مع أنّهما غير مأخوذتين بعامة الخصوصيات في فروعهما.
فإذا كان الحال كذلك في التراكيب الصناعية ، فليكن كذلك في عالم الألفاظ فانّ المصدر لما كان أقل وأبسط من حيث المعنى عن سائر المشتقات ، أخذ مبدأ لها ، وأمّا لزوم حفظ عامّة خصوصيات المبدأ في الفروع فهو أشبه بلزوم ما لا يلزم.
فإن قلت : إنّ المصدر يشتمل على نسبة ناقصة ، فهي تمتنع عن كون المصدر مادة المشتقات.
قلت : إنّ اشتمال المصدر على النسبة الناقصة لا يضرّ بالمقصود ، لأنّها نسبة مبهمة قابلة لتوارد النسب المختلفة عليه.
نعم لو اشتمل على نسبة تامّة كالفاعلية أو المفعولية فهي تمنع عن التلوّن بألوان النسب.
فإن قلت : فعلى هذا فاسم المصدر أولى بأن يكون مادة المشتقات ، لأنّه فاقد حتى نفس هذه النسبة الناقصة ، وإنّما يدل على مجرّد الحدث.
قلت : إنّ اسم المصدر نادر الوجود فلا يكن اتخاذه مبدأ ومصدراً.
فإن قلت : لو كان للمادة وضع مستقل وراء وضع الهيئات ، للزم تعدد الدلالة ، وهو يستلزم تعدد المداليل ، وهو لا يناسب بساطة المشتق الذي اتّفقت عليه كلمتهم في هذه الأعصار ، على أنّ تعدد المداليل خلاف المتبادر في عامّة الصيغ.
قلت : إنّ وجود المادة لما كان مندكّاً في الهيئة ومتحصلاً بتحصلها ، ومتحداً معها بنحو من الاتحاد ، اندكت دلالتها في دلالة الهيئة ، فصار اللفظ بهيئته ومادّته مفيداً لمعنى واحد.
ثمّ إنّ هيئة المصدر لما كانت مانعة عن كون المصدر مادة للمشتقات عند