مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وبالثاني ان المراد ب (اتى) الإتيان على هذا الوجه لما تقدّم من دليلنا فتأمل.

ثم قال : لو كان نائما صحّ وقوفه لسبق النيّة منه وعندي فيه اشكال على تقدير استمرار النوم من قبل الدخول الى وقت الفوات أمّا الجمهور فجزموا بالصّحة على هذا التقدير واختاره الشيخ على تردّد واشكال فيه (١).

لا يخفى أنّ عدم جزم المصنف بعدم الاجزاء يشعر بعدم اعتبار النيّة على الوجه المذكور ومقارنتها ، كجوابه الثاني المتقدم واختيار الشيخ صريح في ذلك فيحتمل عدم وجوب النيّة على هذا الوجه عند المصنف أيضا بعد نقله الإجماع على وجوبها ، فتأمل.

وفيه إشكال أخر ، أنّه كيف يصحّ منه العبادة في حال ليس بمكلف يقينا واتفاقا عقلا ونقلا وهذا لا يتمّ الا ان يكون المقصود وجود الشخص الحيّ في ذلك المكان في ذلك الزمان فقط فيلزم صحّته من المغمى عليه والسكران والمجنون أيضا الّا ان تفرّق بينهم بالإجماع ونحوه ، وقد مضى مثل هذا البحث في صوم النائم ، فتذكر ، فتأمل.

ودلت على عدم الصحة من السكران مكاتبة ابى على بن راشد قال : كتبت إليه أسأله عن رجل محرم سكر وشهد المناسك وهو سكران أيتمّ حجته على سكره؟ فكتب عليه السّلام لا يتمّ حجّه (٢).

وفي الطريق (٣) محمد بن عيسى ولا يضرّ ، وأبو على مشكور ممدوح ووكيل.

__________________

(١) انتهى كلام المنتهى ص ٧١٧.

(٢) الوسائل الباب ٥٥ من أبواب الإحرام الرواية ١.

(٣) وسندها (كما في التهذيب) هكذا : محمد بن (احمد بن خ) يحيى عن محمد بن عيسى عن ابى على بن راشد.

٢٠١

والكون بها الى الغروب ،

______________________________________________________

فيمكن عدم الصحة في السكران ونحوه ممّا ليس بمكلّف وزوال عقله فتأمل.

ثم قال : ولا يشترط فيه الطهارة ولا الستر ولا استقبال القبلة ، ولا نعلم فيه خلافا بين العلماء.

ويمكن استعادته مما تقدم أيضا من قوله : كلّ النسك تصحّ من غير وضوء الا الطواف وصحته من الحائض على ما مرّ في الاخبار الكثيرة الصحيحة.

فيحمل على الاستحباب ما يدل على الطهارة والوضوء.

مثل صحيحة على بن جعفر عن أخيه موسى عليهم السّلام قال : سألته عن الرجل هل يصلح له ان يقف بعرفات بغير وضوء (على غير خ ل) قال : لا يصلح له الّا وهو على وضوء (١) ، والأصل وعدم دليل خلافه دليل.

قوله : والكون بها الى الغروب .. اى يجب الكون في عرفة بعد الزوال الى الغروب وهو المفهوم من كثير من العبارات قال في الدروس : يضرب خباه بنمرة وهو الأصحّ ، فعلى هذا لا يدخل عرفات الى الزوال فإذا زالت الشمس اغتسل وتطهّر واستتر.

وقال في المنتهى : ويستحب تعجيل الصلاة حين يزول الشمس وان يقصّر الخطبة ثم يروح الى الموقف لان تطويل ذلك يمنع من الرواح الى الموقف في أوّل وقته ، والسنّة التعجيل.

وروى ابن عمر الى قوله : حتى اتى رسول الله صلّى الله عليه وآله عرفة فنزل بنمرة حتى إذا كان عند صلاة الظّهر راح رسول الله صلّى الله عليه وآله مهجّرا (٢) فجمع بين الظّهر والعصر ثم خطب الناس ثم راح الى الموقف فوقف على

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ١.

(٢) التهجّر هو بمعنى التكبير إلى الصلاة وهو المضيّ إليها في أوائل أوقاتها (مجمع البحرين)

٢٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الموقف من عرفة (١).

ولا خلاف في هذا بين علماء الإسلام وظاهر بعض رواياتنا أيضا ذلك.

مثل ما في صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام (في حديث) فإذا زالت الشّمس يوم عرفة فاغتسل وصلّ الظّهر والعصر بأذان واحد وإقامتين وانّما (فإنّما خ ل) تعجّل العصر وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء ، فإنّه يوم دعاء ومسألة (٢).

وروايته ـ في التهذيب ـ : وانّما تعجّل الصلاة وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدّعاء فإنّه يوم دعاء ومسألة ثم تأتى الموقف وعليك السكينة والوقار (٣).

وما في حسنة الحلبي قال : قال أبو عبد الله عليه الصلاة والسّلام : الغسل يوم عرفة إذا زالت الشمس وتجمع بين الظّهر والعصر بأذان وإقامتين (٤).

ومعلوم انّ الإتيان إلى الموقف بعد الغسل والصلاة ، لما مرّ في المنتهى من وجوب الوقوف من أوّل الزّوال بالإجماع فهو مسامحة للشروع في مقدماته من الغسل والصلاة والطّهارة.

أو أنّه واجب موسّع بحيث لا يضرّ التأخير بسبب الشروع في مقدماته.

أو أنّ المراد بالرواح الى الموقف بعد الغسل والصلاة والطهارة هو الذهاب للدّعاء والاشتغال به في محلّ الفضيلة من الموقف الذي هو كل العرفة مثل سفح الجبل بعد ان حصل الشروع في الوقوف الواجب بالنيّة مقارنة لما بعد الزوال اى بعد تحققه لا مقارنته بأوّل الزّوال.

__________________

(١) سنن ابى داود ج ١ ص ٤٤٥ الطبعة الاولى عام ١٣٧١.

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ١٤ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٩ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ٢.

٢٠٣

فلو أفاض قبله جاهلا أو ناسيا وعاد قبل الغروب فلا شي‌ء عليه ، وعامدا عليه بدنة ، فان عجز صام ثمانية عشر يوما ،

______________________________________________________

ولعل مرادهم بعد تحقق الزوال بلا فصل واليه أشار في الدروس قال : النيّة مقارنة لما بعد الزوال.

ولكن يأباه ما مرّ من ضرب الخبإ في النمرة والدخول في عرفة بعده فكأنّ المراد بعد الزّوال في الجملة بحيث لا يتخلّل زمان كثير ، وهو مشتغل بغير مقدمات الوقوف.

وبالجملة الذي يستفاد انّ الاحتياط أنّه ينبغي الكون في عرفة بقصد العبادة من أوّل الزّوال ، بل مقدّما عليه من باب المقدّمة ، والنّية بعد تحقق الزوال ، وللاشتغال بالغسل والطّهارة ثم الجمع بين الصلوتين ثم تجديد النّية والاشتغال بالدّعاء والتضرّع والبكاء والتّباكي والمسألة وطلب المغفرة لنفسه ولإخوانه المؤمنين وأخواته المؤمنات بل انّه أفضل للرواية (١) إلى الغروب وعدم الاشتغال بغيره فإنّه يوم مسألة ودعاء.

وينبغي العتق في عشيّة عرفة ليعتقه الله من النّار كما في الرواية (٢) وينبغي اختيار الأدعية المأثورة في التهذيب والكافي (٣) خصوصا دعاء الحسين بن علي عليهما السّلام ، ودعاء على بن الحسين عليهما السّلام ، وعلى الله القبول.

والظّاهر استحباب ما عدا الوقوف لما تقدم ، ولما قال في المنتهى : انّما الواجب هو الوقوف ، ولا نعلم في ذلك خلافا.

وما دلّ على كون الوقوف سنة ، فالمراد ما ثبت وجوبه بالسّنة ، فلا واجب الا الوقوف ، الله يعلم ، فتأمل.

قوله : فلو أفاض قبله إلخ .. أي انّما يجب الكون بها الى الغروب على

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ١٤ و ١٨ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٢) راجع الوسائل الباب ١٤ و ١٨ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٣) راجع الوسائل الباب ١٤ و ١٨ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٢٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

المختار والعالم المتذكر بذلك ، فلو أفاض قبله مكرها أو جاهلا فلا شي‌ء عليه ، وكذا الناسي ، لأنّه عذر كما مرّ ، للأصل مع عدم دليل.

ولرواية مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السّلام ، في رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمس ، قال : ان كان جاهلا فلا شي‌ء عليه ، وان كان متعمدا فعليه بدنة (١).

ويمكن إدخال الناسي أيضا في الجاهل قال في المنتهى : صحيحة مسمع بن عبد الملك.

ومسمع ما صرّح بتوثيقه ، ولكن لا يضرّ مع ظهور قبوله وكذا لا شي‌ء عليه لو رجع بعد الإفاضة منها عمدا إليها قبل الغروب لما مرّ ويمكن عدم الخلاف بين الأصحاب في الكلّ ، وكذا في عدم الإفاضة قبل الغروب عامدا عالما مختارا ولم يرجع قبله إليها ويتمّ (٢) الى الغروب فيجب عليه البدنة حينئذ.

ويدل عليه رواية مسمع وصحيحة ضريس الكناسي (الثقة) عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل ان تغيب الشّمس؟ قال : عليه بدنة ينحرها يوم النحر ، فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو في اهله (٣).

وهذه صحيحة ، والعجب انّ المصنف ما سمّاها بها في المنتهى ، وكأنّه ما وجد الكناسي في التهذيب فصار مجهولا ولكن موجود في الكافي مع أنّه نقلها في التهذيب عن صاحبه (٤) ويحمل على العامد المختار لما تقدم.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ١.

(٢) هكذا في جميع النسخ.

(٣) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة الرواية ٣.

(٤) وحاصل المراد ان الكافي والتهذيب مشتركان في نقل الرواية عن ضريس الا انه وصفه في الكافي

٢٠٥

ولو لم يتمكّن نهارا وقف بها ليلا.

______________________________________________________

وهي تدل على وجوب الصوم ثمانية عشر يوما بعد العجز عن البدنة وعلى جواز التأخير في الكفارة في الجملة وجواز صوم هذه الكفارة كلها في السفر.

قوله : ولو لم يتمكن إلخ. هذا إشارة إلى اضطراري عرفة وهو ليلة النحر ، وما رأيت فيه شيئا يدل على اجزائه للمضطرّ مثل الناسي أو الجاهل أو الذي ما وصل الى عرفة الا بالليل.

غير صحيحة الحسن العطّار (الثقة) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا أدرك الحاج عرفات قبل طلوع الفجر فاقبل من عرفات ولم يدرك الناس بجمع ووجدهم قد أفاضوا فليقف قليلا بالمشعر الحرام وليلحق الناس بمنى ولا شي‌ء عليه (١).

وهي تدل على اجزاء الوقوف بعرفة ليلا مع الوقوف بالمشعر ولو بعد طلوع الشمس مطلقا من غير اختصاص بالمضطرّ.

ولعله خصّص به لما تقدم من كون الوقوف بعرفة ركنا ، من تركه مختارا عالما فلا حج له ، ولكن دليله كان خاليا عن كون الترك في النّهار أو الليل بل ظاهره كان عاما الا ان يكون كون ترك ادراك عرفة نهارا اختيارا موجبا لفوت الحج إجماعيا فيخصّص هذا الخبر بالمضطرّ.

فهذه تدل على اجزاء الاضطراريّين وهو مذهب البعض.

ولكن لو ظنّ إدراكه واختياري المشعر فليفعل ويتمّ حجّه وان ظن فوت ادراك اختياري المشعر لو ذهب لإدراك اضطراري عرفة ، يترك الاضطراري ويأتي بالاختياري ، فإنه يتمّ حجّه للاخبار.

__________________

بالكناسي دون التهذيب ولعلّه المراد من قوله قدّس سرّه : (عن صاحبه) (راجع الكافي والتهذيب باب الإفاضة من عرفات الحديث ٣).

(١) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

٢٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

مثل صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرّجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات؟ فقال : ان كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليلته (في خ) فيقف بها ثم يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل ان يفيضوا فلا يتمّ حجّه حتى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ، وان قدم رجل وقد فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام فان الله تعالى أعذر لعبده فقد تمّ حجّه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل ان يفيض الناس فان لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج فليجعلها عمرة مفردة وعليه الحج من قابل (١).

وصحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من أدرك جمعا فقد أدرك الحج قال : وقال أبو عبد الله عليه السّلام أيّما حاجّ سائق للهدي أو مفرد للحج أو متمتع بالعمرة إلى الحج قدم وقد فاته الحج فليجعلها عمرة وعليه الحج من قابل قال وقال : في رجل أدرك الامام وهو بجمع فقال : ان ظنّ انه يأتي عرفات فيقف بها قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها وان ظنّ أنّه لا يأتيها حتى يفيضوا فلا يأتها وليقم بجمع فقد تمّ حجّه (٢).

فاختيار المشعر فقط مجز أيضا.

ويدل على اجزاء اضطراري المشعر فقط صحيحة عبد الله بن المغيرة قال : جائنا رجل بمنى فقال : انّى لم أدرك الناس بالموقفين جميعا. الى ان قال : فدخل إسحاق بن عمار على ابى الحسن عليه السّلام فسأله عن ذلك فقال : إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل ان تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٢.

(٢) روى صدرها في الوسائل في الباب ٢٧ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١ وذيلها في الباب ٢٢ منها الرواية ١ وفي الكافي (وليحلّ بعمرة) بدل (فليجعلها عمرة) وفي الاستبصار والفقيه : أيّما قارن أو مفرد إلخ.

(٣) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٦ وذكر تمامها في الاستبصار (باب من

٢٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وحسنة جميل عن ابى عبد الله عليه السّلام من أدرك المشعر الحرام يوم النحر قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج (١).

وهي صحيحة في الفقيه وسيجيئان مع غيرهما وحملهما الشيخ على إدراك اضطراري عرفة أيضا كما دلت عليه صحيحة الحسن العطّار (٢) المتقدمة أو على أنّ معنى ما فيهما ـ من انّ من أدرك المشعر قبل الزّوال فقد أدرك الحج ـ أنه قد أدرك ثواب الحج لا انّه أدرك الحج وصحّ حجّه ولم يجب في القابل ، للأخبار الدالة على أنّ من لم يدرك المشعر قبل طلوع الشمس لا حج له (٣).

ويمكن حملها على الأفضل وهي على العامد المختار على أنّه ليس التصريح بفوت الحج إذا أدرك المشعر بعد طلوع الشمس في الصحيح من الاخبار الا صحيحة حريز (٤).

وسيجي‌ء وفي الاخبار دلالة على اجزاء اختياري عرفة أيضا فالظاهر اجزاء جميع الاحتمالات الا اضطراري عرفة فقط فانّ الظاهر أنّه لا يكفي للإجماع المفهوم من الدروس ، ويفهم من تلك الاخبار أيضا ، ولكن يدل عليه ، ما نقل في المنتهى فيمن لم يتمكن من إتيان عرفة نهارا فوقف بها ليلا صحّ حجه.

وقال أيضا في المنتهى : لو لم يأت عرفات نهارا وجاء بعد غروب الشمس ووقف بها صحّ حجّه ولا شي‌ء عليه وهو قول علماء الإسلام كافّة ، لقول النبيّ صلّى الله عليه وآله من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج (٥).

__________________

أدرك المشعر الحرام بعد طلوع الشمس الرواية ٥).

(١) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٩.

(٢) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر ، فلاحظ.

(٤) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

(٥) كنز العمال ج ٥ ص ٦٣ الرقم ١٢٠٦٠ طبع سنة ١٣٩٩.

٢٠٨

ولو فاته بالكليّة جاهلا أو ناسيا أو مضطرا ، أجزأ (٥ خ) المشعر ويستحب الوقوف في الميسرة في السفح ، والدعاء له ولوالديه وللمؤمنين بالمنقول ،

______________________________________________________

ثم قال : ولو لم يقف بعرفات نهارا ووقف بها ليلا أجزأه وجاز له ان يدفع من عرفات ايّ وقت شاء بلا خلاف (١) الظّاهر أنّه يريد لو لم يأت لعدم تمكّنه لعذر شرعي ومع ادراك المشعر ، لعدم القائل باجزاء اضطراري عرفة فقط ، مع ترك اختيارية اختيارا والمشعر أيضا وان كانت الرواية المذكورة عامّة الا انّ الظّاهر أنّها من طريق العامة كما نقله قبيل هذا فتأمل.

ومما تقدم علم شرح قوله : ولو فاته ـ إلى ـ أجزأه المشعر ، وعلم أيضا أنّه لو لم يكن إجماع يمكن إجزاء اضطراري المشعر اختيارا ، وكذا اضطراري عرفة مطلقا بشرط ادراك المشعر مطلقا ، فتأمل.

قوله : ويستحب الوقوف إلخ .. إشارة إلى مستحبات الوقوف ، ودليل استحباب الوقوف في ميسرة الجبل في السفح هو وقوفه صلّى الله عليه وآله هناك ، مع قوله صلّى الله عليه وآله : هذا كلّه موقف ، وأشار بيده الى الموقف على ما روى (٢) وكأنّه إليه أشار في بعض الرّوايات ، ثم تأتى الموقف (٣) وقوله صلّى الله عليه وآله خذوا عنّى مناسككم (٤).

وكذا استحباب الدّعاء ، فانّ دليله فعله صلّى الله عليه وآله ، وفعلهم صلوات الله عليهم ، مع الروايات الكثيرة الدالة على الترغيب والتحريص جدّا (٥)

__________________

(١) راجع المجلد الثاني من المنتهى ص ٧٢١.

(٢) الوسائل الباب ٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ٣ والباب ١١ من أبواب إحرام ، الحج والوقوف بعرفة الرواية ١ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ١٤ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ١.

(٤) مسند احمد بن حنبل ج ٣ ص ٣١٨ وعن تيسير الوصول ج ١ ص ٣١٢.

(٥) راجع الوسائل الباب ١٤ و ١٥ و ١٦ و ١٧ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة.

٢٠٩

وان يضرب خبأه (١) بنمرة ، وان يجمع رحله ، ويسد الخلل به وبنفسه ، والدعاء قائما ، ويكره راكبا وقاعدا.

______________________________________________________

حتّى أنه لو لا الإجماع المنقول في المنتهى على عدم وجوبه لكان القول بوجوبه جيدا ويشعر بعدم الوجوب أيضا ما في بعض الروايات ، قوله عليه السّلام : يجزيه وقوفه لمن دهشة الناس ، وبقي ينظر إليهم ولا يدعو ، مع أنّه قال بعد ذلك : أليس قد صلّى بعرفات الظّهر والعصر ، وقنت ودعا ، قال الرّاوي : بلى ، قال : فعرفات كلّها موقف ، وما قرب من الجبل فهو أفضل (٢).

وفيه دلالة على كون الدنوّ من الجبل أفضل ، وكأنّه اكتفى عنه بقوله : في الميسرة في السفح ، وقال ـ فيمن جاء خبر موت بعض ولده أو أبيه واشتغل بالبكاء عن الدعاء ـ ألا (لا خ) أرى عليه شيئا ، وقد أساء فليستغفر الله (٣).

وينبغي الدعاء للمؤمنين والمؤمنات ، بل إيثارهم على نفسه للرواية (٤).

ودليل استحباب ضرب الخبإ بنمرة ثم الذهاب الى الموقف فعله صلّى الله عليه وآله على ما روى (٥).

مع ما في صحيحة معاوية وحسنته أيضا (في حديث) فإذا انتهيت الى عرفات فاضرب خباك بنمرة ونمرة هي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصلّ الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين فإنّما

__________________

(١) الخباء بالكسر والمدّ كالكساء.

(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ٢ ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، في رجل وقف بالموقف فأصابته دهشة الناس فبقي ينظر الى الناس ، ولا يدعو حتى أفاض الناس ، قال : يجزيه وقوفه ، ثم قال : أليس قد صلّى بعرفات الظّهر والعصر وقنت ودعا؟ قلت : بلى قال : فعرفات كلّها موقف ، وما قرب من الجبل فهو أفضل.

(٣) الوسائل الباب ١٦ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ٣.

(٤) راجع الوسائل الباب ١٧ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة.

(٥) الوسائل الباب ٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ٤ وفيها : حتى انتهى (يعنى رسول الله عليه وآله) إلى نمرة وهي بطن عرنة بحيال الأراك فضربت قبته وضرب الناس أخبيتهم عندها إلخ.

٢١٠

وفي أعلى الجبل.

______________________________________________________

تعجل العصر وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة (١).

قال : وحد عرفة من بطن عرنة وثويّة ونمرة إلى ذي المجاز وخلف الجبل موقف (٢).

وفيهما أحكام أخر فافهمها.

ويدلّ على تعيين الحدود أيضا وان الوقوف فيه ما يكفي في الجملة مثل ما روى (في الصحيح) عن إسحاق بن عمار عن ابى الحسن عليه السّلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ارتفعوا عن وادي عرفة بعرفات (٣).

وما في بعض الروايات المتقدمة (٤) من وقف تحت الأراك فلا حج له.

وفي البعض (٥) وأمّا النزول تحت الأراك حتى تزول الشمس وينهض الى الموقف فلا بأس.

وفي أمثالها دلالة على عدم وجوب الوقوف في العرفة مقارنا للزوال أو قبله من باب المقدّمات فافهم.

ودليل استحباب جمع الرحل ـ وسدّ الخلل به وبنفسه ـ ما في صحيحة معاوية وحسنته قال فإذا رأيت خللا فسدّه بنفسك وراحلتك فانّ الله عزّ وجلّ يحبّ ان تسدّ تلك الخلال (٦).

ودليل استحباب الدعاء قائما كأنّه فعلهم عليهم السّلام وأنّه إلى التضرّع

__________________

(١) الوسائل الباب ٩ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١٠ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ١٠ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ٤.

(٤) الوسائل الباب ١٠ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ٣ بضميمة حمل الشيخ قدّس سرّه.

(٥) الوسائل الباب ١٠ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ٧.

(٦) الوسائل الباب ١٣ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ٢.

٢١١

ولا يجزى لو وقف بنمرة أو عرنة أو ثويّة أو ذي المجاز أو تحت الأراك. فإذا غربت الشمس بعرفة أفاض ليلة النحر الى المشعر.

ويستحب الاقتصاد في سيره ، والدعاء عند الكثيب الأحمر ، وتأخير العشائين الى المشعر ،

______________________________________________________

والإجابة أقرب وسبب كراهته راكبا وقاعدا فوت ذلك.

ودليل كراهة الوقوف فوق الجبل ما روى (في الصحيح) عن إسحاق بن عمار قال : سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحبّ إليك أم على الأرض؟ فقال : على الأرض (١).

مع فوت ما فعلوه صلوات الله عليهم وأقرّوا به في كونه في ميسرة الجبل.

واما مع الضيق فيرتفع ذلك وبه أشار الشيخ (٢) ووجهه ظاهر مع ورود الرواية بخصوصه على فوق الجبل مع كثرة الناس (٣).

فظهر مما تقدم وجه قوله : ولا يجزيه لو وقف بنمرة إلخ.

وهذه هي حدود عرفة ولا يتحقق كونها منها بل الظاهر خروجها عنها لما مرّ ، ولان اليقين انّما يحصل بالوقوف في غيرها.

قوله : فإذا غربت الشمس بعرفة إلخ .. هذا إشارة إلى بيان وجوب الوقوف بالمشعر وقد مرَّ ما يدلّ على وجوب الإفاضة بعد غروب الشمس من عرفة الى المشعر ، والظاهر انه لا خلاف بين المسلمين في ذلك.

ودليل استحباب الاقتصاد في السير ما في صحيحة معاوية قال : قال أبو

__________________

(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ٥.

(٢) قال في التهذيب : فامّا عند الضرورة فلا بأس بالارتفاع الى الجبل روى ذلك سعد بن عبد الله ثمّ نقل رواية سماعة.

(٣) الوسائل الباب ١١ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة الرواية ٣ و ٤.

٢١٢

ولو تربع (بربع خ ل) اللّيل ، فان منع في الطريق صلّى ، والجمع بأذان وإقامتين.

______________________________________________________

عبد الله عليه الصلاة والسّلام : إذا غربت الشمس فأفض مع الناس وعليك السكينة والوقار (الحديث) (١).

وهي دليل وجوب الإفاضة أيضا.

والدعاء عند الكثيب الأحمر أيضا موجود في تلك الصحيحة.

وكذا تأخير العشائين موجود في الرواية قولا وفعلا (٢) ما لم يخف فوت الوقت ، واليه أشار بقوله :

ولو منع (وان خ) في الطريق صلّى ، أي في الطريق قبل وصول المشعر.

وقوله : ولو بربع (تربّع خ) الليل كأنّه للاحتياط والمبالغة في الوقت فكأنه يرى بعد الربع ان الفعل في الطريق اولى ، ووجهه ظاهر بعد عموم الرواية.

وما في رواية سماعة قال : سألته عن الجمع بين المغرب والعشاء الآخرة بجمع؟ فقال : لا تصلهما حتّى تنتهي إلى جمع وان مضى من الليل ما مضى (الحديث) (٣).

ولكن صحيحة محمد بن مسلم عن احد هما عليهما السّلام قال : لا تصلّ المغرب حتى تأتى الجمع (جمعا خ) وان ذهب ثلث الليل (٤).

تدل على كون الثلث نهاية فتأمل.

والجمع بينهما من غير فعل نافلة بأذان وإقامتين موجود في الروايات الصحيحة قولا وفعلا.

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

(٢) راجع الوسائل الباب ٥ من أبواب الوقوف بالمشعر.

(٣) الوسائل الباب ٥ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٢.

(٤) الوسائل الباب ٥ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

٢١٣

وتأخير نافلة المغرب الى بعد العشاء.

______________________________________________________

مثل صحيحة منصور بن حازم عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : صلاة المغرب والعشاء يجمع بأذان واحد وإقامتين ولا تصلّ بينهما شيئا وقال : هكذا صلّى رسول الله صلّى الله عليه وآله (١).

وكذا فعل النافلة بعدهما فيحتمل كونها أداء حينئذ وقضاء ، كما هو الظاهر من تعيين الوقت لها.

وروى فعلها بينهما وتركها أيضا في صحيحة أبان بن تغلب قال : صلّيت خلف ابى عبد الله عليه السّلام المغرب بالمزدلفة فقام فصلى المغرب ثم صلّى العشاء الآخرة ولم يركع فيما بينهما ثمّ صلّيت خلفه بعد ذلك بسنة فلمّا صلّى المغرب قام فتنفّل بأربع ركعات (٢).

والترك أكثر رواية ، ولا يبعد كونه اولى خصوصا مع التعجيل وخوف عدم وصوله الى الرفقاء.

ولكن ينبغي التبادر إلى الصلاة بعد وصوله إلى المزدلفة قبل ان ينزل الناس نقل فيه رواية في المنتهى عن العامة (٣) ثمّ النافلة ويمكن تقديمها على التعقيب ولو كانت قضاء لا يبعد تأخيرها.

والظاهر عدم سقوط الأذان الثاني مع فعل النافلة بينهما ، إذ ما ثبت السقوط مع عموم الأدلّة إلا في صورة الجمع مع ترك النافلة ، ويحتمل السقوط ، لصدق الجمع في الجملة ، وعدم الوقت إلا لواحدة ولضيق الوقت وقد مرّ البحث في ذلك في الجملة في الصلاة (٤) فتذكر.

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٣ و ٥.

(٢) الوسائل الباب ٦ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٣ و ٥.

(٣) المنتهى ج ٢ ص ٧٢٤ ، ورواها في كنز العمّال ج ٥ ص ٢٠٠ تحت رقم ١٢٦٠٠ طبعة سنة ١٣٩٩ ، وفيه فلمّا انتهى يعنى رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم الى جمع واقام ، صلّى المغرب ثمّ لم يحلّ احد من الناس حتّى قام فصلّى العشاء ونقل هذا المضمون في غير هذه الرواية أيضا عن أسامة فراجع ص ٨١.

(٤) راجع المنتهى ص ١٦٤ ج ٢.

٢١٤

ويجب فيه النيّة ،

______________________________________________________

فرع

الظاهر أنه يجوز فعل الصلوتين في عرفة ، لعموم أدلة الوقت ، والأصل ، وللروايات.

مثل صحيحة هشام بن الحكم عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس بان يصلّى الرجل المغرب إذا أمسى بعرفة ولعلّه لا قائل بالفرق (١).

وتدل عليه أيضا رواية محمد بن سماعة بن مهران قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : الرجل يصلّى المغرب والعتمة في الموقف قال : قد فعله رسول الله صلّى الله عليه وآله صلّاهما في الشعب (٢).

والظاهر انه يجوز التفريق في عرفة وفي الطريق أيضا.

قوله : ويجب فيه النية. الظاهر أنّ مراده نية الوقوف يوم النحر في المشعر ، وأنّها تقع بعد الفجر كما يدل عليه قوله قدّس سرّه : والوقوف بعد الفجر.

وتدل على كون الوقوف بعد الفجر صحيحة معاوية بن عمار وحسنته عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : أصبح على طهر بعد ما تصلّى الفجر فتقف (فقف خ ل) ان شئت قريبا من الجبل وان شئت حيث شئت فإذا وقفت فاحمد الله عزّ وجلّ وأثن عليه (الحديث) (٣).

ويدل عليه (٤) الأصل أيضا ، وما هو المشهور أنّ الوقوف واجب يوم النحر في المشعر ، والظاهر عدم الوجوب حتّى يتحقّق كونه يوم النحر وذلك انما يكون بعد

__________________

(١) الوسائل الباب ٥ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ٥ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٥.

(٣) الوسائل الباب ١١ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

(٤) أي يدلّ على وجوب الوقوف بعد الفجر.

٢١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الفجر فبعد التحقق ينوى ، ويقف هناك ، ويشتغل بالدعاء والذكر ، فلا يجب كونها مقارنة للفجر ، كما قاله المحقق الثاني (١) ونقله عن الدروس ، وما رأيته فيه بل رأيت خلافه ، قال : ورابعها الوقوف بعد الفجر الى طلوع الشمس (٢).

قال في المنتهى : النيّة واجبة في الوقوف بالمشعر ، ثم ذكر دليلها ثم قال : ويجب الوقوف بعد طلوع الفجر ، والأحوط أن ينوي قبله مقارنة له ، ان أمكن وبعده أيضا ، كما مرّ في الوقوف بعرفة أيضا.

وأمّا المبيت بالمشعر فظاهر الأكثر وجوبه الى الفجر ونقل في الدروس عدم الوجوب عن التذكرة ويدل عليه فعله (٣) صلّى الله عليه وآله مع قوله : خذوا عنّى مناسككم وما في بعض الروايات المعتبرة من عدم جواز وادي محسّر الا بعد طلوع الشمس (٤).

وما في حسنة معاوية والحلبي لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة (٥).

والحياض هو حدّ المزدلفة كما سيظهر ويؤيده الأخبار الدالة على فعل الصلوتين فيه (٦) وكذا الأخبار الدالة على عدم الخروج قبل الفجر وانه لو خرج يجب عليه الدّم (٧) كما سيجي‌ء والكلّ.

__________________

(١) الذي رأيناه في جامع المقاصد (بعد قول المصنف رحمه الله : ويجب فيه النّية مقارنة لطلوع الفجر فإن تأخرت اثم وأجزأ) ما هذه عبارته : ولو قلنا : انّ الواجب هو مسمّى الوقوف يتجه عدم تحتّم المقارنة المذكورة ، والى الآن لم أظفر بسند في ذلك سوى رواية هشام بن الحكم الآتية ، ويجب أيضا المبيت بالمشعر ليلا مقارنا بالنيّة أوّل وصوله اليه انتهى (جامع المقاصد ج ١ ص ١٧٠) وهذا الكلام كما ترى ليس فيه اختيار وجوب مقارنة النية للفجر.

(٢) الدروس ص ١٢٢.

(٣) الوسائل الباب ٨ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٧.

(٤) الوسائل الباب ١٥ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٢.

(٥) الوسائل الباب ١٠ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

(٦) راجع الوسائل الباب ٦ من أبواب الوقوف بالمشعر.

(٧) راجع الوسائل الباب ١٦ من أبواب الوقوف بالمشعر.

٢١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

لا يخلو عن شي‌ء ولا شك أنّه أحوط ولا يدلّ على وجوبه عينا اجزائه عن الوقوف بعد الفجر ـ حتّى انه لو ترك الوقوف بعد الفجر عمدا بعد ان قام به ليلا صحّ حجّه كما قال في المتن لعدم اجزاء المندوب عن الواجب.

لأنّ المندوب قد يجزى عن الواجب ، بمعنى أنّه يمنع وجوبه بعد ذلك كما في الطهارة المندوبة قبل دخول الوقت فإنّه لا يجب بعده.

ولأنّه قد يكون واجبا مخيّرا فان الواجب المخيّر يقوم مقام واجب آخر.

وأمّا النيّة فيه فالظاهر عدم شرطيّتها إذ لم يعلم على تقدير كونه واجبا كونه عبادة مشروطة بها كالافاضة من عرفات والمشعر ولهذا متروكة في المنتهى والمتن أيضا ولا شك أنّ فعلها أحوط.

وأمّا وجوب الوقوف بعد الفجر الى طلوع الشمس فكأنّه لا خلاف فيه بين علمائنا وكذا في ركنيّته كما يفهم من المنتهى (١) وقيل الركن هو كون مّا ، فيه كما قيل في عرفة.

ويدل أيضا على الوجوب من بعد الفجر الى الطلوع ما في صحيحة معاوية عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : أصبح على طهر بعد ما تصلّى الفجر الى قوله ثم أفض حيث يشرق لك ثبير (٢) وترى الإبل مواضع أخفافها (٣).

أي حين تطلع الشمس ويشرق الثبير بوقوع الشمس عليه وهو جبل هناك.

وحسنة هشام بن الحكم عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا تجاوز وادي

__________________

(١) قال : الوقوف بالمشعر الحرام ركن من أركان الحج يبطل الحج بإخلاله عمدا ذهب إليه علمائنا انتهى ج ٢ ص ٧٢٥.

(٢) ثبير كامير ، جبل بمكة كأنّه من الثبر وهي الأرض السهلة (مجمع البحرين)

(٣) الوسائل الباب ١١ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

٢١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

محسّر حتى تطلع الشمس (١).

ورواية مسمع عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل وقف مع الناس بجمع ثم أفاض قبل ان يفيض الناس قال : ان كان جاهلا فلا شي‌ء عليه وان كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة (٢).

ولكن في طريق التهذيب والكافي عدّة عن سهل بن زياد (٣) مع عدم التصريح بتوثيق مسمع وهو موجود في الفقيه أيضا.

فيمكن حمل الشاة على الاستحباب والظاهر أنه (أنها خ) أحوط الا أنّ رواية على بن رئاب في الفقيه يدلّ على وجوب البدنة على من جهل الوقوف بالمشعر.

قال على بن رئاب ان الصادق عليه الصلاة والسّلام قال : من أفاض من عرفات مع الناس فلم يلبث معهم بجمع ومضى إلى منى متعمدا أو مستخفّا فعليه بدنة (٤).

والظاهر أنّها محمولة على من فعل الركن في المشعر ، فإنه مرّ به ، وذلك يكفى لصحته ، كما قاله الأصحاب والا يلزم بطلان الحج (حجّه خ ل) على ما قالوه فالبدنة من جهة ترك الإتمام فهو مؤيّد لوجوب الدم المذكور في المتن وغيره.

ولكن ظاهر هذه الرواية عدم النيّة وقصد الوقوف بوجه ، فالعمل بها مع أصولهم مشكل فتأمل.

وهذه موجودة في التهذيب والكافي أيضا.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٥ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

(٣) وسندها (كما في الكافي هكذا : عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن مسمع)

(٤) الوسائل الباب ٢٦ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

٢١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر استحباب الارتحال من المزدلفة قبل طلوع الشمس ولكن لا يجاوز وادي محسّر.

لما في رواية إسحاق بن عمار قال : سألت أبا إبراهيم عليه الصلاة والسّلام اىّ ساعة أحبّ إليك ان أفيض من جمع؟ قال : قبل ان تطلع الشمس بقليل هي (فهو خ ل) أحبّ السّاعات الىّ قلت : فان مكثنا حتّى تطلع الشمس فقال : ليس به بأس (لا بأس خ ل) (١).

ومثلها رواية معاوية بن حكيم (٢).

ولا يضرّ القول في إسحاق في الاولى (٣) ولا اشتراك موسى بن الحسن في الثانية (٤) مع انه اثنان قيل أحدهما ثقة والآخر كان متديّنا عالما.

واما الذي يدل على عدم الوجوب الى طلوع الشمس ـ مثل ما في صحيحة هشام بن سالم وغيره عن ابى عبد الله عليه السّلام انه قال في التقدّم من منى الى عرفات قبل طلوع الشمس لا بأس به والتقدم من المزدلفة إلى منى يرمون الجمار ويصلون الفجر في منازلهم بمنى لا بأس به (٥).

فحملها الشيخ على الخائف وصاحب الاعذار من النساء وغيرهن للروايات الدالة على ذلك لصاحب العذر.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٥ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١٥ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٣.

(٣) وسندها (كما في الكافي) هكذا : أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبّار عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمّار.

(٤) وسندها (كما في التهذيب) هكذا : سعد بن عبد الله عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن موسى بن الحسن عن معاوية بن حكيم.

(٥) أوردها والأربعة التي بعدها في الوسائل في الباب ١٧ من أبواب الوقوف بالمشعر الرواية ٨ و ١ و ٣ و ٤ و ٢.

٢١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

مثل مرسلة جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السّلام قال : لا بأس ان يفيض الرجل بليل إذا كان خائفا.

وفي رواية أخرى رخّص رسول الله صلّى الله عليه وآله للنساء والصبيان ان يفيضوا بليل ويرموا الجمار بالليل (بليل خ) وان يصلّوا الغداة في منازلهم (الحديث) وفي أخرى أيّما امرأة أو رجل خائف أفاض من المشعر الحرام ليلا فلا بأس (الحديث) وصحيحة سعيد الأعرج قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام جعلت فداك معنا نساء فأفيض بهنّ بليل؟ قال : نعم تريد ان تصنع كما صنع رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : قلت : نعم قال : أفض بهنّ بليل ولا تفض بهن حتى تقف بهنّ بجمع ثم أفض بهنّ حتى تأتي بهنّ الجمرة العظمى (الحديث) وهذه الاخبار تدلّ على عدم تأكد وجوب الوقوف بالمشعر نهارا وأنّ للمرأة ان تفيض ومن معها أيضا من غير خوف وعذر غير كونه مع المرأة وكذا في اجزاء الوقوف ليلا عنه كما مرّ فتأمل.

ثم اعلم أنّ ظاهر أكثر العبارات خصوصا المناسك أنّ الوقوف بمعنى الكون من زوال الشمس الى الغروب بعرفة واجب والكون في اجزاء ذلك الزمان ركن يعنى (بمعنى خ) من تركه عامدا لا سهوا يبطل حجه.

وكذا انّ الواجب في وقوف المشعر هو الكون من طلوع الفجر الى طلوع الشمس والركن هو الكون فيه كما تقدم.

وأنّ كلا الموقفين لو فاتا مطلقا عمدا أو سهوا أو جهلا فات الحج مع انّهم يقولون :

إنّ الاحتمالات الثماني من الموقفين بالنسبة إلى الاختياري والاضطراري

٢٢٠