم ومؤيّده ويحتمل كونه الثقة لثبوت نقل احمد بن محمد عنه وعدم ثبوت نقله عن غير الثقة وعدم ثبوت نقل ابن أخت داود عنه ولا اشتراك أبي أيّوب لأنّ الظاهر انّه الخزّاز الثقة وكأنّه لبعض ما تقدم ما سمى في المنتهى بالصّحة ولا يضرّ.

وصحيحة معاوية بن عمار وحسنته عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك ان تنفر حتى تزول الشمس وان تأخّرت إلى آخر أيّام التشريق وهو يوم النفر الأخير فلا شي‌ء عليك أيّ ساعة نفرت (ورميت قيه يب) قبل الزوال أو بعده وإذا نفرت وانتهيت الى الحصباء (الحصبة كا) وهي البطحاء فشئت أن تنزل قليلا فإنّ أبا عبد الله عليه السّلام قال كان ابى عليه السّلام ينزلها ثم يحمل فيدخل مكة من غير ان ينام فيها (بها كا) (٣).

كانّ قوله (فإن أبا عبد الله عليه السّلام) كلام معاوية.

وفيها أحكام أخر مثل وسعة وقت الرمي والنفر يوم الثالث واستحباب نزول الحصبة.

وقد خصّ ذلك في الفقيه بالنفر الثاني لرواية أبي مريم عن ابى عبد الله عليه السّلام أنّه سئل عن الحصبة؟ فقال : كان أبي عليه السّلام ينزل الأبطح قليلا

__________________

(١) الوسائل الباب ٩ من أبواب العود إلى منى الرواية ٤.

(٢) وسندها (كما في الكافي) هكذا : عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن محمد عن علي بن الحكم عن داود بن النعمان عن أبي أيّوب.

(٣) الوسائل الباب ٩ من أبواب العود إلى منى الرواية ٣ ونقل ذيلها في الباب ١٥ من تلك الأبواب الرواية ١.

٣٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ثم يجي‌ء فيدخل البيوت من غير ان ينام بالأبطح ، فقلت له : أرأيت من (ان خ ل) تعجّل في يومين ان كان من أهل اليمن عليه ان يحصّب؟ فقال : لا (١) وكان ابى عليه السّلام ينزل الحصبة قليلا ثم يرتحل وهو دون خبط وحرمان (٢).

قال ذلك في المنتهى أيضا.

وهذه الرواية مرويّة في التهذيب أيضا (٣) وزاد فيها بعد قوله : (في يومين) : ان كان من أهل اليمن عليه ان يحصّب؟ قال : لا.

والتخصيص بعيد لثبوت الاستحباب بدليل عام لكل أحد في الأوّل والثاني وهو الرواية الصحيحة (٤) المتقدمة مع ظاهر كلام الأكثر وعدم صحة الرواية المخصصة.

الّا انّ الأصل وعدم صراحة العموم وتقييد العام بالخاص دليل الفقيه فيمكن حمل الرواية الأولى (٥) عليه.

قال في المنتهى : ويستحب لمن نفر أن يأتي المحصّب وينزل به ويصلّى في مسجده مسجد رسول الله صلَّى الله عليه وآله ويستريح فيه قليلا مستلقيا على قفاه وليس للمسجد اثر اليوم وانّما المستحب اليوم التحصيب وهو النزول بالمحصّب والاستراحة فيه قليلا اقتداء برسول الله صلَّى الله عليه وآله ولا خلاف في أنّه صلّى الله عليه وآله نزل به (٦).

وحمل الشيخ في التهذيب ما يدل على جواز النفر الأوّل قبل الزوال ، على المضطر مثل رواية زرارة عن أبي جعفر عليه الصلاة والسّلام قال : لا بأس ان ينفر الرجل في النفر الأوّل قبل الزوال (٧).

__________________

(١) الى هنا في الكافي والتهذيب.

(٢) الوسائل الباب ١٥ من أبواب العود إلى منى الرواية ٣.

(٣) وكذا في الكافي.

(٤) يعني صحيحة معاوية.

(٥) يعني رواية أبي أيّوب المتقدمة.

(٦) المنتهى ص ٤٧٧.

(٧) الوسائل الباب ٩ من أبواب العود إلى منى الرواية ١١.

٣٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

مع عدم صحة السند وكذا ما في رواية أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل ينفر في النفر الأوّل؟ قال : له ان ينفر ما بينه وبين ان تصفرّ الشمس فان هو لم ينفر حتّى يكون عند غروبها فلا ينفر وليبت بمنى حتّى إذا أصبح وطلعت الشمس فلينفر متى شاء (١).

ويمكن حملها على الارتحال وإخراج رحله وثقله عن منى وعدم خروجه قبل الزوال.

لصحيحة الحلبي في الفقيه أنّه سئل (كأنه أبو عبد الله عليه السّلام لذكره قبله) عن الرجل ينفر في النفر الأوّل قبل ان تزول الشمس فقال : لا ولكن يخرج ثقله ان شاء ولا يخرج هو حتى تزول الشمس (٢).

والذي يدلّ على عدم جواز النفر الأوّل بعد غروب الشمس هو إجماع الأصحاب المنقول في المنتهى وخبر ابى بصير المتقدم وحسنة الحلبي وصحيحة معاوية الآتيتان ولعل في الآية أيضا اشارة اليه حيث قال : (في يومين) اي بعد الشروع فيهما وقبل مضيّهما أو يقال : لا دلالة فيها على أكثر من اليوم الثاني وبعد غروب ليس منه أو يقال تخصيصها بالإجماع والاخبار.

كحسنة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من تعجل في يومين فلا ينفر حتى تزول الشمس فإن أدركه (أدرك خ ل) المساء بات ولم ينفر (٣).

وهذه تدل على الأخيرة أيضا.

وصحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا نفرت في النفر الأوّل فإن شئت ان تقيم بمكة وتبيت بها فلا بأس بذلك قال : وقال : إذا جاء

__________________

(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب العود إلى منى الرواية ٤.

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب العود إلى منى الرواية ٦.

(٣) الوسائل الباب ١٠ من أبواب العود إلى منى الرواية ١.

٣٣٨

الا ان تغرب الشمس بمنى.

______________________________________________________

الليل بعد النفر الأوَّل فبتّ بمنى فليس لك ان تخرج منها حتّى تصبح (١).

وامّا شرط الاتقاء من الصيد والنساء فلا ارى له دليلا صالحا لأنّ الآية الكريمة (٢) مجملة وقابلة للمعاني فإنّه يحتمل ان يكون معناها من نفر من النفر الأوّل أو الثاني فلا اثم عليه يعني لمّا أتى بأفعال الحج كلّها ما بقي عليه ذنب سواء نفر في الأوّل أو الثاني وحينئذ لا يتعلق به (لمن اتّقى) ولا يقيّده (ولا يفيده خ ل) بقيد المراد فيحتمل ان يكون معناه كون الحج كذلك مكفرا للذنوب كلّها لمن اتّقى في الحج جميع ما نهى الله عنه.

أو أنّه ينتفع بذلك من اتّقى في بقيّة عمره إذ لو ارتكب المعاصي فلا يخلصه محو الذنوب المتقدمة بسبب الحج.

واليه أشار في رواية في الكافي عن ابى عبد الله عليه السّلام (في حديث) ومنهم من غفر الله له ما تقدم من ذنبه وقيل له : أحسن فيما بقي من عمرك وذلك قوله عزّ وجلّ (فَمَنْ تَعَجَّلَ) الآية (٣).

أو انّ ذلك للمتّقين يعنى شيعة أهل البيت ، كما نقل في الكافي.

في رواية إسماعيل بن نجيح الرياح ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : كنّا عند أبي عبد الله عليه السّلام بمنى ليلة من الليالي ، فقال : ما يقول هؤلاء فيمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه؟ قلنا : لا (ما خ) ندري ، قال : بلى يقولون : من تعجل من أهل البادية فلا اثم عليه ومن تأخر من أهل الحضر فلا اثم عليه وليس كما يقولون قال الله جل ثنائه : فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ألا لا إثم

__________________

(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب العود إلى منى الرواية ٢.

(٢) البقرة : ٢٠٣.

(٣) الوسائل الباب ١٨ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ١ هذه قطعة من الرواية نقلها في الوسائل عن الكافي عن سفيان بن عيبنة وتمامها «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ» يعنى من مات قبل ان يمضي فلا اثم عليه ومن تأخّر فلا اثم عليه لمن اتّقى الكبائر (الرواية)

٣٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه ومن تأخر فلا اثم عليه ألا لا اثم عليه لمن اتقى ، انما هي لكم والناس سواد وأنتم الحاج (١).

وانّ معناها انّ ذلك لمن اتّقى المعاصي ، كما قال الله (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).

ففيها إشارة الى أنّ الأمر بالشي‌ء يستلزم النهي عن ضده الخاصّ وانّه مفسد للعبادة فلا يصحّ حج من كان في ذمّته حق مضيّق مع القدرة ، فينبغي الاجتناب له ، فتأمل.

وفي رواية في الفقيه ، انّ معناها من مات في يومين فلا اثم عليه ، ومن تأخّر أجله فلا اثم عليه لمن اتقى الكبائر (٢).

فلا يتعلق به أيضا لمن اتّقى ، على الوجه المراد.

قال في الكافي (٣) والفقيه (٤) عن أبي عبد الله عليه السّلام الى قوله : وفي تفسير فمن تعجل في يومين الآية يعنى من مات فلا اثم عليه ومن تأخر أجله فلا اثم عليه لمن اتقى الكبائر.

ونفى هذه الرواية في الكافي المعنى الذي يفيد التقييد باجتناب الصيد فيما بعد حيث قال : وامّا العامة فيقولون : فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ، يعني في النفر الأوّل ، ومن تأخّر فلا اثم عليه ، يعنى لمن اتّقى الصيد أفترى أنّ الصّيد يحرّمه الله بعد ما أحلّه في قوله عزّ وجلّ (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) وفي تفسير العامة معناه فإذا حللتم فاتقوا الصيد ، الحديث (٥) وفي الفقيه ، وروى : أنّه يخرج من ذنوبه كهيئته

__________________

(١) الوسائل الباب ٩ من أبواب العود إلى منى ، الرواية ٥.

(٢) الوسائل الباب ١١ من أبواب العود إلى منى ، الرواية ١٢.

(٣) راجع الكافي «باب» النفر من منى الأوّل والآخر.

(٤) الفقيه عن سفيان بن عيينة عن أبي عبد الله عليه السّلام باب النفر الأول والأخير الرواية ٧.

(٥) راجع الكافي «باب» النفر من منى الأوّل والآخر.

٣٤٠