مستحقّ اللعن رجعت اللعنة على المستحقّ لها ، فإن لم يستحقّها واحد منهما رجعت على اليهود الذين كتموا ما أنزل الله تبارك وتعالى. فجعل اللعنة من المتلاعنين من الناس على ما فسّر.
وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (١٦١) ف (الْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ) فى موضع خفض ؛ تضاف اللعنة إليهم على معنى : عليهم لعنة الله ولعنة الملائكة ولعنة الناس. وقرأها الحسن «لعنة الله والملائكة والناس أجمعون» وهو جائز فى العربية وإن كان مخالفا للكتاب (١). وذلك أن قولك (عليهم لعنة الله) كقولك يلعنهم الله ويلعنهم الملائكة والناس. والعرب تقول : عجبت من ظلمك نفسك ، فينصبون النفس ؛ لأن تأويل الكاف رفع. ويقولون : عجبت من غلبتك نفسك ، فيرفعون النفس ؛ لأن تأويل الكاف نصب. فابن على ذا ما ورد عليك.
ومن ذلك قول العرب : عجبت من تساقط البيوت بعضها على بعض ، وبعضها على بعض. فمن رفع ردّ البعض إلى تأويل (٢) البيوت ؛ لأنها رفع ؛ ألا ترى أن المعنى : عجبت من أن تساقطت بعضها على بعض. ومن خفض أجراه على لفظ البيوت ، كأنه قال : من تساقط بعضها على بعض.
وأجود ما يكون فيه الرفع أن يكون الأوّل الذي فى تأويل رفع أو نصب قد كنى عنه ؛ مثل قولك : عجبت من تساقطها. فتقول هاهنا : عجبت من
__________________
(١) أي رسم المصحف. وفى القرطبىّ ٢ / ١٩٠ : «وقراءة الحسن هذه مخالفة للصاحف».
(٢) أي محلها فى الإعراب.