مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

والواحدة (الوحدة خ ل) ويجزى (في خ) المندوب عن سبعة (وعن خ) وسبعين ، من أهل الخوان الواحد.

______________________________________________________

ورواية أحمد بن محمد بن ابى نصر قال : قلت لأبي جعفر الثاني عليه الصلاة والسّلام جعلت فداك انّ رجلا من أصحابنا رمى الجمرة يوم النحر وحلق قبل ان يذبح؟ فقال : ان رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا كان يوم النحر أتاه طوائف من المسلمين الى آخره (١) مثل ما مرّ في حديث جميل.

ولا يضرّ وجود سهل بن زياد في الطريق (٢).

ورواية عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن رجل حلق رأسه قبل ان يضحى؟ قال : لا بأس وليس عليه شي‌ء ولا يعودن (٣).

والظاهر أنّها صحيحة لو كان عبد الرحمن (٤) ثقة وهو الظاهر من المنتهى فتأمل.

وصحيحة معاوية عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل نسي أن يذبح بمنى حتى زار البيت فاشترى بمكة ثم ذبح قال : لا بأس قد أجزأ عنه (٥).

وفيها دلالة على كون مكة منحرا ومذبحا كما مرّ.

وفي لفظة ينبغي ـ في الروايات وكذا في عدم شي‌ء على تارك الترتيب مطلقا من غير تفصيل بالجاهل والناسي وغيرهما مع الأصل ـ دلالة ما على عدم الوجوب ، والاحتياط لا يترك ، فتأمل.

قوله : والواحدة في الواجب إلخ .. أي يجب في الهدى الواجب كونه

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٩ من أبواب الذبح الرواية ٦.

(٢) سند الرواية (كما في الكافي) هكذا : عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن احمد بن محمد بن ابى نصر.

(٣) الوسائل الباب ٣٩ من أبواب الذبح الرواية ١٠.

(٤) سند الرواية (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن عبد الرّحمن عن عبد الله بن سنان.

(٥) الوسائل الباب ٣٩ من أبواب الذبح الرواية ٥.

٢٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

هديا واحدا عن كل شخص ، سواء كان الوجوب بأصل الشرع أو النيابة أو الشّروع ويجزى في الهدى المندوب أي الأضحية أو الهدى الزائد على الواجب وفي غير حج التمتع عن سبعة نفر بل عن السبعين أيضا بشرط كونهم من أهل خوان واحد ، قيل : الخوان بالكسر الذي يؤكل عليه ، لعله كناية عن جماعة مجتمعة في خيمة واحدة ومجتمعين حال الأكل.

دليل وجوب الواحدة في الواجب هو ظاهر الآية (١) والاخبار الدالة على وجوب الهدى على كل مكلّف حاج متمتع من غير اشتراك أحد في هديه وهو ظاهر.

مثل صحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : تجزى البقرة أو البدنة في الأمصار عن سبعة ولا تجزى بمنى الّا عن واحد (٢).

والظاهر أنّ كونه بمنى كناية عن الواجب فتأمل.

وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال : لا يجوز البدنة والبقرة إلّا عن واحد بمنى (٣).

فما يدل على اجزائه عن أكثر ـ من الروايات الكثيرة ـ يحمل على المندوب.

مثل حسنة عبد الله بن سنان قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يذبح يوم الأضحى كبشين أحدهما عن نفسه والآخر عمن لم يجد هديا من أمّته وكان أمير المؤمنين عليه السّلام يذبح كبشين أحدهما عن رسول الله صلّى الله عليه وآله والآخر عن نفسه (٤).

وصحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : تجزى البقرة

__________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) الوسائل الباب ١٨ من أبواب الذبح الرواية ٤.

(٣) الوسائل الباب ١٨ من أبواب الذبح الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ١٠ من أبواب الذبح الرواية ٣.

٢٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

عن خمسة بمنى إذا كانوا أهل خوان واحد (١) والعجب أنّه ما قال في المنتهى : إنّها صحيحة.

وموثقة يونس بن يعقوب قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن البقرة يضحى بها قال فقال : تجزى عن سبعة نفر متفرقين (٢).

وفي رواية أبي بصير عنه عليه السّلام قال : البدنة والبقرة (يضحى بهائل) تجزى عن سبعة إذا اجتمعوا من أهل بيت واحد ومن غيرهم (٣).

وفي حسنة حمران قال : عزّت البدن سنة بمنى ، حتى بلغت البدنة مأة دينار ، فسئل أبو جعفر عليه السّلام عن ذلك فقال : اشتركوا فيها ، قال : قلت وكم؟ قال ما خفّ فهو أفضل ، فقال : قلت عن كم يجزى؟ فقال عن سبعين (٤).

وفي رواية سوادة القطان عن ابى الحسن الرضا عليه الصلاة والسّلام وعن سبعين (٥).

وقد حمل أمثالها الشيخ تارة على المندوب كما أشرنا ويؤيده ما تقدم.

ورواية الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن النفر تجزيهم البقرة؟ قال : امّا في الهدى فلا ، وامّا في الأضاحي (الأضحى خ ل) فنعم (٦).

ولا يضر الضعف بمحمد بن سنان (٧).

واخرى (٨) على الضرورة وأيّده بصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال :

__________________

(١) الوسائل الباب ١٨ من أبواب الذبح الرواية ٥.

(٢) الوسائل الباب ١٨ من أبواب الذبح الرواية ٢ و ١٩.

(٣) الوسائل الباب ١٨ من أبواب الذبح الرواية ٦.

(٤) الوسائل الباب ١٨ من أبواب الذبح الرواية ١١.

(٥) الوسائل الباب ١٨ من أبواب الذبح الرواية ٩ ، وفي الوسائل سوادة القطان وعلى بن أسباط.

(٦) الوسائل الباب ١٨ من أبواب الذبح الرواية ٣.

(٧) سندها (كما في التهذيب) هكذا : الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن محمد بن على الحلبي.

(٨) عطف على قوله : تارة.

٢٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن قوم غلت عليهم الأضاحي وهم متمتّعون وهم متوافقون وليسوا بأهل بيت واحد وقد اجتمعوا في مسيرهم ومضربهم واحد ، ألهم ان يذبحوا بقرة؟ فقال لا أحبّ ذلك الا من ضرورة (١).

فهي مؤيّدة قوية للاجزاء حال الضرورة.

وكذا رواية الحسن بن علي عن رجل يسمّى بسوادة (سوادة خ) قال :

كنا جماعة بمنى فعزّت علينا الأضاحي فنظرنا فإذا أبو عبد الله عليه السّلام واقف على قطيع يساوم بغنم ويماكسهم مكاسا شديدا فوقفنا ننتظر (ننظر خ ل) فلمّا فرغ اقبل علينا وقال : أظنّكم قد تعجبتم من مكاسي؟ فقلنا : نعم ، فقال : انّ المغبون لا محمود ولا مأجور ، ألكم حاجة؟ قلنا : نعم أصلحك الله ، انّ الأضاحي قد عزت علينا ، قال : فاجتمعوا فاشتروا جزورا فانحروها فيما بينكم قلنا ولا تبلغ نفقتنا ذلك قال : فاجتمعوا فاشتروا بقرة فيما بينكم قلنا : لا تبلغ نفقتنا قال : فاجتمعوا فاشتروا شاة فاذبحوها فيما بينكم قلنا : تجزى عن سبعة قال : نعم وعن سبعين (٢).

وسند هذه غير واضح (غير واحد خ ل) كما ترى وللحمل على المندوب قرائن كثيرة.

وظاهر الآية (٣) والاخبار الكثيرة (٤) هو عدم اجزاء الواحد الا عن واحد وأنّ من لم يجد واحدا تاما فعليه بدله وهو الصوم فانّ عدم الوجدان في قوله تعالى : «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ» (٥) ظاهر في عدم وجدان الهدى السابق ، وهو واحد تام ، وكذلك ظاهر الاخبار الدالة على البدل.

وليس ما يوجب التأويل إلا صحيحة عبد الرحمن (٦) وتلك أيضا غير

__________________

(١) الوسائل الباب ١٨ من أبواب الذبح الرواية ١٠.

(٢) الوسائل الباب ١٩ من أبواب الذبح الرواية ١ وذكر ذيلها في الباب ١٨ من تلك الأبواب الرواية ١٢.

(٣) البقرة : ١٩٦.

(٤) راجع الوسائل الباب ١٨ من أبواب الذبح.

(٥) البقرة : ١٩٦.

(٦) تقدمت آنفا.

٢٦٤

ولا تباع ثياب التجمّل فيه.

______________________________________________________

صريحة في وجوب الاشتراك في الهدى بل في الجواز فيمكن كونه رخصة للضرورة.

فلا يبعد كون القول بالبدل أولى وأحوط إذا لم يمكن الواحد مع أنّه روعي فيه ظاهر القران وهو قول ابن إدريس وثالث الخلاف (١) والوجه الآخر في التهذيب ، وان قال في الدروس : والاشتراك أظهر بين الأصحاب.

قوله : ولا تباع إلخ .. يعني واجد ثياب التجمّل فقط ليس بواجد للهدي فينتقل الى البدل اى الصوم ، لانّ الثياب محتاج إليه فهي بمنزلة المعدوم.

وتدل عليه صحيحة ابن ابى نصر (في الزيادات) قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المتمتع يكون له فضول من الكسوة بعد الذي يحتاج اليه فتسوى (فيشترى يب) تلك الفضول بمأة درهم يكون ممّن يجب عليه الهدى؟ فقال : لا بد (له بدّ يب) من كسر أو نفقة قلت له كسر (٢) وما يحتاج اليه بعد هذا الفضل من الكسوة قال : وأيّ شي‌ء كسوة بمأة درهم هذا ممّن قال الله : فمن لم يجد فصيام ثلثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم (٣).

ويؤيده رواية على بن أسباط عن بعض أصحابنا عن ابى الحسن الرضا عليه الصلاة والسّلام قال : قلت رجل تمتع بالعمرة إلى الحج وفي عيبته ثياب له أيبيع من ثيابه شيئا ويشترى هديه؟ قال : لا هذا يتزيّن به المؤمن يصوم ولا يأخذ من ثيابه شيئا (٤).

وظاهر الدليل هو تعيين الصوم ، فلو باع واشترى الهدى لا يجزى لتعيين

__________________

(١) في المختلف : وقال الشيخ في الخلاف : يجوز اشتراك سبعة في بدنة أو بقرة واحدة (الى ان قال): وقال في الجزء الثالث منه : الهدى الواجب لا يجزى الا واحد عن واحد وان كان تطوعا يجوز عن سبعة إذا كانوا أهل بيت واحد وان كانوا من أهل بيوت شتّى لا يجوز ص ١٣٥.

(٢) في التهذيب : كراء بدل كسر في الموضعين.

(٣) و (٤) الوسائل الباب ٥٧ من أبواب الذبح الرواية ١ ـ ٢.

٢٦٥

ولا يجزى لو ذبح الضالّ عن صاحبه.

______________________________________________________

(لتعيّن خ) الصوم.

ويحتمل ان يكون المراد الرخصة ونفى الوجوب واللزوم.

قال في التهذيب : لا يلزمه بيعها اى ثياب الزينة في ثمن الهدى بل يجزيه الصوم.

وهو ظاهر في الرخصة ورواية على ضعيفة بقول فيه والإرسال ويمكن حملها على الرخصة والجواز ، وعدم الوجدان غير واضح.

قوله : ولا يجزى لو ذبح إلخ .. قيل : الأصحّ الاجزاء ، وفيهما تأمل ، من حيث الإطلاق ، وينبغي التفصيل وهو أنّه ان ذبح عن صاحبه في مكان الذبح وزمانه الذين يجب على صاحبه ذبحه فيهما مثل منى في أيام الذبح يجزى ، والا فلا.

وقال الشيخ في التهذيب والمصنف في المنتهى : ان ذبح في منى يجزى وفي غيره لا يجزى فافهم.

وتدل عليه صحيحة منصور بن حازم عن ابى عبد الله عليه الصلاة والسّلام في رجل يضل هديه فيجده (فوجده خ ل) رجل آخر فينحره فقال : ان كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلّ عنه ، وان كان نحره في غيره (غير منى خ ل) لم يجز عن صاحبه (١).

واعلم أنّ ظاهر هذه الرواية أنّه إذا ذبحه في محلّه يكون مجزيا عن صاحبه مطلقا سواء نوى عن صاحبه أو عن غيره أو لا ينوى شيئا وفيه تأمل ، ويمكن تخصيصها بالأوّل لاعتبار النيّة ويمكن إدخال الكل لعدم الاعتداد بالنيّة بعد تعيينه للذبح (لصاحبه خ) فينصرف الى ما عيّن له كما قيل في صوم شهر رمضان بنيّة الغير وهذا الاحتمال في الأخير قويّ.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب الذبح الرواية ٢.

٢٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ويؤيده أنّه يجزى ان نوى عن صاحبه مع أنّه ليس الذبح ولا نيّته من الذابح ولا من وكيله فكأنّه الى هذا نظر في المتن حيث قال : (ولا يجزى).

ويمكن حمله على الذبح في غير محلّه وان اجزاء هذا الذبح إذا كان في محله خارج عن القوانين بالنّص وليكن كذلك بالنسبة إلى النيّة أيضا وان الذي يظهر من الرواية ان المقصود ذبح هذا الهدى وقد حصل فتأمل.

ومنه يعلم حال ما لم يعلم أنّه ذبح عن صاحبه أم لا بعد العلم بالذبح ، ويؤيّده أيضا الرواية الدالة على أنّ الهدى إذا حصل في رحله وربطه فقد بلغ الهدى محلّه وأنّه يجزى عن صاحبه لو سرق وان كان الأفضل شراء آخر.

مثل صحيحة معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه الصلاة والسّلام عن رجل اشترى أضحيّة فماتت أو سرقت قبل ان يذبحها؟ قال : لا بأس ، وان أبدلها فهو أفضل وان لم يشتر فليس عليه شي‌ء (١).

ومرسلة أحمد بن محمد بن عيسى في كتابه عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل اشترى شاة لمتعته فسرقت منه أو هلكت فقال : ان كان أوثقها في رحله فضاعت فقد أجزأت عنه (٢).

وغيرهما من الروايات وكأنّه افتى به المصنف في المنتهى والشيخ في التهذيب قالا : إذا سرق الهدى من موضع حريز فقد أجزأ عن صاحبه وان أقام بدله فهو أفضل.

وان كان في الاجتزاء به في الواجب مع الإمكان تأمل لوجوب ذبح الهدى بالإجماع ، وظاهر الآية ، والاخبار ، مع عدم صحيحة صريحة في الاجزاء حينئذ إذ يمكن كون الاخبار في المندوب من الأضحية وهو الظاهر من صحيحة معاوية.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٠ من أبواب الذبح الرواية ١ ـ ٢.

(٢) الوسائل الباب ٣٠ من أبواب الذبح الرواية ١ ـ ٢.

٢٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ورواية أحمد وان كانت ظاهرة في الواجب لكنّها مرسلة.

ويؤيده وجوب التفصيل بأنّه ان كان تطوعا ليس عليه مكانه شي‌ء وان كان واجبا فعليه مكانه شي‌ء.

في مثل رواية معاوية بن عمّار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن الهدى إذا عطب قبل ان يبلغ المنحر أيجزى عن صاحبه؟ فقال : ان كان تطوعا فلينحره وليأكل منه وقد أجزأ عنه بلغ المنحر أو لم يبلغ فليس عليه فداء وان كان مضمونا فليس عليه ان ينحره بلغ المنحر أو لم يبلغ وعليه مكانه (١).

وصحيحة معاوية عنه أيضا في الفقيه فقال في آخرها : وان كان الهدى مضمونا فهلك اشترى مكانها ومكان ولدها (٢).

وهذه تدل على وجوب نحر النتاج أيضا ولعل المراد بالمضمون الواجب مثل جزاء الصيد والمنذور كما دلّ عليه الخبر.

ولا يضر ما في مرسلة حريز انّ الهدى إذا دخل الحرم لم يجب البدل لعطبه سواء كان واجبا أو تطوعا (٣).

لإرسالها بل لعدم القائل بها ويمكن حمل ما دلّ على الاجزاء مثل رواية أحمد على من لم يكن له قدرة على غير ذلك فيكون ذلك كافيا ولا يجب الصوم أيضا.

وتدل عليه صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (في التهذيب والفقيه) قال :

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب الذبح الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الذبح الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب الذبح الرواية ٦ ، ومتن الرواية هكذا : كل من ساق هديا (الى ان قال) : وكل شي‌ء إذا دخل الحرم فعطب فلا بدل على صاحبه تطوعا أو غيره ، وحمل الشيخ قدّس سرّه العطب في آخرها على ما دون الموت.

٢٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن رجل اشترى هديا لمتعته فاتى به منزله فربطه فانحلّ فهلك هل يجزيه أو يعيد؟ قال : لا يجزيه الا ان يكون لا قوة به عليه (١).

والظاهر عدم الفرق بين ان يهلك أو يسرق ، الا ان يعلم الذبح عن صاحبه فتأمل.

ويؤيّد عدم الاجزاء عن صاحبه إذا ذبح عن نفسه مرسلة جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السّلام في رجل اشترى هديا فنحره فمرّ بها رجل فعرفها فقال : هذه بدنتي ضلّت منّي بالأمس وشهد له رجلان بذلك فقال : له لحمها ولا يجزى عن واحد منهما (ثمّ قال) : ولذلك جرت السنة بإشعارها وتقليدها إذا عرفت (٢).

وان كانت ضعيفة بعلي بن حديد (٣) الا انها موافقة للأصل.

لعلّه يريد برجلين ، عدلين وأنّه يجب على الذابح التفاوت ما بين كونه حيّا وميتا ويرجع الى البائع به وبالثمن مع الجهل.

قال في المنتهى : وينبغي لمن وجد الهدى الضالّ ان يعرّفه ثلثة أيام فإن عرفه صاحبه والا ذبحه عنه.

لصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام في حديث قال وقال : إذا وجد الرجل هديا ضالا فليعرّفه يوم النحر و (اليوم خ) الثاني والثالث ثمّ ليذبحه عن صاحبه عشيّة (يوم خ) الثالث (٤).

الظاهر منها وجوب التعريف ثلثة أيام.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب الذبح الرواية ٥.

(٢) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب الذبح الرواية ١.

(٣) وسندها (كما في الكافي) هكذا : عدة من أصحابنا ، عن احمد بن محمد عن على بن حديد عن جميل عن بعض أصحابنا.

(٤) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب الذبح الرواية ١.

٢٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ويفهم منها جواز التصرف في ملك الغير فكأنّه لأنّه إحسان ولأنّه معلوم اذن صاحبه لأنّه اشترى للهدي ولو لم يذبح عنه يجب عليه ذبح أخر مع جواز النيابة فيه مع أنّه يكفى هذا النّص ولكن ما نعلم كيف يفعل في التصدّق والهديّة والأكل على تقدير الوجوب.

ويمكن جوازهما له أيضا لا الأكل ويسقط الأكل عن صاحبه حينئذ هذا على تقدير وجوبها وامّا على تقدير عدمه كما هو مذهب المصنف فإشكال.

ويمكن جواز بيعه إذا أشرف على التضييع من باب الحسبة وحفظ الثمن حتى يعلم الصاحب والوصية به.

ويمكن التصدق والضمان أيضا وكذا التصرف والأوّل أولى وأحوط ويمكن جعله كاللقطة.

ويدلّ على جواز الذبح بدون التعريف صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا أصاب (وجد خ ل) الرجل بدنة ضالة فلينحرها وليعلم انّها بدنة (١).

لعلّه يريد الاشعار بخطّ ونحوه أنّها هدى ، ليأكل من يريد من المحتاجين فيفهم جواز التصدق والتصرف فيه ولعلّ مراده مع التعريف ، لما مرّ في صحيحة محمد ، أو مع عدم بقاء أيام التعريف بأن فات أيّام التشريق.

ولعلّه لا تعريف في غير يوم النحر والتشريق.

ويمكن وجوب التعريف الى ان يبقى وقت الذبح وهو أخر أيام التشريق بل يمكن في طول ذي الحجة فتأمل.

وحمل الاولى على الاستحباب كما فعله في الدروس للأصل وأنَّه تكليف

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب الذبح الرواية ٣.

٢٧٠

ولا يجوز إخراج شي‌ء منه عن منى.

______________________________________________________

شاقّ في ذلك المكان مع اشتغاله ولظاهر هذه الرواية فذلك غير بعيد والاحتياط يقتضي التعريف في الأيّام وعدم الذبح الا بعد اليأس وقبل فوت الوقت إذا ضاق.

والظاهر انه يجزى لو ترك التعريف وان قلنا بوجوبه لما تقدم فتأمل.

قوله : ولا يجوز إخراج شي‌ء إلخ .. الظاهر أنّ مراده عدم الجواز لصاحب الهدى وان كان من الثلث الذي له.

ودليله عموم صحيحة معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : لا يخرجنّ شيئا من لحم الهدى (١).

وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال : سألته عن اللحم أيخرج به من الحرم فقال : لا يخرج منه شي‌ء إلا السّنام بعد ثلثة أيّام (٢).

ورواية علي بن أبي حمزة عن أحدهما عليهما السّلام قال : لا يتزود الحاج من أضحيّته ، وله ان يأكل منها بمنى أيّامها قال : وهذه مسألة شهاب كتب اليه فيها (٣) وحمل على جواز الإخراج من غير ما يجب عليه من اللحم الذي اشتراه ـ في التهذيب ـ حسنة محمد بن مسلم عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن إخراج لحوم الأضاحي من منى؟ فقال : كنا نقول لا يخرج منها شي‌ء لحاجة الناس اليه فامّا اليوم فقد كثر الناس فلا بأس بإخراجه (٤).

واستدل عليه بما في رواية أحمد بن محمد عن علىّ عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال : سمعته يقول لا يتزود الحاج من أضحيّته وله ان يأكل منها أيامها ، إلّا السّنام فإنّه دواء قال احمد : ولا بأس ان يشترى الحاج من لحم منى ويتزوّده (٥).

ولا شك في عدم حجية هذه وبعد تأويل الحسنة لأنّه يلزمه ان

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٢ من أبواب الذبح الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٤٢ من أبواب الذبح الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٤٢ من أبواب الذبح الرواية ٣.

(٤) الوسائل الباب ٤٢ من أبواب الذبح الرواية ٥.

(٥) الوسائل الباب ٤٢ من أبواب الذبح الرواية ٤.

٢٧١

ويجب ان يكون من النعم ثنيا من الإبل ، وهو الذي دخل في السادسة ، ومن البقر والغنم ما دخل في الثانية ، ويجزى من الضأن الجذع لسنته.

______________________________________________________

يكون المنع قبل هذا عن إخراج اللحم مطلقا عن منى ولا شك في بعده ، إذ الفقير يأخذه لينتفع به في أهله أو يبيعه في غير منى لأنّه رخيص هناك ، بل لا يشتريه احد فيمكن حمل الأوّل على الكراهة أو على الذي يجب ان يهدى أو يتصدق لا حصّته الذي هو الثلث.

مع عدم الصراحة في المطلوب وعدم صحة الأخيرة ويؤيّده الأصل وتسلط الناس على أموالهم عقلا ونقلا.

قوله : ويجب إلخ ..إشارة إلى الشرط الأوّل في الهدى دليل عدم اجزاء غير النعم الأربعة في هدى التمتع ـ مع ظهور الآية (١) في اجزاء ما يصدق عليه الهدى من الإبل والبقر والغنم والمعز والجذع ـ هو الإجماع المنقول في المنتهى.

واما عدم إجزاء الإبل والبقر والمعز الا ان يكون ثنيّا مع ظهور الآية في اجزاء الهدي مطلقا فغير ظاهر من أكثر الأخبار نعم هو ظاهر عباراتهم فكأنّه إجماعي.

وفي بعض الاخبار ما يدلّ على اجزائه وعدم اجزاء الجذع من المعز بل عدم اجزاء غير الثني منه لا عدم اجزاء الغير مطلقا واجزائه من الضّأن لا أدون منه.

مثل رواية حمّاد بن عثمان قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن ادنى ما يجزى من أسنان الغنم في الهدى؟ قال : الجذع من الضأن ، قلت فالمعز؟ قال : لا يجزى (لا يجوز خ ل) الجذع من المعز ، قلت ولم؟ قال : لانّ الجذع من الضأن يلقّح والجذع من المعز لا يلقّح (٢).

__________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) الوسائل الباب ١١ من أبواب الذبح الرواية ٤.

٢٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ورواية ابن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : يجزى من الضأن الجذع ولا يجزى من المعز إلا الثني (١).

قال في المنتهى : انّها صحيحة وفيه تأمل لوجود عبد الرحمن المشترك (٢) ان كان وابن سنان هو عبد الله ولعلّ المصنف يعرف كون عبد الرحمن هو الثقة.

وكذا عبد الرحمن واقع في صحيحة عيص بن القاسم عن ابى عبد الله عليه السّلام عن على عليه الصلاة والسّلام انه كان يقول الثنيّة من الإبل والثنيّة من البقر والثنيّة من المعز والجذعة من الضأن (٣).

وظاهر الآية اجزاء ما يصدق عليه الهدى.

والظاهر صدقه على المذكورة فيها وغيرها في صحيحة معاوية بن عمار وحسنته عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : يجزى في المتعة (في المتمتع خ ل) شاة (٤).

وفي صحيحة ابى عبيدة عن ابى عبد الله عليه السّلام في قول الله تعالى : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) قال : شاة (٥).

لعل المراد أدنى الهدى وانّهما مخصصتان بالجذعة والثني من المعز بما تقدم.

ويدل على جواز ذبح البقر في أيّ سنّ كان حسنة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الإبل والبقر أيّهما أفضل ان يضحى بهما؟ قال : ذوات الأرحام ، فسألته عن أسنانها؟ فقال : أمّا البقر فلا يضرّك بأيّ أسنانها ضحيت ،

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من أبواب الذبح الرواية ٢.

(٢) وسندها (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن عبد الرحمن عن ابن سنان.

(٣) الوسائل الباب ١١ من أبواب الذبح الرواية ١ وسندها (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن عبد الرّحمن عن صفوان عن عيص بن القاسم.

(٤) الوسائل الباب ١٠ من أبواب الذبح الرواية ٢.

(٥) الوسائل الباب ١٠ من أبواب الذبح الرواية ١ والآية في البقرة : ١٩٦.

٢٧٣

وتامّا فلا (ولا خ ل) يجزى العوراء ، ولا العرجاء البيّن عرجها ،

______________________________________________________

وامّا الإبل فلا يصلح إلا الثني ، فما فوق (١).

فيمكن حمل ما يدل على الثّني على الأفضل ، ويؤيّده ظاهر الآية ولكن يأباه كلام الأصحاب والاحتياط فيمكن حمل الحسنة على حال الضرورة والمندوبة ، ولكن يأباه (وأمّا الإبل فلا يصلح إلخ).

وفيها دلالة على عدم الاجزاء من الإبل إلا الثّني.

واما تفسير الثّني المذكور في المتن وغيره فلعلّه مأخوذ من اللغة أو العرف أو الشرع وهو موجود في التهذيب.

والظاهر أنّ شهادتهم يكفي في ذلك وليس ذلك بأقلّ من شهادة القاموس والصحاح.

ولكن قال في التهذيب وغيره كالمتن يجزى الجذع من الضأن لسنته (لسنة خ ل) وهو يفيد بظاهره إجزاء أقل ممّا دخل في الثامن ويؤيده ظاهر الآية.

وقال في المنتهى : والجذع هو الذي له ستة أشهر ، وقد فسّر في القواعد وغيره بأنّه الداخل في الشهر الثامن.

لعل المراد من الضأن لسنته (لسنة خ ل) ما في القواعد فتأمل وهو صحيح ان ثبت كون الجذع هو الداخل في الثامن لغة أو عرفا.

والظاهر عدم الفرق بين الذكر والأنثى ويدلّ عليه الرواية (٢) وفيها ان الأنثى من الإبل والبقر اولى ، وفي غير هما الذكر اولى.

قوله : وتامّا إلخ .. إشارة إلى الشرط الثاني وهو كونه غير ناقص عما خلق عليه غالبا أو يعدّ ناقصا عرفا.

ويدلّ عليه صحيحة على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من أبواب الذبح الرواية ٥.

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب الذبح الرواية ١.

٢٧٤

ولا التي انكسر قرنها الداخل ،

______________________________________________________

انه سأله عن الرجل يشتري الأضحيّة عوراء فلم (فلا خ ل) يعلم الا بعد شرائها هل تجزى عنه؟ قال : نعم الا ان يكون هديا واجبا فإنّه لا يجزى ناقصا (١).

وادعى في المنتهى اتفاق العلماء على المنع من الصفات الأربع ، العور ، والعرج ، والمرض ، والكبر.

ويدل عليه أيضا بعض الروايات في الجملة مثل رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : لا يضحّى بالعرجاء بيّن عرجها ولا بالعوراء بيّن عورها ولا بالعجفاء ولا بالخرقاء ولا بالجدعاء ولا بالعضباء العضباء مكسورة القرن والجذعاء المقطوعة الاذن (٢).

ثم قال فيه أيضا ويدل على ما فيه النقص أكثر بطريق التنبيه مثل العمى.

ويدل على عدم جواز المكسور قرنها الداخل ، ما تقدم.

وقال في المنتهى : قال علمائنا : ان كان القرن الدّاخل صحيحا لا بأس بالتضحية بها.

ويدل عليه أيضا صحيحة جميل بن دراج عن ابى عبد الله عليه السّلام أنّه قال في المقطوع القرن أو المكسور القرن إذا كان الداخل صحيحا فلا بأس وان كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا (٣).

ويمكن فهم عدم إجزاء مقطوعة الأذن منها بالطريق الاولى وقد دلت عليه رواية السكوني المتقدمة (٤) مع عدم ظهور خلاف فيه ولكن لا بأس بمشقوقها للأصل وعدم كونه عيبا وعدم صدق القطع.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢١ من أبواب الذبح الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٢١ من أبواب الذبح الرواية ٣ وفي بعض نسخ التهذيب : ولا بالخرماء ولا بالجذاء بدل قوله : ولا بالخرقاء ولا بالجدعاء.

(٣) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب الذبح الرواية ٣.

(٤) تقدّمت آنفا.

٢٧٥

ولا المقطوعة الاذن.

______________________________________________________

ولمرسلة أحمد بن محمد بن أبي نصر بإسناد له عن أحدهما عليهما السّلام قال سئل عن الأضاحيّ إذا كانت الأذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة؟ فقال : ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس (١).

ولا يضر إرسال احمد لما تقدم.

ولحسنة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الأضحيّة (الضحيّة كا) تكون الأذن مشقوقة؟ فقال : ان كان شقّها وسما فلا بأس وان كان شقّا فلا تصلح (٢).

كأنّه يريد بالشق القطع بقرينة ما سبق والظاهر أنّ الشق في الوسم ليس بشرط للأصل وعدم دليل في المنع صريحا ويحتمل ان يكون شرطا لظاهر هذا الخبر.

ويمكن اشتراط عدم قطع شي‌ء في المشقوق المجوّز ويمكن عدم ضرر قليل فتأمل.

للأصل وعدم ظهور المانع مع عموم ما تيسّر من الهدى وحتى يبلغ الهدى محلّه (٣).

ويؤيّده ما يدل على اجزاء المعيب في الجملة مثل حسنة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل اشترى (يشترى خ) هديا وكان (فكان خ ل) به عيب عور أو غيره فقال : ان كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه وان لم يكن نقد ثمنه ردّه واشترى غيره (٤).

ويبعد حملها على المندوب لما تقدم ، ولا يمكن حملها على العجز. لقوله : (واشترى غيره)

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الذبح الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الذبح الرواية ٢.

(٣) البقرة : ١٩٦.

(٤) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب الذبح الرواية ١.

٢٧٦

والخصى ،

______________________________________________________

فلو لا الإجماع لأمكن القول باستحباب الصحيح وجواز المعيب في هذه الصورة أي في مادّة اشترى مع الجهل ونقد الثمن ويمكن كون الإجماع في غير هذه الصورة.

وقال في التهذيب : ومن اشترى هديا ولم يعلم ان به عيبا ونقد ثمنه ثم وجد به عيبا فإنه قد أجزأ عنه.

وحمل عليه هذه الحسنة لصحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من اشترى هديا ولم يعلم انّ به عيبا حتى نقد الثمن ثم علم بعده فقد تمّ (١).

واما الخصي فقال في المنتهى : ولا يجزى الخصي ، قال علمائنا.

ومستندهم صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال : سألته عن الأضحية بالخصي؟ قال : لا ومن ضحّى بخصىّ وجب عليه الإعادة إذا قدر عليه (٢).

وفيها أيضا دلالة على اجزاء المعيب مع العجز فلا ينتقل الى الصوم.

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الرجل يشتري الهدي فلمّا ذبحه إذا هو خصيّ مجبوب ولم يكن يعلم ان الخصي لا يجزى في الهدى هل يجزيه أم يعيده؟ قال : لا يجزيه الا ان يكون لا قوة به عليه (٣).

وصحيحته أيضا قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يشترى الكبش فيجده خصيّا مجبوبا؟ قال : ان كان صاحبه مؤسرا فليشتر مكانه (٤).

وهما يدلان أيضا على الجواز مع عدم القدرة والجهل فيحمل الإجماع وغيره على غيره.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب الذبح الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من أبواب الذبح الرواية ٢ ، وقوله : ومن ضحّى بخصي إلخ من كلام الشيخ في التهذيب لا من الرواية.

(٣) الوسائل الباب ١٢ من أبواب الذبح الرواية ٣ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ١٢ من أبواب الذبح الرواية ٣ و ٤.

٢٧٧

ولا المهزول وهو الذي ليس على كليتيه شحم.

______________________________________________________

ويشعر بجواز الخصى صحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : النعجة من الضأن إذا كانت سمينة أفضل من الخصىّ من الضأن ، وقال : الكبش السمين خير من الخصى ومن الأنثى وقال : سألته عن الخصىّ وعن الأنثى فقال : الأنثى أحبّ الى من الخصىّ (١).

واما عدم جواز المهزول وكون حدّه ما لم يكن على كليتيه شحم فيدل عليه رواية منصور (لعله ابن حازم والخبر صحيح لان سيف كان ابن عميرة) (٢) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : وان اشترى الرجل هديا وهو يرى أنّه سمين أجزأ عنه وان لم يجده سمينا ، ومن اشترى هديا وهو يرى أنّه مهزول فوجده سمينا أجزأ عنه وان اشترى (وان اشتراه خ ل) وهو يعلم أنّه مهزول لم يجز عنه (٣).

لعلّ المراد مع ظن السّمن كما قيل أو ظن الهزال مع الجهل بالمسألة كما يشعر به صحيحة محمّد الآتية.

وتدل عليه أيضا في الجملة رواية السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله صدقة رغيف خير من نسك مهزولة (٤).

ولو كان مجزيا لما كان الرغيف خيرا منه.

وما تقدم من عدم اجزاء العجفاء قيل هي المهزولة.

ورواية الفضل (الفضيل خ ل) قال : حججت بأهلي سنة فعزّت الأضاحيّ فانطلقت فاشتريت شاتين بغلاء فلما ألقيت إهابيهما (٥) ندمت ندامة

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من أبواب الذبح الرواية ٥.

(٢) سند الرواية (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن سيف عن منصور.

(٣) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الذبح الرواية ٢ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الذبح الرواية ٢ و ٤.

(٥) الإهاب ككتاب ، الجلد (مجمع البحرين)

٢٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

شديدة لما رأيت بهما من الهزال فأتيته فأخبرته ذلك فقال : ان كان على كليتيهما شي‌ء من الشحم أجزأت (١).

وتدل على استحباب السمن الرّوايات مثل صحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : يكون ضحايا كم سمانا فإنّ أبا جعفر (عليه السّلام) كان يستحب ان تكون أضحيّته سمينة (٢).

ورواية الحسن بن عمارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال ضحى رسول الله صلّى الله عليه وآله بكبش أجذع أملح فحل سمين (٣).

وصحيحة عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يضحى بكبش اقرن فحل ينظر في سواد ويمشي في سواد (٤).

وقيل : ان المشي في سواد والنظر فيه كناية عن السمن بان يكون في موضع كلاء كثيرا وكان يمشى من كبره وعظمه وسمنه في ظلّه.

وزاد في بعض عبارات الأصحاب يبرك في سواد كما في الكتاب وقيل : تكون هذه المواضع منه سودا.

وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام انه سئل عن الأضحية؟ فقال : اقرن فحل سمين عظيم العين والاذن والجذع من الضأن يجزى والثني من المعز والفحل من الضأن خير من الموجوء والموجوء خير من النعجة والنعجة خير من المعز وقال : ان اشترى أضحيّة وهو ينوي أنها سمينة وخرجت مهزولة أجزأت عنه وان نواها مهزولة فخرجت سمينة أجزأت عنه وان نواها مهزولة

__________________

(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الذبح الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من أبواب الذبح الرواية ٣ و ٤ و ١.

(٣) الوسائل الباب ١٣ من أبواب الذبح الرواية ٣ و ٤ و ١.

(٤) الوسائل الباب ١٣ من أبواب الذبح الرواية ٣ و ٤ و ١.

٢٧٩

فان اشتراها سمينة فخرجت مهزولة (١) ، أو على أنّها مهزولة فخرجت سمينة أجزأ.

______________________________________________________

فحرجت مهزولة لم يجز عنه وقال : ان رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يضحى بكبش اقرن عظيم سمين فحل يأكل في سواد وينظر في سواد فإذا لم يجدوا من ذلك شيئا فإن الله (فالله خ ل) اولى بالعذر وقال الإناث والذكور من الإبل والبقر تجزى وسألته أيضحي بالخصىّ؟ قال : لا (٢).

وفيها أحكام كثيرة فافهمها.

قوله : وان أشتريها سمينة إلخ .. دليله ودليل اجزاء المهزولة التي اشتراها بظن أنّها مهزولة فخرجت سمينة سواء ظهر قبل الذبح أو بعده هو صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة (٣) وما سبقها أيضا من رواية منصور (٤) وما يدلّ على اجزاء المعيب بعد نقد الثمن وقبل الذبح (٥).

ولا يرد ما قيل : مع علمه بكونه مهزولا وأنّه لا يجزى كيف يجزى؟ لاحتمال ان يكون الشرط هو الشّراء بظن السمن أو السمن في نفس الأمر ، كما فهم من الدليل.

ويحتمل حمله على عدم العلم بعدم الاجزاء حينئذ وبالجملة الدليل متّبع ولا يسمع غيره.

وهذه المذكورات دليل فلا يضرّ ما قيل أنّه كيف يصحّ ويجزى مع اشتراط الجزم في النيّة لأنّه قد يمنع ذلك هنا ، لانّ المقصود حصول مذبوح في نفس الأمر وقد حصل وقد لا يجب ذلك هنا على تقدير تسليم وجوبه في الأمور ، للأدلة المذكورة.

__________________

(١) في نسخة مخطوطة هكذا : فان اشتراها سمينة فخرجت مهزولة لم يجز ، ولو اشتراها على أنها مهزولة فخرجت سمينة أجزأ.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من أبواب الذبح الرواية ٢ أوردها بتمامها في الباب ٩ ـ ١١ ـ ١٢ ـ ١٤ و ١٦ من تلك الأبواب.

(٣) تقدم ذكرها آنفا.

(٤) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الذبح الرواية ٢.

(٥) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب الذبح الرواية ١.

٢٨٠