بقي الكلام في بيان المسجد الذي يعتكف فيه على هذا القول ، فهل هو المسجد الجامع ، كما في ثلاثة أخبار من الأخبار المتقدّمة ، وعبارة جمع من الأصحاب (١)؟
أو الجماعة ، كما في أربعة من الأخبار ، وكلام جمع آخر (٢)؟
أو المسجد الأعظم ، كما في كلام المفيد؟
لا وجه للأخير ، لعدم وروده في رواية ، إلاّ أن يفسّر به المسجد الجامع ـ كما فسّره الشهيد الثاني به في حاشية النافع ، وصاحب ديوان الأدب ـ وهو الغالب في الأمصار أيضا ، أي يتّحد الجامع والأعظم ، وحينئذ فيرجع إلى الأول.
فبقي الكلام في تعيين أحد الأولين وبيان المراد منهما ، فنقول : يمكن أن يكون المراد بهما واحدا ، وهو إمّا ما تصلّى فيه الجماعة مطلقا ، سواء كانت جمعة أو جماعة عامّة البلد ـ من غير تخصيص بقبيلة أو محلّة ـ أو جماعة مطلقا. واحتمال إرادته من مسجد جماعة بل ظهوره منه ظاهر وفسّر المسجد الجامع به أيضا الشهيد الثاني في المسالك (٣).
أو ما تصلّى فيه صلاة الجمعة. واحتمال إرادته من مسجد الجامع ظاهر ، بل فسّره به السنجري في المهذّب والفيّومي في المصباح المنير والنووي في التحرير والشهيد الثاني في الروضة (٤) ، وفسّر مسجد الجماعة به نادر أيضا.
__________________
(١) كالمحقق في الشرائع ١ : ٢١٦ ، والشهيد الأوّل في اللمعة ( الروضة ٢ ) : ١٥٠ ، والسبزواري في الذخيرة : ٥٣٩.
(٢) نقله عن العماني في المختلف : ٢٥١.
(٣) المسالك ١ : ٨٣.
(٤) المصباح المنير ١ : ١١٠ ، الروضة ٢ : ١٥٠.