وأنّها مبنيّة على اشتراط مقارنة الفعليّة أو عدم تحقيق الحكميّة :
منها : ما تردّد فيه بعضهم من أنّه هل يشترط بعد النيّة الفعليّة الاستمرار على حكم الصوم بعدم الإتيان بمفطراته إلى الطلوع ، أم لا (١)؟
فإنّه لا وجه لهذا الاشتراط أصلا ، ولا تؤثّر هذه الأفعال في غير زمان الصوم في إبطال النيّة الحكميّة ، بل ولا الفعليّة لو اعتبرناها ، فإنّ حقيقتها حضور العزم على الإمساك غدا لا على الإمساك الآن.
ومنها : أنّه هل تجب في كلّ ليلة من شهر رمضان نيّة يومها ، أو تكفي فيه نيّة واحدة من أول الشهر؟
فإنّ المراد إن كان الفعليّة ، فلا دليل على اشتراطها في كلّ ليلة أصلا ، فإنّ النيّة الحكميّة لكلّ يوم تتحقّق بحصول الفعليّة للجميع في وقت واحد من غير طروّ المزيل لها ، وكون كلّ يوم عبادة مستقلّة لا يقتضي تعدّد الفعليّة في ليلته ، ولذا تكفي الفعليّة الواحدة لصلاة الظهر والعصر في الابتداء ، مع أنّ قصد كلّ يوم في أول الأمر في حكم الفعليّة المتعدّدة.
وإن كان المراد : الحكميّة ، فلا ريب في اشتراط تحقّقها لكلّ يوم في ليلته ، ولا يقبل الخلاف فيه.
ومنها : أنّه هل يجوز تقديم نيّة شهر رمضان على الهلال ، أم لا؟ فإنّ تقديم الفعليّة جائز مع بقاء الحكميّة ، وتقديم الحكميّة بحيث تنتفي بعد الهلال غير جائز قطعا.
إلى غير ذلك من الفروع ، وكثير منها مبتن على إرادة الفعليّة من النيّة المعتبرة في كلّ عبادة قطعا والغفلة عن الحكميّة ، فرأوا اعتبار الاولى قطعا ، ورأوا اعتبار المقارنة أيضا ، فتوهّموا أنّها هي التي تعتبر مقارنتها.
__________________
(١) انظر الحدائق ١٣ : ٢٦.