ففيه وجهان :
أحدهما ـ أن يكون أراد (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) يعنى التوراة ، ومحمدا صلىاللهعليهوسلم (الْفُرْقانَ) ، (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). وقوله : (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) كأنّه خاطبهم فقال : قد آتيناكم علم موسى ومحمد عليهماالسلام «لعلكم تهتدون» ؛ لأن التوراة أنزلت جملة ولم تنزل مفرّقة كما فرّق القرآن ؛ فهذا وجه. والوجه الآخر ـ أن تجعل التوراة هدى والفرقان كمثله ، فيكون : ولقد آتينا موسى الهدى كما آتينا محمّدا صلىاللهعليهوسلم الهدى. وكلّ ما جاءت به الأنبياء فهو هدى ونور. (١) وإنّ العرب لتجمع بين الحرفين وإنّهما لواحد إذا اختلف لفظاهما (٢) ؛ كما قال عدىّ بن زيد :
وقدّمت (٣) الأديم لراهشيه |
|
وألفى قولها كذبا ومينا |
وقولهم (٤) : بعدا وسحقا ، والبعد والسّحق واحد ، فهذا وجه آخر. وقال بعض المفسّرين : الكتاب التّوراة ، والفرقان انفراق البحر لبنى إسرائيل. وقال بعضهم : الفرقان الحلال والحرام الذي فى التّوراة.
وقوله : (الْمَنَّ وَالسَّلْوى ...) (٥٧)
بلغنا أن المنّ هذا (٥) هذا الّذى يسقط على الثّمام (٦) والعشر ، وهو حلو كالعسل ؛ وكان بعض المفسّرين يسمّيه التّرنجبين (٧) الذي نعرف. وبلغنا أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) يبدو أن هنا سقطا ، وأن الأصل كما يؤخذ من إعراب القرآن للنخاس : «ويجوز أن يكون الفرقان هو الكتاب ، أعيد ذكره تأكيدا» وانظر القرطبي ١ / ٣٩٩.
(٢) فى ش ، ج : لفظهما».
(٣) كذا فى الأصول. والرواية المشهورة «وقددت» بمعنى شقت وقطعت ، والراهشان عرقان فى باطن الذراعين.
(٤) فى أ : «قوله».
(٥) سقط فى أ.
(٦) الثمام : نبت ضعيف له خوص أو شبيه بالخوص. والعشر : شجر من العضاه كبار الشجر وله صمغ حلو.
(٧) الترنجبين : تأويله عسل الندى ، وهو طلى يقع من السماء ندى شبيه بالعسل جامد متحبب يقع على بعض الأشجار بالشام وخراسان.