أقول : قد صرح غير واحد من أصحابنا بأنه لا كفارة في قتل السباع ماشية كانت أو طائرة ، إلا الأسد. والظاهر انه لا خلاف في ما عدا الأسد. فقول الشيخ في ما تقدم من عبارته : «الثالث مختلف فيه. الى آخره» لعله إشارة إلى خلاف العامة (١) ويشير اليه قوله : «ولا يجب الجزاء عندنا في شيء منه» ولا يخفى ان وجوب الكفارة متوقف على الدليل ، وليس فليس. نعم يبقى الكلام في ان عدم وجوب الكفارة لا يستلزم جواز القتل أو الصيد ، فيمكن القول بالتحريم ـ كما ذهب إليه الحلي في ما قدمنا نقله عنه ـ وان لم تترتب عليه كفارة ، وتؤيده الروايات التي أشرنا إليها آنفا. واما الأسد فقد ورد فيه ما تقدم من رواية أبي سعيد. إلا انها خاصة بالحرم. ومعارضة العلامة لها بصحيحة حريز المذكورة لا وجه له ، لأنها وان كانت شاملة بإطلاقها للأسد إلا انها اشتملت على التفصيل بين ما إذا اراده وخاف على نفسه فإنه يقتله ، ومتى لم يرده فلا يعرض له. ورواية أبي سعيد وان كانت مطلقة إلا ان كل من قال بها فإنه يخصها بما إذا لم يرده ، كما لا يخفى على من راجع كلامهم. وهو المفهوم من الاخبار ايضا ، كما سيأتي ان شاء الله تعالى. وحينئذ فلا منافاة بين الخبرين بل هما متفقان على معنى واحد.
وقال في كتاب الفقه الرضوي (٢) : ولا بأس للمحرم ان يقتل
__________________
(١) المبسوط للسرخسي ج ٤ ص ٩٠ باب (جزاء الصيد) والمهذب للشيرازي الشافعي ج ٢ ص ٢١١ ، وطرح التثريب لعبد الرحيم العراقي الشافعي ج ٥ ص ٩٥ وما بعدها.
(٢) ص ٢٩.