مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

كان ففي الصد موضعه أو أيّ مكان جاز.

قال في الدروس : ويجوز التحلل في الحلّ والحرم بل في بلده إذ لا زمان ولا مكان مخصوصين فيه ومع ذلك كله لا يبعد أولويّة بعث هديه أيضا الى حرم مكة أو منى لاحتمال الآية لهما كما نقل عن الشيخ في الدروس.

وأنّه قال في الدروس في تحلل المصدود وفي وجوب الحلق أو التقصير قولان أقربهما الوجوب.

ودليله غير واضح غير ان يقال المحلّل في الإحرام هو أحدهما في العمرة والحج مطلقا والمصدود محرم فلا بدّ له من أحدهما.

وأيضا أنّه محرم ويحصل الإحلال بأحدهما.

وأيضا أنّه محرم يحصل الإحلال بأحدهما اتفاقا وبدونهما ليس بمعلوم فيبقى على إحرامه.

وذلك غير واضح لانّ كونهما فقط محلّلا في غير المصدود لم يستلزم كونهما كذلك فيه بل ظاهر دليله من الآية والخبر (١) عدم ذلك ، بل كذا كلام الأصحاب أيضا ولهذا أوجبوا نيّة التحلل عنده ، والأصل مؤيّد ، وكذا عدم نقل فعله صلّى الله عليه وآله وامره لمن معه بذلك في صدّ الحديبيّة ويبعد عدم نقل مثله مع وجوده في مثل هذه المسألة فتأمل.

وقال أيضا فيه : ولو ظنّ عدم (٢) انكشاف العدوّ وتربّص ندبا فان استمرّ تحلّل بالهدي ان لم يتحقق الفوات والا فبالعمرة ولو عدل إلى العمرة مع الفوات فصدّ عن إتمامها تحلّل أيضا وكذا لو قلنا ينقلب (٣) إحرامه إليها بالفوات وعلى هذا لو صار الى بلده ولمّا يتحلّل وتعذر العود في عامه لخوف الطريق فهو مصدود فله

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ٤ وراجع الباب ٢ من تلك الأبواب.

(٢) وفي الدروس : ولو ظنّ انكشاف العدوّ تربّص ندبا إلخ.

(٣) وفي النسخة المطبوعة : بتقلّب إحرامه إلخ.

٤٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

التحلّل بالذبح والتقصير في بلده (١).

ظاهر هذا الكلام أنّ التقصير أيضا شرط في التحلّل والاولى ضمّ (أو الحلق) ومبناه ما قربه فيما تقدّم وفيه ما تقدّم وانّ كل من بقي على إحرامه لقصور في حجّه مثلا من جهة بطلان طوافه أو عدم ادراك النسك أو فوت الموقفين أو أحد أركانه فإن كان إحرامه للعمرة له ان يقصد عمرة التحلّل أو ينقلب إليها كما هو الظاهر وان كان للحج يجعله تلك أو ينقلب إليها كما هو الظاهر أيضا لما تقدم فيتحلّل بها.

وامّا فهم التحلل بالهدي مع أحدهما كالمصدود ان لم يتحلّل وعاد إلى أهله لأنّه يصير بسبب خوف الطريق مصدودا عن عمرة التحلل فيجوز له ان يذبح ويقصّر أو يحلق ويتحلّل في منزله لأنّه مصدود.

قيل كان قد (٢) يأمر بالعمل به الشهيد الثاني من حصل له قصور في حجّه بحيث ما حصل التحلّل ويجب عليه اعادة العمل مثل بطلان طوافه لعدم الغسل وترك الابتداء بالحجر وإدخال الحجر في الطواف فليس كلام الدروس صريحا في أمثال ذلك بل هو ظاهر في أنّ المصدود يجوز له التحلّل في منزله.

وان سلّم أنّه ظاهر فيه ففيه تأمل إذ الإحرام متحقق يقينا والإحلال ليس كذلك إذ لا دليل عليه غير ما في الصدّ.

وفي صدقه عليه تأمل فإنه لا يسمّى هذا صدا فإنه بعد الشروع في الإحرام وليس ذلك هنا بمتحقق في إحرام عمرة التحلّل لانه قد كان قادرا عليه ثم تعذر بتركه جهلا لمانع الذهاب وليس ذلك بمصدود لأن الذي جالس في بلده لا يسمّى مصدودا باعتبار انه لو راح أخذ أسبابه أو حصل الضّرر به مع عدم المنع عن الحج وأفعاله وكذا العمرة بل نظر المانعين أخذ المال لا المنع عن المناسك.

__________________

(١) الى هنا كلام الدروس ص ١٤٣.

(٢) هكذا في جميع النسخ ، والظاهر زيادة كلمة قد.

٤٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وبالجملة خوف الطريق مطلقا لا يسمى صدا.

نعم لو ذهب الشخص المفروض الى محلّ الإمكان ومنع عن النسك يمكن ان يقال أنّه مصدود مع ما فيه أو يوطّن نفسه على الرواح بحيث لا يكون له مانع عن العمرة إلا الخوف وحصل العلم اليقينيّ بأنّهم لا يخلّونه ان يصل الى مكة ، يمكن ذلك.

وفيه مع ما تقدم أنّه لم يتحقق بالفعل والحاصل أنّ التحلل بعد الإحرام يحتاج الى دليل وانما هو في المصدود في الجملة وأنّ المصدود هو الممنوع من مكة مثلا بعد تلبسه بالإحرام مع عدم المانع من نفسه لا الخائف في الطريق من ذهاب أسبابه مطلقا نعم لو كان المانع ضياع نفقته أو نفادها ونحو ذلك يفهم الحاقه بالمصدود من المنتهى فان صحّ لا ينبغي تخصيص المصدود بالعدو وذلك غير مفهوم من كلام الدروس أيضا فإن الاستصحاب والدليل يقتضي بقائه على الإحرام حتى يتحقق الدليل وتحققه فيما نحن فيه غير ظاهر لعدم ظهور كونه مصدودا مع ما في المصدود أيضا من الإجمال في الآية والخبر.

ثم اعلم أنّ الظاهر عدم الفرق في حصول التحلل بالهدي بين المشترط عند إحرامه وغيره ويدل عليه الاخبار مثل خبر أبي حمزة (١) وحمزة بن حمران (٢).

وانّما الكلام في سقوط الهدى عن المشترط وحصول التحلل بدون الهدى مع النيّة وحدها أو مع الحلق أو التقصير أو لا يحتاج إلى شي‌ء منها بل يحصل التحلل بمجرد الصدّ وقد مر البحث عنه والظاهر عدم سقوط الهدى بالشرط وكأنّه يفهم من فعله صلّى الله عليه وآله وامره في الحديبيّة حيث أمر بالذبح والنحر

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الإحرام الرواية ٤ ، عن حمران بن أعين ، وكنية حمران أبي حمزة على ما في تنقيح المقال.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب الإحصار والصد الرواية ٣ والباب ٢٥ من أبواب الإحرام الرواية ٢.

٤٠٣

ويكفي هدي السّياق عن هدى التحلل ،

______________________________________________________

وما فصّل (١).

مع أنّ الظاهر أنّه ما ترك الشرط المندوب ، وكذا الآية والأحاديث الدالة على التحلل بالهدي فإنها ظاهرة في الهدى مطلقا ، وأنّ ظاهر بعض الروايات الصحيح (٢) هو سقوط الحج على المشترط وان أوّله الشيخ بعدم وجوبه وهو بعيد كما أشرنا إليه فيما سبق فتأمل.

وأيضا الظاهر التصدق بهذا الهدى على المساكين لأنّ الظاهر أنّ المقصود من ذبحه انتفاعهم بلحمه لا مجرد الذبح مع احتمال جعله أثلاثا كهدي التمتع رأيت في حاشية على الدروس هدى التحلل يجب قسمته في الجهات الثلاث ويؤيده أنّه بمنزلة هدي التمتع.

ويحتمل أيضا عدم وجوب شي‌ء منها والاكتفاء بذبحه للأمر به وعدم شي‌ء أخر الا ان يكون منذور التصدق ونحوه والأصل دليل قوىّ والاحتياط لا يترك.

قوله : ويكفي هدي السياق إلخ .. دليله انّ الواجب هو هدى للتحلل مطلقا سواء كان هدى سياق أم لا ويؤيّده قوله تعالى «فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ» (٣) ، وقوله تعالى «حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ» (٤) كالصريح في كون هدى التحلّل هو هدى السياق وان جعلناه تتمة لقوله : (فما استيسر) وبالجملة لا دليل يقتضي التعدد وان كان هدى السياق واجبا بالاشعار والتقليد أو النذر وشبهه لانّ المقصود على الظاهر هو حصول الذبح ليقع التحلل وهو موجود حينئذ.

ويحتمل التعدّد على تقدير وجوب هدى السياق لانّه واجب وهدى

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب الإحرام الرواية ٣.

(٣) و (٤) البقرة : ١٩٦.

٤٠٤

ولا بدل لهدي التحلّل ، فلو عجز عنه ، وعن ثمنه لم يتحلّل ، وان أحلّ ، ولا صدّ بالمنع عن منى

______________________________________________________

التحلّل أيضا واجب والأصل عدم التداخل وفيه تأمل إذ ما علم ذلك بالدليل ولا شك أنّه أحوط.

قوله : ولا بدل لهدي التحلل إلخ .. للأصل وعدم ذكره في دليل الهدى فلو عجز عنه لم يتحلّل بل يبقى على إحرامه حتى يتمكن أو يفوت فيأتي بالعمرة إن أمكن ولو صدّ عنها أيضا يبقى محرما الى ان يتمكّن فلو أحلّ حينئذ لم يتحلّل بل يجب عليه كفارة ما فعل على الظاهر.

ويفهم من قوله : (وعن ثمنه) أنّه يكفى التصدق بثمنه ودليله غير ظاهر فتأمل.

قوله : ولا صدّ بالمنع عن منى .. ظاهر هذا الكلام مع ما مرّ من قوله (أو مكة) أنّ الصد في الحج يتحقق من الموقفين ومن مكة والمسجد بل المقصود هو الصدّ من الطواف مطلقا وذلك غير ظاهر من الآية والرواية (١) فإنّ ظاهر هما أنّه عن مكة في العمرة المفردة فقط.

والظاهر تحققه في الحج عن الموقفين معا وعن مكة لعمرة التمتع أيضا بالإجماع المدّعى في المنتهى واما عن أحدهما فقط ـ أو عن مكة في غيرها ومناسك منى يوم النحر أو أيّام التشريق ـ فليس بواضح الا ان يقال رواية معاوية (٢) عامة فتأمل والأصل عدمه فان للصدّ حكما خاصّا يحتاج إثباته إلى الدليل وما نجده فيمكن في المنع عن احد الموقفين مع إدراك أحدهما وكذا في منع دخول مكة للطواف للحج وعن مناسك منى ان يصحّ حجه ويستنيب في إتمام باقي الافعال من

__________________

(١) لاحظ الوسائل الباب ١ و ٢ من أبواب الإحصار والصدّ.

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ١.

٤٠٥

ولو احتاج الى المحاربة لم تجب ، وان غلب السلامة.

______________________________________________________

الطواف وصلوته والسعي والرّمي والذبح ثم يحلق أو يقصّر هو في مكانه كالعاجز والناسي ويؤيّده دخول النيابة فيها في الجملة وحصول ما يصحّ معه الحج في الجملة فتأمل.

قال في المنتهى : إذا صدّ عن الوصول إلى مكة قبل الموقفين فهو مصدود إجماعا يجوز له التحلل وكذا لو صدّ عن الوقوف بالموقفين الى قوله وكذا لو منع من احد الموقفين قاله الشيخ.

كأنّ فيه إشارة الى عدم ثبوته عنده ثم قال ولو صدّ بعد الوقوف بالموقفين قبل طواف الزيارة والسعي فإنه يتحلّل أيضا لأنّ الصدّ يفيد التحلّل من جميعه فأفاد التحلّل من بعضه.

فيه تأمل إذ ليس حكم الصدّ هو التحلّل فقط بل الهدى والحج من قابل مع الوجوب فيمكن وجود ذلك في الجميع دون البعض ولهذا لم يوجد حكم الصدّ بعد الطواف قبل الرّمي مع انّه أقلّ.

وقد صرّح بذلك في المنتهى حيث قال لو صدّ بعد الوقوف بالموقفين والطواف ومناسك يوم النحر ومنع من العود إلى منى لرمي الجمار والمبيت بها فإنّه لا يتحقق الصدّ بذلك بل قد تمّ حجه فيتحلّل ويستنيب من يرمى عنه.

قوله : ولو احتاج الى المحاربة لم تجب إلخ .. الظاهر أنّه لا كلام في عدم وجوب المقاتلة لدفع العدوّ وان غلب السلامة سواء كان العدوّ مسلما أو كافرا.

وانما الكلام في الجواز ونقل في المنتهى عن الشيخ عدم جواز قتال المشركين مع الاشعار بجواز قتال المسلمين.

وينبغي عدم جواز قتالهم بالطريق الاولى ورجّح الجواز مع غلبة السلامة لأنّ الغالب هو السلامة وليس بأقل من دفع قطاع الطريق عن طريق الحاج بل هو اولى وقال : انّه مستحب لما فيه من الجهاد وإتمام النسك ودفعهم عن منع السبيل.

٤٠٦

ولو افتقر الى بذل مال مقدور عليه ، فالوجه الوجوب.

ولو ظنّ مفارقه العدوّ قبل الفوات جاز التحلّل ، والأفضل البقاء ، فان فارق أتمّ (أتمّه خ ل) والا تحلّل بعمرة.

والمحبوس القادر على وفاء الدين غير مصدود ، وغيره مصدود ، وكذا المظلوم.

______________________________________________________

ودليل عدم الوجوب الأصل وأنّ التكليف بالمقاتلة والجدال مشقة منفيّة ولانّ النفس معرضة للتلف والأصل عدم ذلك ويؤيّده اشتراط تخلية السرب كما تقدم.

قوله : ولو افتقر الى بذل مال إلخ .. دليله صدق الاستطاعة فكان ما يدفع الى العدوّ ليندفع داخلا في مؤنة الحاج فلو كان يجب والا فلا ، وهو ظاهر ، وقد مرّ البحث في مثله فتأمل.

قوله : ولو ظن مفارقة العدوّ إلخ .. دليله عموم الأدلة الدالّة على جواز التحلل مع تحقق الصدّ (١) سواء ظن انكشاف العدوّ قبل فوات الحج له أم لا والظاهر عدم الخلاف أيضا في ذلك.

ولا شك أنّ الأفضل والاولى هو البقاء على الإحرام الى ان يغلب عدم المفارقة قبل الفوات لانّ الغالب حينئذ ادراك المناسك (المنسك خ ل) وعدم إبطاله فهو المطلوب الشرعي فينبغي تحصيله مهما أمكن.

وظاهر المتن البقاء الى ان يفوت وذلك غير بعيد فان فارق العدوّ واتسع الزمان لإتمام المناسك (النسك خ ل) أتمّه والا تحلّل بالعمرة.

قوله : والمحبوس إلخ .. دليل كون المحبوس القادر على أداء الدين غير مصدود ظاهر بل هو في الحقيقة تارك لا تمام النسك مع القدرة.

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ١ من أبواب الإحصار والصدّ.

٤٠٧

ولو صابر ففات لم يجز التحلّل بالهدي ، بل بالعمرة ، ولا دم ولو صدّ المفسد فعليه بدنة ، ودم التحلّل ، فلو انكشف العدوّ بعد التحلّل ، واتسع الزّمان للقضاء وجب ، وهو حج يقضى لسنته ، وان لم يكن تحلّل مضى فيه ، وقضاه في القابل

______________________________________________________

وامّا دليل كون غير القادر مصدودا وكذا المظلوم القادر (١) فكونه ملحقا بالصدّ بالعدوّ (٢) فانّ المعنى هو المنع ظلما وهو مشترك ولانّ ظاهر آية (أُحْصِرْتُمْ) (٣) شامل لجميع الممنوعين العاجزين عن أداء المناسك ولو كان بضياع النفقة أو نفدها وان كان سبب نزولها في العدوّ فانّ السبب ليس بمخصص مع عموم اللفظ.

هذا غير بعيد بالنسبة إلى أصل الدليل والأصول ولكن (كأنّ خ) بالنسبة إلى تخصيصهم الحصر بالمرض والصدّ بالعدوّ مع جعلهم سبب التحليل منحصرا فيهما محلّ التأمل وكذا في المظلوم لو كان قادرا لفكّ نفسه ببذل المال فإنّه ينبغي ان يجب الدفع وإتمام النسك لما مرّ أنّ العدوّ لو زال ببذل المال وجب فكأنّ المراد بالمظلوم المظلوم بالحبس مع عدم قدرته على فكّه أو المراد التشبيه بقسمي المحبوس فالقادر على فكّه غير مصدود والعاجز مصدود فتأمل.

قوله : ولو صابر إلخ .. أي لو صبر المصدود ولم يحلّ بالهدي فإنه جائز له ذلك ولم يجب حتى فات الحج لم يجز له التحلّل حينئذ بالهدي بل بالعمرة لما مرّ انّ التحلّل مع الفوات لا يكون إلا بالعمرة ولا دم عليه حينئذ لأنّه انما يجب للتحلّل به ولا تحلّل به بل بالعمرة فلا دم.

قوله : ولو صدّ إلخ .. يعني لو أفسد شخص حجّه بالوطي قبل الموقفين

__________________

(١) اي المظلوم القادر على فكّ نفسه ولو ببذل المال.

(٢) هكذا في بعض النسخ المخطوطة والنسخة المطبوعة ، ولكن في بعض النسخ المخطوطة : ملحق بالصدّ بالعدوّ ، بدل قوله : فكونه ملحقا بالصدّ بالعدوّ.

(٣) البقرة : ١٩٦.

٤٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ووجب عليه بدنة للإفساد والحج من قابل وإتمام الفاسد فصدّ عن الموقفين لا تمام الفاسد ، يجب عليه دم أخر للتحلّل فصح انّ عليه حينئذ بدنة ودم التحلل.

فلو تحلّل حيث كان جائزا له من غير مصابرة أو ظنّ (وان ظنّ خ ل) عدم الفوات ثم انكشف العدوّ وفي الزّمان سعة لا يبدأ بالإحرام للحج الذي وجب عليه ، وجب ان يحرم ويأتي بالحج الذي وجب عليه ، وهذا هو الحج الذي كان يجب عليه ان يقضى لسنته بعد هذه السنة أو الحج الذي يجب ان يفعل لهذه السنة وانّما أخّر إلى أخرى لعدم الزمان.

وان لم يكن تحلّل بعد الصدّ بل صبر حتّى انكشف العدوّ مضى في الحج الفاسد اي يجب عليه ان يتمّمه مع سعة الزمان والا يتحلّل بالعمرة عن الفاسد ويجب ان يأتي في القابل بحج أخر سواء كان الذي شرع فيه مندوبا أو واجبا لأنّ الإفساد فقط سبب مستقل للوجوب ان لم يكن سبب أخر فلا يتوقف الوجوب في القابل على وجوب الفاسد واستقراره في الذمة قبل هذا العام أو التقصير كما مرّ فتأمل.

ثم الظاهر عدم وجوب غير حج واجب واحد في الصور كلّها سواء قلنا انّ الإتمام عقوبة أو الحج من قابل عقوبة لأنّه لو كان ما شرع فيه واجبا لا يجب بالإفساد إذ بالإفساد انما يجب لو لم يكن واجبا إذ ليس ذلك بسبب الا مع عدم سبب أخر ومع عدمه يجب بالإفساد الحج كما وجب بالشروع فبعد الصدّ عن الإتمام إذا تحلّل عنه بالهدي أو بالعمرة لم يعلم وجوب قضاء لهذا الفاسد مطلقا سواء قلنا انّه عقوبة أو الذي شرع فيه أو لا إذ لا دليل عليه وانّما الدليل في الحج الصحيح الذي صدّ عنه وتحلل عنه مع عدم وجوب شي‌ء أخر.

ويمكن التعدد مع القول بانّ الحج من قابل عقوبة خصوصا إذا كان المفسد نائبا.

٤٠٩

والمحصور الممنوع بالمرض عن مكة ، أو (عن خ) الموقفين.

______________________________________________________

وفيه أيضا تأمل للأصل والقول بأنّه عن المندوب لم يستلزم وجوب شي‌ء أخر عوضه لانّ الفاسد الذي هو يقوم مقام حج المنوب عنه سقط بالتحلّل وعوضه غير معلوم كما إذا مات النائب بعد الشروع في الإحرام فتأمل وتحقيق المسألة يحتاج الى تفصيل وقد فصّلناه في بعض الحواشي على شرح القواعد للمحقق الثاني.

قوله : والمحصور الممنوع بالمرض إلخ .. قد مرّ البحث في تخصيص الحبس بالمرض بالحصر وانّ سببه غير ظاهر.

ثم اعلم انّ المصنف رحمه الله في المنتهى استدل على حكم الحصر المذكور بقوله تعالى (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) (١) وقال لأنّ الإحصار إنّما هون للمرض ونحوه يقال أحصره المرض احصارا فهو محصر وحصره العدو حصرا فهو محصور قال الفراء أحصره المرض لا غير وحصره العدو وأحصره معا (٢).

ونقله من قبل عن ابن إدريس على أنّه قد تقدّم منه الاستدلال به على حكم الصدّ ونقل إجماع المفسّرين عن الشافعي على أنّه نزلت في الحديبيّة فكأنّه حمله عليهما لعموم اللفظ لغة وعدم الاعتداد بسبب النزول والتخصيص به بل انما الاعتداد بظاهر اللفظ.

فالمناسب عدم تخصيص الإحصار بالمرض بل لا ينبغي إطلاق الحصر أيضا على الحبس بالمرض لما نقله عن الفراء على أنّه قال في أوّل فصل الحصر : الحصر عندنا هو المنع عن تتمّة أفعال الحج على ما يأتي بالمرض خاصّة والصدّ بالعدوّ وقد مرّ البحث أيضا فيما يتحقق عنه الصدّ والمنع وهو مكة قبل الموقفين والموقفين معا بالإجماع.

ويدل على الأخير (٣) بالعدوّ ، الخبر (٤) أيضا فإنه صحيح في الفقيه.

__________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) المنتهى كتاب الحج ص ٨٥٠.

(٣) اي على الصدّ عن الموقفين.

(٤) الوسائل الباب ١ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ١.

٤١٠

يبعث ما ساقه ، والا هديا أو ثمنه ، ويتمّ (يقيم خ ل) محرما حتى يبلغ الهدى محلّه إمّا منى للحاج ، أو مكة للمعتمر ، ثم يحلّ بالتقصير ، الا من النساء الى ان يحجّ في القابل ، مع وجوبه ، أو يطاف عنه للنساء ، مع ندبه.

______________________________________________________

وامّا عن أحدهما وعن مكة بعد الموقفين فمحلّ التأمل والآية الشريفة مجملة لا يفهم منها المراد ويفهم من نزولها في الحديبيّة كونه مكّة وحملها على العموم وإخراج ما ليس بصدّ بالإجماع مثل رمى الجمار يحتاج إلى جرأة إذ دلالتها على ما أحصر منه غير واضحة فإن ظاهرها يحتمل المنع عن إتمام الحج والعمرة في الجملة أو عن مكة كما كان في الحديبيّة ويكون المراد المنع عن إتمامها بحيث يفوت ما يفوتان بفوته مثل الموقفين معا وتمام أفعال العمرة حيث هي في مكة وقد منع عنها ولهذا ما أجمعوا الا على الموقفين ودخول مكة أوّلا.

وصحة الحج بإدراك أحد الموقفين يدلّ على عدم تحقق الصد بأحدهما وعن دخول مكة وفي الخبر (١) دلالة على انّ الحصر عن عرفة لا يضرّ بعد ان تحقق ادراك الجمع وانّ ذلك غير مصدود وانّه مصدود إذا منع عنهما.

وقوله : (يبعث ما ساقه) خبر المحصور إشارة إلى حكم المحصور بالمرض وظاهره أنّه يجب بعث ما ساقه ان ساق فتأمل.

وأنه يكفى بعث هدى السياق مطلقا سواء كان واجبا بالاشعار والتقليد وبالنذر وشبهه أم لا وسواء كان شرطه في الإحرام أم لا كما هو مذهب الأكثر.

وقد مرّ في الصدّ ما يدل على ان الواحد كاف ، وهو مفهوم من اخبار كثيرة بل الآية ، فتأمل وتذكر واحفظ.

وقد مرّ أيضا ما يدلّ على وجوب الهدى على المشترط أيضا والمصنف اختار

__________________

(١) الوسائل الباب ٣ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ٢.

٤١١

.................................................................................................

______________________________________________________

في المنتهى في هذا المحلّ عدم وجوبه عليه الا مع السوق ويدل على عدم وجوب الهدى على المشترط صحيحة البزنطي قال : سألت أبا الحسن عليه الصلاة والسّلام عن محرم انكسرت ساقه أيّ شي‌ء يكون حاله وأيّ شي‌ء عليه؟ قال : هو حلال من كل شي‌ء قلت : من النساء والثياب والطيب؟ فقال : نعم من جميع ما يحرم على المحرم وقال : أما بلغك قول ابى عبد الله عليه السّلام حلّني الخبر (١).

وأنّه لا بد من بعث الهدى أو ثمنه الى مكان الذبح مكة ان كان في العمرة ومنى ان كان في الحج فلا يذبح الا هناك بان يواعد من بعث معه زمانا معيّنا للذبح فإذا جاء ذلك الزمان تحلّل بالتقصير وذلك هو المشهور ومذهب الأكثر.

وقال في المنتهى : يجب نيّة التحلّل وكذا في الدروس ولا شك انّه أحوط ولا دليل على وجوبها وشرطيّتها للتحلّل.

وأنّه يتحلّل من كل ما (شي‌ء خ ل) أحرم منه الا النّساء فلا يحلّ الا بطوافهنّ بنفسه ان كان المحصر منه واجبا قبل الشروع أو بنائبه ان كان ندبا ولم يرجع بنفسه إلى مكة.

ولا يبعد النيابة في الأوّل أيضا مع التعذّر لما تقدم من جوازها في طواف النساء مع التعذر بل مع القدرة أيضا فتذكّر ويدلّ على وجوب البعث بعض الاخبار الصحيح (٢) وظاهر الآية (٣).

ويدل على عدم حصول تحلّل النساء بالهدي بعض الاخبار الصحيح (٤).

وكذا على وجوب الحج من قابل وكذا العمرة ان كانا واجبين والا يفعلهما

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ١ وفي التهذيب أيّ شي‌ء حلّ له بدل أيّ شي‌ء يكون حاله.

(٢) الوسائل الباب ٢ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ١ ـ ٢.

(٣) البقرة : ١٩٦.

(٤) راجع الوسائل الباب ١ من أبواب الإحصار والصدّ.

٤١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ندبا وقد تقدم.

ويدلّ على جواز النحر في مكانه كالمصدود بعض الاخبار مثل ما في صحيحة معاوية بن عمار (في حديث) وان كان مرض في الطريق بعد ما أحرم فأراد الرجوع الى أهله رجع (الى أهله كا) ونحر بدنة ان (أو كا) اقام مكانه (١) وان كان في عمرة فإذا برأ فعليه العمرة واجبة وان كان عليه الحج فرجع (رجع خ ل) أو أقام ففاته الحج وكان (٢) الحج من قابل وان ردّوا الدراهم عليه ولم يجدوا هديا ينحرونه وقد أحلّ ، لم يكن عليه شي‌ء ولكن يبعث من قابل ويمسك أيضا وقال : انّ الحسين بن علىّ عليهما الصلاة والسّلام خرج معتمرا فمرض في الطريق فبلغ عليا عليه السّلام ذلك وهو في المدينة (بالمدينة خ ل) فخرج في طلبه فأدركه في السقيا وهو مريض ، فقال : يا بنىّ ما تشتكي؟ فقال : اشتكى رأسي فدعا على عليه السّلام ببدنة فنحرها وحلق رأسه وردّه الى المدينة فلمّا برأ من وجعه اعتمر ، فقلت : أرأيت حين برأ من وجعه (٣) أحل له النساء (٤)؟ فقال : لا تحلّ له النّساء حتى يطوف بالبيت وبالصفا (ويسعى بين الصفا خ ل) والمروة قلت : فما بال رسول الله صلّى الله عليه وآله حين (حيث خ ل) رجع من الحديبية (إلى المدينة خ ل) حلّت له النّساء ولم يطف بالبيت؟ قال : ليس هذا مثل هذا (٥) كان النّبيّ صلّى الله عليه وآله مصدودا والحسين عليه السّلام كان محصورا (٦).

__________________

(١) وفي الكافي بعد قوله : مكانه حتى يبرأ وفيه أيضا : وإذا كان في عمرته بدل قوله : وان كان في عمرة.

(٢) وفي الكافي فإنّ عليه الحج من قابل.

(٣) وفي الكافي بعد قوله : من وجعه : قبل ان يخرج إلى العمرة.

(٤) وفي الكافي : حلّت له النّساء.

(٥) في الكافي : ليسا سواء.

(٦) الوسائل الباب ٢ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ١ وروى ذيلها في الباب ١ من تلك الأبواب الرواية ٣.

٤١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وفيها دلالة على حصول التحلّل من النّساء بطواف الزّيارة في النسك التي يأتي بعده ، وعلى انّ للسّعي مدخلا في التحلل وفيه تأمل.

وفي الدروس أنّه إذا كان العمرة للمتمتع لا يجب للتحلّل الطواف لعدم طوافين وفيه أيضا تأمل.

وفيها دلالة من وجهين (١) على عدم وجوب البعث والذبح هناك كما هو المشهور ، فكأنّه لذلك ذهب ابن الجنيد الى التخيير بين البعث والنحر في مكانه ، وهو غير بعيد ، والآية لا تنافيه على تقدير تسليم كونها في الحبس بالمرض أيضا ويبعد حمل فعله عليه السّلام على أنّ النحر كان لعدم التحلل بل لحصول الأذى من الرأس فإنّه إذا أحصر وحصل الأذى من رأسه يجوز الحلق والفداء أو الصيام أو الصدقة للآية (٢) والأخبار (٣) لانّ (٤) الظاهر أنّه عليه السّلام اكتفى بذلك وأنه حصل التحلل من جميع ما أحرم إلا النّساء كما يفهم من قوله عليه السّلام : لا تخل له النساء وسوق العبارة (الكلام خ ل) فلو كان النحر لذلك كان الواجب بعث الهدى مع أنّه ظاهر في عدمه بل الاكتفاء بما فعل من النحر للتحلّل.

على أنّه يكفى في الاستدلال قوله : (رجع الى اهله ونحر بدنة) فإنه يدلّ على جواز النحر في غير المحلّ المذكور بل في أهله أيضا كما مرّ في الصدّ ويدل عليه صحيحة معاوية بن عمار الآتية في آخر البحث.

__________________

(١) أحدهما قوله عليه السّلام : ونحر بدنة وثانيهما قوله عليه السّلام فدعا على عليه السّلام ببدنة فنحرها وحلق رأسه.

(٢) البقرة : ١٩٦ قال الله تعالى (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) الآية.

(٣) راجع الوسائل الباب ١٤ من أبواب بقية كفارات الإحرام.

(٤) تعليل لقوله : ويبعد حمله إلخ.

٤١٤

ولو زال العارض ، فأدرك أحد الموقفين تمّ حجّه ، والا تحلّل بعمرة ، وقضى في القابل واجبا مع وجوبه ، والا ندبا.

______________________________________________________

وأيضا يدل عليه صحيحة رفاعة (١) (في الفقيه) الدالة على فعل الحسين عليه السّلام من نحر بدنته في مكان مرضه ثم رجع الى المدينة.

فيبعد كون ذلك مع تعذر البعث والضرورة كما هو ظاهر الفقيه حيث قال قال الصادق عليه السّلام : المحصور والمضطرّ ينحران بدنتيهما في المكان الذي يضطران فيه (٢).

مع انه يحتمل كونه مذهب التخيير.

واعلم أنّه يحتمل حصول التحلّل من النساء للمشترط سواء قلنا انّه يجب عليه أيضا الهدى للتحلّل أم لا ويكون فائدة الاشتراط هنا التحلّل فان النساء لم يتحلل ما لم يطف ويدل عليه صحيحة البزنطي (٣) المتقدمة في سقوط الهدى عن المشترط فتأمل والاحتياط واضح.

قوله : ولو زال العارض إلخ .. يعني لمّا كان للمحصور التحلّل والرجوع وله أيضا ان يبقى على إحرامه فإن بقي على إحرامه حتى زال العذر من المرض وغيره فيجب ان يذهب لإكمال نسكه لقوله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ) (٤) وكان الوجوب ساقطا للعذر فإذا زال عاد فإن أدرك ما يصح معه الحج بان يدرك احد الموقفين صحّ حجّه ولا شي‌ء عليه والا يكون ممّن فاته الحج فيأتي بالعمرة للتحلّل وقد مرّ ما يدل عليه وأنّه ينقلب الإحرام بنفسه ولا يحتاج الى القلب وأنّه أحوط.

ويدلّ عليه أيضا في المصدود عن الموقفين حتى فاتا ما في رواية الفضل بن

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من أبواب الإحصار والصد الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٦ من أبواب الإحصار والصد الرواية ٣.

(٣) الوسائل الباب ٨ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ١.

(٤) البقرة : ١٩٦.

٤١٥

ولا يبطل تحلّله لو بان أنّه (انّ هديه خ ل) لم يذبح عنه ، وكان عليه ذبحه في القابل

______________________________________________________

يونس عن ابى الحسن عليه الصلاة والسّلام قال : هذا مصدود عن الحج ان كان دخل مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت أسبوعا ثم يسعى أسبوعا ويحلق رأسه إلخ (١).

فإنه كالصريح في الانقلاب.

ويدل أيضا على أصل هذا الحكم صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال : إذا أحصر الرجل بعث بهديه فإن (فإذا خ ل) أفاق ووجد من (في خ) نفسه خفّة فليمض ان ظن انه يدرك الناس فان قدم مكة قبل ان ينحر الهدى فليقم على إحرامه حتى يفرغ من جميع المناسك ولينحر هديه ولا شي‌ء عليه وان قدم مكة وقد نحر هديه فانّ عليه الحج من قابل والعمرة قلت : فان مات وهو محرم قبل ان ينتهي إلى مكة؟ قال : يحجّ عنه ان كانت حجة الإسلام ويعتمر انما هو شي‌ء عليه (٢).

لعل نحر الهدى وعدمه كناية عن بقاء وقت ادراك الحج وعدمه فإنه ينحر يوم العيد وحينئذ فات وقت الحج.

وان المراد بقضاء الحج من قابل إلخ وجوب الإتيان بالحج من قابل مع استقرار الوجوب أو التقصير كما مرّ وكذا العمرة ويجب القضاء عنه ان مات لما قالوا انه لم يجب القضاء مع الشروع في الحج حين الوجوب من غير تقصير وقد مرت الإشارة اليه والى ندبيّة القضاء مع عدمه فتأمل.

قوله : ولا يبطل تحلّله إلخ .. يعني إذا واعد أصحابه زمانا معيّنا للذبح وبعث معهم الهدى أو ثمنه ثم تحلّل بعد ذلك الزمان بظنّ حصول ذبح الهدى ثم

__________________

(١) الوسائل الباب ٣ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ٢ هذه قطعة من الرواية.

(٢) الوسائل الباب ٣ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ١ وفي الكافي : أنّه يدرك قبل ان ينحر بدل قوله عليه السّلام : أنه يدرك الناس وفيه أيضا أو العمرة بدل قوله : والعمرة ، والظاهر صحة ما في الكافي.

٤١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بان انّهم ما ذبحوا عنه لم يبطل تحلّله بل هو الآن محلّ إذ قد حصل التحلّل الا انه يجب بعث الهدى في القابل وهكذا وتدل عليه الاخبار (١).

وظاهرهم عدم النزاع فيه وانّما النزاع في وجوب الإمساك حينئذ عما يجب على المحرم إمساكه كما قاله الشيخ وجماعة.

لما في صحيحة معاوية بن عمّار فإذا ردّوا الدراهم عليه ولم يجدوا هديا ينحرونه وقد أحلّ لم يكن عليه شي‌ء ولكن يبعث من قابل ويمسك أيضا (الحديث) (٢).

ويدل عليه أيضا ما في رواية زرارة عن أبي جعفر عليه الصلاة والسّلام قلت له : أرأيت ان ردّوا عليه دراهمه ولم يذبحوا عنه وقد أحلّ واتى النساء؟ قال : فليعد وليس عليه شي‌ء وليمسك الآن من النساء إذا بعث (٣).

ومنع عن ذلك ابن إدريس للأصل ولانّه ليس بمحرم ولا في حرم فكيف يمنع من الصيد ونحوه.

ويمكن ان يقال لا استبعاد بعد وجود النص ويضمحلّ الأصل به ويؤيّده ما يدل على بعث الهدى من الآفاق والإمساك كما سيجي‌ء.

على أنّه قد يقال وجوب الإمساك عن الصيد ونحوه غير معلوم وانّما دلّ الدليل على وجوب الإمساك عن النساء ولا استبعاد في ذلك كما إذا قصّر المحصر لا يحلّ له النساء حتى يطوف.

وانّ معنى قولهم لا يبطل إحلاله أنَّه لا يجب عليه الكفارة بالتحلّل بل لمّا وقع التحلل باعتقاده انّه محلّ فلا شي‌ء عليه ولا ينافيه ان يكون باقيا على إحرامه

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ١ و ٢ والباب ١ من تلك الأبواب.

(٢) الوسائل الباب ٢ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ١ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ٥.

٤١٧

والمعتمر إذا تحلّل يقضي العمرة عند المكنة.

والقارن يحجّ في القابل كذلك ، ان كان واجبا ، والا تخيّر

______________________________________________________

الى ان يبعث في القابل ولكن يلزم كونه باقيا على الإحرام من حين العلم لا من حين البعث ولا شكّ أنّه أحوط بل الظاهر ان ذلك هو الواجب لان المحلّل ما حصل في نفس الأمر وكفاية زعمه غير ظاهر بعد العلم بفساد زعمه وظنّه فتأمل.

قوله : والمعتمر إلخ .. دليل وجوب قضاء العمرة ـ عند المكنة وزوال المانع مع وجوبها مستقرّا أو التقصير لما مرّ في الحج ـ قد علم مما تقدم ويشعر به فعله صلّى الله عليه وآله بالعمرة بعد عام الحديبيّة كما يفهم من صحيحة البزنطي ولكنّه اعتمر بعد ذلك أي اتى صلّى الله عليه وآله بالعمرة بعد عام الحديبيّة (١) وفعل الحسين عليه السّلام (٢).

والأصل انّ وجوب شي‌ء على مكلّف لا يسقط بوجود مانع في بعض أوقاته مع عدم المانع في سائر أوقاته.

قوله : والقارن إلخ .. يعني إذا أحصر القارن أو صدّ مثلا ووجب عليه أيضا القضاء في القابل فإنما يجب عليه ان يقضى قرانا لا غير إذا كان القران واجبا معيّنا عليه وان لم يكن كذلك ـ بل ما يكون فردا من افراد الواجب التخييري بأن نذر حجا مطلقا أو كان ذا منزلين أو يكون ندبا ـ فهو مخيّر في القضاء بين ان يأتي بالقران وبين ان يأتي بأخويه وهو ظاهر بل لا يبعد كون التمتع أفضل لما تقدم أنّه أفضل.

ويحمل على التعيين رواية رفاعة عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن الرّجل يشترط وهو ينوي المتعة فيحصر هل يجزيه ان لا يحجّ من قابل؟ قال :

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ١ هذه ذيل الرواية.

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب الإحصار والصدّ ذيل الرواية ٣.

٤١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

يحج من قابل والحاج مثل ذلك إذا أحصر قلت : رجل ساق الهدى ثم أحصر قال :

يبعث بهديه قلت : هل يتمتّع من قابل؟ فقال : لا ولكن يدخل في مثل ما خرج منه (١).

مع ان السند ضعيف (٢) بانقطاع الطريق الى سهل وبه (٣) وقد يكون أفضل هنا لخصوص هذه.

وحمل على التعيين أو على الاستحباب في المنتهى صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام ورفاعة عن أبي عبد الله عليه السّلام انهما قالا : القارن يحصر وقد قال : واشترط فحلّني حيث حبستني قال : يبعث بهديه قلنا هل يتمتع في قابل؟ قال : لا ولكن يدخل في مثل ما خرج منه (٤).

واعلم أنّه يدلّ على ثبوت البدل ـ لهدي التحلّل في المحصور فمع تعذّره يأتي به ويحلّ كما في الهدى ـ حسنة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه الصلاة والسّلام انه قال في المحصور ولم يسق الهدى قال : ينسك ويرجع فان لم يجد ثمن هدى صام (٥).

وهي صحيحة في الفقيه وزاد فيه بعد قوله : ويرجع قال بعد قوله هديا (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ٢ ونقل ذيلها في الباب ٤ من تلك الأبواب الرواية ٢.

(٢) والسند (كما في الكافي) هكذا : عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن ابى نصر عن رفاعة.

(٣) لكن الإشكال الأوّل مندفع بأنّها معلق على ما قبلها والثاني مندفع أيضا بان الأمر في سهل سهل على ما هو المعروف.

(٤) الوسائل الباب ٤ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ١.

(٥) الوسائل الباب ٧ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ٢.

(٦) هكذا في جميع النسخ ، ولكن في الفقيه بعد قوله : ويرجع : قيل فان لم يجد هديا قال يصوم.

٤١٩

المطلب الثالث في نكت متفرّقة تحرم لقطة الحرم ، وان قلّت

______________________________________________________

وفيها دلالة أيضا على جواز الذبح في مكان الحصر.

وقال فيه قبلها قال الصادق عليه السّلام المحصور والمضطرّ ينحران بدنتيهما في المكان الذي يضطرّان فيه (١) ثم نقل صحيحة رفاعة الدالة على نحر الحسين عليه السّلام في مكان الحصر والمرض ورجوعه إلى المدينة.

ويحتمل عدم إجزاء أقل من صوم ثلثة أيّام لأنه واجب للحلق لأذى الرأس بدل الهدى فهنا بالطريق الاولى والسبعة لأنها بدل في بعض المواضع ويحتمل يوما واحدا للصدق مع الأصل لعلّ الأوّل أولى على تقدير جواز البدل فتأمل.

المطلب الثالث في نكت متفرقة

قوله : تحرم لقطة الحرم إلخ .. القول بتحريم أخذ لقطة الحرم قليلا كان أو كثيرا هو المشهور وقيل بالكراهة.

دليل التحريم انّه تصرف في مال الغير بغير اذنه فلا يجوز عقلا ونقلا مع عدم دليل دالّ على الجواز صريحا.

وصحيحة يعقوب بن شعيب (الثقة) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن اللقطة ونحن يومئذ بمنى؟ فقال امّا بأرضنا هذه فلا تصلح وامّا عندكم فان صاحبها الذي يجدها يعرّفها سنة في كل مجمع ثم هي كسبيل ماله (٢).

وهذه تدلّ على الجواز في غير الحرم ووجوب التعريف حينئذ سنة ولكن لا على الوجه المشهور ثم التملك ولم يقل به الأصحاب.

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من أبواب الإحصار والصدّ الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ١.

٤٢٠