نفسك ، ولا يقولون : قتلتك ولا أحسنت إليك. كذلك قال الله تبارك وتعالى (فَاقْتُلُوا) (١) (أَنْفُسَكُمْ) فى كثير من القرآن ؛ كقوله (وَما) (٢) (ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) فإذا كان الفعل ناقصا ـ مثل حسبت وظننت ـ قالوا : أظنّنى خارجا ، وأحسبنى خارجا ، ومتى تراك خارجا. ولم يقولوا : متى ترى نفسك ، ولا متى تظنّ نفسك. وذلك أنهم أرادوا أن يفرقوا بين الفعل الذي قد يلغى ، وبين الفعل الذي لا يجوز إلغاؤه ؛ ألا ترى أنك تقول : أنا ـ أظنّ ـ خارج ، فتبطل (أظنّ) ويعمل فى الاسم فعله. وقد قال الله تبارك وتعالى (إِنَ (٣) الْإِنْسانَ لَيَطْغى. أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) ولم يقل : رأى نفسه. وربما جاء فى الشعر : ضربتك أو شبهه من التامّ. من ذلك قول الشاعر (٤) :
هذا حذرا يا جارتىّ فإننى |
|
رأيت جران العود قد كاد يصلح |
لقد كان لى فى ضرّتين عدمتنى |
|
وما كنت ألقى من رزينة أبرح |
والعرب يقولون : عدمتنى ، ووجدتني ، وفقدتنى ، وليس بوجه الكلام.
وقوله : (فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا ...) (٤٣)
معنى (فلولا) فهلا. ويكون معناها على معنى لولا (٥) ؛ كأنك قلت : لو لا عبد الله لضربتك. فإذا رأيت بعدها اسما واحدا مرفوعا فهو بمعنى لو لا التي جوابها اللام ؛ وإذا لم تر بعدها اسما فهى استفهام ؛ كقوله : (لَوْ لا) (٦) (أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ [فَأَصَّدَّقَ
__________________
(١) آية ٥٤ سورة البقرة.
(٢) آية ١٠١ سورة هود.
(٣) آيتا ٦ ، ٧ سورة العلق.
(٤) هو عامر بن الحارث النميرىّ عند صاحب القاموس تبعا للصاغاتىّ. وعند الجوهرى : المستورد. وقد لقب جران العود لهذا الشعر. والعود : البعير المسنّ وجرانه مقدّم عنقه. كان له امرأتان لا ترضيانه ، فاتخذ من جران العود سوطا قدّه من جران عود نحره ، وهو أصلب ما يكون. فقوله : «يا جارتى» يريد زوجتيه.
(٥) كذا فى ج. وفى ش : «لو لاك».
(٦) آية ١٠ سورة المنافقين.