ثم الحكم الذي أريد نفيه بنفي الضرر هو الحكم الثابت للافعال بعناوينها (١) ،
______________________________________________________
حمل التركيب المذكور ((على نفيها)) أي على نفي الحقيقة ((ادّعاءً)) ، ثم اشار الى الترقي بقوله : ((بل كان هو الغالب في موارد استعماله)) بان الغلبة في مقام الاستعمال في معنى يقتضي الحمل عليه ، وان لم يكن هو بذاته اقرب المعاني الى المعنى الحقيقي فكيف ما اذا كان هو بنفسه اقرب ايضا؟
(١) هذه هي الجهة الثالثة من الجهات التي اشار للبحث عنها في هذه القاعدة في اول المسألة ، وهي نسبة هذه القاعدة مع ادلة الاحكام الاولية الثابتة للموضوعات بما لها من العناوين ، كالحرمة الثابتة للخمر او الغصب ، ومثل الوجوب الثابت للصلاة او الوضوء.
وتوضيح ذلك : ان الحكم الاولي الثابت للشيء بعنوانه ، تارة : يكون موضوعه نفس عنوان الضرر ، كمثل من اضرّ بطريق المسلمين فهو له ضامن.
واخرى : يكون موضوع الحكم ما كان الضرر ذاتيا له كمثل الجهاد والزكاة ، فان وجوب مثل الجهاد والزكاة وان لم يكن موضوعه هو عنوان الضرر كالسابق ، الّا ان الجهاد حيث ان لازمه تعريض النفس للتلف فالضرر ذاتي له ، ومثله الزكاة فان لازمها نقص المال فالضرر ذاتي لها.
وثالثة : يكون موضوع الحكم ما ليس الضرر ذاتيا له ، بل كان مما قد يعرضه الضرر كالوضوء والغسل ، فانه قد يعرضهما الضرر وليس الضرر ذاتيا لهما.
اما نسبة القاعدة مع الصورة الاولى ، وهي الحكم الاولي الذي كان موضوعه نفس الضرر ، كمثل من اضرّ بطريق المسلمين فهو له ضامن ، فلا اشكال في عدم معارضة لا ضرر له ، ولا دلالة لها على نفي الحكم الثابت لنفس عنوان الضرر ، لان كل موضوع لحكم له نحو من الدخالة في ثبوته وتحققه ، فالضرر لما كان موضوعا للضمان فيكون له نحو من الدخالة في ثبوت الحكم بالضمان. وحيث ان المستفاد من دليل لا ضرر هو كون الضرر رافعا للحكم ، فلازم ذلك ان يكون موضوع ذلك