الموارد ، وهو مقبول عندنا بل قد عرفت دلالته عليه إجمالاً فراجع.
ومنها : أنّه لو دلّ الشرط على المفهوم لدلّ بإحدى الدلالات الثلاث ، والتالي باطل فالمقدّم مثله.
والجواب عنه منع بطلان التالي عندنا لأنّ الشرط يدلّ على المفهوم بالدلالة الالتزاميّة التي هي من الدلالات الثلاث.
ومنها : قوله تعالى : ( وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ... ) حيث إنّه لو دلّ الشرط على المفهوم لدلّ قوله تعالى هذا على جواز الإكراه على البغاء إن لم يردن التحصّن وهو باطل بالضرورة.
وأجاب عنه المحقّق الخراساني رحمهالله بما حاصله : أنّ عدم دلالة الشرط على المفهوم أحياناً بسبب خارجي وقرينة خارجيّة كالإجماع ونحوه ممّا لا يكاد ينكر ، وإنّما القائل بالمفهوم يدّعي دلالة الشرط عليه بالظهور اللفظي وهو لا ينافي قيام قرينة خارجيّة على خلافه. هذا أوّلاً :
ويمكن الجواب ثانياً : بأنّ الشرط في الآية ليس شرطاً للحكم من دون دخل له في تحقّق موضوعه ، بحيث إذا انتفى الشرط كان الموضوع باقياً على حاله كما في قولك « إن جاءك زيد فأكرمه » بل هو شرط للحكم مع دخله في تحقّق الموضوع بحيث إذا انتفى الشرط فلا حكم ولا موضوع للحكم أصلاً كما في قولك « إن رزقت ولداً فاختنه » فإنّ الفتيات إذا لم يردن التحصّن فلا إكراه هناك كي يبحث عن حرمته وعدمها.
ويمكن أن يكون التعبير بجملة « إن أردن تحصّناً » على نهج القضيّة الشرطيّة مع عدم انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط لنكتة أخلاقيّة تربويّة بالنسبة إلى أرباب الفتيات وهي أنّ بيان إرادة التحصّن والعفّة من جانب الفتيات مع عدم ترقّبه منهنّ لكونهنّ معدودات عند الناس من طبقة سافلة اجتماعيّة من حيث الثقافة والوعي يوجب تحضّ أربابهنّ وتحريك غيرتهم الإنسانيّة ( لو كانت لهم غيرة ) على العفّة وعدم الإكراه على البغاء.
إلى هنا تمّ الكلام عن أدلّة القائلين بمفهوم الشرط وأدلّة المنكرين له.