مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٧

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

هذه تدل على عدم وجوب البدنة مع التجاوز عن نصف السعي لو وطئ وعلى ندبيّة السعي وعدم الاعتداد بطواف النساء.

قال الشيخ في التهذيب : المراد بهذا الخبر هو انّه إذا كان قد قطع السعي على أنّه تامّ فطاف طواف النساء ثم ذكر حينئذ أنّه ما طاف وما سعى إلّا أربعة لا يلزمه الكفارة ، ومتى لم يكن طاف طواف النساء فإنه يلزمه الكفارة وقوله عليه السّلام : انّ السعي سنّة معناه انّ وجوبه وفرضه عرف من جهة السنّة دون ظاهر القرآن ، ولم يرد انّه سنّة كسائر النّوافل لأنّا قد بينّا فيما تقدم انّ السّعى فريضة (١).

وأنت تعلم أنّ المراد بإفساد حجّه إفساد الطواف كما مرّ ، وبعد تأويل الشيخ لأنّه كالصريح في عدم طواف النساء قبل المواقعة ، وانّ القطع لأجل الغمز ، لا على انّه تامّ ، وانّ الفرق من جهة كون السعي سنّة ، على انّه لا يحتاج الى قوله : (وانّه قطع على انّه تام فطاف إلخ) ويكفيه ان يقول : نسي الحكم أو نسي أنّه غير تامّ وظن انّه تامّ وطاف طواف النساء أيضا ، أو أنّه كان جاهلا بالحكم ، وهو أيضا بعيد ، لأنّ في النسيان والجهل لا شي‌ء قبل طواف الفريضة الّا ان يفرق (٢) : تنافي السعي بعد الأربع بخلاف طواف الفريضة ، فإنّ فيها البدنة والرجوع ، لثبوت وجوب السعي بالسنّة لا بالكتاب ، بخلاف الطواف ، فتأمل فيه.

لكن الرواية ضعيفة السند لوجود عبد العزيز العبدي الضعيف في الطريق في التهذيب والكافي (٣).

__________________

(١) انتهى.

(٢) هكذا في جميع النسخ ، والظاهر انّ المراد : الا ان يفرّق بين السعي والطواف بعدم شي‌ء في الأوّل بعد الأربع والبدنة والرّجوع الى الطواف في الثاني.

(٣) والسند (كما في الكافي) هكذا : عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد وسهل بن زياد عن ابن محبوب

٢١

ولو جامع قبل سعي العمرة في إحرامها فسدت ، وعليه بدنة وقضائها.

______________________________________________________

مع مخالفة مضمونها للإجماع المفهوم من المنتهى ، وللأخبار الصحيحة (١) في وجوب الكفارة قبل طواف النساء ، وعدم شي‌ء مع الجهل والنسيان ، وقول الأصحاب بعدم الاستيناف بعد أربعة أشواط من الطواف إذا قطعه لحاجة فتأمل.

قوله : ولو جامع قبل سعى العمرة في إحرامها إلخ. اعلم انّ الظاهر انّه لا خلاف عند علمائنا في وجوب البدنة بالوطي في إحرام العمرة مطلقا في الجملة وكذا في وجوب اعادتها وفسادها ويمكن جعل بعض ما مرّ دليلا عليه.

ويدلّ عليه رواية مسمع عن أبي عبد الله عليه السّلام في الرجل يعتمر عمرة مفردة ، ثمّ يطوف بالبيت طواف الفريضة ، ثم يغشى أهله قبل ان يسعى بين الصفا والمروة؟ قال : قد أفسد عمرته ، وعليه بدنة ، وعليه ان يقيم بمكة (محلا كا يب) حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه ، ثم يخرج الى الوقت الذي وقّته رسول الله صلّى الله عليه وآله لأهل بلاده (لأهله خ ل) فيحرم فيه (منه خ ل) ويعتمر (٢).

وفي سندها (٣) سهل بن زياد الضعيف ، مع عدم ظهور توثيق مسمع.

والدلالة على وجوب الخروج الى ميقات اهله والظاهر غير ذلك ، فانّ ميقات إحرام العمرة هو ادنى الحلّ ، كما مرّ ، والقائل به أيضا غير معلوم ويمكن ارادة الاستحباب وذلك أيضا غير معلوم لما مرّ من ميقات العمرة وينافي وجوب الخروج الى ميقات اهله.

__________________

عن عبد العزيز العبدي عن عبيد بن زرارة.

(١) راجع الوسائل الباب ١٠ من أبواب كفارات الاستمتاع.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٢.

(٣) والسند (كما في الكافي) هكذا : عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن مسمع.

٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وتدلّ على اجزاء مطلق الميقات صحيحة بريد الآتية فيمكن حملها على احد المواقيت التي في أدنى الحلّ ، وحمل الاولى على ميقات أهل مكة ، فتأمل.

قال في المنتهى : الإحرام في قضاء الحج من الميقات ، وفي العمرة من ادنى الحلّ ، ويفهم عدم الخلاف فيه ويدلّ عليه أيضا صحيحة بريد بن معاوية العجلي قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل اعتمر عمرة مفردة ، فغشي أهله قبل ان يفرغ من طوافه وسعيه؟ قال : عليه بدنة لفساد عمرته ، وعليه ان يقيم الى الشهر الآخر فيخرج الى بعض المواقيت فيحرم بعمرة (١).

فظاهرها وجوبها بالوطي قبل إتمام السعي ولو بترك بعض شوط ، ولكن فيما مرّ ما يمكن فهم عدم الوجوب بعد الخمسة الأشواط بل الأربعة فتذكر وتأمل ، والأصل مؤيّد. ويمكن جعل ما تجاوز عن النصف بمنزلة الفراغ ، والاحتياط يقتضي العمل بصحيحة بريد ، فلا يترك.

ولا شك في أنّ ظاهر هما عدم الوجوب ولو كان الوطي قبل طواف النساء وبعد السعي فتأمل.

وهما يدلان على كون الإعادة في الشهر الثاني والظاهر الوجوب وليس ببعيد ، فهو مشعر باشتراط الشهر بين الإحرامين ، وسيجي‌ء تحقيقه ، ولو لم نقل بالوجوب مطلقا ـ لما سيأتي ـ يمكن القول بالوجوب هنا فقط ، مع إمكان الحمل على الاستحباب.

والظاهر من الشهر الثاني منهما ، هو ثبوت الهلال من الشهر الثاني ، والخروج من هلال الشهر الذي أحرم ، وأفسد فيه ، فلا يعتبر الثلثين من وقت الإحرام من الأوّل ولا من الإفساد والإحلال.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وأيضا ظاهر هما عدم وجوب إتمام العمرة الفاسدة للفساد ، والظاهر عدم وجوب الفاسد ، وللاختصار على البدنة ، والإعادة المفيدة لعدم شي‌ء آخر.

ولهذا صرّح في الأخبار في الحج بإعادته مع عدم الفساد ، ولا يدلّ عليه : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ) (١) لأنّ الظاهر هو الأمر بإتمام الصحيح بعد الشروع ، أو كناية عن فعلهما تامّين ، فتأمّل ، ووجوب إتمام الحج مستفاد من الإجماع المستند الى الأخبار كما تقدم.

وكأنّه لا إجماع هنا ولا خبر ، ولهذا قال في المنتهى (كما في المتن) : ولو وطئ في العمرة قبل السعي فسدت عمرته ووجب عليه بدنة ، ووجب عليه قضائها ، ثم قال : والبدنة والإفساد يتعلّقان بالوطي في إحرام العمرة قبل السعي ولو كان بعد الطواف.

وهذا يدلّ على عدم شي‌ء بعد السعي ولو كان قبل طواف النساء ، وبه يشعر الروايتان اللتان هما دليلا الحكم فتأمل.

وما ذكر الإتمام ، والأخبار المتقدّمة الدالّة على وجوب القضاء صريحة في الحج ، والأصل مؤيد ، وكذا عدم اجتماع الأداء والقضاء : هذا في المفردة.

وأمّا العمرة المتمتع بها فالظاهر أنّها كذلك لما مرّ ، مع صراحة الأخبار المتقدمة فيها (٢) لعدم ظهور إطلاق الحج عليها ، ولوجود قبل المشعر في بعضها ، وان قلنا بوجوب الحج بالشروع فيها ، فانّ ذلك لا يستلزم الّا وجوب الحج مع العمرة رأسا لا إتمامهما ثم إنشائهما ، فلو كان الوقت واسعا لا يبعد استئناف العمرة المتمتع بها ، ثم الحج في هذا العامّ ، وكانّ المصنف أراد العمرة المتمتع بها بقوله : (أو عمرة) فيما تقدم (٣) والعمرة المفردة هنا فتأمّل.

__________________

(١) البقرة : ١٩٣.

(٢) تقدم ذكرها آنفا.

(٣) في قوله قده : من جامع زوجته أو أمته قبلا أو دبرا محرما بحج أو عمرة إلخ.

٢٤

ولو نظر الى غير أهله فأمنى فبدنة على الموسر وبقرة على المتوسّط وشاة على المعسر ولو كان الى أهله فلا شي‌ء عليه وإن أمنى إلّا أن يكون عن شهوة فبدنة.

ولو مسّها بغير شهوة فلا شي‌ء وبشهوة فشاة وإن لم يمن.

______________________________________________________

قوله : ولو نظر الى غير أهله إلخ. دليل الاولى الإجماع المدّعى في المنتهى مستندا إلى رواية إسحاق بن عمار عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام رجل محرم نظر الى ساق امرأة فأمنى ، قال : ان كان موسرا فعليه بدنة وان كان وسطا فعليه بقرة وان كان فقيرا فعليه شاة ، ثم قال : أما أنّي لم اجعل عليه هذا (هذا عليه خ ل) لأنّه أمنى إنما جعلته عليه لأنه نظر الى ما لا يحلّ له (١).

لعلّ المراد أنّ العلّة هما معا فلا يجب بالنظر مع عدم المنى ، وكذا بوجود المنى بالتفكّر ونحوه ، كما ذكره في المنتهى للأصل وصرّح بعدم الخلاف في الأوّل ، ولعلّ الساق للتمثيل كما يشعر به تتمة الرواية ، ولا يضر إسحاق (٢) ولا واقفية عبد الله بن جبلة (٣) وصحيحة زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل محرم نظر الى غير أهله فأنزل؟ قال : عليه جزور أو بقرة وان لم يجد فشاة (٤).

فالمراد جزور على الموسر وبقرة على المتوسط وشاة على الفقير لما تقدم.

والظاهر انّ المراد مع العمد والعلم والاختيار لما تقدم ، ولتتمة الخبر الأوّل ، فتأمّل.

وكذا ادّعى الإجماع في المنتهى على عدم شي‌ء على من نظر الى امرأته فأمنى ان كان من غير شهوة وعلى وجوب البدنة ان كان عن شهوة.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٢.

(٢) لكون المسألة إجماعية كما عرفت من المنتهى.

(٣) وسندها (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن عبد الله بن جبلة (جميلة خ ل) عن إسحاق بن عمار عن أبي بصير.

(٤) الوسائل الباب ١٦ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ١.

٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

والمستند صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن محرم نظر الى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم؟ قال : لا شي‌ء عليه ولكن ليغتسل ويستغفر ربّه (الحديث) (١).

كأنّها حملها على غير الشهوة.

لما في رواية مسمع الآتية.

ورواية مسمع أبي سيّار قال : قال لي أبو عبد الله عليه السّلام يا أبا سيّار ان حال المحرم ضيقة إن (فمن خ ل) قبّل امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة ومن قبّل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور ، ويستغفر ربّه (الله) ومن مسّ امرأته (بيده ئل) وهو محرم على شهوة فعليه دم شاة ومن نظر الى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور ، ومن مسّ امرأته أو لازمها من غير شهوة فلا شي‌ء عليه (٢). وحمل رواية إسحاق ـ عن أبي عبد الله عليه السّلام في محرم نظر الى امرأته بشهوة فأمنى قال : ليس عليه شي‌ء (٣) ـ على حال السهو دون العمد.

ويمكن حملها على الجهل وغير الاختيار أيضا أو (امنى) على (أمذى) ولو لا دعوى الإجماع لكان حمل رواية مسمع على الاستحباب ممكنا لعدم صحتها لعدم التصريح بتوثيق مسمع.

وقال في المنتهى : إنّها صحيحة وان لم تكن الثانية نقيّة أيضا لا سحق لظهور توثيق إسحاق وان قيل انّه فطحي ، وللأصل ، ولعموم صحيحة معاوية (٤) ، ويؤيد عمومها (أو أمذى)

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١٨ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٣ وروى ذيلها في الباب ١٧ من هذه الأبواب الرواية ٣.

(٣) الوسائل : الباب ١٧ من أبواب كفّارات الاستمتاع الرواية ٧.

(٤) لأن ترك التفصيل مع الحاجة يفيد العموم.

٢٦

ولو قبّلها فشاة وبشهوة جزور.

______________________________________________________

وكذا ادعى الإجماع في المنتهى على وجوب الشاة على من مسّ امرأته بشهوة أمنى أو لم يمن وعلى عدم الشي‌ء مع عدم الشهوة مطلقا ، وعلى صحّة الحج مطلقا قبل الموقفين وبعده.

والمستند رواية مسمع المتقدمة وصحيحة محمد بن مسلم (قالها في المنتهى وان كان فيها عبد الرحمن المشترك) (١) ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى فقال : ان كان حملها أو مسّها بشهوة فأمنى أو لم يمن أمذى أو لم يمذ فعليه دم يهريقه وان حملها أو مسّها بغير شهوة فأمنى أو أمذى فليس عليه شي‌ء (٢) ورواية الحلبي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام المحرم يضع يده على امرأته قال : لا بأس قلت فينزلها من المحمل ويضمّها اليه قال : لا بأس قلت : فإنه أراد ان ينزلها من المحمل فلما ضمّها إليه أدركته الشهوة قال : ليس عليه شي‌ء الّا أن يكون طلب ذلك (٣).

قوله : ولو قبّلها إلخ .. نقل عن الشيخ وجوب الشاة بالتقبيل بغير شهوة والبدنة معها مطلقا سواء أمنى أو لم يمن.

حجّته رواية على بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السّلام قال : سألته عن رجل قبل أمرائه وهو محرم قال : عليه بدنة وان لم ينزل وليس له أن يأكل منها (٤).

حملت على الشهوة لما تقدم قال المصنف في المنتهى : وابن إدريس استضعف هذه الرواية لأنّ في طريقها علىّ بن أبي حمزة وسهل بن زياد (٥) وهما ضعيفان

__________________

(١) وسندها (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن عبد الرّحمن عن علا عن محمد بن مسلم.

(٢) الوسائل الباب ١٧ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٦.

(٣) الوسائل الباب ١٧ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٥.

(٤) الوسائل الباب ١٨ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٤.

(٥) والسند (كما في الكافي عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن احمد بن محمد عن على بن أبي حمزة.

٢٧

ولو أمنى عن ملاعبة فجزور.

ولو استمع على المجامع من غير نظر فلا شي‌ء

______________________________________________________

وقال : بوجوب الشاة على من قبّل ولم ينزل مطلقا بوجوب البدنة مع الامناء ، وتمسّك بالأصل وبرواية مسمع.

قوله : ولو أمنى عن ملاعبة فجزور. دليله صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن الرجل يعبث بامرأته حتى يمني وهو محرم من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان ما ذا عليهما؟ فقال : عليهما جميعا الكفارة مثل ما على المجامع (ما على الذي يجامع خ ل) (١).

يعنى على كلّ من العابثين الكفارة مثل ما على المجامع في تلك الطاعة وقد كانت الكفّارة على المجامع في الإحرام البدنة وفي شهر رمضان الكفّارة المشهورة البدنة (٢) فهذه تدلّ على وجوب الكفارة على العابث في الإحرام وفي شهر رمضان لو كان ذلك عمدا عالما اختيارا لما تقدم.

قوله : ولو استمع على المجامع من غير نظر فلا شي‌ء .. وكذا لو سمع (استمع خ ل) كلام امرأة فأمنى في الحالين دليل عدم شي‌ء عليهما هو الأصل وعدم ظهور دليل موجب مع عدم ظهور فعل محرم خصوصا في الثاني ويدلّ عليه أيضا حسنة أبي بصير (قالها في المنتهى وهو غير ظاهر لوجود وهب بن حفص في الطريق (٣) وهو غير ممدوح) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل يستمع (يسمع خ ل) كلام امرأة من خلف حائط وهو محرم فتشاها (فتشهى) حتى أمنى (أنزل خ ل) قال : ليس عليه شي‌ء (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ١.

(٢) هكذا في جميع النسخ ، والصواب زيادة كلمة (البدنة) كما لا يخفى.

(٣) والسند (كما في الكافي) هكذا : على بن إبراهيم عن أبيه عن وهبة (وهب خ ل) بن حفص عن أبي بصير.

(٤) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٣.

٢٨

ولو عقد المحرم على محرمة.

______________________________________________________

وعلى الأوّل رواية سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السّلام قال في محرم استمع على رجل يجامع أهله فأمنى قال : ليس عليه شي‌ء (١) ولا يضرّ ضعف السند بمحمد بن سماعة وسماعة لما تقدم (٢) قيل يشكل الحكم المذكور فيما إذا كان عادته الامناء بذلك فتأمل.

قوله : ولو عقد المحرم إلخ .. كأنّ المراد مع العلم والعمد ، وقد مرّ تحريم المرأة على المحرم حتى العقد ونقل على ذلك الإجماع في المنتهى (٣) مستندا إلى الاخبار الكثيرة ، وعلى بطلان العقد أيضا ويدلّ عليه أيضا أخبار كثيرة.

كصحيحة محمد بن قيس (الثقة) عن أبي جعفر عليه الصلاة والسّلام قال : قضى أمير المؤمنين (عليّ خ ئل) عليه الصلاة والسّلام في رجل ملك بضع امرأة وهو محرم قبل أن يحلّ فقضى ان يخلّى سبيلها ولم يجعل نكاحه شيئا حتى يحلّ فإذا أحلّ خطبها ان شاء فان شاء أهلها زوّجوه وان شاؤا لم يزوّجوه (٤).

والظاهر انّ محمد بن قيس المذكور هو البجليّ الثقة الذي طريق الصدوق في الفقيه اليه حسن لوجود إبراهيم ، وان كان الضعيف أيضا ينقل عن أبي جعفر عليه السّلام ، لان الشيخ في الفهرست صرّح بتوثيق محمد بن قيس وذكر طريقه إليه بإسناده الى الصدوق حتى انتهى الى محمد بن قيس كما ذكر هذا الطريق بعينه اليه الصدوق في مشيخة الفقيه (٥) ولانه قيل للبجلي كتاب قضايا أمير المؤمنين

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٤.

(٢) والسند (كما في التهذيب) هكذا : سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسن عن احمد بن أبي نصر عن محمد بن سماعة الصيرفي عن سماعة بن مهران.

(٣) ظاهره نقل الإجماع من المنتهى على بطلان العقد أيضا والذي وجدناه في المنتهى هو دعوى الإجماع على التحريم لا الإجماع على البطلان راجع المنتهى ص ٨٠٩ ـ ٨٠٨.

(٤) الوسائل الباب ١٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣.

(٥) طريق الصدوق قدّس سرّه اليه (كما في مشيخة الفقيه) هكذا : وما كان فيه عن محمد بن قيس فقد

٢٩

فدخل فعلى كلّ منهما كفّارة.

______________________________________________________

عليه السّلام نقله عنه عاصم بن حميد الناقل عنه هذه الرواية التي من قضاياه عليه السّلام فصحّ ما يروى ، عاصم عن محمد بن قيس ـ بشرط سلامة ما قبله ـ من قضاياه (١) ، وما كان في الفقيه عنه حسن وحجة ، على تقدير قبول إبراهيم ، كما هو الظاهر من الخلاصة وغيرها ، فهذه الرواية صحيحة ، لأنه الثقة ، وما قبله ولهذا قال في المنتهى : انّها صحيحة فقول الشهيد الثاني ـ في درايته في النوع المتّفق والمفترق بعد أن ردّ قول الأصحاب : بأن إطلاق الحجيّة على من فيه (ما ظ) محمد بن قيس مشكل : والتحقيق في ذلك انّ الرواية أي رواية محمد بن قيس ان كانت عن الباقر عليه السّلام فهي مردودة لاشتراكه بين الضعيف والثقتين ـ غير ظاهر.

وانما أظهرت ذلك لانّ الأخبار عن محمد بن قيس هذا كثيرة جدّا خصوصا في الفقيه في المجلّد الرابع وفي التهذيب أيضا يوجد ما ليس في سنده شي‌ء إلّا اشتراك محمد بن قيس المذكور في قضاياه عليه السّلام ويلزم من كلامه ردّ هذه الأخبار الكثيرة المعتبرة جدّا مع انّ الظاهر قبولها كما عرفت فتأمل.

أمّا دليل الكفارة على المتعاقدين ـ مع العلم والعمد ـ فهو موثّقة سماعة بن مهران عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا ينبغي للرّجل الحلال ان يزوّج محرما وهو يعلم انّه لا يحلّ له قلت : فان فعل فدخل بها المحرم قال : ان كانا عالمين فانّ على كلّ واحد منهما بدنة ، وعلى المرأة ان كانت محرمة بدنة ، وان لم تكن محرمة فلا شي‌ء عليها الّا ان تكون هي قد علمت انّ الذي تزوّجها محرم ، فان كانت علمت ثم تزوّجته فعليها بدنة (٢).

فكان المراد ب (لا ينبغي) هنا هو التحريم لما مرّ.

__________________

رويته عن أبي رحمه الله عن سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس.

(١) قوله : من قضاياه بيان لقوله : ما يروى إلخ.

(٢) الوسائل الباب ٢١ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ١.

٣٠

وفي الطيب أكلا واطلاء وبخورا وصبغا.

______________________________________________________

وهذه تدلّ على المساواة بين المحلّ العالم العاقد والمعقود لهما المحرمين العالمين مع المواقعة والمرأة المحلّة العالمة بالتحريم في وجوب البدنة وعدمها مع الجهل ، ويمكن لزوم الكفارة على العاقد العالم المحرم بالطريق الاولى ، وكون الحكم كذلك لو كان المعقود له محلّا لعدم تعقل الفرق بين الرّجل والمرأة.

ولكن الحكم في الأصل خلاف الأصل مع بعده وضعف السند بكون سماعة واقفيا وان كان ثقة فكأنّهم يقولون بجبره بالشهرة فينبغي الاختصار على ما قالوه من مضمون الرواية هو وجوب البدنة على العاقد العالم المحلّ ، والمعقود لهما المواقعين العالمين ، والمرأة المحرمة والمحلّة العالمة.

وكأنّه لا إجماع هنا والشهرة ليست بحجة ولا جابرة في مثل هذا الحكم ، والأصل دليل قويّ ولهذا قال المصنّف في المنتهى : في سماعه قول ، وعندي في هذه الرواية توقف.

قوله : وفي الطيب أكلا إلخ .. قال في المنتهى : اجمع علماء (فقهاء خ ل) الأمصار كافّة على وجوب الكفارة على المحرم إذا تطيّب عامدا ، وذكر إجماع علمائنا على عدم الكفارة مع الجهل والنسيان ، قد مرّ الدليل عليه أيضا ، وبقي الكلام في قدرها.

ودلّ على الدّم صحيحة زرارة (في الفقيه) عن أبي جعفر عليه السّلام : قال : من أكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم ، وان كان ناسيا فلا شي‌ء عليه ، ويستغفر الله ويتوب اليه (١).

لعلّ الاستغفار والتوبة للانقطاع اليه تعالى ، لا انّه فعل ذنبا حتى يتوب ويستغفر.

__________________

(١) الوسائل الباب ٤ من أبواب بقية الكفارات الرواية ١.

٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

ولكن ما في صحيحة معاوية بن عمّار المتقدمة في تحريم الطيب : واتّق الطيب في زادك (الى ان قال) فمن ابتلى بشي‌ء من ذلك فعليه غسله وليتصدّق بقدر ما صنع (١).

وما في صحيحة حريز المتقدمة : فمن ابتلى بشي‌ء من ذلك فليتصدّق بقدر ما صنع بقدر شبعه يعني من الطعام (٢).

ورواية الحسن بن هارون ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : أكلت خبيصا (٣) فيه زعفران حتى شبعت وانا محرم فقال : إذا فرغت من مناسكك وأردت الخروج من مكة فاشتر بدرهم تمرا وتصدق به فيكون كفّارة لما أكلت ولما دخل عليك في إحرامك مما لا تعلم (٤).

يدل على عدم وجوب الدّم عينا ، فيمكن حمل دليله على التخيير وأفضل فردي الواجب والاستحباب ، والأصل مؤيّد مع نقل الإجماع في المنتهى عن خلاف الشيخ على عدم الكفارة إلّا في الستّة من الطيب (٥) وحمل المصنف الأخبار الأخيرة على حال الضرورة إلى الاستعمال ، وهو بعيد ، مع بعد وجوب شي‌ء حال الضرورة (٦) ولا تأييد في قوله : (ابتلى) كما قاله ، فتأمل.

ثمّ انّ ظاهر هذه الأخبار تعلق الكفّارة بكلّ ما يطلق عليه الطّيب.

ولكن قال في المنتهى : قال الشيخ رحمه الله في الخلاف : ما عدا المسك

__________________

(١) الوسائل الباب ١٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٩ هذه قطعة من الرواية.

(٢) الوسائل الباب ١٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١١ هذه قطعة من الرواية.

(٣) الخبيص بالخاء المعجمة والباء الموحّدة والياء المثناة تحته والصاد المهملة ، طعام يعمل من التمر والسّمن.

(٤) الوسائل الباب ٣ من أبواب بقية كفارات الإحرام الرواية ١.

(٥) سيأتي ذكرها عن قريب.

(٦) ليس ببعيد كوجوب الكفارة حين الاحتياج إلى تغطية الرأس ولبس الثياب وغير ذلك كما لا يخفى من خطه رحمه الله (كذا في هامش بعض النسخ الخطية).

٣٢

ابتداء واستدامة شاة.

______________________________________________________

والعنبر والكافور والزعفران والورس والعود عندنا لا يتعلق به الكفارة إذا استعمله ، (الى ان قال :) واستدلّ الشيخ رحمه الله بإجماع الفرقة ، والأصل.

فيمكن تخصيص ما تقدم بالستّة للإجماع المنقول وعدم ظهور الخلاف قبله ولا ينافيه ما يدلّ على تحريم غيرها ، ولا القول بتحريمه ، لانّ النزاع هنا في الكفّارة.

قال المصنف في المنتهى : والإجماع لم نحقّقه والأصل انّما يصار اليه إذا لم يوجد دليل شرعي وقد تقدم البحث في ذلك كلّه.

وما تقدم البحث إلّا في تحريم مطلق الطيب أو هذه المخصوصات دون الكفارة إلّا هذه الروايات ، فتأمل.

والظاهر أيضا أنّ الموجب مطلق الاستعمال أكلا ومضغا لأنّه أيضا أكل ، وشمّا بالبخور وغيره ومسّا كأنّه للإجماع ولما في صحيحة معاوية المتقدمة : ولا تمسّ شيئا من الطيب وأنت محرم ولا من الدهن وأمسك على انفك فإنه لا ينبغي ان يتلذّذ بريح طيّبة إلى قوله : فمن ابتلى إلخ (١).

والظاهر انّ (ذلك) (٢) راجع الى الكلّ إلّا الإمساك عن عدم الريح المنتنة للظهور ولأنّه ذكر استطرادا لرفع التوهم.

وأيضا قال المصنف في المنتهى : ولا فرق بين الابتداء والاستدامة في وجوب الكفارة فلو تطيّب ناسيا ثمّ ذكر وجب عليه ازالة الطيب ، ولو لم يزله وجب عليه الفدية (الدم خ ل) وكلامه يشعر بعدم الخلاف ، ويمكن صدق الاستعمال فإنّ ادامة استعمال ما فيه طيب استعمال له وشمّ ومسّ ، فتأمل.

ثم أنّ الظاهر انّه يجوز له الإزالة ويتعيّن ان لم يكن احد يزيله لما تقدم من

__________________

(١) الوسائل الباب ١٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٩ هذه قطعة من الرواية.

(٢) يعني لفظة (ذلك) في الرواية.

٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

قوله عليه السّلام فعليه غسله.

قال المصنف : يستحب أن يعطى غيره ليزيله لئلّا يلزم مباشرة المحرم الطيّب (١) وقال : يجوز له شراء الطيب لانه ليس باستعمال ، كما يجوز له شراء الإماء ، ولو بقصد التسرّي ، وقد تقدم.

وقد استثنى من الطيب المحرّم خلوق الكعبة وقد تقدم مع غيره.

ويدلّ عليه صحيحة يعقوب بن شعيب قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : المحرم يصيب ثيابه الزعفران من الكعبة؟ قال : لا يضرّه ولا يغسله (٢).

قال في المنتهى : وكذا الفواكه كالأترج والتفّاح والرياحين على ما تقدم بيانه.

وأمّا الادهان بالدهن الطيّب ، فالظاهر انّه يصدق عليه استعمال الطيب فيمكن وجوب كفّارة الطيب فيه أيضا بأدلّته.

ويؤيده قوله في صحيحة معاوية المتقدمة : ولا يمسّ شيئا من الطيب ولا من الدهن (الى قوله) : فمن ابتلى بشي‌ء من ذلك إلخ (٣) فإنّ الظاهر رجوعه الى الكلّ الا ما تقدم.

قال في المنتهى : وقد بيّنا أنّه يحرم على المحرم استعمال الأدهان الطيبة (حال الإحرام خ) فمن استعملها وجب عليه دم شاة رواه الشيخ (في الصحيح) عن معاوية بن عمار في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج قال : ان كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين وان كان بعمد (تعمد خ ل) فعليه دم شاة يهريقه (٤) لكن

__________________

(١) قال في المنتهى : ويستحب له ان يستعين في غسله بحلال لئلا يباشر المحرم الطيب بنفسه ص ٨١٣.

(٢) الوسائل الباب ٢١ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ١٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٩.

(٤) الوسائل الباب ٤ من أبواب بقية كفارات الإحرام الرواية ٥.

٣٤

وفي قصّ كلّ ظفر مدّ من طعام وفي أظفار يديه شاة وكذا في رجليه ولو اتّحد المجلس فشاة.

______________________________________________________

معاوية لم يسنده الى امام وهذه الرواية تدلّ على وجوب الكفارة وان اضطر الى استعماله وبها افتى الشيخ ونحن فيها من المتوقفين إلخ.

بل يدلّ على وجوب الكفارة للعلاج مع الجهل أيضا وقد تقدم عدمها مع الجهل والنسيان في شي‌ء أصلا إلّا الصيد فيمكن حملها على الاستحباب.

ويؤيّده ما تقدم في رواية معاوية بن عمار وما يدلّ على كون كفارة الادهان هو التصدق (١) وبالجملة هو أيضا مؤيد لكون حكمه حكم الطيب فتأمل.

وأيضا يمكن جعلها مبطلا لجمع المصنف بين الاخبار في تعيين كفارة الطيب حيث دلّت على وجوب الدم مع الاضطرار على ما قاله المصنف وقد كان جمع بعدم الدم في الاضطرار ، الا ان يقال بأنه أعظم من استعمال الطيب وهو بعيد جدا لانّ الظّاهر انّ سبب تحريمه هو الطيب ولهذا لم يحرم الادهان بدهن غير طيّب ولما تقدم في رواية معاوية فتأمل.

قوله : وفي قصّ كل ظفر إلخ .. نقل الإجماع في المنتهى على وجوب مدّ مدّ في كلّ ظفر حتى تبلغ عشرة فيجب عليه دم شاة.

ومستنده صحيحة أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل قلّم ظفرا من أظافيره وهو محرم؟ قال : عليه في كلّ ظفر قيمة مدّ من طعام حتى تبلغ عشرة فإن قلّم أصابع يديه كلّها فعليه دم شاة قلت : فان قلّم أظافير رجليه ويديه جميعا؟ فقال : ان كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم وان كان فعله متفرقا في مجلسين فعليه دمان (٢).

ورواية الحلبي انه سأله عن محرم قلّم أظافيره؟ قال : عليه مدّ في كل إصبع

__________________

(١) تقدم ذكرها آنفا.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من أبواب بقيّة كفارات الإحرام الرواية ١.

٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

فإن هو قلم أظافيره عشرتها فان عليه دم شاة (١).

ولا يضرّ إضمارها مع ضعف السند بمحمد بن سنان (٢) للإجماع المنقول وصحة الأولى ظاهرا لكن دلالة الأولى على وجوب قيمة مدّ كأنّهم حملوها على تقدير العجز للإجماع ولرواية الحلبي.

وحمل الشيخ رواية حريز ـ عن ابى عبد الله عليه السّلام في المحرم ينسى فيقلّم ظفرا من أظافيره فقال : يتصدق بكفّ من الطعام قلت : فاثنين قال : كفّين قلت :

فثلثة قال : ثلث (ثلثة خ ل) أكفّ كلّ ظفر كفّ حتى يصير خمسة فإذا قلّم خمسة فعليه دم واحد خمسة كان أو عشرة أو ما كان (٣).

على الاستحباب (٤) لعدم وجوب الكفارة على الناسي ، لما تقدم.

ولصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال : من قلّم أظافيره ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شي‌ء عليه ومن فعله متعمدا فعليه دم (٥).

وغيرها فيكون في حال النسيان يستحب الكف لكلّ إصبع والدّم للخمسة ولا ينافي وجوب خمسة أمداد عمدا وعدم وجوب شي‌ء سهوا.

ويدلّ على قبضة من الطعام في حال الضرورة صحيحة معاوية بن عمّار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن الرجل (المحرم خ ل) تطول أظفاره أو ينكسر بعضها فيؤذيه ذلك؟ قال : لا يقص منها شيئا إن استطاع فان كانت تؤذيه فليقصها وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من أبواب بقية كفارات الإحرام الرواية ٢.

(٢) وسندها (كما في التهذيب) هكذا : الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن الحلبي.

(٣) الوسائل الباب ١٢ من أبواب بقية كفارات الإحرام الرواية ٣.

(٤) الحمل الذي ذكره الشارح قدّس سرّه مذكور في الاستبصار.

(٥) الوسائل : الباب ١٠ من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الرواية ٥.

(٦) الوسائل : الباب ١٢ من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الرواية ٤.

٣٦

ولو أدمى إصبعه بالإفتاء فعلى المفتي شاة.

______________________________________________________

واعلم انّ الظّاهر انه لو قلّم باقي الأظافير بعد الكفارة عن الاولى لم يجب الدم بل يجب ما في كل واحد.

وانّه لا يبعد الدم الآخر لو كفّر عن أظفار يديه ثم قلّم أظفار رجليه وان كانا في مجلس واحد ويحتمل جعل المناط القصد فتأمّل.

وانّه قال المصنف في المنتهى : لا فرق بين ان يقصّ بعض ظفر وكلّه ويحتمل تقييد الكفّارة بكلّ الظفر أو الأكثر فتأمل.

وانّه قال في المنتهى وغيره لو أفتاه غيره في تقليم الظفر فقلّم ظفره فأدماه وجب على المفتي دم شاة ولا يجب على المقلّم شي‌ء للأصل.

ولرواية إسحاق بن عمار عن ابى الحسن عليه السّلام قال : سألته عن رجل أحرم فنسي ان يقلّم أظفاره قال : فقال : يدعها قال : قلت : انّها طوال قال : وان كانت قلت : فانّ رجلا أفتاه أن يقلّمها (وان يغتسل يب) ويعيد إحرامه ففعل قال : عليه دم (١).

والسند في التهذيب غير صحيح لإسحاق وعبد الله الكناني المجهول وان كانت صحيحة في الفقيه والكافي إلى إسحاق (٢) وهو لا بأس به.

وانها ليست بمشتملة على الإدماء وغير ظاهرة في الوجوب على المفتي.

ولرواية إسحاق الصيرفي قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام : انّ رجلا

__________________

(١) الوسائل : الباب ١٣ من أبواب بقيّة الكفّارات الرواية ٢.

(٢) والسند (كما في التهذيب) هكذا. موسى بن القاسم عن عبد الله الكناني عن إسحاق بن عمّار ، وسندها (كما في الكافي) هكذا : أبو على الأشعري عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمّار ، وفي الفقيه (كما في المشيخة) وما كان فيه عن إسحاق بن عمّار فقد رويته عن أبي رضى الله عنه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن عليّ بن إسماعيل عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمّار وفي الوسائل : بعد نقل الرواية قال : ورواه الشيخ بإسناده (الى أن قال :) وزاد قلت فإنّها طوال قال : وإن كانت (طوالا خ)

٣٧

وفي المخيط دم فان اضطرّ جاز وعليه شاة.

______________________________________________________

أحرم فقلّم أظفاره وكانت إصبع له عليلة فترك ظفرها لم يقصّه فأفتاه رجل بعد ما أحرم فقصّه فأدماه قال : على الذي أفتاه (افتى خ ل) شاة (١).

وهذه صريحة في الوجوب على المفتي مطلقا سواء كان عن أهل الإفتاء أم لا محرما أو محلّا بشرط الإدماء وظاهرة في العدم على المقلّم ولكن سندها غير واضح فتأمل.

قوله : وفي المخيط دم إلخ. ادّعى في المنتهى الإجماع على وجوب الدم بمجرّد صدق اللبس وباستدامته كذلك بشرط العمد والعلم ، وكذا في عدم شي‌ء مع الجهل والنسيان وقد مرّ مستند الثاني وهو الأصل ومثل صحيحة زرارة من نتف إبطه إلخ (٢).

ومستند الأوّل رواية سليمان بن العيص قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المحرم يلبس القميص متعمدا؟ قال : عليه دم (٣).

ولا يضرّ جهل سليمان ، وذكر القميص لدليل غيره ، وعدم القائل بالفرق وهذه تصلح للثاني أيضا.

والظاهر عدم التعدد بالاستدامة للأصل ولصدق انه لبس وكفّر فخرج عن عهدة الأمر بالمرّة والظّاهر التعدّد لو كفّر باللبس فاستدامه لصدق وجود اللبس بعد الكفّارة مع عدمها لعدم إمكان جعلها لما لم يفعل أيضا.

نعم الظاهر التعدّد لو لبس ثيابا متعدّدة مختلفة الأجناس مطلقا والمتفقة على التفرق سواء كفّر عن الأوّل أم لا على الظاهر بأن يلبس عمامة وقميصا وسراويل وقبا أو يلبس قميصا ثم قميصا آخر وهكذا في العمامة والسراويل وغيرها

__________________

(١) الوسائل : الباب ١٣ من أبواب بقيّة الكفّارات الرواية ١.

(٢) الوسائل : الباب ١٠ من أبواب بقيّة الكفارات الرواية ١.

(٣) الوسائل : الباب ٨ من أبواب بقيّة الكفّارات الرواية ٢.

٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وعدمه مع الاتحاد بان يجعل قميصا فوق قميص أو العمامة أو السراويل ثم يلبس الجميع دفعة واحدة.

دليل التعدد وجوب السبب ، لانّ لبس كل واحد لبس موجب سواء كان مختلف الأجناس أو متحدها والأصل عدم التداخل.

وصحيحة محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المحرم إذا احتاج الى ضروب من الثياب فلبسها (يلبسها خ ل) قال : عليه لكل صنف منها الفداء (فداء خ ل) (١).

ودليل عدم التعدّد في الدفعة ، الأصل ، وعدم صدق التعدد عرفا ولغة ، ولانّ الجميع حينئذ بمنزلة ثوب غليظ وكان غير الأوّل بمنزلة البطانة والقطن له.

وقد عرفت انّ صحيحة محمّد ، دلت على وجوب الدم مع الاضطرار والاحتياج ويؤيّده قوله تعالى (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) (٢).

قال في المنتهى : معناه من كان منكم مريضا فلبس أو تطيّب أو حلق بلا خلاف.

ولكن يلزم حينئذ التخيير بين الصيام والصدقة والنسك اى الدم في اللبس والتطيّب كما هو في الحلق. والظاهر من الآية أنّها في الحلق فقط لقوله تعالى : «وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً» الآية (٣) فتأمل.

وذلك في اللباس والطيب غير ظاهر ، الّا ان يجعل في صورة المريض فقط ، ويأباه صدر الآية ، وظاهر صحيحة محمّد فانّ الظاهر أنها عامّة في وجوب الدم

__________________

(١) الوسائل : الباب ٩ من أبواب بقيّة كفارات الإحرام الرواية ١.

(٢) البقرة : ١٩٣.

(٣) البقرة : ١٩٣.

٣٩

وفي حلق الشعر شاة أو إطعام عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ.

______________________________________________________

فقط في المريض والحرّ والبرد ، وعبارات الأصحاب خالية أيضا عنه الّا أن يحمل الفداء على ما فسّر به الفدية في الآية ، فتأمل.

ثم قال في المنتهى ولو لبس القميص ناسيا ثم ذكر وجب خلعه إجماعا.

وقد قلنا فيما تقدم انه ينزعه بان يشقه ولا ينزعه من أسفل ولا ينزعه من رأسه وقد مرّ دليله ، والظاهر أنّ الشق على تقدير عدم إمكان النزع بدونه وانه لو نزعه من رأسه فعل حراما قال في المنتهى : إجماعا والظاهر عدم وجوب الكفارة حينئذ الّا ان يفعل بحيث يصدق تغطية الرأس فيجب كفّارتها.

وقال الشيخ في التهذيب : وإذا اضطرّ المحرم الى لبس الخفّين والجوربين فليلبس وليس عليه شي‌ء.

لصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : واىّ محرم هلكت نعلاه ولم يكن له نعلان فله ان يلبس الخفّين إذا اضطرّ الى ذلك والجوربين يلبسهما إذا اضطرّ الى لبسهما (١).

ظاهرها اللبس من غير شقّ ، وقد مرّ البحث فيه ، ويمكن الحمل على ما لا يمكن اللبس مع الشقّ والتقييد به ، والعمل على ظاهرها كما هو الظاهر وتخصيص الشقّ بغيرها.

وأيضا استثنائهما من وجوب الدم على المضطرّ ، كما تقدم في صحيحة محمّد بن مسلم (٢) ويؤيّده انّها مقيّده بالثياب وإطلاق الثياب عليهما حقيقة غير ظاهر ، والأصل أيضا مؤيّد ، ويحتمل التقييد بحمل المطلق على المقيّد ويؤيّده الاحتياط.

قوله : وفي حلق الشعر شاة إلخ .. نقل في المنتهى إجماع علماء الأمصار على وجوب الفدية في حلق الرأس عمدا عالما سواء كان لا ذي أو لغيره.

__________________

(١) الوسائل : الباب ٥١ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٢) الوسائل : الباب ٩ من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الرواية ١.

٤٠