ثم إن مورد هذه الوجوه ، وإن كان ما إذا لم يكن واحد من الوجوب والحرمة على التعيين تعبديا ، إذ لو كانا تعبديين أو كان أحدهما المعين كذلك ، لم يكن إشكال في عدم جواز طرحهما والرجوع إلى الاباحة ، لانها مخالفة عملية قطعية على ما أفاد شيخنا الاستاذ (قدسسره) (١) ، إلا أن الحكم أيضا فيهما إذا كانا كذلك هو التخيير عقلا
______________________________________________________
(١) توضيحه : ان الوجوه الخمسة المذكورة لا تتأتى كلها الا فيما كان الوجوب والحرمة كلاهما توصليين او كان احدهما المردد بين الوجوب والحرمة تعبديا ، اما لو كانا كلاهما تعبديين او كان احدهما المعين تعبديا ، بان يكون الشيء اما واجبا تعبديا وحراما تعبديا ، او كان الوجوب على فرضه تعبديا ، أو الحرمة على فرضها تعبدية بان تختلف الامة ـ مثلا ـ على قولين احدهما يقول بالوجوب التعبدي والآخر يقول بالحرمة التوصلية أو بالعكس فلا تتأتى الاقوال جميعها في ذلك.
وبيان ذلك : ان القول الاول وهو البراءة عقلا ونقلا ، والقول الخامس الذي هو مختار المصنف وهو التخيير عقلا عملا وجريان الاباحة نقلا ، فيما كانا تعبدين او كان احدهما المعين تعبديا فلا يتأتيان ، والوجه في ذلك ان القول بالبراءة عقلا ونقلا ، والقول بالتخيير وبالاباحة مشروط بعدم لزوم المخالفة القطعية من ذلك ، اما لو لزمت المخالفة القطعية فلا مجال للقول بالبراءة ولا الاباحة.
ومن الواضح انه لو كانا تعبديين او احدهما المعين كالوجوب ـ مثلا ـ تعبديا فان لازم القول بالبراءة والاباحة ـ فعلا وتركا ـ هو الاذن والترخيص في الفعل كيفما كان والترك كذلك ، فاذا كان كان كلاهما تعبديين ففعل ـ مثلا ـ لا بقصد القربة فانه يعلم بالمخالفة القطعية ، لانه لو كان واجبا لكان الفعل لا بقصد القربة مخالفة له ، ولو كان المطلوب الترك فقد خالفة ايضا لفرض كونه فعله ، ولو كان احدهما المعين كالوجوب تعبديا فانه ايضا فيما لو فعل لا بقصد القربة تحصل المخالفة القطعية ، فلا وجه للقول بالبراءة والاباحة مع العلم بان لازمها جواز المخالفة القطعية ، اما لو كانا توصليين او