يكون المطلوب وجوده فقط ، نظير الواجبات الاجتماعية التي لولاها لاختلّ النظام ، سواء أتى بها بالمجّان أو في مقابل الأُجرة.
وعلى ضوء ذلك فالوجوب التوصّلي بالمعنى الأوّل ينافي أخذ الأُجرة لا الثاني ، فلو كانت المقدّمة من قبيل القسم الأوّل يحرم أخذ الأُجرة عليه دون الثاني.
وأمّا الواجبات التعبّدية فهي أيضاً على قسمين : تارة يكون واجباً على الأجير ، وأُخرى يكون واجباً على الغير ، وإنّما يريد الإنسان إتيانه نيابة عنه.
أمّا الأوّل : فالظاهر بطلان عقد الإجارة بأن يوجر نفسه من الغير ليصلّـي أو يصوم شهر رمضان عن نفسه ، وذلك لأمرين :
١. عدم تمشّـي قصد القربة ، فلا يتمكّن من إيجاد ما استؤجر له على الوجه الصحيح.
٢. عدم انتفاع الموجر من عمله ، مع أنّه يشترط في صحّة الإجارة انتفاع الموجر من عمل الأجير ، وإلا تكون الإجارة سفهية ، ولذلك قالوا ببطلان ما لو أجّر بلا أُجرة ، أو باع بلا ثمن ، وانتفاعه بعمله عند اللّه ، وإن كان صحيحاً لكنّه لا يصحح العقد ، فمن يريده فليدفع إليه هبة وإحساناً ، لا أُجرة.
وأمّا الثاني ـ أعني : الاستئجار لإنجاز ما وجب على غيره وفات منه لعجزه أو موته ـ فهو صحيح في مثل الحج ، لأنّه عمل عبادي ماليّ ، وقد تضافرت الروايات عن النبي والأئمّة عليهمالسلام على صحة النيابة فيه ، وصحّ عن الصادق عليهالسلام أنّه أعطى ثلاثين ديناراً يُحج بها عن إسماعيل ولم يترك من العمرة إلى الحج شيئاً إلاّ اشترط عليه ، ثمّ قال : « يا هذا!! إذا أتيت هذا كان لإسماعيل حجّة بما أنفق من ماله ، وكان لك تسع حجج بما أتعبت من بدنك ». (١)
__________________
١ ـ الوسائل : ٨ ، الباب ١ من أبواب النيابة في الحج ص ١١٥ ، الحديث ١.