القطعيّة ، وأمّا بالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعيّة ، فليس بعلّة تامّة ولا مقتضياً.
أمّا القول الأوّل : فاستدلّ له بأنّه فرق بين العلم التفصيلي والعلم الإجمالي حيث إنّ الأوّل كشف تامّ بالنسبة إلى متعلّقه ، ولذا لا مجال فيه لصدور حكم ظاهري بالترخيص ولا يمكن مخالفته ، بخلاف العلم الإجمالي لأنّه مخلوط بالشكّ ، فيمكن للشارع الترخيص في المخالفة الاحتماليّة بل في المخالفة القطعيّة أيضاً لمكان الشكّ.
إن قلت : العلم على كلّ حال لا يجتمع مع الترخيص ومانع عنه.
وقد أجاب عنه بجوابين : أحدهما : بالنقض بجواز الترخيص في أطراف الشبهة غير المحصورة كما قام عليه الإجماع ، وهكذا في الشبهات البدويّة ، لأنّ احتمال التناقض واجتماع النقيضين محال كاليقين به.
والثاني : بالحلّ وأنّ هنا حكمين : أحدهما : في مرحلة الإنشاء ، والآخر : في مرحلة الفعليّة ، ولا تنافي بين المرحلتين ، وبعبارة اخرى : الترخيص حكم ظاهري والمعلوم بالإجمال حكم واقعي ، ولا منافاة بين الحكم الواقعي والظاهري كما سوف يأتي في محلّه إن شاء الله.
أقول : يمكن توجيه ما اختاره الشيخ رحمهالله وتقويته ( أي تقوية أنّ العلم الإجمالي علّة تامّة بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعيّة لكنّه مقتضٍ بالنسبة إلى الموافقة القطعيّة ) بأنّ الحكم الظاهري وإن كان موضوعه الشكّ ولذا لا منافاة بينه وبين الحكم الواقعي لكن متعلّق الشكّ في العلم الإجمالي إنّما هو خصوص أحد الطرفين لا كليهما.
وبعبارة اخرى : أنّ قوله « كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام » وإن كان يشمل كلاً من الطرفين لكن مجموع الطرفين من حيث المجموع داخل في الغاية ، أي قوله : « حتّى تعلم أنّه حرام » وإن شئت قلت : ظهور الذيل مانع عن انعقاد الإطلاق في صدره وشموله لموارد العلم الإجمالي.
إن قلت : فكيف تحكم بالجواز في الشبهة غير المحصورة؟ قلت : جواز إرتكاب الجميع فيها أيضاً أوّل الكلام ، فلا يجوز فيها إرتكاب جميع الأطراف والمخالفة القطعيّة ، ولذا عدّ بعضهم من ضوابطها أن لا تكون جميع الأطراف قابلة للإرتكاب ، هذا أوّلاً.
ثانياً : أنّه يمكن أن يقال : إنّ احتمال انطباق العمل بالحرام الواقعي في الشبهة المحصورة ضعيف جدّاً بحيث يعدّ عند العرف كالعدم ، وحينئذٍ لا تنجّز للعلم الإجمالي الموجود فيها ،