ومن سورة البقرة (١)
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى : (الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ ...) (٢)
الهجاء موقوف فى كل القرآن ، وليس بجزم يسمّى جزما ، إنما هو كلام جزمه نيّة الوقوف على كل حرف منه ؛ فافعل ذلك بجميع الهجاء فيما قلّ أو كثر. وإنما قرأت القرّاء (الم اللهُ) فى «آل عمران» ففتحوا الميم ؛ لأن الميم كانت مجزومة لنيّة الوقفة (٢) عليها ، وإذا كان الحرف ينوى به الوقوف نوى بما بعده الاستئناف ، فكانت القراءة «ال م الله» فتركت العرب همزة الألف من «الله» فصارت فتحتها فى الميم لسكونها ، ولو كانت الميم جزما مستحقّا للجزم لكسرت ، كما فى (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ) (٣). وقد قرأها رجل من النحويين ، ـ وهو أبو جعفر الرؤاسىّ وكان رجلا صالحا ـ «الم الله» بقطع الألف ، والقراءة بطرح الهمزة. قال الفراء : وبلغني عن عاصم أنه قرأ بقطع (٤) الألف.
__________________
(١) فى ج ، ش : فاتحة البقرة.
(٢) فى ج ، ش : «الوقف». فتح الميم فى «الم الله» أوّل سورة آل عمران هو قراءة العامة ؛ قال النحاس فى إعراب القرآن له : «وقد تكلم فيها النحويون القدماء ؛ فمذهب سيبويه أن الميم فتحت لالتقاء الساكنين ، واختاروا لها الفتح كى لا يجمع بين كسرة وياء وكسرة قبلها ...... وقال الكسائي : حروف التهجي إذا لقيتها ألف الوصل فحذفت ألف الوصل حركتها بحركة الألف فقلت : الم الله ، والم اذكر ، والم اقتربت».
وقال العكبري فى إعراب القرآن له : «وقيل فتحت لأن حركة همزة «الله» ألقيت عليها ، وهذا بعيد ؛ لأن همزة الوصل لا حظ لها فى الثبوت فى الوصل حتى تلقى حركتها على غيرها. وقيل الهمزة فى «الله» همزة قطع ، وإنما حذفت لكثرة الاستعمال ، فلذلك ألقيت حركتها على الميم لأنها تستحق الثبوت ، وهذا يصح على قول من جعل أداة التعريف «أل».
(٣) آية ٢٧ سورة يس.
(٤) قراءة عاصم كقراءة الرؤاسى ، وهذه القراءة على تقدير الوقف على «الم» كما يقدرون الوقف على أسماء الأعداد فى نحو واحد ، اثنان ، ثلاثة ، اربعة ؛ وهم واصلون.