وإلى هذا التفصيل يلوح كلام ابن شهرآشوب في متشابه القرآن (١).
فإن قيل : ـ على ما هو التحقيق في باب النيّة ـ لا يتحقّق فرض المسألة إلاّ مع الخلاف مع الله سبحانه ، أو الغفلة عن الشهر أو وجوب صومه بالمرّة ، وعلى التقديرين لا تتصوّر الصحّة.
أمّا على الأول ، فظاهر.
وأمّا على الثاني ، فلأنّ الصحّة ليست إلاّ موافقة المأمور به ، وهي هنا غير ممكنة ، لأنّ صوم غير رمضان غير ممكن الوقوع حتى يوافقه الفعل ، وأمّا رمضان فغير مأمور به ، لامتناع تكليف الغافل.
قلنا : يمكن أن يدفع الإشكال بوجوه :
أحدها : أنّ ما لا يمكن وقوعه في شهر رمضان : الصوم المقيّد بكونه غير صوم رمضان لا الصوم المطلق ، والذي أوجب الذهول رفع التكليف عنه أيضا : هو الصوم المقيّد بكونه صوم رمضان لا المطلق ، فيقع مطلقة الحاصل في ضمن نيّة الغير بعد عدم تحقّق الغير صحيحا ، ولوقوعه في شهر رمضان يكون كافيا عنه.
فإن قيل : المطلق لا يتحقّق إلاّ في ضمن أحد المقيّدين.
قلنا : ليس كذلك ، لأنّ للصوم أفراد : المقيّد بهذا القيد وبذاك والصوم المطلق ، ألا ترى أنّه يمكن قصد الصوم قربة إلى الله ، من غير التفات إلى أنّه من رمضان أو من غيره ، ويكون صحيحا ، لموافقته لمطلقات الأمر بالصوم.
نعم ، مطلق الصوم ـ الذي هو الجنس ـ لا يكون إلاّ مع أحد الثلاثة.
فإن قيل : تحقّق الصوم المطلق بحسب الوعاء الخارجي غير ممكن ،
__________________
(١) متشابه القرآن ٢ : ١٧٩.