النسخ قبل العمل قبيحاً للمولى الحكيم ، والمثال واضح.
الصورة الخامسة : أن يكون العام بعد الخاصّ وغيرمقارن له وورد بعد حضور وقت العمل بالخاصّ ، فيدور الأمر فيها بين النسخ والتخصيص لجواز كلّ منهما عند الكلّ ، أمّا التخصيص فلعدم استلزامه تأخير البيان عن وقت الخطاب أو الحاجة ، وأمّا جواز النسخ فلكونه بعد حضور وقت العمل بالخاصّ ، والمشهور على ترجيح التخصيص على النسخ ، فيقدّم عليه وذلك لندرة النسخ وشيوع التخصيص كما مرّ ، وبعبارة اخرى : ظهور الخاصّ في الدوام الأزماني أقوى من ظهور العام في العموم الافرادي.
هذه صور خمسة لما إذا كان تاريخ كلّ من العام والخاصّ معلوماً ، وهناك صورة سادسة وهي ما إذا كان التاريخ مجهولاً من دون أن يكون فرق بين ما إذا كان تاريخ كليهما مجهولاً وما إذا كان تاريخ أحدهما مجهولاً ، ولا يخفى أنّ هذه الصورة تأتي فيها جميع الاحتمالات الخمسة المذكورة ، وبما إن الحكم كان في بعضها النسخ وهو الصورة الثالثة على مبنى القوم ، فيتردّد الأمر في هذا القسم بين النسخ والتخصيص على مبنى القوم ، ويصير الحكم مبهماً من ناحية الاصول اللفظيّة وحينئذٍ ، تصل النوبة إلى الاصول العمليّة.
هذا كلّه بناءً على ما مشى عليه الأعلام فإنّهم تسالموا على ثلاثة اصول في المقام ليست مقبولة عندنا : أحدها : عدم جواز النسخ قبل العمل. ثانيها : عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة. ثالثها : إنّ دوام الأحكام هو مقتضى العموم الأزماني.
أمّا جواز النسخ قبل العمل فنقول : لا إشكال في جواز النسخ قبل العمل في الأوامر الامتحانية كما وقع في قضيّة ذبح إبراهيم عليهالسلام ولده إسماعيل عليهالسلام حيث كان الأمر فيه إمتحانيّاً يحصل بنفس التهيّؤ للعمل فإذا وقع التهيّؤ وحضر وقته يحصل المقصود من الإمتحان ، وحينئذٍ يمكن النسخ ، ولا إشكال في جوازه ، وهو نظير ما إذا كلّف المولى عبدهبالسفر وقد تهيّأ له قبل حضور وقته فحينئذٍ بما أن نفس التهيّؤ يكفي لتحقّق الإمتحان والقبول فيه وبالإمكان أن يتحقّق قبل زمان الفعل يجوز للمولى أن ينسخ حكمه بلا إشكال.
أمّا إذا كانت الأوامر غير إمتحانيّة فإنّ المحقّق النائيني رحمهالله قسّمها على ثلاثة أقسام : الأوامر