وأرسل إلى كلّ افق
بمصحف ممّا نسخوا ، وأمر بما سوى ذلك من القرآن في كلّ صحيفة أو مصحف أن يحرق » .
فإنّ هذه الرّواية
صريحة في أنّ جمع عثمان كان لأجل رفع الاختلافات الواردة في القراءات لا جمع
الآيات والسور في مصحف.
هذا كلّه في
المقدّمات الثلاث التي كان يجب ذكرها قبل الخوض في أصل البحث عن التحريف وأدلّة
الطرفين.
أدلّة القائلين بعدم تحريف كتاب
الله :
إذا عرفت ذلك فنقول : أمّا القائلون بعدم تحريف القرآن فاستدلّوا بوجوه عمدتها
ثلاثة :
الوجه
الأوّل : ما يشبه الدليل
عقلي وهو مجموعة من القرائن التي توجب اليقين الباتّ بعدم التحريف ، وهي ما
مرّ سابقاً في مقام إثبات وقوع جمع القرآن على عهد النبي صلىاللهعليهوآله ضمن الشواهد الدالّة على جمعه في ذلك العهد من اهتمام النبي صلىاللهعليهوآله بحفظه وقراءته واهتمام المسلمين بما يهتمّ به النبي صلىاللهعليهوآله وغيرهما من الجهات العديدة المذكورة هناك فراجع.
ونؤكّد هنا على
ذلك أيضاً بما ورد في القرآن نفسه من قوله تعالى : ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ
أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ
وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ
الْقُرْآنِ ) . فهذه تدلّ على شدّة اهتمام النبي والمسلمين بقراءة القرآن
من الصدر الأوّل حتّى إنّهم كانوا يقومون كثيراً من الليل لم يكن لهم همّ
إلاّتلاوة القرآن.
وبما ورد في
الأخبار ممّا يدلّ أيضاً على إهتمام المسلمين بتلاوته فإذا مرّ عليهم أحد يسمع
__________________