فاذا كان النهي على النحو الاول جرت البراءة في الفرد المشكوك ، وان كان النهي على النحو الثاني لم تجر البراءة ، وهذا هو مختار الماتن (قدسسره).
وتوضيح هذا التفصيل يتوقف على بيان امرين :
الاول : ان المصلحة الداعية الى الامر بالشيء ، تارة تكون في كل فرد من افراد الطبيعة ولذلك يكون الطلب عموما شموليا بنحو الكل الافرادي.
واخرى تكون المصلحة قائمة بالطبيعة ، ولكن بنحو يكون بمجرد حصول الطبيعة تتحقق المصلحة الداعية ولذلك يكون الطلب عموما بدليا.
وثالثة : تكون المصلحة قائمة في مجموع افراد الطبيعة ، بحيث يكون المطلوب مجموع الافراد على نحو لو ترك واحد منها لما حصل الامتثال اصلا ، وبهذا يفترق عن النحو الاول ، فانه فيه لكل فرد اطاعة وعصيان ، فيمكن أن تكون للطبيعة عصيان باعتبار ترك فرد منها ، واطاعة باعتبار اتيان فرد آخر منها ، بخلاف النحو الثالث فان الاطاعة لا تكون الّا باتيان المجموع ، والعصيان يتحقق بترك فرد واحد منها ، ويسمى الطلب فيه بالكلّ المجموعي ، ويفترق عن الثاني بان اطاعته منوطة باتيان الكل ، بخلاف الثاني فان اطاعته منوطة باتيان فرد من افراد الطبيعة ، وتركه يكون بترك الكل او بترك ما عدا واحد من الكل ، بخلاف الثاني فان تركه بترك الكلّ فقط ، واتيانه باتيان فرد من الافراد.
وفي قبال الطلب المتعلق بالفعل بالانحاء الثلاثة النهي المتعلق بالترك فانه ايضا على انحاء ثلاثة :
الاول : ان يكون النهي المتعلق بالترك لقيام مفسدة بكل فرد من افراد الطبيعة ، بحيث يكون لكل فرد من افرد الطبيعة اطاعة وعصيان ، وعليه يكون النهي المتعلق بالطبيعة منحلا الى نواه متعددة بتعدد افراد الطبيعة ، ويكون النهي على هذا عاما شموليّا افراديا.