إذا كان القيد راجعاً إلى المادة حيث يكون الإكرام المقيّد بالمجيء يومئذ واجباً ، فلا يسري التقيد إلى مفاد الهيئة ـ أعني : الوجوب ـ لجواز أن يكون الوجوب حالياً قبل يوم الجمعة والمطلوب استقبالياً.
وأورد عليه المحقّق الخراساني : بأنّه إنّما يتمّ إذا كان القيد منفصلاً ، بحيث ينعقد لكلّ من الهيئة والمادة إطلاق ، فيدور الأمر بين التصرّفين والتصرّف الواحد ، وأمّا إذا كان القيد متّصلاً فبما أنّه لم ينعقد للكلام أي ظهور وإطلاق ، فلو رجع القيد إلى الهيئة فهو لا يستلزم تقييد المادة ، بل يستلزم إبطال محلّ الإطلاق وإلغاء القابلية في المادة ، وهو ليس أمراً مخالفاً للأصل.
فلو دار الأمر بين تقييد واحد كالمادة ، وتقييد واحد وإبطال محلّ الإطلاق في الآخر ، بمعنى أنّه لا ينعقد الإطلاق فيه من أوّل الأمر فلا دليل على الترجيح. (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره خروج عن موضع النزاع لما عرفت من أنّ النزاع فيما إذا كان القيد منفصلاً ، وأمّا إذا كان متّصلاً فيعود الكلام مجملاً لا يعتبر كلّ من الظهورين.
والأولى أن يجاب بأنّ ما ذكره الشيخ وجه عقلي لا ينعقد به الظهور حتّى يكون موجباً لتقديم ما هو الأقوى دلالة وظهوراً على الأضعف كذلك ، وقد مرّ منّا القول عند البحث في تعارض الأحوال أنّ ما ذكروه من الوجوه لتقديم بعض الأحوال على بعض كالنقل المجاز مثلاً وجوه استحسانية لا يلتفت إليها العرف ولا ينعقد بها الظهور.
ثمّ إنّ هنا كلاماً للمحقّق النائيني لا يخلو من نكتة حيث قال :
إنّا لو فرضنا ثبوت أقوائية الإطلاق الشمولي على الإطلاق البدلي ، فلا
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١٦٩ ـ ١٧٠.