لاعبين. وكذلك دعهم وخلّهم واتركهم. وكلّ فعل صلح أن يقع (١) على اسم معرفة وعلى فعله ففيه هذان الوجهان ، والجزم فيه وجه الكلام ؛ لأن الشرط يحسن فيه ، ولأن الأمر فيه سهل ، ألا ترى أنك تقول : قل له فليقم معك.
فإن رأيت الفعل الثاني يحسن فيه محنة (٢) الأمر ففيه الوجهان بمذهب كالواحد ، وفى إحدى القراءتين : «ذرهم يأكلون ويتمتّعون ويلهيهم الأمل» (٣).
وفيه (٤) وجه آخر يحسن فى الفعل الأوّل. من ذلك : أوصه يأت زيدا ، أومره ، أو أرسل (٥) إليه. فهذا يذهب إلى مذهب القول ، ويكون جزمه على شبيه بأمر ينوى له مجدّدا. وإنما يجزم على أنه شرط لأوّله. من ذلك قولك : مر عبد الله يذهب معنا ؛ ألا ترى أن القول يصلح أن يوضع فى موضع (مر) ، وقال الله تبارك وتعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) (٦) ف (يَغْفِرُوا) فى موضع جزم ، والتأويل ـ والله أعلم ـ : قل للذين آمنوا اغفروا ، على أنه شرط للامر فيه تأويل الحكاية. ومثله : (قُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٧) فتجزمه بالشرط «قل» ، وقال قوم : بنيّة الأمر فى هذه الحروف : من القول والأمر والوصيّة. قيل لهم : إن كان جزم على الحكاية فينبغى لكم أن تقولوا للرجل فى وجهه : قلت لك تقم ، وينبغى أن تقول : أمرتك تذهب معنا ، فهذا دليل على أنه شرط للأمر.
فإن قلت : فقد قال الشاعر :
فلا تستطل منّى بقائى ومدّتى |
|
ولكن يكن للخير فيك نصيب (٨) |
__________________
(١) وذلك كالأمثلة السابقة نحو دع محمدا يأكل ، فكلمة (دع) وقعت على المعرفة (محمد) وعلى فعله وهو (يأكل) وهو فعل محمد.
(٢) المحنة : الاختبار ، وهو اسم من الامتحان.
(٣) آية ٣ سورة الحجر.
(٤) كذا فى ش. وفى ج : «منه».
(٥) فى الأصول : «فأرسل».
(٦) آية ١٤ سورة الجاثية.
(٧) آية ٥٣ سورة الإسراء.
(٨) قال البغدادي فى شرح شواهد المغني ٢ / ١١٧ «خاطب هذا الشاعر ابنه بهذا البيت لما سمع أنه يتمنى موته. ولم أقف على قائله».