العنوان ، وإن كان يعد إطاعة ، كالزكاة والخمس ، ويعتبر في سقوط الواجب الإتيان به للّه سبحانه ، لكن لا يعدّ عبادة وعبودية ، أعني ما يساوق عنوان : « پرستش » في الفارسية. وعلى ذلك فالأولى تبديل عنوان البحث إلى التوصلي والتقربي ، حتّى يعم القسم الأخير.
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره مبني على أن ترادف العبادة للفظ « پرستش » في الفارسية مع أنّه غير ثابت ، فانّ للثاني ضيقاً لا ينطبق على الفرائض المالية التي يشترط في صحّتها الإتيان بها متقرّباً إلى اللّه ، ولكن العبادة في لغة العرب أعمّ من ذلك اللفظ ، لأنّ العبادة لغة هي : الخضوع والخشوع والتذلّل ، لكن لا مطلقاً بل الخضوع النابع من اعتقاد خاص وهو الاعتقاد بما انّه إله ، أو خالق أو انّه قائم بالأفعال الإلهية ، فصلاة الموحّد وصيامه عبادة ، لأنّه قام بها لأجل انّ المعبود إله أو ربّ ، كما أنّ خضوع المشركين أمام الوثن والصنم كان عبادة لا لأنّ الأصنام خلاّق العالم ، بل لتخيّلهم أنّه سبحانه فوّض أفعاله إليها ، من المغفرة ، والشفاعة ، فإذا شفعت تقبل شفاعتها من دون حاجة إلى إذنه سبحانه في الشفيع ، وارتضائه المشفوع له.
فإذا كان هذا معنى العبادة فكلّ عمل يشعر بالخضوع ، ويعرب عن تعظيم الغير بما أنّه إله أو ربّ أو مفوّض إليه أفعاله سبحانه ، يكون عبادة من غير فرق بين الصلاة وإعطاء الخمس والزكاة. والوقوف في عرفات والمشعر الحرام ومنى ، والذبح وحلق الرأس والسعي والطواف ، فروح العبادة عبارة عن كون المحرّك ، هو استشعار العظمة استشعاراً نابعة من الاعتقاد بكون المعبود خالقاً أو ربّاً أو ما يماثل ذلك من كونه مالكاً لبعض أفعاله سبحانه.