مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

والتكبير على رأى ، وصورته : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر على ما هدينا والحمد لله على ما اولينا ورزقنا من بهيمة الأنعام ، عقيب خمسة عشر صلاة ، أوّلها ظهر (يوم في) العيد ، ثم يمضى حيث شاء.

______________________________________________________

الجمرة والقبلة فهو يسار الجمرة باعتبار جعلها مستدبرا للقبلة وهو طرفها الذي ليس بمحاذ للطريق.

وقد مرّ أيضا دليل استحباب الوقوف عندها بعد الفراغ والدعاء بعد ذلك بعد ان يتقدم قليلا واختصاص ذلك بالأوّلين.

وقد مرّ أيضا قبل هذا استحباب استقبال الثالثة وهي العقبة واستدبار القبلة وعدم الوقوف عندها.

وكل ذلك موجود في صحيحة معاوية بن عمار (١) التي ذكرت في شرح قوله : ويجب الرّمي إلخ.

إلا استحباب استدبار الثالثة فإنه مضى عند ذكر رميها يوم النحر.

قوله : والتكبير إلخ. أي يستحب ذلك وقوله : (على رأى) إشارة إلى الخلاف لبعض في وجوبه.

واستدل عليه بآية (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ) (٢) وقد فسرت في التفسير والاخبار (٣) بالتكبير في هذه الأيام ويؤيّده ورود التحريص في الاخبار الكثيرة الصحيحة أيضا.

مع رواية عمّار بن موسى عن ابى عبد الله عليه الصلاة والسّلام قال :

__________________

(١) الوسائل الباب ٣ من أبواب رمى جمرة العقبة الرواية ١.

(٢) البقرة : ٢٠٣.

(٣) الوسائل الباب ٨ من أبواب العود إلى منى الرواية ٤.

٣٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

التكبير واجب في دبر كل صلاة فريضة أو نافلة أيّام التشريق (١).

وهذه الرواية ضعيفة ب (عمّار وغيره) على انّ القول بمضمونها غير ظاهر إذ الظاهر أنّه لا قائل بوجوبه عقيب كل فريضة أو نافلة أيّام التشريق.

قال في هذا المحلّ من المختلف ان هذه الرواية متروكة بالإجماع لأنّ الأصحاب ما استحبّوا التكبير عقيب النوافل فضلا عن الوجوب.

ولكن قال في بحث صلاة العيد منه انّ ابن الجنيد قال : بالوجوب عقيب الفريضة وبالاستحباب عقيب النافلة.

فتأمل فيه بل انما هو عقيب الفريضة اليوميّة أوّلها ظهر يوم النحر وآخرها فجر ثالثه لمن كان بمنى وثانيه لمن كان بغيره كالقول المشهور باستحبابه ففي أيّام التشريق أيضا مسامحة وهي موجودة في غيرها من الاخبار أيضا حيث أطلق يوم التشريق على يوم النحر أيضا وكذا في كل فريضتها وقد عرفت مجي‌ء الواجب بمعنى المستحب المؤكد.

ويؤيده ما رواه عمار أيضا عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن الرجل ينسى ان يكبّر (التكبير خ ل) في أيّام التشريق؟ قال ان نسي حتى قام من موضعه فليس عليه شي‌ء (فلا شي‌ء عليه خ ل) (٢) لأنّه لو كان واجبا ما كان ينبغي سقوطه بمجرد القيام عن موضعه كما هو شأن الواجبات.

ويؤيّد عدم الوجوب بل الاستحباب في المندوبات صحيحة داود بن فرقد (الثقة) قال : قال : أبو عبد الله عليه السّلام : التكبير في كل فريضة وليس في النافلة تكبير أيّام التشريق (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب صلاة العيد الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب صلاة العيد الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب صلاة العيد الرواية ٢.

٣٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فالظاهر منها عدم استحباب التكبير الخاص عقيب النافلة فيها فلا يبعد كونها بدعة على هذا الوجه.

نعم يمكن استحباب التكبير مطلقا هناك أيضا من حيث انه ذكر وهو حسن على كل حال خصوصا عقيب الصلاة.

قال في التهذيب عقيبها ، فيكون الوجه في الرواية الأولى رفع الحظر لمن يكبّر بعد النوافل لانه غير ممنوع الإنسان عن التكبير في جميع الأحوال فكيف بعد صلاة النوافل.

ويمكن ان يجاب عن أمر الآية بأنّه للاستحباب والتحريص والترغيب في الأخبار (١) لا يدلّ على الوجوب ، بل ترك الأمر فيها قد يشعر بعدمه.

لصحيحة على بن جعفر عن أخيه عليهم الصلاة والسّلام قال : سألته عن التكبير أيّام التشريق أواجب هو أم لا؟ قال : يستحب وان نسي فلا شي‌ء عليه قال : وسألته عن النساء هل عليهن التكبير أيّام التشريق؟ قال : نعم ولا يجهرن (٢).

وللأصل والشهرة ، ولعدم وجوب ذكر في الموقفين مع الأمر به في المشعر ومع ذلك لا ينبغي تركه للرّجال والنساء للاية والاخبار (٣) والاحتياط.

وينبغي للنساء الإخفات به ، لما تقدم وقد علم مما تقدم كيفيّته وفاعله.

وأمّا زمانه ومكانه فهو المشهور المذكور في المتن.

ويدل عليه الاخبار مثل حسنة محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن قول الله عزّ وجلّ (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ)؟ قال : التكبير في

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٢١ من أبواب صلاة العيد.

(٢) الوسائل الباب ٢١ من أبواب صلاة العيد الرواية ١ وأورد ذيلها في الباب ٢٢ منها الرواية ١.

(٣) اى الاخبار المتقدمة.

٣٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

أيّام التشريق صلاة الظهر من النحر الى صلاة الفجر من اليوم الثالث وفي الأمصار عشر صلوات فإذا نفر الناس النفر الأوّل أمسك أهل الأمصار ومن اقام بمنى فصلّى بها الظهر والعصر فليكبّر (١).

وغيرها من الاخبار.

والظاهر أنّ استحباب التكبير عقيب خمس صلوات لمن كان بمنى أعمّ من ان يكون ناسكا وغيره وكانّ المراد من صلى الصلوات المذكورة بها لعموم الاخبار والمراد بالأمصار غيرها وهو المفهوم من المقابلة.

وقد يفهم من رواية رفاعة قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرّجل يتعجل في يومين من منى أيقطع التكبير؟ قال : نعم بعد صلاة الغداة (٢).

وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال : سألته عن رجل فاتته ركعة مع الامام من الصلاة أيام التشريق؟ فقال : يتمّ صلوته ثمّ يكبّر قال : وسألته عن التكبير (أيّام التشريق خ) بعد كم صلاة (كل صلاة خ ل)؟ قال : كم شئت أنّه ليس شي‌ء بموقّت (٣) يعني في الكلام.

كذا في الكافي وزيادات التهذيب لعلّ مقصوده بقوله : كم شئت من الواحدة الى خمس عشر بمنى والى عشرة في غيرها لما تقدم من عدم الزيادة عليها.

ويحتمل العموم أيضا ويكون تعيين العدد للتأكيد وكانّ قوله : (يعني) إلخ ليس كلام الامام عليه السّلام يريد عدم تعيين صورة التكبير في لفظ وكلام ويحتمل في العدد كما يشعر به قبيله فالاستحباب يحصل بالإتيان بمطلق التكبير عقيب الصلاة

__________________

(١) الوسائل الباب ٨ من أبواب العود إلى منى الرواية ٤ والباب ٢١ من أبواب صلاة العيد الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٢١ من أبواب صلاة العيد الرواية ٩.

(٣) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب صلاة العيد الرواية ١.

٣٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

في تلك الأيّام كما هو مقتضى الآية وبعض الاخبار (١) وهذه أيضا مؤيّدة لعدم الوجوب فتأمل.

وأمّا صورة التكبير المشهور ـ في أكثر كتب الفقه مثل المتن والقواعد والشرائع ـ فدليله غير ظاهر والذي في أكثر الأخبار غيره.

وهي رواية زرارة (وكأنّها حسنة) قال : قلت لأبي جعفر عليه الصلاة والسّلام التكبير في أيام التشريق في دبر الصلوات فقال : التكبير بمنى في دبر خمسة عشر صلاة وفي سائر الأمصار في دبر عشر صلوات وأوّل التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر يقول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام وانما جعل في سائر الأمصار في دبر عشر صلوات (التكبير خ)؟ لأنّه إذا نفر الناس في النفر الأوّل أمسك أهل الأمصار عن التكبير وكبّر أهل منى ما داموا بمنى الى النفر الأخير (٢).

وصحيحة منصور بن حازم عن ابى عبد الله عليه السّلام في قول الله عزّ وجلّ (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ) قال : هي أيام التشريق كانوا إذا أقاموا بمنى بعد النحر تفاخروا فقال الرجل منهم كان أبي يفعل كذا وكذا فقال الله جلّ ثناؤه (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) قال : والتبكير الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدينا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام (٣).

وصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : التكبير أيّام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر الى صلاة العصر من آخر أيام التشريق ان أنت

__________________

(١) لاحظ الوسائل الباب ٢٤ من أبواب صلاة العيد.

(٢) الوسائل الباب ٢١ من أبواب صلاة العيد الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ٢١ من أبواب صلاة العيد الرواية ٣.

٣٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

أقمت بمنى وان أنت خرجت (عن منى خ ل) فليس عليك التكبير والتكبير ان تقول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدينا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام والحمد لله على ما أبلانا (١).

واختار في الفقيه ما في هذه الا انه قدم فيه (والحمد لله على ما أبلانا) على (والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام) بزيادة الواو في الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام وكذا في مجمع البيان الا انه قال : (أولانا) بدل (أبلانا) وقول : والحمد لله إلخ ليس في الأوليين فقوله لا يضرّ بل يستحب لصحة الرواية وقبول الزيادة.

وأمّا الذي يدل على التكبير ليلة الفطر فهو رواية سعيد النقاش قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام لي أما انّ في الفطر تكبيرا ولكنه مسنون قال : قلت : واين هو؟ قال : في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة وفي صلاة الفجر وصلاة العيد ثم يقطع قال : قلت : كيف أقول قال : تقول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدينا وهو قوله عزّ وجلّ (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) (يعني الصيام ئل) (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) (٢).

فالذي يظهر استحباب التكبير في الفطر عقيب اربع الصلوات المذكورة في الرواية وفتوى الأصحاب وينبغي اختيار ما فيها ويمكن جعل التكبير أوّلا ثلاثا لوجوده كذلك نسخة في التهذيب وكأنه كذلك نقل في الذكرى ولا يضرّ عدم الثالث في أصل النسخ ولا نعرف دليلا على غير ما ذكرنا وان قيل (قبل خ ل) البعض بضم الظهرين (أو خ) والنافلة ، ولا ينبغي الاكتفاء بأنه قيل وان كان

__________________

(١) الوسائل الباب ٢١ من أبواب صلاة العيد الرواية ٤.

(٢) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب صلاة العيد الرواية ٢.

٣٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

القائل جليلا والمسألة من المندوبات كما قال المحقق الثاني ، والرواية بالنافلة كانت مخصوصة بالنحر (١) كما عرفت مع ما فيها.

ولم يظهر دليل الوجوب في الفطر وان نص السيد بالوجوب كما نقل في المختلف أنّه نص في الاستدلال بأنّه واجب في الفطر أيضا وان كان أوّل كلامه ظاهرا في ذلك فليس من ظاهر كلامه فقط كما قال المحقق الثاني وأنّه ليس بظاهر كون قوله تعالى (وَلِتُكَبِّرُوا) في تكبير الفطر (٢) عقيب اربع الصلوات المذكورة لاحتمال لتعظّموا الله على ما أرشدكم ولتكبروا الله يوم الفطر كما قيل ولو كان سبب الحمل على ذلك رواية سعيد المتقدمة فهي تدلّ على الاستحباب لا الوجوب لقوله (٣) (ولكنه مسنون) وهو صريح في نفي الوجوب فما يدل على التعيين والتفسير فهو بعينه يدل على الاستحباب فلا يمكن الاستدلال به على الوجوب وما رأيت غيرها وان كان عند القائل به دليلا قويا فلا يضرّ القول بالاستحباب عند من لم يجد ان كان من أهل القول وبذل الجهد.

وأمّا تكبير النحر (الأضحى خ ل) فأظن انك عرفت قوة دليل الاستحباب وضعف دليل الوجوب وأجود ما رأيته في صورته صحيحة معاوية (٤) فينبغي اختيار ما فيها لاشتمالها على ما يشتمل عليه الروايتان المتقدمتان (٥) والزيادة ويجوز اختيار ما في الروايتين أيضا بل يمكن غيره أيضا مطلقا نظرا الى قوله في صحيحة محمد بن مسلم (٦) (وليس بموقت) مع تفسيره بقوله (يعني في الكلام) ولكنه بعيد لما عرفت من التعيين في الاخبار المعتبرة مع عدم الخلاف إلا بزيادة في

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب صلاة العيد الرواية ١ ـ ٣.

(٢) هكذا في جميع النسخ ، والصواب : وأنّه ليس قوله تعالى (وَلِتُكَبِّرُوا) بظاهر في تكبير الفطر.

(٣) يعني في رواية سعيد النقاش.

(٤) تقدمت.

(٥) يعني روايتي منصور وزرارة.

(٦) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب صلاة العيد الرواية ١.

٣٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الأخيرة وهي مقبولة فالخروج عنها ـ وجعل جميع ما في عبارات الأصحاب حسنا بمجرد وجودها فيها ـ غير واضح وكذا جعل الله أكبر ثلاثا كما نقل في حاشية المحقق الثاني نعم ذلك غير بعيد في الفطر لوجوده في نسخة في روايته في التهذيب كما مرّ.

والعجب من الأصحاب أنّهم ما ذكروا هذه الصورة الواردة في الأخبار المعتبرة في أكثر الكتب الفرعيّة المتداولة مع اطلاعهم على هذه الاخبار وذكروا صورا غير مذكورة فيها وما أشبه هذا بما مرّ في التلبية ، وكأنّ لهم سندا أقوى منها ، وما وصل إلينا لاندراس الكتب والعلماء وهم اعلم ولكن لا يناسب لمن لم يصل اليه يكتب ذلك كأنّه اعتمد على كلامهم أو اطلع.

وأيضا من العلامة قدّس الله سرّه أنّه قال في المختلف في بحث صلاة العيد في تعيين صورة التكبير : وأجود ما بلغنا في هذا الباب ما رواه زرارة (في الحسن) عن الباقر عليه الصلاة والسّلام في صفة تكبير يوم النحر يقول فيه الله أكبر الله أكبر لا إله إلّا الله والله أكبر الله أكبر على ما هدينا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام (١).

مع انه يذكر غيرها في كتبه الفرعية الغير المدللة مثل المتن وانه نقل هذه من التهذيب وهي فيه كذلك مع انه نقلها فيه في صلاة العيد عن محمد بن يعقوب عن على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة وهي مذكورة في كتابه الكافي في اعمال يوم التشريق بهذا اللفظ.

حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه الصلاة والسّلام : التكبير في أيام التشريق في دبر الصلوات فقال : التكبير بمنى في دبر

__________________

(١) الوسائل الباب ٢١ من أبواب صلاة العيد من كتاب الصلاة الرواية ٢ وفيه عن ابى عبد الله عليه السّلام ولكن في الكافي والتهذيب نقل الرواية عن أبي جعفر عليه السّلام راجع الكافي كتاب الحج : «باب التكبير أيام التشريق الرواية ٢» والتهذيب كتاب الحج باب الرجوع الى منى الرواية ٣٤.

٣٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

خمسة عشر صلاة وفي سائر الأمصار في دبر عشر صلوات وأوّل التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر يقول فيه : الله أكبر الله أكبر لا إله إلّا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدينا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام الخبر.

فحذف قوله : والله أكبر ولله الحمد قبل قوله : الله أكبر على ما هدينا ، وهي موجودة في الكافي في هذه وفي صحيحة منصور بن حازم (١) وفي صحيحة معاوية بن عمار (٢) موجودة في التهذيب والكافي معا ، وما نبّه على ذلك المصنف رحمه الله فلعلّه سقط في نسخة التهذيب عن قلم الشيخ.

وأنّه ترك الصحيحتين ، وقال : أجود ما بلغنا حسنة زرارة مع ان حسنها غير ظاهر لأنّه نقله في أيّام التشريق بسند نقلناه عن الكافي الّا انّه نقلها في صلاة عيد التهذيب عن محمد بن يعقوب عن على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد إلى أخر ما نقلناه فيما تقدم والسند الى حماد ليس بصريح لكن الظاهر كما ذكره الشيخ رحمه الله لأنّ هذا السند الى حماد موجود في الكافي قبل رواية زرارة بلا فصل ثم قال : حماد بن عيسى إلخ وكأنّه حذف الاسناد المتقدم الى حماد فتقدير كلامه بهذا الاسناد عن حماد إلخ هكذا فهمته أيضا قبل ان أرى كلامه في صلاة العيد للتبادر وهذا ينفع في مواضع غير هذه الرواية فإنه يفعل ذلك كثيرا وليس دأبه ان يقول بهذا الاسناد كما يقول الشيخ رحمه الله.

ثم انّ الظاهر عدم استحباب التكبير في النافلة من حيث هو تكبير خاص مستحب في زمان خاص عقيب عبادة لا من حيث هو ذكر حسن على كل حال لانّ كونه كذلك عبادة خاصة موقوفة على ورود الشرع قاله في المختلف وليس ما في الرواية دالة على الاستحباب فإنّها تدل على الوجوب كما عرفت ولا يكفي في ذلك

__________________

(١) و (٢) الوسائل الباب ٢١ من أبواب صلاة العيد الرواية ٣ و ٤.

٣٦٩

ولو بقي عليه شي‌ء من المناسك بمكة عاد إليها واجبا ، والا مستحبا لطواف الوداع.

______________________________________________________

كونه ذكرا وأشار إليه في المختلف في جوابه قال : من حيث انه تكبير مسلم ومن حيث أنه عيد ممنوع.

وأيضا قد مرّ صحيحة داود بن فرقد (١) الدالّة على نفى الاستحباب في النافلة وقبلها الشيخ وحمل الاولى على الجواز والإباحة كأنّه يريد به ما أشير إليه في المختلف.

وظاهر مذهب الاستبصار وجوبه في الفرائض المذكورة في النحر فقط واستحبابه في النافلة حيث قال : وامّا ما يتضمّن خبر عمار الساباطي (٢) من انه واجب عقيب كل فريضة ونافلة فالوجه فيما يتعلق بالنافلة ان يحمل (نحمله خ ل) عي ضرب من الاستحباب دون الإيجاب يدل على ذلك (٣) ونقل رواية داود.

وهو بعيد جدّا مع أنه ما نقل على الوجوب فيه دليلا صالحا غير ما في حسنة محمد بن مسلم المتقدمة وهو محمول على الاستحباب لما مرّ.

مثل صحيحة على بن جعفر عليهما السّلام (٤) وما ذكرها فيه فمذهب التهذيب مهذب والظاهر أنّ مذهب الاستبصار غير مهذّب وأنّه غير مذهب السيد لعدم ظهور قول السيد باستحبابه في النافلة.

قوله : ولو بقي عليه شي‌ء من المناسك إلخ. دليل وجوب رجوع ـ من كان عليه منسكا (٥) ، كالطواف إلى مكة للإتيان به ـ ظاهر واستحبابه للوداع لمن يكن عليه شي‌ء ولم يقم بمكة الإجماع المنقول في المنتهى وكذا ادّعى الإجماع فيه باستحباب

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب صلاة العيد الرواية ٢ و ١.

(٢) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب صلاة العيد الرواية ٢ و ١.

(٣) يعنى قال الشيخ قدّس سرّه : يدلّ على ذلك رواية داود.

(٤) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب صلاة العيد الرواية ٣.

(٥) هكذا في جميع النسخ ، والصواب منسك بدل منسكا.

٣٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الطواف بسبع أشواط للوداع.

ويدلّ عليها صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا أردت ان تخرج من مكة وتأتي أهلك فودّع البيت وطف أسبوعا (ثم ذكر استلام الحجر والركن اليمانيّ والمستجار وفعل ما صنع به أوّلا والدّعاء الطويل) (١).

قال في المنتهى : قوله عليه السّلام : (إذا أردت ان تخرج من مكة) يدلّ على استحباب الوداع للخارج من مكة وعدمه لغيره بمفهوم الشرط فتأمل.

وكأنّه حمل ما يدل على الوجوب من الأمر على الاستحباب ، للإجماع ، ولقرينة سقوطه مع النسيان وعلة مّا إذ الظاهر عدم سقوط الواجب مع النسيان وعلّة ما مع وجود وقته ومحلّه وإمكان الإنابة اليه الا ترى أنّه يأتي بنفسه إن أمكن والا يستنيب في سائر أفعال الحج.

ويدلّ عليه رواية على عن أحدهما عليهما السّلام في رجل لم يودّع البيت قال : لا بأس به ان كانت به علة أو كان ناسيا (٢).

وصحيحة هشام قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عمن نسي زيارة البيت حتى رجع الى أهله؟ فقال : لا يضرّه إذا كان قد قضى مناسكه (٣).

وجعلهما دليلا على الاستحباب في المنتهى فافهم ، ولعلّ في قوله : (قضى مناسكه) إشارة الى عدم كونه من المناسك فلا يجب ، فافهم.

والظاهر أنّ الإقامة في الجملة بعد الوداع لا يضرّ به ولا يحتاج الى الاستيناف ، مع الاحتمال ، كما نقل عن الشافعي.

وقال في المنتهى وهذا الفرع ساقط عندنا لجواز ترك الوداع رأسا فتأمل في دليل السقوط.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٨ من أبواب العود إلى منى الرواية ١.

(٢) و (٣) الوسائل الباب ١٩ من أبواب العود إلى منى الرواية ٢.

٣٧١

بعد صلاة ستّ ركعات بمسجد الخيف عند المنارة التي في وسطه ، وفوقها بنحو من ثلثين ذراعا ، وعن يمينها ويسارها كذلك.

______________________________________________________

وامّا المراد بقوله : بعد ان صلّى ست ركعات إلخ فكأنّه استحباب ستّ ركعات في مسجد الخيف وهو مسجد منى حين أراد ان يخرج من منى.

وأنّ الأفضل في الموضع المحدود وان كان مستحبا في كل المسجد لأنّه كان مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله.

يدل عليه رواية على بن أبي حمزة عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه السّلام قال صلّ ست ركعات في مسجد منى في أصل الصومعة.

كأنه الموضع المحدود أو البيت الموجود هناك تحت المنارة.

ولا يضرّ عدم صحة سندها لأنّه مستحب والظاهر عدم الخلاف.

لعل الصومعة هو الموضع المحدود الذي يستحب جعله مصلّى ما دام بمنى (١).

لصحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : صل في مسجد الخيف ـ وهو مسجد بمنى وكان مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله على عهده ـ عند المنارة التي في وسط المسجد ، وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلثين ذراعا ، وعن يمينها ، وعن يسارها وخلفها نحوا من ذلك فقال : فتحرّ ذلك فان استطعت ان يكون مصلّاك فيه فافعل ، فإنّه قد صلّى فيه ألف نبي ، وانما سمّى الخيف لأنّه مرتفع عن الوادي وما ارتفع عنه يسمّى خيفا (٢).

ولعل فيها أيضا اشعارا بكون ست ركعات في هذا الموضع المحدود واليه أشار المصنف في الكتاب وغيره فتأمل في قول المحشّين انّ استحباب الصلاة ستا ، في

__________________

(١) الوسائل الباب ٥١ من أبواب أحكام المساجد الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٥٠ من أبواب أحكام المساجد الرواية ١.

٣٧٢

ويستحب لمن نفر في الأخير الاستلقاء في مسجد الحصبة (١) بعد صلاة ركعتين ،

______________________________________________________

أصل الصومعة وانّ الموضع المحدود موضع مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله ويستحب جعله مصلّى ما دام بمنى ولا يفهم ذلك من عبارة الكتاب وغيره فتأمل.

وروى في الفقيه عن أبي حمزة الثمالي (الثقة) عن أبي جعفر عليه الصلاة والسّلام انه قال : من صلّى في مسجد الخيف بمنى مأة ركعة قبل ان يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما ومن سبّح الله فيه مأة تسبيحة كتب له كأجر عتق رقبة ومن هلّل الله فيه مأة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة ومن حمد الله فيه مأة تحميدة عدلت أجر خراج العراقين يتصدّق به في سبيل الله عزّ وجلّ (٢).

والظاهر أنّه يستحب الصلاة في مسجد الغدير قال في الفقيه ويستحب الصلاة في مسجد الغدير وانّ ميسرته موضع قدم رسول الله صلّى الله عليه وآله حيث قال : من كنت مولاه الى قوله : أخبر بذلك الصادق عليه السّلام الحسّان الجمّال (٣).

وروى ان للصلاة فيه فضل في رواية عبد الرّحمن (٤).

قوله : ويستحبّ إلخ .. قد مرّ دليله وما يدلّ على اختصاصه بالنفر الأخير مطلقا ، في الفقيه وباختصاص عدم التحصيب بمن كان من أهل اليمن في النفر الأوّل ما في التهذيب من الرواية ، وهي موجودة في الكافي أيضا (٥).

__________________

(١) هو مسجد بالأبطح الذي نزل به رسول الله صلّى الله عليه وآله ويستريح فيه قليلا ، ويستلقي على قفاه.

(٢) الوسائل الباب ٥١ من أبواب أحكام المساجد الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٦١ من أبواب أحكام المساجد الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٦١ من أبواب أحكام المساجد الرواية ٢. ولفظ الحديث هكذا : روى صفوان عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الصلاة في مسجد غدير خم بالنّهار وانا مسافر؟ فقال : صلّ فيه فان فيه فضلا وقد كان ابى عليه السّلام يأمر بذلك.

(٥) راجع الوسائل الباب ١٥ من أبواب العود إلى منى.

٣٧٣

وللعائد دخول الكعبة

______________________________________________________

قوله : وللعائد دخول الكعبة إلخ .. أي يستحب لمن رجع من منى الى مكة للوداع دخول الكعبة ويتأكّد ذلك لمن لم يحج.

ظاهر أنّ ذلك على تقدير الإمكان.

والذي يدل عليه الروايات هو استحباب دخولها مطلقا للعائد وغيره مثل مرسلة على بن خالد عمن حدثه عن ابى جعفر عليه السّلام قال : كان يقول : الداخل الكعبة يدخل والله راض عنه ويخرج عطلا من الذنوب (١) اي خاليا منها.

ورواية ابن القداح عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال : سألته عن دخول الكعبة؟ قال : الدخول فيها دخول في رحمة الله والخروج منها خروج من الذنوب معصوم فيما بقي من عمره مغفور له ما سلف من ذنوبه (٢).

وصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسّلام قال :

قال : إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل قبل ان تدخلها ولا تدخلها بحذاء تقول إذا دخلت : اللهم انك قلت : ومن دخله كان آمنا فآمنّي من عذاب النار ثم تصلى ركعتين بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء تقرأ في الركعة الأولى حم السجدة وفي الثانية عدد آياتها من القرآن وصلّ (وتصلى خ ل) في زواياه وتقول اللهم من تهيّأ (وذكر الدعاء) وقال في أخره : ولا تدخلنّ (ولا تدخلها خ ل) بحذاء ولا تبزق فيها ولا تمتخط فيها ولم يدخلها رسول الله صلّى الله عليه وآله الا يوم فتح مكة (٣).

وفي أخرى في الزيادات ما دخلها صلى الله عليه وآله إلّا مرّة واحدة فقط (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ١ والباب ١٦ من أبواب العود إلى منى الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٣٦ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٤٢ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ١ رواها هشام بن الحكم عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : ما دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله الكعبة إلا مرة وبسط فيها ثوبه تحت قدميه وخلع نعليه.

٣٧٤

خصوصا الصرورة ، والصلاة بين الأسطوانتين على الرّخامة الحمراء ، وركعتين بالحمد وحم السجدة ، وفي الثانية بعددها. وفي الزوايا ، والدّعاء ،

______________________________________________________

وفيها اشعار بعدم الوجوب وعدم التأكيد في الدخول كل مرّة وان كانت الأولتان تدلان على حصول الثواب لكلّ داخل.

وامّا الذي يدل على التأكيد للصّرورة فصحيحة الأعرج عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بد للصرورة أن يدخل البيت قبل ان يرجع فإذا دخلته فادخله بسكينة ووقار ثم ائت كل زاوية من زواياه ثم قل : اللهم انك قلت : ومن دخله كان أمنا فآمنّي من عذابك يوم القيمة وصلّ بين العمودين الذين يليان الباب على الرخامة الحمراء وان كثر الناس فاستقبل كل زاوية في مقامك حيث صلّيت وادع الله عزّ وجلّ وسله (١).

وصحيحة حماد بن عثمان قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن دخول البيت؟ فقال : امّا الصرورة فيدخله وامّا من قد حج فلا (٢).

كأنها محمولة على التأكيد البليغ في حق الصرورة دون غيره مع انّ ظاهرها يدل على عدم الاستحباب له وقد مرّ ما يدل على الصلاة في المواضع المذكورة وهي كثيرة.

مثل صحيحة إسماعيل بن همام قال : قال أبو الحسن عليه الصلاة والسّلام : دخل النبي صلّى الله عليه وآله الكعبة فصلّى في زواياها الأربع وصلّى في كل زاوية ركعتين (٣).

ودليل الدعاء في الكعبة صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٦ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ٦.

(٢) الوسائل الباب ٣٥ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ٣.

(٣) الوسائل الباب ٣٦ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ٢.

٣٧٥

واستلام الأركان ، خصوصا اليماني ، والمستجار ، والشرب من زمزم ، والدعاء خارجا من باب الحنّاطين ، والسجود مستقبل القبلة داعيا ،

______________________________________________________

ودليل استلام الأركان أيضا قد مرّ وهو أيضا كثيرة.

ويدل على الشرب من زمزم في هذه الحالة رواية أبي إسماعيل قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام هو ذا اخرج جعلت فداك فمن أين أودع البيت؟ قال : تأتى المستجار بين الحجر والباب فتودّعه من ثمّ ثمّ تخرج فتشرب من زمزم ثم تمضي فقلت أصبّ على رأسي؟ فقال : لا تقرب الصبّ (١).

ويدل على الدعاء خارجا صحيحة إبراهيم بن ابى محمود قال رأيت أبا الحسن عليه السّلام ودّع البيت فلمّا أراد ان يخرج من باب المسجد خرّ ساجدا ثم قام فاستقبل الكعبة فقال : اللهم انى انقلب الى (على خ ل) ان لا إله إلّا الله (أنت خ) (٢).

فينبغي ان يكون هذا آخر كلامه ، قاله في الدّروس.

وهذه دلّت على السجود أيضا واستحباب الدعاء حال السجود معلوم.

ودلّت على الخروج من باب الحنّاطين (امّا من الحنطة أو الحنوط) ما في رواية على بن مهزيار قال رأيت أبا جعفر الثاني عليه الصلاة والسّلام الى قوله : ثم خرج من باب الحناطين وتوجه (٣).

وفي رواية قثم بن كعب قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام انك لتدمن الحج؟ قلت : أجل قال : فليكن أخر عهدك بالبيت ان تضع يدك على الباب وتقول : المسكين على بابك فتصدّق عليه بالجنّة (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ١٨ من أبواب العود إلى منى الرواية ٥.

(٢) الوسائل الباب ١٨ من أبواب العود إلى منى ، الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ١٨ من أبواب العود إلى منى ، الرواية ٣ الا انّ فيها : الحسن بن على الكوفي بدل على بن مهزيار ، فراجع.

(٤) الوسائل الباب ١٨ من أبواب العود إلى منى ، الرواية ٤.

٣٧٦

واشتراء تمر بدرهم يتصدق به ،

______________________________________________________

ودليل استحباب اشتراء التمر بدرهم شرعي يتصدق به صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : يستحب للرّجل والمرأة ان لا يخرجا من مكة حتى يشتريا بدرهم تمرا فيتصدقا (يتصدقا به) لما كان منهما في إحرامهما ولما كان منهما في حرم الله عزّ وجلّ (١).

وحسنة معاوية وحفص بن البختري عن ابى عبد الله عليه السّلام قال :

ينبغي للحاج إذا قضى نسكه (مناسكه خ ل) وأراد ان يخرج ان يبتاع بدرهم تمرا يتصدق به فيكون كفارة لما لعلّه دخل عليه في حجّه من حكّ أو قملة سقطت أو نحو ذلك.

ورواية أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : إذا أردت ان تخرج من مكة فاشتر بدرهم تمرا فتصدق به قبضة قبضة فيكون لكل ما كان منك (حصل خ ل) في إحرامك وما كان منك بمكة.

ويفهم منها أحكام اجزاء الكفارة من غير نيّة بخصوصها ومن غير الشعور بها ، لانّ الظّاهر منها اجزاء ما كان عليه ما هو كفارته درهم للصدقة بل ظاهرهما أعمّ فتأمل فيجزي ما يفعل من العبادات احتياطا لاحتمال كون شي‌ء في الذمة وقد كان وان حصل العلم بعد ذلك وكذا الوضوء والغسل احتياطا.

ويؤيّده تجويز ذلك في الشرع والغسلة الثانية وتجديد الوضوء.

واجزاء الندب عن الواجب لانّ الظاهر استحباب ذلك كما قاله الأصحاب.

وظاهرها عدم اشتراط الفقر فيما يتصدق عليه وان أمكن فهمه من لفظ التصدق لكنه غير ظاهر.

__________________

(١) رواها واللتين بعدها في الوسائل في الباب ٢٠ من أبواب العود إلى منى الرواية ١ و ٢ و ٣.

٣٧٧

والعزم على العود ، والنزول بالمعرّس (١) على طريق المدينة ، وصلاة ركعتين به ،

______________________________________________________

وكذا الايمان فيجوز التصدق على المجهول بل المعلوم أنّه مخالف فتأمل والاحتياط واضح.

ودليل استحباب نيّة العود وقصده ـ وهو المراد بالعزم ـ رواية محمد بن أبي حمزة رفعه قال : من خرج من مكة وهو لا يريد العود إليها فقد اقترب اجله ودنا عذابه (٢).

ورواية الحسن بن على عن ابى عبد الله عليه الصلاة والسّلام قال : ان يزيد بن معاوية لعنهما الله حجّ فلما انصرف قال (شعرا يب) :

إذا جعلنا ثافلا يمينا

فلا نعود بعدها سنينا

للحج والعمرة ما بقينا

فنقص (قصر خ ل) الله عمره ، وأماته قبل أجله (٣).

واما دليل استحباب النزول بالمعرّس ـ على طريق المدينة وصلاة ركعتين فيه ، المعرّس بفتح الراء وتشديدها اسم مفعول من التعريس وهو نزول أخر الليل للاستراحة والمراد هو (هنا خ) النزول في محل نزوله صلّى الله عليه وآله وهو على فرسخ من المدينة بقرب مسجد الشجرة مما يلي القبلة ذكره في الدروس.

فصحيحة معاوية بن عمار (في الفقيه) قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام :

إذا انصرفت من مكة إلى المدينة وانتهيت إلى ذي الحليفة وأنت راجع الى المدينة من مكة فأت معرس النبيّ صلّى الله عليه وآله فان كنت في وقت صلاة مكتوبة أو نافلة فصلّ (فيه ئل) وان كان (كنت خ ل) في غير وقت صلاة (مكتوبة ئل) فانزل فيه قليلا فإن النبي صلّى الله عليه وآله قد كان يعرّس فيه ويصلّى فيه (٤).

__________________

(١) المعرس موضع في طريق المدينة ، وهو بضمّ الميم وفتح العين وتشديد الراء المفتوحة.

(٢) و (٣) الوسائل الباب ٥٧ من أبواب وجوب الحج وشرائطه الرواية ٤ و ٥.

(٤) الوسائل الباب ١٩ من أبواب المزار الرواية ١.

٣٧٨

والحائض تودع من باب المسجد.

ويكره المجاورة بمكة ، والحج على الإبل الجلالة.

______________________________________________________

وهذه تدل على أنّ فعل صلاة في المعرّس يكفى وان كانت فريضة أو نافلة بغير سبب التعريس وأنّه لا صلاة فيه في غير وقت صلاة فلا يستحب في الأوقات المكروهة فيكره ذو السبب أيضا فتأمل ، وان كان في أخرها من فعل النبي صلّى الله عليه وآله ما يدلّ على استحباب فعل الصلاة فيه مطلقا.

وروى على بن مهزيار عن محمد بن القاسم بن الفضيل قال قلت لأبي الحسن عليه الصلاة والسّلام جعلت فداك ان جمّالنا مرّ بنا ولم ينزل المعرّس فقال : لا بد ان ترجعوا اليه فرجعت اليه (١).

وفي الصحيح سأل العيص بن القاسم أبا عبد الله عليه السّلام عن الغسل في المعرّس؟ فقال ليس عليك فيه غسل والتّعريس هو ان تصلى فيه وتضطجع فيه ليلا مرّ فيه أو نهارا (٢).

وفي الثانية استحباب الرجوع له ان فاته فتدل على تأكيد الحكم.

وفي الثالثة تفسير المراد بالتعريس ولعل المراد الصلاة في محلّها لما مرّ أو يحمل الاولى على عدم التأكيد إلا في وقت الصلاة وهذه على الاستحباب فيكون مطلقا مستحبة كما هو في أخر الاولى وظاهر الكتاب وغيره.

ودليل وداع الحائض من باب المسجد خارجه ظاهر.

قوله : ويكره المجاورة بمكة إلخ .. يمكن الكراهة لغير أهلها من الحجاج (الحاج خ ل) والا يلزم كونها مهجورة وترك الوطن لأهلها ومقتضى أكثر الأخبار الواردة في فضيلة مكة استحباب الكون بها ، ولكن المشهور الكراهة.

الذي يدل على الأفضلية صحيحة على بن مهزيار قال : سألت أبا الحسن

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب المزار الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ١٩ من أبواب المزار الرواية ٢.

٣٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه الصلاة والسّلام المقام بمكة أفضل أو الخروج على بعض الأمصار؟ فكتب عليه السّلام المقام عند بيت الله أفضل (١).

وما رواه في الفقيه (في القوى) عن سعيد بن عبد الله الأعرج (الثقة) عن ابى عبد الله عليه الصلاة والسّلام قال : أحبّ الأرض الى الله تعالى مكّة وما تربة أحب الى الله تعالى (عزّ وجلّ خ ل) من تربتها ولا حجر أحبّ الى الله من حجرها ولا شجر أحبّ الى الله تعالى من شجرها ولا جبال أحبّ الى الله تعالى من جبالها ولا ماء أحبّ الى الله من مائها (٢).

وفي خبر أخر قال : ما خلق الله تعالى بقعة في الأرض أحبّ إليه منها وأومى بيده الى الكعبة (الخبر) (٣).

وما رواه فيه أيضا عن أبي حمزة الثمالي (الثقة) قال : قال لنا على بن الحسين عليهما السّلام ايّ البقاع أفضل فقلنا الله ورسوله وابن رسوله اعلم فقال لنا :

امّا أفضل البقاع ما بين الركن والمقام ولو أنّ رجلا عمّر ما عمّر نوح في قومه ألف سنة الا خمسين عاما يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك المكان ثمّ لقي الله تعالى بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئا (٤).

وفيه أيضا في الصحيح سئل عبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه السّلام عن قول الله عزّ وجلّ ومن دخله كان أمنا البيت عنى أم الحرم؟ قال : من دخل الحرم من الناس مستجيرا به فهو آمن من سخط الله عزّ وجلّ الحديث (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ١٩ من أبواب مقدمات الطواف ، الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ١٨ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ١٦.

(٤) الفقيه باب ابتداء الكعبة وفضلها وفضل الحرم الرواية ١٧ وأوردها في الوسائل في الباب ٢٩ من أبواب مقدمات العبادات ، الرواية ١١.

(٥) الوسائل الباب ١٣ من أبواب مقدمات الطواف الرواية ٢.

٣٨٠