وأما دلالتها ، فالظاهر أن الضرر هو ما يقابل النفع ، من النقص في النفس أو الطرف أو العرض أو المال ، تقابل العدم والملكة (١) ، كما أن الاظهر أن يكون الضرار بمعنى الضرر جيء به تأكيدا ، كما يشهد به إطلاق المضار على سمرة ، وحكي عن النهاية لافعل الاثنين ، وإن كان هو الاصل في باب المفاعلة ، ولا الجزاء على الضرر لعدم تعاهده من باب المفاعلة (٢) ،
______________________________________________________
(١) هذه الجهة الثانية وهي الكلام فيما يستفاد من القاعدة في مقام الدلالة ، وهي عبارة عن ثلاث كلمات : لفظة الضرر ، ولفظة الضرار ، ولفظة (لا). وببيان المراد من هذه الكلمات الثلاث يتضح المراد من القاعدة.
اما لفظة الضرر فقد فسروه بانه النقص في النفس ، او الطرف كالعضو ، او العرض ، او المال. وحيث ان النقص امر عدمي فلا يكون بين الضرر وبين النفع تضاد بحسب الاصطلاح ، لان التضاد اصطلاحا هو المعاندة والتقابل بين الامرين الوجوديين كالسواد والبياض مثلا. ويظهر من المصنف ان الضرر في قبال النفع ، وحيث ان النفع هو الزيادة فيكون الضرر هو عدم الزيادة عمّا من شأنه الزيادة ، فيكون التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة. ولا يخفى انه بعد أن كان الضرر هو النقص ، وحيث ان عدم الزيادة لا تستلزم النقص دائما بل ربما تكون عدم الزيادة ولا نقص ، فالظاهر ان الضرر هو عدم التمامية عمّا من شأنه ان يكون تاما ، فان كل ما ليس بتام فيما شأنه ان يكون تاما فهو ناقص ، وهو مستلزم لعدم الزيادة قطعا ، فالضرر يقابل التمامية اولا وبالذات ، ويقابل الزيادة التي هي النفع ثانيا وبالعرض ، ولعل هذا هو مراد المصنف بقوله : ((ان الضرر هو ما يقابل النفع من النقص ... الى آخر الجملة)).
(٢) الظاهر ان الضرر هو اسم لحاصل المصدر ، فان مصدر باب ضرّ يضرّ هو الضرّ ، فالضرر اسم للمصدر. والفرق بين المصدر واسم المصدر امر اعتباري.
واما لفظة الضرار فيظهر من عبارة المصنف ان فيه وجوها ثلاثة :