فإذا قيل : اعتق رقبة من دون أن يقيّد بالإيمان يحمل على القسم الأوّل ، لأنّه لو كان الأوّل هو المراد لكان اللفظ وافياً بالمراد ، بخلاف ما إذا كان المراد هوالثاني فاللفظ قاصر عن إفادته ، فلا يكون اللفظ وافياً بالمراد ، وهو خلاف مقتضى الحكمة.
ومثله المقام فانّ الوجوب هو نفس الإرادة بلا قيد ، وأمّا الندب فهي الإرادة المحدودة بحدّ خاص به تكون إرادة ندبية ، وعليه يكون إطلاق الكلام كافياً في الدلالة على كونها وجوبية إذ لا حدّ لها ليفتقر المتكلّم في مقام إفادته إلى بيان ذلك الحد ، وهذا بخلاف ما لو كانت الإرادة ندبية فانّها محدودة بحدّ خاص ليس من سنخ المحدود ، ولهذا يفتقر المتكلّم في مقام بيانه إلى تقييد الكلام بما يدل عليه. (١)
يلاحظ عليه : بأنّه غير تام ثبوتاً ولا إثباتاً.
أمّا الأوّل : فلما عرفت من أنّ الوجوب والندب ينتزعان من البعث الإنشائي النابع عن إرادة شديدة أو إرادة لينة ، فكلّ منهما يشتركان في البعث الإنشائي ويتميزان بقيدين ، فالإرادة في الأوّل مقيدة بالشدّة ، وفي الثاني بالضعف ، فإن قيل انّ الشدّة ليست شيئاً سوى الإرادة قلنا هكذا الضعف ليس شيئاً سوى الإرادة كما حقّق في محلّه.
وأمّا الثاني : فإذا كان كلّ واحد قسمين من مقسم واحد ـ أي البعث الإنشائي ـ فكلّ يتميز في مقام الإثبات بقيد وانّ العرف يتلقّى الأمر بلا قيد مساوياً للوجوب ، فالوجوب هو الأمر المطلق ، بخلاف الندب فهو الأمر المقيّد بجواز الترك زائد على المقسم ، وإلاّ فلو اشتمل أحدهما على القيد دون الآخر لزم أن يكون القسم عين المقسم.
__________________
١ ـ بدائع الأفكار : ١ / ٢١٤.