المبحث العاشر : في أنّ قصد المدح والذمّ غير مقتض للتّخصيص
اللّفظ العامّ إذا قصد به المخاطب المدح أو الذمّ ، كقوله تعالى : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ. وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)(١) وقوله : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(٢) لا يخرج عن عمومه بقصدهما عند أكثر المحقّقين.
وقال الشافعي : انّه يخرج عن عمومه. (٣)
لنا : أنّه لفظ وضع للعموم فرضا ولا منافي لإرادته ، إذ ليس إلّا قصد المدح أو الذمّ ، وهو غير صالح للمانعيّة ، لإمكان إرادة العموم مع إرادة أحدهما ، فيحمل على موضوعه ، كغيره من الألفاظ.
احتجّ الشافعي : بأنّ الآية سيقت بقصد (٤) المبالغة في الحثّ أو الزجر ، ولم يكن العموم مقصودا ، ومنع من التمسّك بهذه الآية في ثبوت الزكاة في الحليّ.
والجواب : فهم الذمّ من الآية ، لدلالة اللّفظ عليه ، وهو يدلّ على العموم ، فوجب إثباته ، وليس دلالتها على الذمّ مانعة من دلالتها على العموم ، بل العموم أبلغ.
__________________
(١) الانفطار : ١٢ ـ ١٣.
(٢) التوبة : ٣٤.
(٣) نقله الآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٨٤.
(٤) في «أ» : لقصد.