فظهر أنه لو قيل بدلالة أخبار من بلغه ثواب على استحباب العمل الذي بلغ عليه الثواب ولو بخبر ضعيف ، لما كان يجدي في جريانه في خصوص ما دلّ على وجوبه أو استحبابه خبر ضعيف ، بل كان عليه مستحبا كسائر ما دلّ الدليل على استحبابه (١).
______________________________________________________
ولكن يمكن ان يقال : انه بعد ان كان يرشد العقل الى اتيانه بداعي القربة ، وداعي القربة لا يكون إلّا بقصد امتثال الامر ، فان كان الامر المقصود اتيانه بداعيه هو الامر المتعلق بداعي محتمل الوجوب وهو الامر الاحتياطي عاد المحذور ، وان كان الامر هو المتعلق بذات الفعل ، ففيه أولا : انه ليس هناك امر متعلق بذات الفعل على رأيه ، وثانيا : يرجع الى ما ذكره الشيخ.
(١) هذا خامس الاجوبة عن الاشكال المتقدم في امكان الاحتياط في محتمل الوجوب او الاستحباب ، ولا يخفى انه يختص بالوجوب والاستحباب الذي قام عليهما خبر ضعيف ، ولا يعمّ مطلق محتمل الوجوب والاستحباب ، وان لم يقم عليه دليل اصلا لوضوح انه مع فرض عدم قيام دليل عليه اصلا لا يكون مشمولا لأخبار من بلغ المختصّة بالمحتمل الذي قام عليه خبر ضعيف غير تام الحجيّة.
وحاصل هذا الجواب : ان سيأتي دلالة اخبار من بلغ على امر استحبابي متعلق بمؤدّى ما قام عليه الخبر الضعيف ، ولكونه عباديا لظهور بعضها في من عمل ذلك العمل رجاء ذلك الثواب ، فاذا تمّ هذا ... نقول انه لو دلّ خبر ضعيف على وجوب شيء فيمكن جريان الاحتياط فيه بقصد الامر الاستحبابي العبادي المتحصّل من اخبار من بلغ ، وهذا امر قربي معلوم ، فلا اشكال في جريان الاحتياط لا من ناحية قصد القربة لفرض كونه قربيّا ولا من ناحية عدم العلم لفرض كونه معلوما.
وحاصل ما اشكل عليه : هو انه قد ظهر مما ذكرنا : ان الاتيان بالفعل المحتمل الوجوب لا بداعي انه محتمل الوجوب ، بل بداعي الامر المتعلق به بذاته لا يكون من الاحتياط في شيء ، فالاتيان بمحتمل الوجوب بقصد الامر الاستحبابي المتعلق بذاته