عن معصية الرسول وشقّ عصا المجتمع الإسلامي ، وتتكلّم عن مخالفة الرسول والكفر بعد الإيمان وما يترتّب عليه من العذاب الاخروي ، فالمقصود من اتّباع غير سبيل المؤمنين في قوله تعالى : ( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ) هو مخالفة الرسول واتّباع الكفر بعد الإيمان ، فإنّ سبيل المؤمنين بما هم مجتمعون على الإيمان هو الاجتماع على طاعة الرسول الذي طاعته طاعة الله تعالى.
والشاهد على ذلك امور :
١ ـ ما ورد في شأن نزولها من أنّ قوماً من الأنصار من بني ابيرق اخوة ثلاثة كانوا منافقين : بشير وبشر ومبشّر ، فنقبوا على عمّ قتادة بن النعمان ، وأخرجوا طعاماً كان أعدّه لعياله وسيفاً ودرعاً ، فشكا قتادة ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وفضح بنو ابيرق ، فكفر بشر وارتدّ ، ولحق بالمشركين بدل أن يستغفر الله ويتوب إليه من ذنبه فأنزل الله « ومن يشاقق .. » حيث إن اتّباع بشر غير سبيل المؤمنين إنّما هو ارتداده ولحوقه بالمشركين لا مخالفته لإجماع المسلمين في حكم فرعي.
٢ ـ إنّ سبيل المؤمنين في قوله تعالى : ( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ) سبيلهم بما هم مجتمعون على الإيمان ، فيكون المعنى ، سبيل الإيمان ، لأنّ تعليق حكم بوصف مشعر بعلّيته. فالمراد من الآية الخروج من الإيمان إلى الكفر لا المخالفة في المسائل الفرعيّة.
٣ ـ أنّ قوله تعالى : « ويتّبع ... » شرط في الجملة ، وجزاؤه قوله تعالى : « نولّه ما تولّى » ولا إشكال في أنّ المقصود من الجزاء انّا نأخذه على ما جرى عليه من ولاية الطاغوت فوزانه وزان قوله تعالى في ذيل آية الكرسي : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ) وقوله تعالى : ( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ) (١) فليكن المقصود من الشرط ( اتّباع غير سبيل المؤمنين ) أيضاً قبول ولاية الطاغوت.
٤ ـ لو لم يكن قوله تعالى : ( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ) عطفاً تفسيريّاً لمشاقّة الرسول ، وكان المراد منه مخالفة الإجماع في المسائل الفرعيّة ، أي أمراً آخر وراء مشاقّة الرسول صلىاللهعليهوآله فلتكن هي وحدها موجبة للدخول في جهنّم كما أنّ مشاقّة الرسول وحدها موجبة له ، ولازمه
__________________
(١) سورة الإسراء : الآية ٧١.