عن شمول أدلة البراءة الشرعية للاطراف (١).
______________________________________________________
بما هو علم اجمالي لا اثر له اصلا فلا تجب موافقته ولا تحرم مخالفته ما دام باقيا على اجماله ، فلا يلزم من جريان الاصول في اطرافه احتمال مضادة او مناقضة ، وقد عرفت ان موضوع الاصول موجود في اطراف العلم الاجمالي ، وانما المانع هو احتمال المضادة والمناقضة ، ولا مجال لاحتمال المضادة والمناقضة ايضا كما عرفت ، وسيأتي بيانه ايضا فلا مانع عن شمول ادلة الاصول لأطراف العلم الاجمالي في غير الفعلي من جميع الجهات ، ولذا قال (قدسسره) : ((وان لم يكن فعليا كذلك)) أي لم يكن فعليا من جميع الجهات ، وقد اشار الى المراد من غير الفعلي من جميع الجهات بقوله : ((ولو كان)) المعلوم بالاجمال بمثابة ((بحيث لو علم تفصيلا لوجب امتثاله)) ووجبت موافقته ((وصح العقاب على مخالفته)).
(١) توضيحه : انك قد عرفت ان الفعلي من جميع الجهات هو البالغ حد الاهمية ، بحيث يلزم ايصاله اما تفصيلا او بنحو جعل الاحتياط ، وما لم يكن فعليا كذلك فهو الذي لم يكن بالغا هذا الحد ، ومرجع هذا الى ان الفعلي من جميع الجهات هو البالغ مرتبة التنجز ، وغير البالغ مرتبة التنجز لا يكون فعليا من جميع الجهات ، وقد عرفت ان المضادة والمناقضة هي في مرتبة الفعلية البالغة حد التنجز ، اما الفعلي غير البالغ هذه المرتبة وكان بحيث لو علم به لتنجز فلا بعث منجز فيه ولا زجر كذلك فيه ايضا ، لوضوح ان المضادة انما تحصل بين الداعيين بالفعل ، وما لم يكن الحكم الفعلي داعيا بالفعل لا يكون مضادا لضده الداعي بالفعل.
ومنه يتضح عدم المانع العقلي من اجراء الاصول في اطراف المعلوم بالاجمال اذا لم يكن فعليا من جميع الجهات ، لتحقق موضوع الاصول وهو الشك وعدم المانع العقلي وهو احتمال المضادة ، لبداهة انه لو كان واقعا منطبقا على الطرف الذي جرى فيه الاصل لا يضاد ما يقتضيه الاصل ، لعدم حصول الدعوة منه بالفعل الى ضد ما يدعو له الاصل الجاري حتى يكون مضادا له.