مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

قال في الفقيه بعد هما : قال مصنف هذا رضى الله عنه والدم على الاستحباب والاستغفار يجزى عنه والخبران غير مختلفين.

وأنت تعلم عدم ظهور دلالة الأخيرة على عدم الدم الا بمجرد السكوت فلا ينافيه الإيجاب في خبر آخر ولهذا ما نقل الشيخ الثانية في ذكر معارض الاولى.

نعم يدلّ على عدم الوجوب ما تقدم من ان لا كفّارة نسيانا إلا في الصيد (١).

وحسنة معاوية بن عمّار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن رجل أهلّ بالعمرة ونسي أن يقصّر حتى دخل في الحج؟ قال : يستغفر الله ولا شي‌ء عليه وتمت عمرته (٢).

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فدخل مكة وطاف (فطاف خ ل) وسعى ولبس ثيابه وأحلّ ونسي أن يقصّر حتى خرج الى عرفات؟ قال : لا بأس به يبنى على العمرة وطوافها وطواف الحج على أثره (٣).

وهذه في الدلالة أقرب من صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة.

وصحيحة معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل أهلّ بالعمرة ونسي أن يقصّر حتى دخل في الحج؟ قال : يستغفر الله ولا شي‌ء عليه وقد تمت عمرته (٤).

وحسنة معاوية ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن متمتع وقع على امرأته ولم يقصّر (ولم يزركا)؟ قال : فقال : ينحر جزورا ، وقد خفت ان يكون قد ثلم

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب كفارات الصيد ، فلاحظ.

(٢) الوسائل الباب ٦ من أبواب التقصير الرواية ١.

(٣) و (٤) الوسائل الباب ٥٤ من أبواب الإحرام الرواية ٢ ـ ٣.

١٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

حجّه ان كان عالما وان كان جاهلا فلا شي‌ء عليه (١).

ومثلها صحيحة معاوية في التهذيب الا أنّه ليس فيها قوله : (ان كان عالما إلخ) (٢) فالحسنة كالصريحة في عدم الدم على الجاهل.

فالظاهر انّ الناسي كذلك.

فلا ينبغي (٣) حمل مثلها على عدم العقاب للجمع بينه وبين رواية إسحاق ، مع ما فيه ، والأصل كما فعله في التهذيب وحمل (٤) على العمد للجمع مثل حسنة الحلبي (في الكافي وهي صحيحة في التهذيب) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل (متمتع يب) طاف بالبيت ثمّ بالصفا (وبين الصفا يب) والمروة ثمّ عجّل فقبّل امرأته قبل ان يقصّر من رأسه؟ فقال : عليه دم يهريقه ، وان جامع فعليه جزور أو بقرة (وان كان الجماع فعليه دم) (٥).

ويمكن فهم جواز حلق الرأس منها ، والظّاهر كون الجاهل كالناسي لما مرّ غير مرّة ، ولقوله عليه السّلام : وان كان جاهلا فلا شي‌ء عليه (٦) وقال في المنتهى : ولا شي‌ء على المجامع نسيانا أو جاهلا قبل التقصير ، والأحوط الكفارة.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٤.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٢.

(٣) هذا راجع الى ما تقدم من قوله : نعم يدلّ على عدم الوجوب ما تقدّم إلخ.

والمراد من حمل مثلها ، حسنة معاوية بن عمّار المتقدمة على صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (الباب ٦ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ١) فما جمع به الشيخ ـ بين رواية إسحاق بن عمّار وحسنة معاوية بحمل الثانية على عدم العقاب حيث قال في التهذيب : ما هذا لفظه : (ولا شي‌ء عليه) ، محمول على أنّه ليس عليه شي‌ء من العقاب وقد تمت عمرته ـ غير جيّد ، لأنّ صحيحة معاوية (الأخيرة) كالصريحة في عدم الدّم على الجاهل ، وحكم الناسي كالجاهل.

(٤) اى الشيخ.

(٥) الوسائل الباب ١٣ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ١.

(٦) تقدم ذكرها آنفا.

١٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر انّ المتعة لا تبطل بنسيان التقصير ، والإحرام بالحج معه ، كما فهم من هذه الاخبار خصوصا من صحيحة عبد الرحمن ومعاوية.

وكذا بنسيانه والوطي والتقبيل بل بالعمد أيضا لما تقدم ، ويشعر به (وقد خفت) فإنّه إشارة إلى الصحّة مع مبالغة في المنع فتأمل.

وامّا مع ترك التقصير عمدا والإحرام بالحج فيمكن ان يبطل الإحرام ويجب التقصير ثمّ إنشاء الإحرام ان أمكن والبطلان مع عدمه ، فيجب ان يبقى محرما الى زمان الحج ، أو يقصّر ، أو يأتي بعمرة مفردة ، وبطلان التمتع والانقلاب الى الافراد.

ويحتمل الاجزاء عن الذي شرع وهو مشكل إذا كان التمتع عليه متعينا ، وقد مرّ ما يمكن ان يفهم أمثال ذلك في مسألة المفرد والقارن إذا دخلا مكة وطافا فتذكر.

وحمل الشيخ والمصنف على العامد رواية إسحاق بن عمار ، عن ابى بصير ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : المتمتع إذا طاف وسعى ثم لبّى بالحج قبل ان يقصّر ، فليس له ان يقصّر ، وليس عليه متعة (١).

وظاهرها الانقلاب والاجزاء عمّا شرع ولا بعد ، فتأمل ، ويمكن الاقتصار على العامد في ذلك لعدم صراحة الرواية وخلاف القوانين ، فلا يكون الجاهل مثله ، بل يصحّ عمرته كالناسي ويمكن بطلان إحرام العامد وبقائه على إحرام التمتع حتى يأتي بالتقصير في وقته ثم اتى بإحرام حجّة ، هذا هو مقتضى النظر في القواعد مع عدم صحة الرواية والصراحة الله يعلم.

* * *

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٤ من أبواب الإحرام الرواية ٥.

١٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

فرع

ينبغي التشبه بالمحرمين للمتمتع بعد الإحلال بعدم لبس ما يحرم على المحرم.

لحسنة حفص عن غير واحد عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : ينبغي للمتمتع بالعمرة إلى الحج إذا أحلّ ان لا يلبس قميصا وليتشبه بالمحرمين (١).

ويمكن فهم استحباب ترك جميع ما يحرم على المحرم حتى مخالطة النساء من قوله : (وليتشبه بالمحرمين) فتأمل.

لعدم الصراحة وعدم ذكر الأصحاب.

ولما في رواية محمد بن ميمون قال : قدم أبو الحسن موسى عليه السّلام متمتعا ليلة عرفه ، فطاف وأحلّ واتى بعض جواريه ثم أهلّ بالحج وخرج (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من أبواب التقصير الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب التقصير الرواية ١.

١٨٤

المقصد الرابع في إحرام الحجّ ، والوقوف

فإذا فرغ من العمرة وجب عليه الإحرام بالحج من مكة ،

______________________________________________________

المقصد الرابع في إحرام الحجّ والوقوف

قوله : وإذا فرغ من العمرة يجب عليه الإحرام بالحج من مكة إلخ .. الظاهر عدم الخلاف في وجوب الإحرام للحجّ من مكة وقد مرّ ما يدلّ عليه من الاخبار : وكذا في استحبابه يوم التروية ، قال في المنتهى : ولا نعلم فيه خلافا.

وتدل عليه الاخبار أيضا مثل صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا كان يوم التروية ان شاء الله فاغتسل ثم البس ثوبيك وادخل المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار ثم صلّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام أو في الحجر ، ثم اقعد حتى تزول الشمس فصلّ المكتوبة ثم قل : في دبر صلوتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة وأحرم بالحج ثمّ امض وعليك السكينة والوقار فإذا انتهيت الى الرقطاء (١)`دون الردم فلب فإذا انتهيت الى الردم وأشرفت على الأبطح

__________________

(١) في الحديث إذا انتهيت الى الرقطاء دون الرّدم فلبّ : الرقطاء موضع دون الرّدم ويسمّى مدعى ومدعى القوم مجتمع قبائلهم (مجمع البحرين)

١٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى (١).

وهذه تدل على استحباب بعض مقدماته الذي قد مرّ في إحرام العمرة بحمل بعض أوامرها على الاستحباب وتدلّ عليه أخبار أخر.

والظاهر ان تكون الرّكعتان للإحرام ، ويحتمل كونهما للتحيّة أيضا ، ويفهم منها التخيير بين كونه في المقام أو الحجر بل يمكن فهم كون الأوّل أولى لتقدمه ، ولأنّ الظاهر أنّ المقام أفضل خصوصا للصلاة من الحجر.

فتعيين المصنف من تحت الميزاب محل التأمل.

وتدل أيضا على عدم مقارنة النيّة بالتلبية حيث قال : (ثم قل في دبر صلوتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة) أي الدعاء المتقدم مع الشرط الا انه هيهنا ، يسمّى الحج وهناك العمرة ، ثم قال : (فأحرم بالحج ثم امض) إلخ حيث حكم بتحقق الإحرام وأمر بعقده من دون التلبية حيث قال بعد ذلك : (فلبّ) ثم قال : (فارفع).

وفي رواية زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام متى ألبّي بالحجّ؟ قال : إذا خرجت إلى منى ، ثم قال : إذا جعلت شعب الدرب (الدب خ ل) على يمينك والعقبة على يسارك فلبّ بالحجّ (٢).

وقد مضى ما يدلّ عليه أيضا في إحرام العمرة فتذكر.

وقال في التهذيب ـ بعد نقل رواية أبي بصير المتقدمة المشتملة على مقدمات الإحرام وعلى الدعاء مع الشرط وعلى قوله عليه السّلام بعد ذلك ثم تلبّي من المسجد الحرام كما لبّيت حين أحرمت وتقول لبيك بحجة تمامها وبلاغها عليك (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ١ وفي الكافي (الرفضاء) بدل الرقطاء.

(٢) الوسائل الباب ٥٢ من أبواب الإحرام الرواية ٥.

(٣) الوسائل الباب ٥٢ من أبواب الإحرام الرواية ٢.

١٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

واما ما تضمن خبر ابى بصير (١) من ذكر التلبية عقيب الصلاة فليس بمناف لرواية معاوية بن عمّار وأنّه ينبغي ان يلبّى إذا انتهى الرقطاء لأنّ الماشي يلبّي من الموضع الذي يصلّى والراكب يلبّى عند الرقطاء أو عند الشعب (الدبّ خ) ولا يجهران بالتلبية إلا عند الاشراف على الأبطح.

وأيّده برواية عمر بن يزيد عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا كان يوم التروية فاصنع كما صنعت بالشجرة ثم صلّ ركعتين خلف المقام ثم أهلّ بالحج فان كنت ماشيا فلبّ عند المقام وان كنت راكبا فإذا نهض بك بعيرك وصلّ الظهر ان قدرت بمنى واعلم انه واسع لك ان تحرم في دبر فريضة أو دبر نافلة أو ليل أو نهار (٢).

ونقل هذا كلّه في المنتهى فيفهم رضاه به.

ويمكن ان يقولوا بوجوب النيّة مقارنة للتلبية في المسجد للماشي ، وللراكب خارج المسجد أو في أحد الموضعين المذكورين ، ويصح الإحرام فيهما لأنّ ميقاته مكة والظاهر أنّهما منها.

ولكن هذا بعيد مع أنّه قد مضى قول الدعاء المشتمل على الشرط وذكر الحج وذكر ان يفعل في المسجد.

مع أنّ رواية معاوية صحيحة دون غيرها ورواية عمر بن يزيد مشتملة على أولوية الخروج إلى منى قبل الزّوال وأفضلية فعل الظهر فيه والظّاهر أنّهم لا يقولون به.

وبالجملة يفهم عدم لزوم مقارنة نية الإحرام للتلبية كما قالوا.

نعم الاحتياط ان ينوى في المسجد بعد الصلاة فيلبّي ثم يعيد هما في المواضع المذكورة.

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٢ من أبواب الإحرام الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٤٦ من أبواب الإحرام الرواية ٢ وذكر ذيلها في الباب ١٨ من تلك الأبواب الرواية ٤.

١٨٧

ويستحب ان يكون يوم التروية ، عند الزّوال من تحت الميزاب.

______________________________________________________

ويدلّ على كون مكة كلّها ميقاتا مضافا الى ما تقدم.

ما في رواية يونس بن يعقوب قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام من ايّ المسجد أحرم يوم التروية؟ فقال : من أيّ المسجد شئت (١).

وفي رواية الصيرفي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام من أين أهل بالحجّ؟ فقال : ان شئت من رحلك وان شئت من الكعبة وان شئت من الطريق (٢).

ولا يضرّ عدم صحتهما (٣).

واما استحباب وقوعه يوم التروية ـ وهو ثامن ذي الحجّة ـ فللإجماع المتقدم ، ووجود الأمر في الاخبار الكثيرة حتى ورد أخبار دالّة على فوت التمتع مع فوت يوم التروية وانقلابه مفردا.

مثل صحيحة عمر بن يزيد عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا قدمت مكة يوم التروية وقد غربت الشمس فليس لك متعة ، امض كما أنت بحجّك (٤).

ورواية على بن يقطين قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السّلام عن الرّجل والمرأة يتمتّعان بالعمرة إلى الحج ثم يدخلان مكة يوم عرفة كيف يصنعان؟ قال : يجعلانها حجة مفردة وحدّ المتعة إلى يوم التروية (٥).

وفي الطريق عبد الرحمن بن أعين (٦) ونقل عن كش في شأنه (٧) ـ رواية فيها محمد بن عيسى ـ أنّه مات على الاستقامة.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢١ من أبواب المواقيت الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ٢١ من أبواب المواقيت الرواية ٢.

(٣) للأخبار الصحيحة والإجماع (كذا في هامش بعض النسخ الخطية)

(٤) الوسائل الباب ٢١ من أبواب أقسام الحج الرواية ١١.

(٥) الوسائل الباب ٢١ من أبواب أقسام الحج الرواية ١٢.

(٦) وسندها (على ما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن صفوان بن يحيى عن عبد الرّحمن بن أعين عن على بن يقطين.

(٧) هذا النقل منقول عن الخلاصة.

١٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وغيرهما من الاخبار الدالة على ذلك.

وحملها الشيخ على الذي خاف فوت الموقفين للروايات الدالة على ان إدراك الموقفين يكفي لصحة التمتع.

مثل صحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : المتمتع يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ما أدرك الناس بمنى (١).

وصحيحة مرازم بن حكيم قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : المتمتع يدخل ليلة عرفة مكة أو المرأة الحائض متى يكون لهما المتعة؟ قال : ما أدركوا الناس بمنى (٢).

وفي الدلالة تأمل واضح.

وصحيحة جميل بن دراج عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : المتمتع له المتعة إلى زوال الشمس من يوم عرفة وله الحج الى زوال الشمس من يوم النحر (٣).

وفيها دلالة على ركنيّة أوّل الوقت من الزّوال ، لا أن الرّكن ادراك جزء مّا من الزوال الى الغروب كما قاله الأصحاب وعلى عدم إجزاء اضطراري عرفة وعلى أنّ اضطراري المشعر يكفى لإدراك حج الافراد دون التمتع فتأمل.

وقال (٤) والذي يدلّ على هذا المعنى ما رواه ابن ابى عمير عن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل أهلّ بالحج والعمرة جميعا ثم قدم مكة والناس بعرفات فخشي ان هو طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يفوته الموقف؟ فقال : يدع العمرة فإذا أتمّ حجّه صنع كما صنعت عائشة ولا هدى عليه (٥).

والظاهر أنها صحيحة.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب أقسام الحج الرواية ٨.

(٢) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب أقسام الحج الرواية ١٤.

(٣) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب أقسام الحج الرواية ١٥.

(٤) أي الشيخ في التهذيب.

(٥) الوسائل الباب ٢١ من أبواب أقسام الحج الرواية ٦.

١٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرّجل يكون في يوم عرفة وبينه وبين مكة ثلثة أميال وهو متمتع بالعمرة إلى الحج؟ فقال : يقطع التلبية تلبية المتعة ، ويهلّ بالحجّ بالتلبية إذا صلّى الفجر ويمضى الى عرفات فيقف مع الناس ويقضى جميع المناسك ويقيم بمكة حتى يعتمر عمرة المحرم (المفرد خ) ولا شي‌ء عليه (١).

وقال : ألا ترى انّه وجّه الخطاب في الخبر الأوّل الى من خشي فوت الموقف ، وفي الخبر الثاني الى من يكون بينه وبين مكّة ثلثة أميال ، ومعلوم أنّ من هذه صورته لا يمكنه دخول مكة والاشتغال بالإحلال والإحرام ولحوق الناس بعرفات.

ويؤيّده قوله : ان الذي يجب لإدراك الحج بعد العمرة وقوف عرفة ولا واجب قبله من المناسك (٢) وان الإحرام انما هو للوقوف ، فمتى كان الوقت يسع ذلك يجوز إنشاء الإحرام لحج التمتع وإدراكه وان لم يسع فينقل الى حج الافراد.

ولكن الظاهر في رواية زرارة وجميل أنّه يفوت بعدم ادراك عرفة أوّل الزّوال والظاهر انه لا يفوت الا بفوت جميع يوم عرفة بناء على انّهم يقولون انما الرّكن هو كون مّا من الزّوال الى الغروب فلو كان الوقت بحيث يمكن إنشاء الإحرام بعد فعل العمرة لإدراك جزء مّا منه يجزى ذلك وان كان التأخير (بالتأخير ظ) عمدا يأثم والّا فلا.

بل ولو أدرك بعض الليل ـ ثم أدرك اختياري المشعر أو اضطراريّة أيضا على الخلاف الذي يأتي ـ لا يبعد وجوب الإحرام بالحج بعد إتمام العمرة ويأثم لو كان ذلك عمدا اختيارا.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢١ من أبواب أقسام الحج الرواية ٧.

(٢) في بعض النسخ الخطّية لم يذكر من قوله : (ويؤيّده) إلى قوله : (من المناسك)

١٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ويمكن ان يكون الأجر أقلّ كما قال الشيخ : (١) من أدرك يوم التروية عند زوال الشمس يكون ثوابه أكثر ومتعته أكمل ممّن لحق باللّيل ومن أدرك بالليل يكون ثوابه دون ذلك.

فالظاهر أنّه كذلك الكلام في الخروج إلى منى عند ظهر يوم التروية وبعده وكذلك المضيّ من منى الى مكّة للطواف يوم النحر أو بعده.

وفي بعض الاخبار ما يدلّ على جواز التأخير مطلقا يومين والثلثة (٢) والبعض مقيّد بصاحب العذر (٣).

ولعلّ المنع في بعض الروايات محمول على عدم الوجوب أو ترك الأفضل ، وكذا الخروج للإمام قبل الزوال اليه وصلاة الظّهر فيه الله يعلم وحمل (٤). أيضا الاخبار على التخيير بين ان يجعل حجّه مفردا وبين ان يتمّ على إحرامه والتمتع إذا لم يخف فوت الموقفين.

وذلك مشكل فيما تعيّن عليه التمتع فالحمل المتقدم اولى.

واعلم أنّ في بعض الاخبار المتقدمة (٥) وغيره دلالة على انقلاب إحرام التمتع الى الافراد مثلا من غير احتياج الى ان يجعله ويقلّبه كذلك وصحيحة زرارة (٦) تدلّ على القلب.

__________________

(١) قال في التهذيب (في باب الإحرام للحج) والمتمتع بالعمرة إلى الحج يكون عمرته تامّة ما أدرك الموقفين سواء كان ذلك يوم التروية أو ليلة عرفة أو يوم عرفة الى بعد زوال الشمس فإذا زالت الشمس من يوم عرفة فقد فاتت المتعة لأنّه لا يمكنه ان يلحق الناس بعرفات والحال على ما وصفناه الا انّ مراتب الناس تتفاضل في الفضل والثواب فمن أدرك يوم التروية عند زوال الشمس يكون ثوابه أكثر ومتعته أكمل ممّن لحق باللّيل ومن أدرك بالليل (اللّيل خ) يكون ثوابه دون ذلك وفوق من يلحق يوم عرفة الى بعد الزوال انتهى موضع الحاجة من كلامه قدّس سرّه.

(٢) راجع الوسائل الباب ١ من زيارة البيت.

(٣) راجع الوسائل الباب ١ من زيارة البيت.

(٤) اي الشيخ قدّس سرّه.

(٥) الوسائل الباب ٢١ من أبواب أقسام الحج الرواية ١٢.

(٦) تقدمت آنفا.

١٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

ويمكن التخيير وكونه اولى وتقييد غيرها بها ولا شك أنّ القلب أحوط واولى.

وأنّ ذلك يجزيه عن واجبة وان كان التمتع متعينا عليه وذلك في غير العامد التارك الى ذلك الوقت اختيارا ظاهر غير بعيد.

وتدلّ الرواية على اجزاء العمرة المفردة مع ذبح هديه عن حج التمتع لمن فاته واشترط في إحرامه فحج الافراد معه بالطريق الاولى.

ولكن الظاهر أنه في غير العامد والمختار فهي غير صريحة في ذلك بل عامة بحسب الظاهر حيث ترك التفصيل وفيها فائدة عظيمة للاشتراط فتأمل.

وهي صحيحة ضريس الكناسي (الثقة) عن ابى جعفر عليه السّلام قال : سألته عن رجل خرج متمتعا بعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلا يوم النحر؟ فقال : يقيم (بمكة خ) على إحرامه ويقطع التلبية حين يدخل الحرم فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق رأسه ويذبح شاته ثمّ ينصرف إلى اهله ان شاء ثم قال : هذا لمن اشترط على ربّه عند إحرامه ان يحلّه حيث حبسه فان لم يشترط (فان لم يكن اشترط خ ل) فانّ عليه الحج والعمرة من قابل (١).

ويمكن فيه (٢) أيضا ذلك لعموم الاخبار بترك التفصيل في مقام الحاجة ، ويكون الفرق بالإثم وعدمه.

ويحتمل عدمه وتخصيص الاخبار بغيره وجعله بمنزلة من ترك الموقف أو

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٢ رواها عن الشيخ والصدوق معا مع اختلاف يسير ولم يذكر الكناسي في التهذيب والوسائل وانّما ذكره في الفقيه ، ويؤيد ما في الفقيه ما قاله العلامة في الخلاصة ، ضريس بن عبد الملك بن أعين الشيباني روى الكشي عن حمدويه ، قال : سمعت اشياخى يقولون : ضريس انّما سمّى الكناسي لانّ تجارته بالكناسة ، وكانت تحته بنت حمران ، وهو خيّر فاضل ثقة (الخلاصة ص ٩٠ طبع النجف).

(٢) أي في العامد.

١٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

أحد الأركان اختيارا.

ويمكن عدم انعقاد إحرامه أيضا حينئذ فيكون محلّا وفعل حراما بالترك والدخول بغير الإحرام ان تجاوز ميقاتا ، لعلمه بوجوب الإحرام في وقت يسع الافعال مع علمه بعدم السعة.

ويحتمل انعقاد الإحرام وانقلابه من غير اختياره فالاجزاء عن واجبة وعدم الانقلاب وبقائه محرم الى العام المقبل جزاء لعمله وتركه ذلك عمدا عالما اختيارا والى إحلاله بعمرة مفردة.

والكلّ بعيد خصوصا على قوانين الأصحاب من لزوم النيّة في أوّل العمل والعلم حينئذ بأفعاله وقصد فعله على وجهه وفعله كذلك لأنما الاعمال بالنيات وانّما لكل امرء ما نوى (١) ذكروا ذلك في الصلاة.

والظاهر عدم الفرق لشمول دليلهم جميع الافعال.

مع أنّ ما يدل على عدم ذلك (٢) خصوصا في الحج كثير مثل الأمر بأن يفعل المحرم بعد إحرامه ما يفعل الناس (٣) وأنّ من حضر الموقفين وصلّى فيه يكفيه ذلك ، والأسئلة عن العمل بعد الإحرام وجوابها للرّجال والنساء ، وأنّ من عرفت (٤) يعلم غيره بعد ذلك ، وتعليم الامام المناسك للناس في الخطبة يوم عرفة ويوم النفر الأوّل ويوم النحر ويوم السابع نقله في المنتهى عن الشيخ (٥) والجواب

__________________

(١) الوسائل الباب ٥ من أبواب مقدمات العبادات الرواية ٦ ـ ٧ و ١٠.

(٢) اي عدم انعقاد إحرامه إذا كان عمدا.

(٣) الوسائل الباب ٤ من أبواب الحج والوقوف الرواية ٥ والباب ٢٧ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٣ و ٤ وغيرها من الروايات الواردة بهذا المضمون.

(٤) هكذا في جميع النسخ ولعل الصواب : عرف ، وقراءة (يعلّم) بالتشديد ، والمعنى حينئذ واضح.

(٥) قال في المنتهى : قال الشيخ رحمه الله : يستحب للإمام ان يخطب أربعة أيّام من ذي الحجّة يوم السابع منه ويوم عرفة ويوم النحر بمنى ويوم النفر الأوّل يعلّم الناس ويجب عليهم فعله من مناسكهم ، روى جابر :

١٩٣

فان نسيه رجع ، فان تعذر أحرم ولو بعرفة.

______________________________________________________

ـ عمّن سعى أكثر من سبعة أشواط وطاف كذلك حملا ـ بأنّه صحّ وما عليه شي‌ء من غير لؤم ترك العلم وغير ذلك فتأمل ، فإنّك تجد ذلك كثيرا ، وهذا مؤيّد لصحة متعة تارك التقصير قبل إحرامه بالحج جاهلا وعدم انقلابه حجا مفردا مع عدم الاجزاء عنها ووجوب الدّم كما قيل ذلك في العامد.

والظاهر عدم الانقلاب في العامد بل الظاهر بطلان إحرامه بحجّه للنهى المفسد فإنهم يقولون لا يجوز الإحرام بالحج قبل التقصير يدل عليه الاخبار أيضا (١) وقد تقدمت فيحتمل بقائه محرما عقوبة عليه الا ان يأتي بحج التمتع بعد هذا العام بان يستكمل أفعال العمرة ثمّ ينشئ إحراما للحج ، ويحتمل التحليل بالعمرة فتأمل.

قوله : فان نسيه إلخ .. أي نسي الإحرام بالحج يجب ان يرجع الى مكة ، ويحرم منها ، فان تعذر أحرم من موضع الذكر ولو كان بعرفة.

والظاهر ان الجاهل كالناسي لما مرّ.

ولا يبعد كون العامد كذلك مع إيجاب الرجوع عليه مهما أمكن لوجوب الوقوف والإحرام فإذا ترك فتعذر من الموضع الذي يجب ولو كان عمدا لا يسقط عنه أصل الوجوب مع صحة الإحرام بعد التعذّر في غير ذلك المحل في الجملة.

وقيل يجب عليه العود فان تعذر فلا نسك له ويحجّ من قابل فتأمل.

وقد مرّ البحث في مثله في تارك الإحرام من الميقات ولعل دليل ما في المتن ظاهر.

قال في التهذيب : ومن نسي الإحرام يوم التروية بالحج حتى حصل بعرفات فليذكر هناك ما يقوله عند الإحرام فان لم يذكر حتى يرجع الى بلده فقد تمّ

__________________

انّ النبيّ صلّى الله عليه وآله صلّى الظّهر بمكة يوم السابع وخطب.

(١) الوسائل الباب ٥٤ من أبواب الإحرام فلاحظ.

١٩٤

وصفته كما تقدم ، الا أنّه ينوي إحرام الحج ،

______________________________________________________

حجّه ولا شي‌ء عليه.

واستدل عليه برواية على بن جعفر عن أخيه موسى عليه الصلاة والسلام قال : سألته عن رجل نسي الإحرام بالحج فذكره وهو بعرفات ما حاله؟ قال : يقول : اللهم على كتابك وسنة نبيّك فقد تمّ إحرامه ، فإن جهل ان يحرم يوم التروية بالحج حتى رجع الى بلده ان كان قضى مناسكه كلّها فقد تم حجّه (١).

وفي الطريق محمد بن أحمد العلوي (٢) وما نعرفه الا انه قيل طريقه في التهذيب الى على بن جعفر صحيح مع انها صحيحة في الزيادات.

وفي المتن أيضا خفاء لقوله : (يقول) إلخ كأنّه إشارة إلى النيّة وتقدير اللهم ـ إني أحرم بالحج ـ على كتابك وسنة نبيك وما ذكر التلبية ، للظهور.

وهي محمولة على حال التعذر من الرجوع الى مكّة من عرفات ، للظهور أيضا ، ككلام الشيخ (٣).

والحكم غير بعيد ، لأصل عدم الإعادة والمشقة ، ولما تقدّم من عذر الناسي ، ويؤيّده جعل الأصحاب الإحرام ركنا بمعنى انّ تركه عمدا مبطل لا سهوا ، وقولهم انّ ناسي الإحرام بالحج حتّى فرغ لا شي‌ء عليه.

قوله : وصفته إلخ .. أي صفة إحرام الحج وكيفيته واجبة كانت أو مندوبة مثل إحرام العمرة ، الّا أنّه هناك كان ينوى الإحرام بالعمرة ، وهنا ينوى بالحج ، ويمكن ذكره في التلبية أيضا كما مرّ فتذكر.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب المواقيت الرواية ٨.

(٢) والسند (كما في التهذيب) هكذا : محمد بن احمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد العلوي ، عن العمركي بن على الخراساني ، عن علي بن جعفر.

(٣) المتقدم من التهذيب آنفا.

١٩٥

ثم يبيت بمنى مستحبا ليلة عرفة.

______________________________________________________

قوله : ثم يبيت بمنى مستحبا إلخ .. قال في المنتهى : المبيت ليلة عرفة بمنى للاستراحة ، وليس بنسك ، ولا يجب بتركه شي‌ء.

كأنّه يدلّ على أنّه إجماعيّ ، وان كان ظاهر بعض الاخبار الوجوب في الجملة ، ولا يبعد حصول الغرض من هذا بفعله لا مع النيّة على الوجه المشترط في غيره ، لقوله انه ليس بنسك ، كما أنّه في حصوله في أمثاله من استحباب التّعمم (١) وأخذ العصا (٢) ولبس البيض وغير ذلك (٣) مما هو المقصود فعله في الجملة وترك بعض المكروهات مثل ترك لبس السود (٤).

وقد يحصل ذلك في الواجبات أيضا مثل ازالة النجاسات وذلك في غير العبادات كثيرة وان كان حصول الثواب موقوفا عليها ، بناء على قوانينهم ، ولعلّ ذلك مراد من فهم عدم النية من قولهم : انّه للترفه والاستراحة ، فلا يرد عليه أنّه ليس بشي‌ء. فإن المستحب وان كان الغرض منه الدنيوي يحتاج إلى النيّة.

قال في المنتهى : ويكره الخروج من منى قبل طلوع الفجر إلا لضرورة وحاجة كالخائف من الزّحام والمريض وغيره لما في صحيحة معاوية : ثمّ تصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الأخر والفجر (٥).

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٣٠ من أبواب أحكام الملابس.

(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب آداب السفر الرواية ٣ وفيه عن الصدوق بإسناده ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله انّه (يعنى حمل العصا) ينفى الفقر ولا يجاوره شيطان.

(٣) الوسائل الباب ١٤ من أبواب الملابس ، ففيه الحثّ على لبس البياض كما انّه وردت روايات في استحباب لبس الخاتم راجع الوسائل الباب ٤٥ ـ و ٦٢ وغيرهما من تلك الأبواب.

(٤) راجع الوسائل الباب ١٩ من أبواب لباس المصلّى ، ففيه الحكم بكراهة السّود إلا في ثلثة ، الخفّ والعمامة والكساء.

(٥) راجع الوسائل الباب ٤ من أبواب الحج والوقوف بعرفة الرواية ٥ وصدرها : إذ انتهيت إلى منى فقل وذكر دعاء وقال : ثم تصلي الى آخره.

١٩٦

ثم يمضي الى عرفة فيقف بها بعد الزوال الى الغروب وهو ركن ، من تركه عمدا بطل حجّه ، وكذا لو كان سهوا ، ولم يقف بالمشعر.

______________________________________________________

ويدل على الاستثناء صحيحة عبد الحميد الطّائي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام انّا مشاة فكيف نصنع؟ قال : امّا أصحاب (صاحب خ ل) الرحال فكانوا يصلّون الغداة بمنى وامّا أنتم فامضوا حتّى (حيث يب) تصلوا في الطريق (١).

وفي رواية إسحاق بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : (انّ يب) من السنة ان لا يخرج الامام من منى الى عرفة حتى تطلع الشمس وإذا ارتحلوا فلا ينبغي الخروج عن وادي محسّر الّا بعد طلوع الشمس.

وقال الشيخ بعدم الجواز لصحيحة هشام بن الحكم عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا يجوز وادي محسّر حتّى تطلع الشمس.

ويحتمل الكراهة للأصل والشهرة ورواية إسحاق المتقدّمة.

وما في صحيحة هشام بن سالم وغيره عن ابى عبد الله عليه السّلام أنّه قال : في المتقدم (التقدم خ ل) من منى الى عرفات قبل طلوع الشمس لا بأس به.

قوله : ثم يمضي الى عرفات فيقف بها بعد الزّوال الى الغروب إلخ. قال في المنتهى : ويجب الكون بعرفة إلى غروب الشمس من يوم عرفة وهو وفاق.

اى اتفاق أهل العلم ، ويؤيّد انّه صلّى الله عليه وآله وقف الى الغروب.

كما في صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : انّ المشركين كانوا يفيضون قبل ان تغيب الشمس فخالفهم رسول الله صلّى الله عليه وآله فأفاض بعد غروب الشمس (٢) وموثقة يونس بن يعقوب (٣) قال : قلت لأبي

__________________

(١) رواها والثلثة التي بعدها في الوسائل في الباب ٧ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ١ ـ ٢ ـ ٣.

(٢) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ٣.

١٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

عبد الله عليه السّلام : متى الإفاضة من عرفات؟ قال : إذا ذهبت الحمرة يعنى من الجانب الشرقي.

وفيها دلالة على ان وقت المغرب انما يحصل بذهاب الحمرة ، فافهم.

وقال : خذوا عنّى مناسككم على ما روى (١) وللتأسّي ، فتأمل فيه.

وقال فيه أيضا : وأوّل وقت الوقوف بعرفة زوال الشمس من يوم عرفة ، ذهب إليه علمائنا اجمع ، ثم نقل الخلاف عن احمد فقط ، واستدل عليه بأنه صلّى الله عليه وآله وقف من أوّل الزوال وقال : خذوا عنى مناسككم.

وبما في صحيحة معاوية بن عمّار عن ابى عبد الله عليه السّلام (في حديث) فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصلّ الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين فإنّما تعجّل العصر وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدّعاء فإنه يوم دعاء ومسألة (٢).

والأمر للوجوب ولا يخفى انه يبطل بها مذهب احمد حيث قال بالوجوب من أوّل الفجر ولكن تدل على عدم الوجوب (٣) من أوّل الزوال ، مع انه يقول به فتأمّل (٤).

وقال أيضا (٥) الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج يبطل بالإخلال به عمدا ، وهو قول علماء الإسلام.

ويدلّ عليه أيضا ما في خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا

__________________

(١) وهو منقول عن تيسير الوصول ج ١ ص ٣١٢ ، وفي العوالي ج ٤ ص ٣٤ الرقم ١١٨.

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ١.

(٣) فإنّه عليه السّلام أمر بالاغتسال أوّل الزوال ولم يأمر بالوقوف.

(٤) راجع المنتهى ص ٧٢٠ وهذا تلخيص ما في المنتهى.

(٥) ص ٧١٩.

١٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وقفت بعرفات فادن من الهضاب (الهضبات خ) والهضاب (١) هي الجبال ، فإن النبيّ صلّى الله عليه وآله ، قال : انّ أصحاب الأراك لا حج لهم ، يعنى الذين يقفون عند (تحت خ) الأراك (٢).

وحسنة الحلبي عنه عليه السّلام ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله في الموقف ارتفعوا عن بطن عرنة ، وقال : أصحاب الأراك لا حج لهم (٣).

وجه الدلالة انّه إذا لم يكن لمن وقف في حدّ عرفة حج فلم يكن لمن لم يقف أصلا بالطريق الأولى ، ذكره في المنتهى.

قيل : الركن هو مسمّى الكون من بين الزوال الى الغروب مطلقا قائما أو جالسا راكبا أو ماشيا مختارا ، كما انّ الواجب هو الكون المذكور في جميع ذلك الزمان مطلقا ، صرّح به في المنتهى ، فالواجب ليس بركن جميعه كما هو ظاهر المتن.

والمراد بالركن هنا هو الذي بتركه عمدا اختيارا يبطل الحج.

ولعل دليل كون الركن هذا المقدار هو الأصل ، وعدم دليل على الكلّ ، فإنّ الإجماع ليس فيه بل في ترك الكل وكذا ظاهر الخبرين المتقدمين (٤).

ويفهم من المنتهى الإجماع أيضا حيث قال : ولو أفاض قبل الغروب عمدا فقد فعل حراما وجبره بدم ، وصحّ حجّه ، وبه قال عامة أهل العلم وقال مالك : لا حج له ، ولا نعرف أحدا من فقهاء الأمصار قال بقول مالك ، والإفاضة قبل الغروب يصدق على الإفاضة بعد الزوال في أيّ جزء كان.

__________________

(١) الهضبة الجبل المنبسط على الأرض أو جبل خلق من صخرة واحدة ، والأراك كسحاب القطعة من الأرض وهي من حدود عرفة لا من عرفة بلا خلاف (كما عن مرآت العقول).

(٢) الوسائل الباب ١٩ من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة حديث ١١.

(٣) الوسائل الباب ١٩ من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة الرواية ١٠ وفي الكافي في ج ٤ ص ٤٦٣ طبع ط.

(٤) وهما روايتا ابى بصير والحلبي.

١٩٩

ويجب فيه النيّة ،

______________________________________________________

والظاهر أنّه لا فرق عند هم بين ان يقف أوّل الوقت ثم أفاض وبين من يقف في أوّله ثم جاء ووقف مع احتمال الفرق ، فتأمل.

قوله : ويجب فيه النيّة. قال في المنتهى خلافا للجمهور ثم استدل عليه ب (وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ) (١) وب (إنّما الأعمال بالنيّات) (٢) ولكلّ امرء ما نوى (٣).

ثم قال : ويجب فيه نيّة الوجوب والتقرب الى الله تعالى.

فهذا مشعر بكون وجوبها إجماعيّا عند الأصحاب ، وانّه يكفى الوجوب والقربة ولا بدّ منهما وقد مرّ ما لا يحتاج الى ذكره غير مرّة.

ويؤيّده ما قال في جواب احتجاج العامة على عدم النيّة : بعموم الخبر الدال على ان من اتى عرفات فقد تمّ حجّه (٤) فإنّه أعمّ من الشّاعر وغيره.

وجوابه انّه كما لا يدلّ على اشتراط الشعور لا يدل على عدمه أيضا فلا دلالة فيه ولا معارضة لما بيّناه من الأدلّة ولانّ قوله صلّى الله عليه وآله (اتى) انما يتحقق بالقصد والإرادة المتوقفة على العلم فإنه يدلّ على ان مجرد العلم بكونه عبادة يكفى للنيّة فلا يكون التفاصيل المذكورة والمقارنة شرطا.

ثم أنت تعلم انّ الجوابين غير ظاهرين أمّا الأوّل فلان عموم الخبر يدلّ على عدم الاشتراط وأمّا الثاني فلانّ العلم بكونه عبادة واجبة وقصد ذلك لله تعالى غير داخل في الإتيان ، فإنّه أعمّ.

لعل المراد بالأوّل أنّه لا يدلّ على عدم الاشتراط صريحا ودليلنا يدلّ على الاشتراط صريحا فيخصّص به فلا منافاة.

__________________

(١) البيّنة : ٥.

(٢) الوسائل الباب ٥ من أبواب مقدمة العبادات الرواية ١٠ منقولتان عن النبيّ صلّى الله عليه وآله.

(٣) الوسائل الباب ٥ من أبواب مقدمة العبادات الرواية ١٠ منقولتان عن النبيّ صلّى الله عليه وآله.

(٤) لم نعثر على هذه الرواية.

٢٠٠