أمّا الأكل والشرب ، فمقتضى الانصراف إلى المعتاد خروج غير المعتاد من الأكل مثلا ، وهو ما كان من غير الفم ، بل من نحو الأنف أو العين أو ثقبة في الصدر ، لا من المأكول ، فتأمّل.
فيكون الكتاب والسنّة شاملا لغير المعتاد أيضا.
وأمّا الإجماع ، فلعدم قدح مخالفة الإسكافي والسيّد في شاذّ من كتبه (١) في الإجماع ، ولذا صرّح بالإجماع في غير المعتاد أيضا جماعة ، منهم : الناصريات والخلاف والغنية والسرائر والمنتهى (٢) وغيرها (٣) ، مع أنّ مخالفة السيّد أيضا غير معلومة ، لأنّه إنّما حكم في بعض كتبه بعدم البطلان بابتلاع الحصاة ونحوها ، فيمكن أن تكون مخالفته في الازدراد دون غير المعتاد ، ولذا ترى الفاضل في المنتهى جعل البطلان بغير المعتاد مذهب جميع علمائنا ، ولم ينسب الخلاف فيه إلاّ إلى بعض العامّة ، ونسب الخلاف في الازدراد إلى السيّد.
وممّا يؤيّد البطلان بتناول غير المعتاد ـ المستلزم هنا للحرمة ، لحرمة إبطال الصوم الموجب لحرمة سببه ـ بل يدلّ عليه : أنّ المراد بالمعتاد إن كان معتاد غالب الناس لزم عدم فساد صوم طائفة اعتادوا أكل بعض الأشياء الغير المعتادة للأكثر ، كالحيّة ، والفأرة ، وبعض النباتات ، بل لحم البغل والحمار ، وفساد ذلك ظاهر ، بل لا أظنّ أن يقول به المخالف.
وإن كان معتاد كلّ مكلّف بنفسه فيصير الفساد أظهر ، فلا يبطل الصوم بأكل الخبز لقوم ، بل يلزم اختلاف المبطل باختلاف العادات والبلاد ، بل
__________________
(١) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٢١٦ ، السيّد في جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٥٤.
(٢) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٦ ، الخلاف ٢ : ٢١٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١ ، السرائر ١ : ٣٧٧ ، المنتهى ٢ : ٥٦٣.
(٣) كما في مشارق الشموس : ٣٤٠.