ويندفع هذا الاشكال ، بأن الاتحاد في القضيتين بحسبهما ، وإن كان مما لا محيص عنه في جريانه ، إلا أنه لما كان الاتحاد بحسب نظر العرف كافيا في تحققه وفي صدق الحكم ببقاء ما شك في بقائه ، وكان بعض ما عليه الموضوع من الخصوصيات التي يقطع معها بثبوت الحكم له ، مما يعد بالنظر العرفي من حالاته ـ وإن كان واقعا من قيوده ومقوماته ـ كان جريان الاستصحاب في الاحكام الشرعية الثابتة لموضوعاتها عند الشك فيها لاجل طروء انتفاء بعض ما احتمل دخله فيها ، مما عد من حالاتها لا من مقوماتها ، بمكان من الامكان (١) ، ضرورة صحة إمكان دعوى بناء
______________________________________________________
يشمله الاشكال المذكور ، بدعوى ان النسخ رفع الحكم عن موضوعه في الزمان الثاني ولازمه اتحاد الموضوع في القضيتين.
فانه يقال : ان النسخ بمعنى الرفع حقيقة وان كان لازمه اتحاد الموضوع في القضيتين إلّا انه مستحيل في حقه تعالى ، فالنسخ انما هو لانتهاء امد الحكم ، ولا يكون الانتهاء الّا لتغيّر بعض ما كان الموضوع عليه من القيود والاضافات ، لانه مع تماميته من كل جهة لا يعقل النسخ ، لاستلزام ذلك تخلّف المعلول عن علته التامة ، وهو تعالى حيث كان عالما بان الموضوع يفقد بعض قيوده التي لها دخل في لزوم ثبوت الحكم له ، فلا بد وان يكون النسخ رفعا في الظاهر وفي الواقع دفعا لا رفعا ، واذا كان دفعا فمعناه تخلّف الموضوع بقاء في اللاحق عمّا كان عليه من القيود حدوثا في السابق ، واليه اشار بقوله : ((ولذا كان النسخ بحسب الحقيقة دفعا لا رفعا)).
فاتضح : ان اشكال عدم اتحاد الموضوع في القضيتين مطرد وشامل حتى للشك من جهة احتمال النسخ.
(١) توضيحه : انه سيأتي ان الموضوع المعتبر اتحاده في القضيتين في مقام الاستصحاب هل هو الموضوع الدّقي العقلي؟ وعلى هذا فكل ما يراه العقل من مقومات الموضوع لا بد في تحققه في مقام الشك ، مثلا ان لسان الدليل الشرعي مختلف كما لو قال الماء