مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

مجز ومسقط للحج إلا اضطراريّ عرفة إجماعا واضطراري المشعر على الخلاف.

فلعلّهم يريدون باجزاء احد الاختياريّين إذا كان فوت الآخر من غير اختيار ، وكذا باجزاء الاضطراريّين أو المشعر.

ويريدون بكون الاختياري ركنا البطلان بتركه مع الاختيار عمدا.

وبكون ترك كليهما مبطلا ولو سهوا ترك اختياري عرفة مع ترك المشعر مطلقا أو عكسه مطلقا على رأى.

وذلك لا يخلو عن بعد مع أنّ الدليل ـ الذي يدلّ على اجزاء أحد الاختياريين أو أحد الاضطراريين أو هما ـ يدلّ على مطلق الاجزاء سواء كان مع فوت الآخر أو الاختياريين بالاختيار وعدمه خصوصا اجزاء المبيت ليلا في الجملة بالمزدلفة فإنّ دليله كالصريح في الاجزاء (١) ولو كان بترك الوقوف بها نهارا ولهذا صرّح في الدروس وغيره انه ركن مع عدم الوقوف نهارا فينبغي ان يقال الركن في المشعر هو الوقوف في جزء مّا من الليل الى طلوع الشمس وكذا في عرفة ان الركن هو الكون فيها في جزء من الزوال الى الفجر فتأمل.

واما وجه الجمع بين ظاهر الأدلة من الاخبار وكلام الأصحاب فحمل ما ورد بإجزاء الاختياري في أحد الموقفين على عدم ترك الآخر بالاختيار وباجزاء الاضطراري على عدم إمكان إدراك شي‌ء غيره لضيق الزمان كما يشعر به بعض الاخبار وحمل البطلان بتركهما معا امّا على غير حالة الاضطرار أو على دخول الاضطراري فيهما بل اضطراري المشعر كما مرّ فتأمل.

وأيضا انّ المفهوم من التهذيب فوت الحج بترك الوقوف في المشعر عمدا وسهوا على كل حال حيث.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١٣ وغيرها.

٢٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

قال ـ بعد رواية عبيد الله وعمران ابني علىّ الحلبيّين عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحج ـ (١).

وهذا الخبر عام فيمن فاته ذلك عامدا أو جاهلا وعلى كل حال.

ولعلّه يريد فوته بعدم إدراكه إلى طلوع الشمس لأنه قال قبل هذا وقد مضى في هذه الاخبار أنّ من أدرك المشعر بعد طلوع الشمس فقد فاته الحج وذكر قبل ذلك أخبارا دالة على ادراك الحج بإدراك المشعر الى طلوع الشمس وأنّه إذا ظن ادراك عرفة ولو ليلا مع ادراك المشعر قبل الطلوع يجب ذلك ولو ترك ذلك لا حج له.

وقال : إذا لم يدرك المشعر قبل الطلوع لا حج له لصحيحة حريز قال : سأل أبا عبد الله عليه الصلاة والسّلام رجل عن مفرد الحج فاته الموقفان جميعا فقال له الى طلوع الشمس من يوم النحر فان طلعت الشمس من يوم النحر فليس له حج ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل (٢).

وهذه يشعر بالاجزاء بالإدراك قبل طلوع الشمس سواء كان عرفة أو مشعرا مطلقا اختيارا أو اضطرارا فيدلّ على اجزاء اضطراريّ عرفة اختيارا فتأمل.

هذه التي أشرت إليه من قبل ثم قال :

ولا ينافي ذلك ما رواه وذكر مرسلة محمد بن يحيى الخثعمي ومسنده عن أبي عبد الله عليه السّلام فيمن جهل ولم يقف بالمزدلفة ولم يبت بها حتى اتى منى قال : يرجع قلت ان ذلك قد فاته قال : لا بأس به (٣).

ثمّ قال : فالوجه في هذين الخبرين ـ وان كان أصلهما محمد بن يحيى الخثعمي وانه تارة يرويه عن ابى عبد الله عليه السّلام بلا واسطة وتارة يرويه

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب الوقوف بالمشعر الرّواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٥ و ٦.

٢٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

بواسطة ـ ان من كان قد وقف بالمزدلفة شيئا يسيرا فقد أجزأه والمراد بقوله عليه السّلام : (لم يقف بالمزدلفة) الوقوف التّام إلخ.

قال في المنتهى : محمد بن يحيى الخثعمي عامي ، وقال في كتاب ابن داود مهمل ، والذي نجد انّه اثنان أحدهما ثقة والآخر غير معلوم الحال.

وأنت تعلم انّ النقل ـ تارة بواسطة وتارة بلا واسطة ـ ليس بقادح وان كان قدحا عند الشيخ وانّ في رواية عبيد الله وعمران ، القاسم بن عروة (١) وهو غير مصرّح بتوثيقه.

وانّها غير صريحة في ان الفوت بالمزدلفة هو الوقوف قبل طلوع الشمس فقد يكون المراد بعده أيضا الى الزوال وانّه قد يكون مع ادراك عرفة أيضا إذ قد مضى ما يدلّ على اجزاء ادراك اختياريّ عرفة.

ويؤيّده ما اشتهر ان الحج عرفة (٢) وغير ذلك من الاخبار الدالة على اجزاء اختياري عرفة خصوصا مع العجز وعدم الإمكان إلا ذلك فتخصّص هذه بها.

على أنّه لا عموم لها بل خاطب الحلبي من غير ارادة عموم.

ويؤيّد ما ذكرناه ما يدلّ على اجزاء اضطراري المشعر مثل رواية يونس بن يعقوب (الثقة) (الفقيه خ ل) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : قلت له رجل أفاض من عرفات فمرّ بالمشعر فلم يقف حتى انتهى الى منى فرمى الجمرة ولم يعلم حتى ارتفع النّهار قال : يرجع الى المشعر فيقف به ثمّ يرجع ويرمى الجمرة (٣).

__________________

(١) وسندها (كما في التهذيب) هكذا : الحسين بن سعيد عن القاسم بن عروة عن عبيد الله وعمران ابني على الحلبيّين.

(٢) المستدرك الباب ١٨ من أبواب إحرام الحج الرواية ٣ وعوالي اللئالى عن النبيّ صلّى الله عليه وآله (ج ٢ ص ٩٣ الحديث ٢٤٧ وص ٢٣٦ الحديث ٥)

(٣) الوسائل الباب ٢١ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٣.

٢٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وهي وان كانت ضعيفة في الفقيه (١) لكنها موثقة في الكافي لابن فضّال عن يونس (٢).

والظاهر أنّ الرجوع لعدم قصده وعلمه بالمشعر وفعله مع النيّة لتحصل العبادة بناء على قوانين الأصحاب ، ويحتمل للدعاء واللبث كما هو ظاهر بعض الاخبار من لزوم الوقوف والدعاء في الجملة.

وحسنة جميل (في الكافي والتهذيب لإبراهيم) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من أدرك المشعر الحرام يوم النحر قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج (٣).

وهي صحيحة في الفقيه عن جميل بن دراج فالمذكور هو ابن درّاج.

وصحيحة محمد بن أبي عمير عن عبد الله بن المغيرة (الثقة) قال : جائنا رجل بمنى فقال : انى لم أدرك الناس بالموقفين جميعا ، فقال له عبد الله بن المغيرة : فلا حجّ له ، وسأل إسحاق بن عمّار فلم يجبه فدخل إسحاق على أبي الحسن عليه السّلام فسأله عن ذلك فقال : إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل ان يزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج (٤).

والظاهر انّه لم يضرّ القول في إسحاق لما عرفت ولان الظاهر ان عبد الله بن المغيرة الثقة شهد بصدور الجواب عن أبي الحسن عليه السّلام وذلك لم يكن الا بسماعه عنه بنفسه ، أو بواسطة عدل على الظاهر ولهذا قال في المنتهى : انّها صحيحة

__________________

(١) طريق الصدوق رحمه الله الى يونس بن يعقوب (كما في مشيخة الفقيه) هكذا : وما كان فيه عن يونس بن يعقوب ، فقد رويته عن أبي رضى الله عنه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن ابى الخطّاب عن الحكم بن مسكين عن يونس بن يعقوب البجلي.

(٢) والسند (كما في الكافي) باب من جهل ان يقف بالمشعر هكذا : محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابن فضّال عن يونس بن يعقوب.

(٣) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٩.

(٤) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٦.

٢٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال في الفقيه رواه إسحاق بن عمار عن ابى الحسن عليه السّلام بعد ان قال : روى عبد الله بن المغيرة عن إسحاق بن عمّار (١).

ثم قال : وروى معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : إذا أدرك الزوال فقد أدرك الموقف (٢).

والظاهر انّ المراد ، المشعر ، وطريقه الى معاوية وإسحاق صحيح (٣) وهو لا بأس به ومعاوية ثقة.

وحمل الشيخ ـ رواية عبد الله بن المغيرة وجميل على أنّ من أدرك المشعر قبل الزوال فقد أدرك ثواب الحج أو على أنّه مع ادراك عرفة ـ كلاهما بعيد من غير ضرورة.

لأنّ الظاهر هو ادراك الحج لا الثواب وهو ظاهر وأيضا الثانية كانت صريحة في عدم ادراك الموقفين فكيف تكون محمولة على ادراك عرفة.

على أنّ ما قدّمه من الاخبار ما كانت صريحة وصحيحة في نفي الحج بإدراك المشعر قبل الزوال ولو كان مع الاضطرار فيمكن حملها على حال الاختيار واعلم ان في كلام الشيخ هذا دلالة على عدم فوت الحج بفوت ادراك المشعر قبل الطلوع مطلقا سواء كان أدرك عرفة أم لا كما هو ظاهر كلامه بعد رواية عبيد الله

__________________

(١) وهذا شاهد على نقل إسحاق نفسه عن ابى الحسن عليه السّلام (راجع الفقيه باب الوقت الذي متى أدركه الإنسان كان مدركا للحج)

(٢) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١٥.

(٣) طريق الصدوق إلى معاوية بن عمار (كما في مشيخة الفقيه) هكذا : وما كان فيه عن معاوية بن عمّار ، فقد رويته عن ابى ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما عن سعد بن عبد الله الحميري جميعا عن يعقوب بن يزيد عن صفوان بن يحيى ومحمد بن أبي عمير جميعا عن معاوية بن عمّار الدّهني.

وطريقه الى إسحاق بن عمار هكذا : وما كان فيه عن إسحاق بن عمّار ، فقد رويته عن أبي رضى الله عنه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن على بن إسماعيل عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمّار.

٢٢٥

والوقوف بعد الفجر قبل طلوع الشمس ، فلو أفاض قبل طلوع الفجر عامدا بعد ان كان وقف به ليلا فعليه شاة ، ولا يبطل حجه ان كان وقف بعرفة.

______________________________________________________

وعمران (١) فلا يكون مذهبه ذلك فتأمل.

قوله : والوقوف بعد الفجر إلخ .. أي يجب الوقوف بالمشعر ناويا بعد الفجر بلا فصل الى طلوع الشمس والعبارة غير ظاهرة فيه وقد مرّ دليله.

وكذا دليل قوله : فلو أفاض قبل الفجر عامدا إلخ المراد بالعمد هو الشعور بوجوب الفعل المتروك حين تركه فلا يحتاج الى قيد (عالما) وظاهر المتن أنّ سبب وجوب الشاة هو ترك الوقوف نهارا بالكليّة مع عدم الاستدراك ، فلو أفاض بعد طلوع الفجر ولو قليلا قبل الناس إذا استدرك ثم أفاض معهم لم يجب عليه شي‌ء كما مرّ في عرفة.

وهو ظاهر دليله وهو رواية مسمع المتقدمة (٢).

وامّا قيد (بعد ان كان وقف به ليلا) فهو لصحة الحج ولا دخل له في وجوبها ولكن الصحّة مع ترك الوقوف بالكليّة نهارا عمدا عنده مشروط بإدراك عرفة أيضا ، والظاهر أنّ مراده اختياريها ويحتمل اضطراريها أيضا حين الاضطرار.

ويدل على عدم اشتراط شي‌ء منهما (٣) مع عدم الإمكان صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عن الرّجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات؟ فقال : ان كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ثم يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل ان يفيضوا فلا يتمّ حجّه حتّى يأتي عرفات وان قدم وقد فاتته عرفات فليقف

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١ عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحج.

(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

(٣) أي عدم اشتراط ادراك عرفة اختياريها واضطراريها.

٢٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بالمشعر الحرام فان الله تعالى أعذر لعبده فقد تمّ حجه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل ان يفيض الناس وان لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج وليجعلها عمرة مفردة وعليه الحج من قابل (١).

وقد مرّت مع غيرها.

ويؤيّده أيضا صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : من أدرك جمعا فقد أدرك الحج (الخبر) (٢).

هذه وأمثالها تدل على اجزاء المشعر مطلقا فالتقييد غير جيّد.

ويؤيّده ما تقدم من انّ اختياري المشعر كاف بل اضطرارية أيضا وقد مرّ الكلام فيه مفصلا فتذكر.

وقد مرّ أيضا ان كون الوقوف ليلا مجزيا لا يدلّ على وجوبه عينا ووجوبه أيضا غير مصرّح به في الاخبار ويحتمل عدمه هنا كما سنذكره.

وأنّه على تقدير الوجوب لا يعلم وجوب النيّة ثم الاستيناف وعلى تقديره يمكن الاكتفاء بواحدة من غير وجوب استيناف مع التعميم.

وينبغي على هذا أيضا جعل الركن الكون فيه وفي النّهار بل جعله اختياريا أيضا محضا لا شبيها به وبالاضطرارى كما قيل ، لكونه مجزيا عن الوقوف النهارى ومقيّدا بإدراك عرفة كما عرفت.

وأنت تعلم أنّه لا يستلزم ذلك لان اجزاء الوقوف النهاري أيضا موقوف على عدم ترك عرفة عمدا بل كل ركن كذلك فتأمل بل ينبغي جعلهما واجبا واحدا وأنّ التفريع في قوله : (فلو أفاض) غير ظاهر.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٢.

٢٢٧

ويجوز للمرأة والخائف ، الإفاضة قبل الفجر ، ولا شي‌ء عليهما ، وكذا الناسي.

ولا يقف بغير المشعر ، وحدّه ما بين المأزمين إلى الحياض ، والى وادي محسّر ،

______________________________________________________

قوله : ويجوز للمرأة والخائف الإفاضة قبل الفجر ولا شي‌ء عليهما وكذا الناسي. قد مرّ دليله وقد مرّ صحيحة هشام (١) الدالّة على جواز الإفاضة من غير تقييد بالخوف والنّساء.

لعلّها قيّدت بهما لغيرها كما تقدّم والظاهر وجوب الرّجوع على الناسي ان أمكن مع عدم جواز الإفاضة عمدا.

قوله : ولا يقف إلخ. دليل عدم جواز الوقوف بغير المشعر ظاهر.

ودليل تعيين حدّه المذكور ، الروايات الكثيرة المعتبرة مثل صحيحة معاوية بن عمار قال : حدّ المشعر الحرام ما بين (من خ) المأزمين إلى الحياض والى وادي محسّر وانما سمّيت المزدلفة لأنّهم ازدلفوا إليها من عرفات (٢).

وظاهر انّ الحدّ خارج عن المشعر فلا يجزى الوقوف في وادي محسّر كما يدل عليه عدم جواز تجاوزه الّا بعد طلوع الشمس في الإفاضة من المشعر (٣) وكذا كراهته في الذهاب الى عرفة وهو مشعر بكونه من منى (٤).

وتدلّ على استحباب الهرولة فيه الروايات للمفيض من المشعر وورد فيها المبالغة حتى ورد الأمر بالرجوع للتارك في مثل حسنة حفص بن البختري (وغيره) عن ابى عبد الله عليه السّلام انه قال لبعض ولده : هل سعيت في وادي محسّر؟

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٨.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

(٣) لاحظ الوسائل الباب ١٥ من أبواب الوقوف بالمشعر.

(٤) لاحظ الوسائل الباب ٧ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٢٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

فقال : لا قال : فأمره ان يرجع حتى يسعى ، قال : فقال له ابنه لا أعرفه فقال له سل الناس (١).

ولعلّ فيها دلالة على ثبوت التعبّد بكلام الناس ، وان لم يكن عدلا ، فيمكن اعتبار وصوله الى الشياع وفي مرسلة قال : مرّ رجل بوادي محسّر فأمره أبو عبد الله عليه السّلام بعد الانصراف إلى مكة ان يرجع فيسعى (٢) وفي صحيحة معاوية بن عمار ، وحسنته عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : فإذا مررت بوادي محسّر وهو واد عظيم بين جمع ومنى وهو الى منى أقرب فاسع فيه حتّى تجاوزه فانّ رسول الله صلّى الله عليه وآله حرّك ناقته ويقول (قال خ ل) : اللهم سلّم لي عهدي واقبل توبتي وأجب دعوتي واخلفني فيما (فيمن خ ل) تركت بعدي (٣).

وفيها إشارة إلى خروج وادي محسّر عن المشعر بل عن منى أيضا كأنه يريد أنّه نهايته بل يشعر بانّ ما بعده ليس بمشعر لعلّه يريد ان ما بعده ليس من غير (عين ظ) المشعر بل اوّله وأطرافه وفيها دلالة على استحبابها للراكب أيضا بتحريك مركوبه والدعاء في هذه الحالة.

وتدل على قدره حسنة محمد بن إسماعيل عن ابى الحسن عليه السّلام قال : الحركة في وادي محسّر مأة خطوة (٤) وما في رواية عمر بن يزيد قال : الرمل في وادي محسّر قدر مأة ذراع (٥).

هذا قريب من الأوّل قال في الدروس : الهرولة قبل العود من عرفة بدعة ، قاله الحسن.

__________________

(١) و (٢) الوسائل الباب ١٤ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١ ـ ٢.

(٣) الوسائل الباب ١٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ١٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٣.

(٥) الوسائل الباب ١٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٥.

٢٢٩

ويجوز مع الزّحام الارتفاع الى الجبل ،

______________________________________________________

قوله : ويجوز مع الزحام الارتفاع الى الجبل ، لعلّ مراده بالجواز عدم الكراهة حينئذ إذ الظاهر جواز الوقوف عليه مطلقا لانّه من المشعر بل نقل في الدروس عن الشيخ الاستحباب للصرورة حيث قال : وقال الشيخ : وطأ الصرورة المشعر برجله أو بعيره وقد قال الشيخ إنّه قزح (١) وقال ابن الجنيد ان يطأ برجله أو بعيره المشعر الحرام قريب المنارة والظّاهر انه المسجد الموجود الآن انتهى.

وفي حسنة معاوية بن عمّار ويستحب للصرورة أن يقف بالمشعر (على خ ل) الحرام ويطأه برجله (٢).

فالكراهة لغير الصرورة ، ـ لو كانت ـ كما يقولون.

ويشعر بها رواية سماعة قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : إذا كثر الناس. بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ قال : يرتفعون إلى المأزمين (٣).

في الدلالة خفاء قال الشيخ في التهذيب : وقد بيّنا فيما تقدم : أنّ مع الضرورة لا بأس بالارتفاع على الجبل.

وكأنّه إشارة الى ما في هذه الرواية فإني لم أجد غيرها وقال بعده : ويستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام وان يدخل البيت ويمكن حمل الاستحباب للصّرورة على وطيه المسجد الموجود الآن برجله فإنه المسمّى بالمشعر كما فهم مما نقلناه من الدروس ويمكن ارادة استحباب المشي في مطلق المشعر حين دخوله الى ان ينزل.

ولعلّ وجه كراهة الصعود الى الجبل عموم فعلهم عليهم السّلام وكونه في طرف المشعر.

__________________

(١) قزح كصرد اسم جبل بالمزدلفة (مجمع البحرين)

(٢) الوسائل الباب ٧ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١ وفيه معاوية بن عمار وحماد عن الحلبي ، وهذه بعض من الرواية ولها صدر وذيل.

(٣) الوسائل الباب ٩ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

٢٣٠

ولو نواه ونام أو جنّ أو أغمي عليه صحّ وقوفه على رأى ويستحب الوقوف بعد صلاة الفجر والدعاء.

ووطئ الصرورة المشعر برجله.

وذكر الله تعالى على قزح.

______________________________________________________

وما في الفقيه روى ابان عن عبد الرحمن بن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام انه كره ان يقيم عند المشعر بعد الإفاضة (١) فتأمل فيها.

قوله : ولو نواه إلخ .. وجهه ظاهر مما تقدم فان الركن هو كون مّا وقد أدركه اختيارا على وجه شرعي بل الظاهر كذلك لو شرب المسكر عمدا عالما اختيارا وغيره من المرقدات.

قوله : ويستحب الوقوف إلخ .. يحتمل ان يكون مراده استحباب فعل الوقوف الواجب حينئذ بلا فصل فيكون إشارة الى عدم وجوب الاستيعاب بل كون عدم الاستيعاب مستحبا فيجوز قبلها أيضا مستوعبا وغير مستوعب وهو الظاهر من الدليل أو يكون بالنسبة الى عدم الفصل بعدها فلا يجب الاستيعاب كما هو الظاهر من الدليل كما مرّ.

ويحتمل ان يراد بالوقوف القيام للدّعاء بعد ان نوى وقام قبله مقارنة للفجر أو بعده.

وقد مرّ وجه استحباب وطى الصرورة المشعر برجله اى غير راكب أو حافيا وترك بعيره كما ذكر في غيره لعدمه في الرواية كما عرفت.

ولعلّ المراد بذكر الله على قزح استحباب ذكره تعالى في المشعر قد يراد به ذلك.

ويحتمل ان يراد منه الجبل المعهود كما نقل عن الشيخ المشعر الحرام جبل

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

٢٣١

والإقامة بمنى أيّام التشريق لمن فاته الحج ، ثمّ يتحلّل بعمرة مفردة.

______________________________________________________

هناك يسمّى قزح فيكون ذكر الله عليه على تقدير الصعود مستحبا.

ويمكن ان يكون المراد بالجبل أيضا المسجد وما قرب منه لكونه جبلا إذ ليس بمعروف صعود الجبل المعهود وأنّه بعيد عن الموضع الذي يقف فيه الناس.

ويمكن ان يراد ذلك أيضا فيما نقل عنه في الدروس فيما تقدم فيكون الكراهة في صعود الجبل المعهود واستحباب الارتفاع على المشعر للصرورة في هذا المحلّ كما أشير إليه فتأمل.

قوله : والإقامة إلخ .. أي يستحب الإقامة بمنى أيام التشريق الثلاث لمن فاته الحج لضيق الوقت ونحوه ثم يتحلّل بعمرة مفردة.

قال في الدروس يجب التحلّل بالعمرة كأنّه يريد وجوبه بالعمرة بمعنى عدم حصوله إلا بالعمرة.

يدلّ على المذكور صحيحة معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام رجل جاء حاجّا ففاته الحج ولم يكن طاف ، قال : يقيم مع النّاس حراما أيام التشريق ولا عمرة عليه فيها فإذا انقضت طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحلّ وعليه الحج من قابل يحرم من حيث أحرم (١).

كأنّها حملت على الاستحباب للأصل ، وعدم الصراحة في الوجوب ولكنّه لا خلاف في ذلك لعل المراد بالطواف الطواف مع الصلاة وب (أحل) الإحلال بالتقصير أو الحلق.

وظاهر ها عدم وجوب طواف النّساء وانها تكفي طواف واحد وكذا غيرها مما سيأتي وقد مرّ البحث عن ذلك فتذكر.

وظاهر ها أيضا وجوب العمرة بعد أيام التشريق وذلك مع طواف النساء أحوط.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٣.

٢٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وأيضا ظاهرها انقلاب إحرام الحج بنفسه إلى إحرام العمرة من غير احتياج إلى نيّة كما هو مقتضى الأصل ولأنّ الفعل مقدّم ومع نيّته لا تغيّره نيّة أخرى من غير احداث فعل آخر معها الا نادرا في مواضع لدليل.

ويدلّ عليه أيضا ما في صحيحة معاوية بن عمار قال : وقال أبو عبد الله عليه السّلام أيّما حاجّ سائق للهدي أو مفرد للحج أو متمتع بالعمرة إلى الحج قدم وقد فاته الحج فليجعلها عمرة وعليه الحج من قابل (١).

والظاهر أنّ المراد بجعلها عمرة جعل الحجة الّتي أحرم لها عمرة بمعنى الإتيان بأفعال العمرة دون الحج فلا يدلّ على وجوب النيّة وقلبها عمرة بالنيّة.

وتؤيّده رواية محمد بن سنان قال : سألت أبا الحسن عليه الصلاة والسلام عن الذي إذا أدرك الإنسان فقد أدرك الحج؟ فقال : إذا أتى جمعا والناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج ولا عمرة له وان أدرك جمعا بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له فان شاء ان يقيم بمكة أقام وان شاء ان يرجع الى أهله رجع وعليه الحج من قابل (٢).

ويدلّ عليه أيضا صحيحة ضريس الآتية فلا يضر ضعف محمد بن سنان.

ويؤيد الانقلاب الاشتراط في الإحرام (أن حلّه حيث حبسه) فتأمل.

وتدل عليه رواية إسحاق بن عبد الله عن ابى الحسن عليه السّلام فيمن جاء بعد طلوع الشمس قال : فليس له حج فقلت كيف يصنع بإحرامه؟ قال : يأتي مكة فيطوف بالبيت (الخبر) (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١. وصدرها من أدرك جمعا فقد أدرك الحج ثم قال وقال أبو عبد الله عليه السّلام أيّما حاجّ الى آخره.

(٢) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٤.

(٣) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٥ نقلها بالمعنى.

٢٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وهي صريحة في الانقلاب وظاهرة في عدم طواف النساء كغيرها وهي دليل فوت الحج بفوت الموقفين مطلقا فقول الدروس ـ يدلّ على الانقلاب رواية محمد بن سنان وعلى القلب بالنيّة تدل رواية معاوية لقوله عليه السّلام فليجعلها عمرة مفردة ـ محل التأمل.

ويدلّ على التخيير ـ بين التحليل بذبح الهدى والإقامة بمنى حتّى يمضي أيام التشريق ثم الإتيان بباقي أفعال العمرة المفردة.

ـ رواية داود بن كثير الرقى قال : كنت مع ابى عبد الله عليه السّلام بمنى إذ دخل (جاء رجل كا قيه) عليه رجل فقال قدم اليوم قوم قد فاتهم الحج فقال : نسأل الله العافية ثم قال : أرى عليهم ان يهريق كل واحد منهم دم شاة ويحلق (ويحلّون كا قيه) وعليهم الحج من قابل ان انصرفوا الى بلادهم ، وان أقاموا حتى يمضي أيام التشريق بمكة ثم خرجوا الى بعض مواقيت أهل مكة فأحرموا منه واعتمروا فليس عليهم الحج من قابل (١).

وفي داود خلاف الا انه قال في الخلاصة الأرجح قبوله.

ولكن يدل على سقوط الحج من قابل أيضا لو اتى بعد التحلّل بعمرة مفردة وهو محل التأمل.

وحملها الشيخ على الحج ندبا ولكن يأباه قوله : وعليهم الحج من قابل ، وحمله على الحج ندبا من قابل وهو بعيد وأبعد منه حملها على من اشترط في إحرامه.

لصحيحة ضريس بن أعين (الثقة) قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل خرج متمتعا بالعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلا يوم النحر؟ فقال : يقيم على إحرامه ويقطع التلبية حين يدخل مكة فيطوف ويسعى بين الصفا والمروة ويذبح

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٥ وفي الكافي : ان قوما قدموا يوم النحر بدل قوله : قدم اليوم قوم وقد فاتهم إلخ.

٢٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

شاته ويحلق رأسه وينصرف إلى اهله ان شاء وقال : هذا لمن اشترط ان حلّه حيث حبسه على ربّه عند إحرامه فان لم يكن اشترط فانّ عليه الحج والعمرة من قابل (١).

وهذه (٢) تدلّ على الانقلاب بنفسه وهي مذكورة في الفقيه أيضا (٣) والظاهر أنّها مذهب الصدوق فالقول بسقوط الحج مع الفوات والإتيان بالعمرة ان كان شرط في إحرامه غير بعيد للنص الصحيح الصريح مع القائل.

فقول الدروس (٤) ـ والعمل بهذه بعيد لأنّ الفائت ان كان واجبا مستقرا لم يسقط بالاشتراط والا مع عدم التقصير لم يجب القضاء (أيضا خ) ولو لم يشترط ومعه كالمستقر ـ اجتهاد في مقابلة النص.

على أنّه قد يمنع عدم السقوط في المستقرّ ومع التقصير بل عدم وجوب القضاء أيضا مع الندب لوجوبه بالشروع الا ترى أنه لو أفسد وجب القضاء فتأمل.

وكذا لا يضرّ اشتمالها على عدم طواف النساء (٥) لأنّه ان ثبت وجوبه في جميع العمرة المفردة يجب فيها أيضا لدليل وان لم يشتمل هذه عليه كغيرها فتأمل.

واعلم أنّ سقوط الحج من قابل حينئذ فائدة جليلة للاشتراط ، فظهر فائدته ولا يحتاج الى التكلفات المتقدمة.

وأيضا الظاهر أنّ حصول التحلل بالدّم مذهب الشيخ في التهذيب حيث

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٢ نقلها في الوسائل مع اختلاف يسير فراجع.

(٢) يعني رواية داود بن كثير.

(٣) رواها في الفقيه (كتاب الحج باب ما جاء فيمن فاته الحج)

(٤) عبارة الدروس هكذا : (قال بعد نقل رواية ضريس ما هذا لفظه) فإنّها مصرّحة بأنّ المشترط تكفيه العمرة وغيره يحجّ من قابل ولم يذكر فيها طواف النساء ، ثم قال : والعمل بهذه بعيد لأنّ الفائت ان كان واجبا مستقرا لم يسقط بالاشتراط وان كان غير مستقر ولم يفت بفعل المكلّف لم يجب قضائه بعدم الاشتراط وان كان بفعله فكالمستقرّ وان كان ندبا لم يجب قضائه بالاشتراط مطلقا وان لم يعتمر انتهى ص ١٢٣.

(٥) حق العبارة هكذا ، وكذا لا يضرّ عدم اشتمالها على طواف النّساء.

٢٣٥

خاتمة

وقت الاختياري (الاختيار خ ل) لعرفة من زوال الشمس يوم عرفة الى غروبها ، من تركه عامدا فسد حجّه ، وللمضطر الى طلوع الفجر ، ولو نسي الوقوف بها رجع ، ووقف ولو الى الفجر إذا عرف ادراك المشعر. ووقت الاختياري للمشعر من طلوع الفجر الى طلوع الشمس ، وللمضطر الى الزوال.

______________________________________________________

ما استشكل فيه في رواية داود بل نقلها وحملها على ما مرّ من جهة سقوط الحج فتأمل.

قال في الدروس : ولو أراد من فاته الحج البقاء على إحرامه إلى القابل فالأشبه المنع.

وكأنّه لظاهر الأخبار المتقدمة (١) فإنّه يدلّ على وجوب العمرة.

ويحتمل الجواز للأصل وعدم صراحة الاخبار في الوجوب ويؤيد الأوّل الانقلاب ، فتأمل.

خاتمة

قوله : وقت الاختياري إلخ. لعلّ الجاهل والنّاسي مضطرّ مثل من أتى في وقت لا يدرك الوقت الاختياري ولو كان قصّر في الاستعجال في الطريق على الاحتمال.

لعموم ما يدل على ان من أدرك عرفة ولو ليلا مع ادراك المشعر فقد أدرك الحج (٢).

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٢٧ من أبواب الوقوف بالمشعر.

(٢) الوسائل الباب ٢٧ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ١.

٢٣٦

ويدرك الحج بإدراك أحد الاختياريّين ولو أدرك الاضطراريين فقولان ، ولو أدرك أحدهما خاصة فاته الحج.

______________________________________________________

وقد مرّ أيضا ما يمكن استفادة وجه قوله : ولو نسي الوقوف وانه لو ظن عدم ادراك المشعر لو رجع ووقف بعرفات اقتصر عليه وصحّ حجّه ـ من صحيحة الحلبي وغيرها (١) فان قوله : الرّجل يأتي بعد ما يفيض الناس إلخ يشمله ظاهرا.

أو يقال : لا فرق بينه وبين الناسي ، وهذه مؤيّدة لإدخال الناسي والجاهل أيضا في المضطرّ لما فيها من قوله عليه السّلام فان الله تعالى أعذر لعبده فقد تمّ حجّه (٢) وكذا الكلام في اضطراري المشعر.

ولا يذهب عليك أنّى ما فهمت كون الاختياري للعرفة من الزّوال الى الغروب.

وكذا كون اختياري المشعر من طلوع الفجر الى طلوع الشمس.

وان الركن هو كون مّا فيهما.

وأنّ الوقوف الذي يبطل بتركه الحج عمدا عالما اختيارا في عرفة هو الكون من الزوال الى طلوع فجر يوم العيد.

وكذا الكون في المشعر من ليل النحر الى طلوع الشمس فإنهما الاختياريّان فلا اضطراري الا اضطراري المشعر وأشار في الدروس الى الثاني في أحكام عرفة وانه مع الاضطرار يصحّ بعده أيضا وقد مرّ وسيجي‌ء أيضا فتأمل.

قوله : ويدرك إلخ .. قد أشرنا أنّ الصّور ثمان ، اختياري عرفة فقط واضطراريها فقط وكذا المشعر واختياري عرفة ، مع اختياري المشعر

__________________

(١) الوسائل الباب ١٩ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ١ ومتن الرواية هكذا : عن الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرّجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات؟ فقال : ان كان في مهل حتّى يأتي عرفات في ليلته فيقف بها ثمّ يفيض فيدرك الناس بالمشعر قبل ان يفيضوا فلا يتم حجّه حتّى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها (الرواية) وذكرها بتمامها في الباب ٢٢ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٢.

٢٣٧

ولو لم يقف بالمشعر ليلا ولا بعد الفجر عامدا بطل حجّه ، وناسيا يصح ان أدرك عرفة.

______________________________________________________

ومع اضطراريّة وكذا اضطراريّها مع اختياريّة واضطراريّة.

وقد ادّعى المحقق الثاني الإجماع في حاشية الكتاب على صحة الكلّ إلا في اضطراريهما واضطراري أحدهما وقد استخرج المصنف وجها لعدم الصّحة بإدراك اختياريّ عرفة وهو مذكور في الدروس أيضا (١).

والظاهر صحة الجميع إلّا اضطراري عرفة لنقل الإجماع على عدم صحّته في الدروس.

والدليل على الصّحة قد مرّ وقد أوردنا اخبارا صحيحة دالة على صحته بإدراك اضطراري المشعر (٢) وهو يدلّ على الصحة في باقي الأقسام بالطريق الاولى مع أنّ صحة الاضطراريّين مفهوم من الاخبار صريحا مثل حسنة الحلبي (٣) وكذا في جعله وقتا للمضطرّ دلالة عليها فلا فائدة في جعله وقتا لو لا ذلك فالخلاف في الاضطراريّين بعيد مع جعلهما وقتا للمضطرّ الّا ان يكون الخلاف في ذلك (وخ) هو خلاف ظاهر كلامهم.

فقوله (٤) : ـ ولو أدرك الاضطراريّين فقولان ولو أدرك أحدهما أي أحد الاضطراريّين إلخ ـ محل التأمل.

قوله : ولو لم يقف إلخ .. ما كان يحتاج الى ذكره بعد ان مضى كون

__________________

(١) قال في الدروس : ولا يجزى اضطراري عرفات قولا واحدا ، وخرّج الفاضل وجها باجزاء اختياري المشعر وحده دون اختياري عرفة وحده ، ولعلّه لقول الصادق عليه السّلام : الوقوف بالمشعر فريضة وبعرفة سنّة ، وقوله عليه السّلام : إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك ويعارضه إلخ ص ١٢٣.

(٢) راجع الوسائل الباب ٢٥ من أبواب الوقوف بالمشعر.

(٣) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٢ وراجع الباب ٢٤ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١ وهي رواية الحسن العطّار فإنّها أصرح من رواية الحلبي.

(٤) أي قول الماتن قدّس سرّه.

٢٣٨

ولو ترك الوقوفين (الموقفين خ) معا بطل حجّه عمدا وسهوا.

(١) وتسقط أفعال الحج عمّن فاته ، ويتحلّل بعمرة مفردة ثم يقضيه

______________________________________________________

الوقوف بالمشعر ركنا ، فإنه يفهم منه أنّه لو لم يقف به عمدا بطل حجّه فكأنّه اعاده ليشير الى أنّ الركن حقيقة ليس هو الوقوف الاختياري المذكور للمشعر بل إمّا هو أو بدله وهو الوقوف ليلا ولو قليلا وقد عرفت ان هذا في الحقيقة يجعل الاختياري من الليل الى طلوع الشمس وكون الركن جزء منه فما أعرف فائدة جعلهم الاختياري ما بين الطلوعين وجعل الركن جزء منه ثم التعميم فتأمل ولعلّه يريد اختياري عرفة في قوله : ان أدرك عرفة.

قوله : ولو ترك الموقفين معا بطل حجّه عمدا وسهوا .. الظاهر أنّ مرادهم أنّ فوت الوقوفين الاختياريين الذي هو الركن موجب لبطلان الحج وفوته على اىّ وجه كان اختيارا كان أو اضطرارا عمدا كان أو سهوا هكذا يفهم من بعض المناسك.

والظاهر أنّه لا يفوته الا بفوت الوقوف مطلقا الاختياري والاضطراري كما هو الظاهر من فوت الوقوف فان المتبادر ، فوته بالكلية ، وذلك انّما يكون بفوتهما مطلقا ويؤيّده ما تقدّم من الصحة بإدراك أحد الاضطراريّين وبإدراكهما فإنّه يدلّ على عدم البطلان بترك الاختياريّين معا على اىّ وجه كان.

نعم ارادة ذلك لمن قال بعدم الصحة بإدراك الاضطراريّ مطلقا ممكن ولعلّ دليله الإجماع وهو مؤيّد لجعلهما أعمّ من الاختياريّ والاضطراريّ إذ لا إجماع في الأوّل كما عرفت والأصل أيضا وفي بعض الاخبار أيضا إشارة إلى البطلان بترك الوقوفين كما مرّ في رواية إسحاق بن عبد الله (١).

قوله : وتسقط إلخ .. أي حين فات الحج عن المحرم يسقط عنه جميع أفعال

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٥.

٢٣٩

واجباً مع وجوبه.

______________________________________________________

الحجّ إذ بعد فوت الحج لم ينفع باقي الأفعال (أفعاله خ) والذي يأتي به من الطواف والصلاة والسعي والتقصير ليس بأفعاله بل أفعال العمرة لأنه إنما يفعله بقصدها فلا يحتاج الى أنّ المراد سقوط الافعال المخصوص بالحج.

ومعنى (يتحلّل بعمرة مفردة) أنّه يأتي بأفعالها ثم يتحلّل بما يتحلّل به المعتمر وقد يسمّى عمرة التحلّل لأنّه لم يتحلّل الا بها على ما هو المشهور.

وقد عرفت احتمال التحلل بالذبح ودليله.

وأنّه لا يحتاج الى نقل النيّة بل ينقلب إلى عمرة التمتع وان كان النقل أحوط.

ووجوب القضاء ـ مع كون الأصل الذي فاته واجبا اى واجبا مستقرا قبل هذا العام أو مع التقصير فيه بحيث لو لم يكن لإدراك ـ ظاهر ومفهوم مما تقدم أيضا.

ويحتمل الوجوب في المندوب أيضا إذا كان التقصير بعد الشروع فإنه يجب بعده والتقصير من عند نفسه ويؤيّده ظاهر الاخبار فإنه عام.

وأيضا الظاهر أنّه لو كان الترك بالنسيان لم يحتج وجوب القضاء الى الاستقرار ولا الى التقصير ويؤيّده عموم الأخبار الدالة على وجوب القضاء وعموم عبارات الأصحاب حيث ما قيّدوا بالاستقرار والتفريط كما في المتن فتقييد وجوب القضاء ـ بالاستقرار أو التفريط كما هو موجود في بعض الحواشي ـ محلّ التأمل.

فرعان

الأوّل الظاهر عدم وجوب الطّهارة ولا اشتراطها في الموقفين للأصل والشهرة وعموم الأدلة الدالة على أنّ من أدرك الموقفين فقد أدرك الحج ، وقد

٢٤٠