وهي أيضاً خارجة عن محلّ النزاع ، لأنّ الموجب للدخول في النار فيها ليس مجرّد نيّة القتل وإرادته بل الإلتقاء بالسيف ، وسلّ السيف على المسلم بنفسه من المحرّمات ، بل قد يدخل تحت عنوان المحارب الذي له حدّ شديد كما ورد في القرآن.
وإن شئت قلت : النيّة منضمّة إلى مقدّمة من مقدّمات القتل وهي الإلتقاء بالسيف ، والإلتقاء بالسيف حرام لانطباق عنوان الهتك أو اخافة المؤمن عليه.
فظهر إلى هنا أنّ التامّ من حيث الدلالة من بين هذه الرّوايات الكثيرة رواية واحدة وهي رواية جابر ، لكنّها من ناحية السند ضعيفة لمكان عمرو بن شمر.
هذا ، مضافاً إلى أنّ في قبال هذه الأخبار روايات (١) كثيرة تدلّ بالصراحة على عدم كون نيّة المعصية معصية نشير هنا إلى روايتين منها :
إحداهما : ما رواه زرارة عن أحدهما عليهماالسلام : قال : « إنّ الله تبارك وتعالى جعل لآدم في ذرّيته أنّ من همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ومن همّ بحسنة وعملها كتبت له عشر ، ومن همّ بسيّئة لم تكتب عليه ، ومن همّ بها وعملها كتبت عليه سيّئة » (٢).
ثانيهما : ما رواه أبو بصير عن أبي عبدالله عليهالسلام : قال : « إنّ المؤمن ليهمّ بالحسنة ولا يعمل بها فتكتب له حسنة ، وإن هو عملها كتبت له عشر حسنات ، وإنّ المؤمن ليهمّ بالسيّئة أن يعملها فلا يعملها فلا تكتب عليه » (٣). إلى غير ذلك ممّا هو في معناهما.
وذكر شيخنا الأعظم الأنصاري رحمهالله للجمع بين هاتين الطائفتين وجهين كلّ واحد منهما جمع تبرّعي لا شاهد له.
أحدهما : أن تحمل الطائفة الاولى على من ارتدع عن قصده بنفسه ، والثانية على من بقى على قصده حتّى عجز عن الفعل لا باختياره.
الثاني : أن تحمل الاولى على من اكتفى بمجرّد القصد ، والثانية على من إشتغل بعد القصد ببعض المقدّمات.
ولكن الأمر سهل بعد ما عرفت من عدم تمام الطائفة الاولى ، سلّمنا ولكنّ الطائفة الثانية
__________________
(١) راجع وسائل الشيعة : ج ١ ، الباب ٦ ، من أبواب مقدّمات العبادات ، ح ٦ و ٧ و ٨ و ١٠ و ٢٠ و ٢١.
(٢) المصدر السابق : ح ٦.
(٣) المصدر السابق : ح ٧.