المفهوم هكذا : « إن لم يكن الجائي بالنبأ فاسقاً بل كان عادلاً فلا يجب التبيّن عنه ».
ويمكن الجواب عنه : بأنّه كذلك لو كانت الآية هكذا : « النبأ إن جاء به الفاسق فتبيّنوا » بأن يكون الموضوع القدر المطلق المشترك بين نبأ الفاسق والعادل لأنّ القضيّة حينئذٍ ليست مسوّقة لبيان تحقّق الموضوع ، لكن الإشكال في أنّ مفاد الآية ليس كذلك كما هو ظاهر فالإشكال بعدم المفهوم وارد.
الثالث : ما أشار إليه المحقّق الخراساني رحمهالله أيضاً بقوله : « مع أنّه يمكن أن يقال : إنّ القضيّة ولو كانت مسوقة لذلك إلاّ أنّها ظاهرة في انحصار موضوع وجوب التبيّن في النبأ الذي جاء به الفاسق ... ».
وحاصله : أنّ القضيّة الشرطيّة في الآية وإن كانت مسوقة لبيان تحقّق الموضوع ولكنّها ظاهرة في انحصار موضوع وجوب التبيّن بنبأ الفاسق فقط ، ومقتضاه أنّه إذا انتفى نبأ الفاسق وتحقّق موضوع آخر مكانه كنبأ العادل لم يجب التبيّن عنه.
وهذا البيان والبيان السابق في مخالفتهما لظاهر الآية سيّان.
وأمّا مناسبة الحكم والموضوع : فقد اشير إليها في كلمات الشيخ الأعظم رحمهالله وغيره وتوضيحها : أنّ ظاهر الآية كون الفسق موجباً لعدم الاعتماد والاعتبار ، أي أنّ التبيّن يناسب عدم الاعتبار ، وهذه المناسبة تقتضي عرفاً عدم وجوب التبيّن في خبر العادل المعتبر المعتمد.
هذا كلّه هو طرق الاستدلال بآية النبأ ، وقد ظهر أنّ الطريق الأوّل والثالث تامّ خلافاً للطريق الثاني.
لكن قد أورد على الآيه إشكالات كثيرة ربّما تبلغ إلى نيف وعشرين كما قال به الشيخ الأعظم رحمهالله وقال أيضاً : « إلاّ أنّ كثيراً منها قابلة للدفع » ، واختار المحقّق الخراساني رحمهالله أربعة منها وذكرها في تعليقته على الرسائل وقد أضاف إليها بعض المعاصرين عدّة اخرى ، ونحن نذكر هنا أهمّها وهي خمسة :
الإشكال الأوّل : ما يرتبط بالتعليل الوارد في ذيل الآية ، وهو أنّ مقتضى عموم التعليل وجوب التبيّن في كلّ خبر ظنّي لا يؤمن الوقوع في الندم من العمل به وإنّ كان المخبر عادلاً فيعارض المفهوم ، والترجيح مع ظهور التعليل.
بيانه : لو قلنا أنّ الآية الشريفة تدلّ مفهوماً على أنّ خبر العادل حجّة مطلقاً ولو لم يفد