الآلهة ثلاثة. وقوله : (قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ) (١) ففيها وجهان : إن أردت : ذلك الذي قلنا معذرة إلى ربكم رفعت ، وهو الوجه. وإن أردت : قلنا ما قلنا معذرة إلى الله ؛ فهذا وجه نصب (٢). وأما قوله : (وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا) (٣) فإن العرب لا تقوله إلّا رفعا ؛ وذلك أنّ القوم يؤمرون بالأمر يكرهونه فيقول أحدهم : سمع وطاعة ، أي قد دخلنا أوّل هذا الدّين على أن نسمع ونطيع فيقولون : علينا ما ابتدأناكم به ، ثم يخرجون فيخالفون ، كما قال عزوجل : (فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ [بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ]) [أي] فإذا خرجوا من عندك بدّلوا (٤). ولو أردت فى مثله من الكلام : أي نطيع ، فتكون (٥) الطاعة جوابا للأمر بعينه جاز النصب ، لأنّ كلّ مصدر وقع موقع فعل ويفعل جاز نصبه ، كما قال الله تبارك وتعالى : (مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ) (٦) [معناه والله أعلم : نعوذ بالله أن نأخذ]. ومثله فى النور : (قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) (٧) الرفع على ليكن منكم ما يقوله أهل السّمع والطاعة. وأما قوله فى النحل : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٨) فهذا قول أهل الجحد ؛ لأنهم قالوا لم ينزل شيئا ، إنما هذا أساطير الأوّلين* وأما الذين آمنوا فإنهم أقرّوا فقالوا : أنزل ربّنا خيرا (٩) ، ولو رفع خير على : الذي أنزله خير لكان صوابا ، فيكون بمنزلة قوله : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) (١٠) و (قُلِ الْعَفْوَ) النّصب على الفعل : ينفقون
__________________
(١) آية ١٦٤ سورة الأعراف.
(٢) فى ش ، ج : «النصب».
(٣) آية ٨١ سورة النساء.
(٤) فى الأصول : «فإذا خرجوا من عندك بدلوا» ، وقد زدنا «أي» وأكلنا الآية كما ترى ، ليكون هذا تفسيرا لها.
(٥) فى أ : «تكون».
(٦) آية ٧٩ سورة يوسف.
وما بين المربعين ساقط من أ.
(٧) آية ٥٣ من السورة المذكورة.
(٨) آية ٢٤ وما بين النجمتين ساقط من ج ، ش.
(٩) يشير إلى قوله تعالى : (قالُوا خَيْراً) آية ٣٠ من سورة النحل.
(١٠) آية ٢١٩ سورة البقرة.