الاستصحاب منصرفة عن مثل هذا عرفاً.
الثاني : ما سيأتي في مبحث الاستصحاب من اعتبار الوحدة بين القضيّة المتيقّنة والقضيّة المشكوكة موضوعاً ومحمولاً ونسبةً لعدم صدق مفهوم النقض ( لا تنقض اليقين بالشكّ ) بدونها ، والقضيّتان في ما نحن فيه ليستا متّحدتين في النسبة لأنّها في إحديهما سالبة بانتفاء الموضوع وفي الاخرى سالبة بانتفاء المحمول.
الثالث : ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله وعصارة كلامه ما ذكره في أوّل بيانه : أنّ الباقي تحت العام بعد التخصيص إذا كان هي المرأة التي لا يكون الانتساب إلى قريش موجوداً معها على نحو مفاد ليس التامّة ، فالتمسّك بالأصل المذكور لإدراج الفرد المشتبه في الافراد الباقية وإن كان صحيحاً إلاّ أنّ الواقع ليس كذلك ، لأنّ الباقي تحت العام حسب ظهور دليله إنّما هي المرأة التي لا تكون قريشيّة على نحو مفاد ليس الناقصة ، وعليه فالتمسّك بأصالة العدم لإثبات حكم العام للفرد المشكوك فيه غير صحيح ، وذلك لأنّ العدم النعتي الذي هو موضوع الحكم لا حالة سابقة له على الفرض ليجري فيه الأصل ، وأمّا العدم المحمولي الأزلي فهو وإن كان مجرى الأصل في نفسه إلاّ أنّه لا يثبت به العدم النعتي الذي هو المأخوذ في الموضوع إلاّبالأصل المثبت (١).
وأورد عليه بعض تلامذته في هامش أجود التقريرات بوقوع الخلط في كلام المحقّق بين مفاد ليس الناقصة والسالبة المحصّلة وأنّ الاستصحاب وإن لم يكن جارياً في الأوّل لعدم حالة سابقة له إلاّ أنّه لا مانع من جريانه في القسم الثاني لوجود الحالة السابقة فيه ، والثابت في ما نحن فيه هو السالبة المحصّلة لا ليس الناقصة ، وحاصل ما أفاده لإثباته : أنّ الحكم الثابت للموضوع المقيّد بما هو مفاد كان الناقصة إنّما يكون ارتفاعه بعدم اتّصاف الذات بذلك القيد على نحو مفاد السالبة المحصّلة من دون أن يتوقّف ذلك على اتّصاف الذات بعدم ذلك القيد على نحو مفاد ليس الناقصة ، فمفاد قضية « المرأة تحيض إلى خمسين إلاّ القرشيّة » وإن كان هو اعتبار وصف القرشيّة على وجه النعتية ، في موضوع الحكم بتحيّض المرأة بعد الخمسين إلاّ أنّه لا يستدعي أخذ عدم القرشيّة في موضوع عدم الحكم بتحيّض المرأة بعد الخمسين على وجه
__________________
(١) راجع أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٤٦٥.